اذهب إلى المحتوى

Recommended Posts

بتاريخ:

السلام عليكم ورحمة الله بوركاته انا ما ابي اقول رايي على شان ما احديزعل علي من شركات التامين والبنوك لاكن نسخت لكم خبر لجريدة عكاظ السعودية بعدد اليوم الجمعة 19/09/1429هـ ) 19/ سبتمبر/2008 العدد : 2651 وابي رايكم بالموضوع بما انه ضهر في جريدة رسمية لها اتعبارها صادروا سيارتي وقالوا لي: لا يمكن استرجاعها استخرجت سيارة من أحد المصارف بنظام التأجير وبعد شهرين من شرائها حصل لي حادث بالسيارة بتاريخ 4/7/1428هـ فتقدمت للمصرف بطلب اصلاح السيارة فأحالوني على شركة التأمين ولكنهم افادوني ان العقد مع المصرف قد ألغي عدت أدراجي الى المصرف فأعطوني شركة بديلة للتأمين وقد اتصلت بهم طلبوا مني ارسال السيارة الى جدة ودفع مبلغ الف ريال ثمن اصلاح السيارة وبعد قيامي بإرسال السيارة الى جدة ودفع المبلغ المطلوب اتصلت على شركة التأمين فافادوني ان السيارة ارسلت الى الرياض دون علمي ولكنني واصلت الاتصال معقباً عن مصير سيارتي بمقر الشركة بالرياض فأفادوني بتعذر إصلاح السيارة فعدت أدراجي للمصرف بجازان فأخبروني ان السيارة لا يمكن اصلاحها وان المبلغ المترتب عليّ دفعة قدره ثمانية عشرة ألف ريال ايجار شهرين وعندما طالبت بالسيارة قيل لي لا يمكن استرجاعها وانه قد تم إلغاء العقد، كل ذلك حدث دون علم مني، والمشكلة ان الشركة تعلم بالحادث الذي حصل للسيارة وكان عليها ان تلتزم بحق التأمين على السيارة لكنها قامت بمصادرة السيارة وتغريمي مبلغ ايجار شهرين. فما السبيل للحصول على حقي الضائع؟. وليد عبده حمزي- جازان

بتاريخ:

التأجير المنتهي بالتمليك موضوع مهم، وقد جرى فيه بحوث ومناقشات طويلة، وأخذ حيزًا كبيرا من النقاش عند كبار العلماء، ولا أدل على ذلك من أنه عرض في مجلس هيئة كبار العلماء ثلاث مرات، المرة الأولى حصل شيء من الخلاف ولم ينته العلماء على شيء، ثم في الدورة التي بعدها كذلك أيضًا كان هناك نقاش كثير وطويل، ولم ينته العلماء على شيء، ثم في الدورة الثالثة التي بعدها أيضًا حصل نقاش كثير، ثم قرر العلماء قرارًا بالأغلبية.

فكون هذا الموضوع يطرح على مجلس هيئة كبار العلماء في ثلاث دورات، وحظي بهذا النقاش الطويل، واختلاف الآراء، لا شك أنه موضوع في غاية الأهمية، والسبب في الاختلاف في هذا الموضوع هو أنه موضوع لم يكن معروفًا في البيئات الإسلامية من قبل، وإنما نشأ عند الغرب، ثم انتقل إلينا مستوردًا، وهنا وقعت الإشكالية في فهم طبيعة هذا العقد، وفي تكييفه الفقهي وحكمه الشرعي.

هذا العقد يجمع تأجيرًا وبيعًا، ومعلوم أن لكل منهما خصائص، ولكن هذا العقد هو عقد مهجن يجمع بين خصائص البيع وخصائص الإجارة، ومن هنا وقع الإشكال في فهمة وفي تكييفه الفقهي، وفي حكمه الشرعي، وقبل أن نشير إلى أراء العلماء في هذا العقد، ونبين بعد ذلك القول الراجح فيه، أشير أولاً إلى بعض الأمور التي يختص بها البيع، والأمور التي تختص بها الإجارة، والتي هي سبب وقوع الإشكال في فهم هذا العقد.

أقول البيع هو عقد لازم، والإجارة عقد لازم، ولكن الإجارة بيع منافع، بينما البيع تنقل العين مع المنفعة، بينما في الإجارة إنما تملك المنفعة فقط، فيصح أن نقول: إن الإجارة نوع من البيع، لكنه نوع خاص، فهي بيع منافع، فمثلاً عندما تستأجر بيتا لمدة سنة، أنت تملك منفعة هذا البيت لمدة سنة، ولذلك لو لم يتيسر لك الانتفاع بهذا البيت لك أن تؤجره غيرك، بشرط أن يكون مثلك أو أقل منك في الضرر، لا أكثر ضررًا، كما نص على ذلك الفقهاء، بشرط أن يكون مثلك أو أقل منك، لا أكثر ضررًا، وذلك لأنك تملك المنفعة.

وبهذا نعرف أنه بالبيع تنتقل العين مع المنفعة، بينما في الإجارة إنما الذي ينتقل هو المنفعة فقط، وكان الناس في السابق لا يعرفون إلا البيع بالتقسيط، وقد سبق أن تكلمنا بالأمس عن أبرز صوره، هذا البيع ينتقل معه المبيع إلى المشتري، وتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري، ويبقى الدين في ذمته، فمثلاً من اشترى سيارة بمائة ألف ريال مقسطة، من حين الشراء تنتقل الملكية إلى المشتري، وتبقى المائة ألف ريال هذه دينًا في ذمته، يسددها في مدة معينة قد تكون سنة أو سنتين أو أكثر.

بينما في الإجارة، لا تنتقل ملكية العين إلى المستأجر، وإنما تبقى ملكًا للمؤجر، فمن استأجر بيتا يبقى البيت ملكا للمؤجر، إنما فقط هذا المستأجر إنما ملك المنفعة، فهذا العقد يهدف إلى إظهار عقد البيع في صورة إيجار، فيتفادى البائع بذلك عدم اعتبار المشتري مالكًا للمبيع، وبالتالي يتفادى عدم تصرف - هذا الذي انتقلت إليه العين - عدم تصرفه في المبيع، وتبقى الملكية لهذا المؤجر.

فإذًا الغرض والهدف من هذا العقد هو ضمان بقاء ملكية هذا الشيء الذي يراد انتقاله بالتأجير المنتهي بالتمليك، وضمان بقاؤه للمؤجر، وعدم تصرف هذا المستأجر فيه ببيع أو غيره، هذا هو الغرض والهدف من هذا العقد.

ويرجع تاريخ هذا العقد، التأجير المنتهي بالتمليك، على ما قيل إلى عام 1846م، حين ظهر هذا العقد لأول مرة في إنجلترا تحت اسم " الهاي بير شاس" بهذا المسمى، ثم بعد ذلك تطور هذا العقد، وأصبح يتطور شيئًا فشيئًا، وظهر بعد ذلك في دول أخرى في الولايات المتحدة وفرنسا، ثم لا يزال هذا العقد يتطور حتى انتقل إلى البلاد الإسلامية.

فنشأته إنما كانت في بلاد الغرب، والعقود التي تنشأ في بلاد الغرب تنشأ بإشكالاتها لأنها بيئات كافرة، ويقوم اقتصادها ويرتبط بالربا وبأمور تختلف نظرة الإسلام عنها، فإذًا هذا العقد إنما أتى إلينا مستوردًا من الغرب، وقد وجدت الشركات والبنوك في تطبيق هذا العقد مخرجًا لها؛ لأنها في البيع بالتقسيط تنتقل الملكية مباشرة إلى المشتري، وربما يتعذر تسديد المشتري للأقساط، بينما في هذا العقد تبقى الملكية للمؤجر، وبذلك تتفادى الشركات والمؤسسات انتقال ملكية المبيع، ولهذا انتشر هذا العقد عند كثير من الشركات والمؤسسات، ولما ظهر هذا العقد اختلف العلماء المعاصرون في نظرتهم له، وفي التكييف الفقهي له، وبحث في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، ثم بحث في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

أما الهيئة فكما ذكرت في بداية الدرس بحث هذا الموضوع في ثلاث دورات، وبحث في الدورة التاسعة والأربعين، والدورة الخمسين والحادية والخمسين، أما الدورة الأربعين و الخمسين فحصل نقاش واختلاف بين العلماء ولم يخرجوا من ذلك بشيء، أما في الدورة الحادية والخمسين فقد صدر قرار بالأغلبية، وكان من أبرز العلماء في ذلك الوقت الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله، ويلاحظ أن هذا القرار لم يفصل في الصور، وإنما اعتبر صورة واحدة، بينما أتى بعده قرار المجمع الفقهي، وذكر صورًا للجواز وصورًا للمنع، وذكر ضابط الجواز، وضابط المنع، ولهذا تميز قرار المجمع الفقهي بشموله وبدقته.

ولهذا فإن قرار المجمع الفقهي يعد أفضل من قرار هيئة كبار العلماء، أو بعبارة أدق، قرار المجمع الفقهي أشمل من قرار هيئة كبار العلماء، ويعتبر قرار هيئة كبار العلماء من ضمن ما تضمنه قرار المجمع الفقهي، وسنذكر القرارين معًا، وستلاحظون هذا، لكن قرار هيئة كبار العلماء إنما حصر في الصورة الممنوعة فقط، وجاء في قرار هيئة كبار العلماء وأبدأ به باعتبار أنه هو السابق من حيث الترتيب الزمني جاء فيه:

وبعد البحث والمناقشة رأى المجلس بالأكثرية - وإنما كان بالأكثرية لأن من العلماء من خالف، فرأى الجواز بضوابط - أن هذا العقد غير جائز شرعًا لما يأتي: ثم ذكرت ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أنه جامع بين عقدين على عين واحدة، وهذا هو أبرز الملاحظ على هذا العقد، أنه جامع بين عقدين على عين واحدة غير مستقر على أحدهما، وهما مختلفان في الحكم متنافيان فيه، فالبيع يوجب انتقال العين بمنافعها إلى المشتري، وحينئذ لا يصح عقد الإجارة على المبيع؛ لأنه ملك المشتري.

والإجارة توجب انتقال منافع العين إلى المستأجر، توجب انتقال العين إلى المستأجر، والمبيع مضمون على المشتري بعينه ومنافعه، فالتلف عليه، يعني التلف على المشتري، عينا ومنفعة، فلا يرجع بشيء منهما على البائع، والعين مستأجرة بضمان مؤجرها فتلفها عليه عينًا ومنفعة، إلا أن يحصل من المستأجر تعد أو تفريط.

يعني أن أحكام البيع وخصائص البيع، تختلف عن أحكام وخصائص الإجارة، البيع يوجب انتقال العين بمنافعها للمشتري، بينما في الإجارة الذي ينتقل هو منافع العين فقط، منافع العين فقط، ثم إنه في البيع ينتقل المبيع بعينه ومنافعه، فلو حصل تلف، فالذي يتحمل هو المشتري، بينما في الإجارة المستأجر أمين، ومعنى قولنا: أمين أنه لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، بينهما فرق كبير.

ثانيًا: أن الأجرة تقدر سنويًّا أو شهريًّا بمقدار مقسط، أن الأجرة تقدر في هذا العقد سنويًّا أو شهريًّا بمقدار مقسط، يستوفى به قيمة المعقود عليه، يعده البائع أجرة من أجل أن يتوثق بحقه، حيث لا يمكن للمشتري بيعه، مثال ذلك إذا كانت قيمة العين التي وقع عليها العقد خمسين ألفًا، وأجرتها الشهرية ألف ريال، حسب المعتاد، جعلت الأجرة في هذا العقد ألفين، وهي في الحقيقة قسط من الثمن حتى تبلغ القيمة المقدرة.

فتلاحظون في التأجير المنتهي بالتمليك أن الأجرة ترفع، يعني لو كانت هذه السيارة تؤجر عادة ألف ريال في الشهر، فإنها تجعل ألفا ريال، فيرفع هذا القسط، فلا ندري هل هو قسط المبيع أو أنه قسط الإجارة، فإذا أعسر بالقسط الأخير، هذا المستأجر، إذا أعسر بالقسط الأخير مثلا على سبيل المثال أو في أي قسط، سحبت منه العين باعتبار أنها مؤجرة، ولا يرد عليه ما أخذ منه بناء على أنه استوفى المنفعة، ولا يخفى ما في هذا من الظلم والإلجاء للاستدانة؛ لإيفاء القسط الأخير.

ففي هذا العقد يلاحظ أولاً ارتفاع القسط، إذا كانت السيارة في العادة تؤجر بألف تؤجر بألفين، ثم إذا تأخرت في سداد أي قسط من الأقساط، ولو القسط الأخير، فإنها تسحب منك السيارة، ويضيع عليك كل ما دفعته، فيلاحظ أن هذا العقد يحمي طرفا دون طرف، وكله في صالح المؤجر، بينما المستأجر يقع عليه الظلم، فهذا ابتكره بعض التجار وكله في صالح المؤجر على حساب المستأجر، بل إن فيه ظلمًا في الحقيقة لهذا المستأجر.

ففي مثالنا السابق، هذا شخص استأجر هذه السيارة، ويدفع كل شهر ألفي ريال، وقيمتها خمسون ألفا، لما بقي القسط الأخير حصل عنده ظرف، ما تمكن من دفعه، يأتي هذا المؤجر ويسحب هذه السيارة ويضيع عليه كل ما دفعه، ولا شك أن هذا فيه ظلم، وفيه تعد وعدم إنصاف، وهذا ملحظ من الملاحظ التي لأجلها منع هذا العقد.

ثالثًا: أن هذا العقد وأمثاله أدى إلى تساهل الفقراء في الديون، حتى أصبحت ذمم كثير منهم مشغولة منهكة، وربما يؤدي إلى إفلاس بعض الدائنين وضياع حقوقهم في ذمة الفقراء.

لا شك أن مثل هذه العقود أدت إلى تساهل كثير من المحتاجين ومن الفقراء، وهذه العقود في الحقيقية ابتكرت لأجل ابتزاز هؤلاء الضعفاء وهؤلاء الفقراء.

وكما يقول بعض الناس يقولون: مشلكة الفقير أنه ليس أن ما عنده قليل، ولكن المشكلة أن الغني يطمع فيما في يده، هؤلاء الأغنياء يطمعون فيما في أيدي الفقراء، فيبتكرون مثل هذه العقود لأخذ ما في أيديهم.

فلاحظ هنا أن هذا العقد إنما هو في صالح المؤجر، ويعطي ضمانات وحماية لهذا المؤجر على حساب هذا المستأجر الضعيف، فهو في صالح طرف دون طرف.

وهذا المستأجر ربما تقوده الحاجة إلى هذا العقد؛ لأنه يرى أنه بالنسبة له مريح، وأنه ميسر، فيلجأ لمثل هذا العقد، فتنشغل ذمته بالديون من حيث لا يشعر وتتراكم، والدين أمره عظيم في دين الإسلام، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الشهيد الذي باع نفسه لله يغفر له كل شيء إلا الدين، كل شيء يغفر له إلا الدين.

وحتى إن الله عز وجل أمر الفقير الذي لا يجد نكاحًا أمره بأن يستعفف، ولم يأمره بالاقتراض أو بالاستدانة Posted Imageوَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ Posted Image وما ذاك إلا لعظم شأن الدَّين، فالدين أمره عظيم وهذا النوع من العقود يؤدي إلى إشغال ذمم الفقراء بهذه الديون.

إذا هذا هو قرار هيئة كبار العلماء في هذا العقد وكما سمعتم أنه خاص بالصورة الممنوعة.

ثم بعد ذلك مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق من منظمة المؤتمر الإسلامي، درس هذا الموضوع في دورته الثانية عشرة، التي عقدت بالرياض، وكتب في ذلك عدة أبحاث ونشرت أيضًا في مجلة المجمع، وذكر المجمع هنا في قراره أن هناك صورًا جائزًة وصورا ممنوعة، صورًا جائزًة للتأجير المنتهي بالتمليك، وصورا ممنوعة، وهذا هو الأقرب، والله أعلم، في هذا العقد.

وأن الصور الممنوعة التي تتضمنها قرار هيئة كبار العلماء هي يعني داخلة في قرار المجمع، فيكون قرار هيئة كبار العلماء إنما تضمن فقط الصور الممنوعة، ولم يذكر الصور الجائزة، بينما قرار المجمع تضمن الصور الجائزة والصور الممنوعة.

والمهم في هذا المعرفة بضابط الجواز وضابط المنع.

ضابط المنع في الصور الممنوعة أنقلها من قرار المجمع: أن يرد عقدان مختلفان في وقت واحد على عين واحدة في زمن واحد، إذا هذا هو الضابط "أن يرد عقدان مختلفان في وقت واحد على عين واحدة في زمن واحد" فيكون العقدان جميعًا عقد بيع وعقد تأجير في نفس الوقت، على عين واحدة، وسيأتي لهذا أمثلة. لكن هذا هو الضابط. "أن يرد عقدان مختلفان في وقت واحد على عين واحدة في زمن واحد".

أما ضابط الجواز: فهو وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زمانًا، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، والخيار يوازي الوعد في الأحكام.

إذا ضابط الجواز وجود عقدين منفصلين يستقل كل منهما عن الآخر زمانا، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، وهذا سوف نبينه إن شاء الله بالمثال.

أيضًا من ضوابط الجواز:

ثانيًا: أن تكون الإجارة فعلية، وليست ساترة للبيع، يعني تكون الإجارة حقيقية، ولا تكون مجرد صورية أو غطاء لهذا البيع.

ثالثًا: أن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من ضرر غير ناشئ من تعدي المستأجر أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشي إذا فاتت المنفعة.

العين المستأجرة إذا حصل فيها تلف من الذي يضمنها؟ الذي يضمن هو المؤجر إلا إذا كان هناك تعد وتفريط من المستأجر، الذي يضمن العين المؤجرة هو المؤجر؛ لأن المستأجر أمين، وإذا قال الفقهاء أمين فيقصدون بذلك أنه لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.

فعندما مثلاً تستأجر سيارة، ثم تتلف السيارة أو تحترق أو يكون فيها خراب، فأنت أيها المستأجر ليس عليك شيء، إلا إذا كان منك تعد أو تفريط، بينما لو اشتريت سيارة، ثم تلفت أو احترقت فضمانها عليك أنت أيها المشتري مطلقًا، المشتري هو الذي يكون عليه الضمان مطلقا، بينما المستأجر لا ضمان عليه إلا إذا تعدى أو فرط، ونحن نريد أن نجعل العقد في الصور الجائزة، نجعلها عقد إجارة، فإذا أردنا أن نجعله عقد إجارة حقيقية، فلا بد أن يكون الضمان على المؤجر الذي هو المالك.

رابعًا: من ضوابط الجواز، إذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة، فيجب أن يكون التأمين تعاونيًّا إسلاميًّا، لا تجاريًّا، ويتحمله المؤجر وليس المستأجر؛ إذا اشتمل العقد على تأمين فيجب أن يكون التأمين تعاونيًّا لا تجاريًّا؛ لأن التأمين التجاري محرم والتأمين التعاوني جائز، ولكن من الذي يتحمل هذا التأمين؟ لا بد أن يتحمله المؤجر وليس المستأجر؛ لأن العين لا زالت ملكًا للمؤجر، ولأننا قلنا: نحن نريد أن نعتبره عقد إجارة، وليس عقد بيع، عقد إجارة حقيقية، فالذي يتحمل هذا التأمين المؤجر.

بينما في الصور الممنوعة الذي يتحمله المستأجر، حتى نضبط العقد ليكون عقدًا صحيحًا نجعل تحمل تبعة التأمين على المؤجر، وليس على المستأجر.

خامسًا: يجب أن تطبق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة، طوال مدة الإجارة، وأحكام البيع عند تملك العين. إذا تطبق أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة، وأحكام البيع عند تملك العين.

سادسًا: تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة. إذا نفقات الصيانة وما تحتاج إليه هذه العين على المؤجر؛ لأنه هو المالك في الحقيقة لهذه العين، إلا ما يتعلق بتشغيل هذه العين واستهلاكها فعلى المستأجر.

نحن نريد عندما نصيغ هذا العقد صياغة لا إشكال فيها من الناحية الشرعية، نجعل هذا العقد عقد إجارة، عقد إجارة حقيقية، يترتب عليه كل ما يترتب على الإجارة من أحكام، مع وعد غير ملزم بالتمليك، إما عن طريق الهبة أو عن طريق عرضها للبيع، بقيمتها السوقية كما يأتي.

ولهذا نقول: من صور العقد الممنوعة بعد ما عرفنا الضابط، ضابط المنع وضابط الجواز، من صور العقد الممنوعة:

أولا: عقد إجارة ينتهي بتملك العين المؤجرة، مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة المحددة المتفق عليها، فإذا وضع عقد أجرة وخلال مدة معينة، إذا سدد جميع الأقساط تملك السلعة، فهذه من الصور الممنوعة؛ لأنه اجتمع الآن عقدان في وقت واحد على عين واحدة، فانطبق عليها ضابط المنع.

ثانيًا: أيضا من الصور الممنوعة: إجارة عين لشخص بأجرة معلومة ولمدة معلومة، مع عقد بيع له، معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها، خلال المدة المعلومة، فإذا كانت الإجارة متضمنة عقد بيع معلق على سداد جميع الأجرة، فهذه أيضًا من الصور الممنوعة.

الفرق بين الصورة الأولى والثانية؟ الصورة الأولى العقد ينتهي بتملك العين مؤجرة تلقائيًَّا دون إبرام عقد جديد، انتهى العقد، عقد التأجير، تملك هذا المستأجر العين بدون إبرام أي عقد آخر، فتنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعًا تلقائيًّا.

بينما في الصورة الثانية: يكون هناك إجارة مع عقد بيع، لكنه معلق على سداد جميع الأجرة.

اتضح الفرق بين الصورتين، الصورة الأولى: عقد إجارة ينتهي بتملك المستأجر للعين دون إبرام عقد آخر يعني دون إبرام عقد بيع آخر.

الصورة الثانية: إجارة مع عقد بيع معلق على سداد جميع أقساط الأجرة.

ومن الصور الممنوعة أيضًا: عقد إجارة حقيقي واقترن به بيع بخيار الشرط لصالح المؤجر، لاحظ هنا لصالح المؤجر، وليس المستأجر، ويكون مؤجلاً إلى أجل طويل، قالوا: وهذا ما تضمنته الفتاوى والقرارات الصادرة من الهيئات العلمية ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.

فهذه الصور الثلاث في الحقيقة ترجع إلى ما ذكرناه من ضابط المنع، وهو ورود عقد بيع وعقد إجارة في الوقت نفسه على عين واحدة، وهذا يتضمن هذه الصور الثلاث، وربما أيضًا غيرها.

الصورة الأولى: إذا كان تأجير ينتهي بالتمليك تلقائيا، من غير إبرام عقد بيع، وهذه أبرز الصور، يكتب تأجير ينتهي بالتمليك، وإذا التزمت بسداد هذه الأقساط، ينتهي الأمر إلى تملك هذه السلعة، إذا هذه الصورة ممنوعة غير جائزة.

الصورة الثانية: تأجير مقترن ببيع معلق على سداد جميع الأقساط، فأيضا هذه ينطبق عليها ضابط المنع، وورود عقد الإجارة والبيع في الوقت نفسه على عين واحدة.

أيضا من الصور الممنوعة: تأجير مقترن ببيع، بشرط الخيار للمؤجر مع أجل طويل. هذه أيضا من الصور الممنوعة.

فلاحظوا أن هذه الصور كلها يجمعها، أنه حصل عقد بيع وعقد إجارة في الوقت نفسه على عين واحدة، فهي في الحقيقة ترجع إلى ضابط المنع الذي ذكرناه، ولذلك إذا ضبطت الضابط يكفي في فهم الصور الممنوعة.

أما الصور الجائزة: - نحن ذكرنا الصور الجائزة - الضابط فيها ألا يكون العقدان في وقت واحد، وإنما يكون عقد البيع بعد عقد الإجارة زمنًا، ويترتب على ذلك ما يترتب على الإجارة من أحكام.

فيكون العقد عقد إجارة حقيقي، مع وعد بالهبة مثلا، وعد بالتمليك عن طريق الهبة أو عن طريق البيع، فيكون من صور العقد الجائزة عقد إجارة، يمكن المستأجر من خلاله من الانتفاع بالعين المؤجرة، مقابل أجرة معلومة، في مدة معلومة، واقترن به عقد هبة للمستأجر، معلقًا على سداد كامل الأجرة، وذلك بعقد مستقل أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الأجرة.

فيكتب عقد إيجار حقيقي، ويذكر هذا المؤجر يقول: أنت أيها المستأجر إن التزمت بالسداد ولم تتأخر فإنني أعدك بأن أهب لك هذه العين، على سبيل الوعد، أو على سبيل العقد، يعقد معه عقد هبة لا مانع من هذا، الإنسان حر في ماله يهبه لمن يشاء، فلو مثلا قلت لزميلك: يا فلان - يعني حتى أبسط المسألة، يعني أضرب مثالا - لو قلت لزميلك: يا فلان أنا عندي سيارة سوف أؤجرها عليك لمدة ثلاث سنين، عقد إيجار حقيقي، وأعدك وعدًا غير ملزم، أعدك بأنك إذا التزمت لي في سداد جميع الأقساط في وقتها المحدد أهبها لك، فهذا لا مانع منه، لا مانع من هذا.

فيكون إذا هذا من صور هذا العقد الجائزة.

وأيضًا من الصور الجائزة: عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من سداد جميع الأقساط المستحقة، خلال المدة، في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة، عقد إجارة مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر بعد الانتهاء من سداد جميع الأقساط في شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة.

فيجعل العقد عقد إجارة حقيقي، ويتضمن هذا العقد، يقول بعد انتهاء سداد جميع الأقساط لهذا المستأجر الخيار في شراء هذه العين بقيمتها في السوق، فكأنه يقول: إذا التزمت لي بسداد جميع هذه الأقساط أنا أبيعك إياها بقيمتها في السوق، فهذا أيضًا لا بأس به، ولا مانع منه.

فيكون أعطاه الخيار في شراء هذه العين من بعد الانتهاء من سداد جميع أقساط الأجرة.

أيضًا من الصور الجائزة: عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، واقترن به وعد ببيع العين المؤجرة للمستأجر، بعد سداد كامل الأجرة، بثمن يتفق عليه الطرفان. فهنا عقد إجارة مع وعد بالبيع.

الفرق بين هذه الصورة والصورة السابقة: الصورة الأولى كان عقد إجارة مع إعطاء الخيار للمستأجر في شراء العين بسعرها في السوق، بينما الصورة الثالثة: هو عقد إجارة مع وعد ببيعها بعد سداد كامل الأجرة بثمن يتفقان عليه، يقول مثلاً: أنا أؤجرك هذه السيارة، تسدد لي في كل شهر ألفي ريال، لمدة مثلا سنتين أو ثلاث سنوات، وأعدك بأنك إذا التزمت لي في سداد هذه الأقساط، أنا أبيعك إياها بعشرة آلاف، واتفقا على هذا، فهنا لا مانع لأنه يكون تأجير مع وعد بالبيع.

نوضح بمثال بسيط، قلت لزميلك: أنا عندي سيارة أؤجرها عليك خلال سنتين تدفع لي كل شهر ألفي ريال، وإذا التزمت لي بالسداد في الوقت المحدد، أنا أعدك بأن أبيعك هذه السيارة بعشرة آلاف مثلا، أبيعك إياها بيعا، هذا لا مانع منه. لا مانع من هذا.

أيضًا من الصور الجائزة: عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة، معلومة في مدة معلومة، ويعطي المؤجر المستأجر حق الخيار في تملك العين المؤجرة في أي وقت يشاء، على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق أو حسب الاتفاق في وقته، مرة أخرى عقد إجارة يمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة، ويعطي المؤجر هذا المستأجر حق الخيار في تملك العين المؤجرة في أي وقت يشاء، على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسعر السوق أو حسب الاتفاق في وقته.

فيقول: أنا أعقد معك عقد إجارة حقيقي، ولكن متى ما أردت شراء هذه العين، فأخبرني أبيعك إياها، إما بسعرها في السوق أو بثمن يتفقان عليه في حينه، فمثلاً أتي شخص يريد من آخر سيارة بالتقسيط، قال المؤجر: أنا والله ما أريد أن أبيعك؛ لأنه ربما لا يثق في صاحبه، أو قال: أنا أريد أنا أؤجر عليك هذه السيارة تأجيرًا، ولكن أخبرني متى ما أردت شراءها خلال هذه المدة، فأخبرني أنا أبرم معك عقد البيع، إما بسعرها في السوق، أو بثمن يتفقان عليه في حينه، هذا لا بأس به؛ لأن هذا في الحقيقة ينطبق عليه ضابط الجواز.

فلم يكن هنا عقد إجارة وعقد بيع في وقت واحد على عين واحدة، وإنما كان عقد إجارة، مع وعد له بتمليك هذه العين بعقد بيع مستقل آخر، في وقت لاحق، وهذا لا مانع منه.

فإذا هذه بعض الصور الجائزة، والمهم هنا ضابط الجواز، وضابط المنع، إذا ضبطت ضابط الجواز وضابط المنع، استطعت أن تعرف الصور الجائزة من الصور الممنوعة، ولهذا نقول: إنه يمكن أن تصاغ عقود التأجير المنتهي بالتمليك صياغة بحيث يتلافى فيها المحاذير الشرعية.

وأنا رأيت عقود بعض الشركات التي تبيع سيارات بالتقسيط، ولجأت إلى هذا العقد، وقد صيغ لهم هذا العقد صياغة شرعية صحيحة، فكتب في العقد عقد تأجير، ولم يشر إلى البيع إطلاقًا، عقد تأجير حقيقي، ويلتزم المؤجر بالضمان وهو الذي يلتزم بالصيانة ويترتب عليه ما يترتب على الإجارة من أحكام، ويكون التأمين تعاوني على المؤجر وليس على المستأجر، يعني يترتب عليه جميع ما يترتب على الإجارة من أحكام، مع وعد بهبة هذه السيارة لهذا المستأجر إن هو التزم بسداد جميع الأقساط، وهذا لا بأس به، وهذا في الحقيقية مخرج، وفيه شيء من العدل والإنصاف.

بينما الصور الممنوعة، فيها ظلم لهذا المستأجر، ومبالغة في إعطاء الحماية لهذا المؤجر، على حساب هذا المستأجر، بينما الصور الجائزة فيها مصلحة للطرفين، ولا يكون فيها أي محظور شرعي، ولهذا وردت أسئلة في الدروس السابقة عن التأجير المنتهي بالتمليك.

فبعض الإخوة: ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك؟ نقول لا نستطيع أن نجيب بالمنع ولا بالجواز، حتى نعرف طبيعة هذا العقد، فإن انطبق عليه ضابط الصور الجائزة، أصبح جائزًا، وإن انطبق عليه ضابط الصور الممنوعة، أصبح ممنوعًا.

والمهم هو أن نضبط الضابط، فإذا ورد التأجير والبيع على عين واحدة، في وقت واحد، فيكون هذا من الصور الممنوعة، وإذا كان العقد عقد تأجير حقيقي، مع وعد بتملك العين عن طريق الهبة، أو عن طريق البيع، فنعرف أنه من الصور الجائزة.

فإذا لا نستطيع أن نحكم على التأجير المنتهي بالتمليك، بأنه من الصور الجائزة أو الممنوعة حتى نعرف طبيعة ذلك العقد، ولهذا ينبغي للمؤسسات والشركات والبنوك التي تمارس التأجير المنتهي بالتمليك، أن تطلب صياغة هذا العقد من قبل فقهاء، بحيث يتم صياغته ليكون موافقًا للشريعة.

ويمكن في الحقيقة أن تحقق هذه الشركة أو هذه المؤسسة غرضها وهدفها مع عدم الوقوع في المحظور، مع عدم وقوع في المحظور، وهذا من ثمرة التفقه في هذه المعاملات. فمثلاً: شركة عندها هذا العقد تأجير المنتهي بالتمليك، إن أخذته بالصورة الواردة إلينا من الغرب، بصورته المستوردة، وقعت في المحظور الشرعي، وينطبق عليه ما ذكر في حيثيات قرار هيئة كبار العلماء.

ولكن إن تمت صياغة هذا العقد صياغة شرعية صحيحة، بحيث يتلافى المحاذير الشرعية، فإن هذه الشركة أو المؤسسة تحقق غرضها، وأيضًا يحقق هذا المستأجر غرضه من غير وقوع في المحظور، يكون في هذا تسهيلاً على هذا المستأجر، ويكون أيضًا ضمانًا لحق الشركة من غير وقوع في المحظور، انظر إلى ثمرة التفقه في الدين.

ولهذا فإنني أرى أن الشركات، والمؤسسات التي تمارس التجارة في الوقت الحاضر، ينبغي أن يكون عند كل منها هيئة شرعية، أناس فقهاء متخصصون؛ لأنهم يستطيعون أن يصيغوا العقود بطريقة شرعية صحيحة، يحصل معها الغرض، من غير وقوع في المحظور.

إذا يمكن أن تصاغ بعض العقود بطريقة شرعية صحيحة مع عدم وقوع في المحظور، وهذا إنما يكون من التفقه في هذه المسائل، وهذه الأحكام، وهذا من ثمرة الفقه في الدين، ومن ثمرة الفقه في هذا النوع من المعاملات.

بقي أن نشير إلى أن هناك بعض الشروط التي تتضمنها بعض عقود التأجير المنتهي بالتمليك وهي شروط غير صحيحة:

من هذه الشروط: مطالبة المؤجر المستأجر بدفعة مقدمة، يعتبرها هذا المؤجر حقًّا له، على هذا المستأجر عند العقد، وهذه الدفعة ليست أجرة مقدمة، ولا ضمانًا لسداد الأجرة، وقت استحقاقها في حال تعسر السداد، وإنما هي دفعة مقدمة لهذا المؤجر، يأخذها على اعتبار أنها جزء من حقه، ولا حق له في الحقيقة في هذه الدفعة، يعني نحن الآن قلنا: إذا أردنا أن نصيغ هذا العقد صياغة صحيحة، فيصاغ على أنه عقد تأجير حقيقي، إذًا لماذا تشترط هذه الدفعة، بأي وجه حق تشترط هذه الدفعة ؟.

فإذا كنت تريد أن تصيغ هذا العقد صياغة صحيحة، فينبغي أن يصاغ على أنه عقد إجارة حقيقي، فكونك تشترط دفعة مقدمة في بداية العقد، وليست هذه الدفعة جزءًا من الأجرة، ولا ضمان لسداد الأجرة في حالة التعسر، هذا يعني من الإشكالات الواردة في هذا العقد، ويعتبر هذا شرطًا غير صحيح.

وأيضًا من الشروط غير الصحيحة: إلزام المستأجر بالتأمين على العين المؤجرة، إلزام المستأجر بالتأمين أو بدفع تكاليف التأمين على العين المؤجرة، وما دام أن العقد عقد تأجير فيكون التأمين، أو تكلفة هذا التأمين على المؤجر الحقيقي، الذي يملك هذه العين، وليس على المستأجر، ولكن هذا المؤجر يريد أن يستغل حالة هذا المستأجر المسكين، فيلزمه بدفع تكاليف التأمين، وهذا شرط غير صحيح.

فإذًا إذا كان في هذه العين التي تباع بالتأجير إذا كان فيها تأمين، فتكلفة التأمين على المؤجر، وليست على المستأجر، فإذا هذا الشرط شرط أيضًا غير صحيح.

أيضًا من الشروط غير الصحيحة: أن يكون ضمان التلف على المستأجر مطلقًا، سواء كان بتعد أو تفريط، أو بدون تعد ولا تفريط، وهذا الشرط غير صحيح، إذ إن المستأجر أمين، فلا يضمن إلا إذا حصل منه تعد أو تفريط، أما إلزامه بالضمان مطلقًا، سواء تلفت العين المؤجرة بتعد أو بدون تعد، فهذا شرط غير صحيح.

رابعا: أيضًا من الشروط غير الصحيحة: إلزام المستأجر بدفعة أخيرة، هي ثمن السلعة، بعد استيفاء مدة الإجارة، وهذا أيضًا شرط غير صحيح؛ لأن ثمن السلعة بعد انتهاء الإجارة لا يستحقه هذا المؤجر إلا بإبرام عقد بيع، إلا بعد حصول عقد بيع، أما مطالبة هذا الشخص المؤجر لهذا المستأجر بدفعة أخيرة، ونحن قلنا: إنه حتى يكون العقد عقدًا صحيحًا، لا بد أن يكون عقد إيجار، فلا معنى له في الحقيقة مطالبته بدفعة أخيرة، لا معنى له، فهذا الشرط يكون غير صحيح.

فهذه شروط توجد في بعض العقود، وهي شروط غير صحيحة، إذا وجدت فإنها غير صحيحة، والعقد صحيح، العقد صحيح، وهذه الشروط غير صحيحة.

فإذا نسطيع أن نصيغ عقد التأجير المنتهي بالتمليك صياغة صحيحة، بعيدة عن هذه المحاذير، فنجعله عقد إجارة حقيقي، مع وعد بالتملك، عن طريق الهبة، أو عن طريق البيع، ويكون خاليًا من هذه الشروط غير الصحيحة، لا يكون في دفعة أولى، ولا يكون في دفعة أخيرة، ويكون الضمان والصيانة على المؤجر، ولا تكون على المستأجر، وتكون تكاليف التأمين - إن كان في تأمين - على المؤجر، وليس على المستأجر، بهذا نستطيع أن نصيغ هذا العقد صياغة صحيحة سالمة من المحاذير الشرعية.

وهذا كما ذكرت، استطاعت بعض الشركات والمؤسسات أن تحقق هذا العقد بالصياغة الشرعية الصحيحة، ولذلك استطاعوا أن يحصلوا على غرضهم من غير وقوع في المحظور.

ولكن كما ذكرت قبل قليل الإشكال، أن بعض الشركات تأخذ هذا العقد بجميع ما فيه من إشكالات، تأخذ هذا العقد المستورد بجميع ما فيه من إشكالات، وتطبقه بحذافيره، وحينئذ يقع الإشكال.

ولكن لو أنه عرض على فقهاء متخصصين، وصيغ بصياغة شرعية صحيحة، سالمة من المحاذير، فإنه يكون عقدًا صحيحًا، لا حرج فيه، ولا إشكال فيه، ويحقق مصلحة الطرفين، مصلحة الشركة أو المؤسسة، ومصلحة هذا المستأجر.

بقي أن نقول: إنه يغني عن هذا العقد في الحقيقة عقد شرعي، أو أمر شرعي، ذكره الله عز وجل في كتابه، وهو يحقق الضمان للبائع بالأجل أو بالتقسيط مع عدم حصول الضرر على المشتري، وهو الرهن، الرهن ذكره الله تعالى في القرآن: Posted Imageوَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ Posted Image والنبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودي، في شعير اشتراه لأهله.

فالرهن يستطيع الإنسان الذي يبيع بالأجل أن يوثق حقه عن طريقه، من غير حاجة للجوء إلى هذه العقود، ويستطيع من يبيع بالأجل أن يرهن المبيع بثمنه، مثال ذلك: بعت عليك سيارة بخمسين ألف ريال مؤجلة على سنتين أو ثلاث، وقلت: هذه السيارة هي رهن بثمنها عليك، يعني ما تستطيع أنت أن تتصرف فيها أنت أيها المشتري حتى تسدد جميع المبلغ، هذا عقد يعني هذا الرهن صحيح ولا إشكال فيه بالإجماع، بإجماع العلماء؛ لأنه منصوص عليه في كتاب الله عز وجل: Posted Imageفَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ Posted Image وبذلك يستطيع البائع أن يحقق غرضه، ويستغني عن التأجير المنتهي بالتمليك، لماذا لجأ التجار إلى هذا العقد؟ حتى يضمن التاجر حقه فلا يتصرف المشتري في المبيع قبل سداد ما عليه من استحقاق.

فنقول: يحقق هذا الغرض الرهن، فإذا بعت سيارة بخمسين ألفًا وقلت: السيارة رهن بثمنها، فحينئذ لا يستطيع هذا المشتري أن يبيع السيارة تبقى حتى يسدد كامل الأقساط، وبذلك يحقق هذا البائع غرضه بضمان حقه، ونفترض أن هذا المشتري الذي بيعت عليه السيارة بخمسين ألفًا مع رهنها عليه، نفترض أنه لم يسدد، سدد مثلاً خمسة أقساط، ثم توقف، يستطيع هذا البائع أن يسحب السيارة ويبيعها، ويأخذ حقه ويرجع الباقي إلى المشتري، هذه هي ثمرة الرهن خاصة على القول الراجح، وهو أنه لا يشترط للزوم الرهن قبض العين المرهونة، فإن العلماء قد اختلفوا في الرهن، هل يشترط للزومه أن يقبض المرتهن العين المرهونة، أو أنه لا يشترط القبض، وإنما يلزم الرهن بمجرد العقد؟

فجمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة على اشتراط القبض، والمالكية ذهبوا إلى أنه لا يشترط القبض، وإنما يلزم الرهن بمجرد العقد، وهذا هو القول الصحيح، وهو الذي عليه المحققون من أهل العلم، وهو الذي عليه العمل، فلا يشترط إذا القبض، يعني مثلاً عندما تبيع على آخر بيتًا بثمن مؤجل، ثم إنك قلت لهذا المشتري: أريد منك رهن، قال: خلاص أرهنك هذا السيارات، يقول المشتري: أرهنك هذه السيارات. هل يشترط للزوم هذا الرهن أن تقبض هذه السيارات عندك أنت أيها المرتهن، أم أنه لا يشترط؟ تبقى السيارات عند هذا المشتري ينتفع بها مع لزوم الرهن.

هذه المسألة محل خلاف بين العلماء، والصحيح أنه لا يشترط للزوم الرهن القبض، وهذا فيه توسعة على الناس، وهو الذي عليه العمل، وحينئذ نقول: من أراد أن يبيع سلعة بالتقسيط، يستطيع أن يرهن هذه السلعة بثمنها، فينص في العقد على أن هذه السلعة - هذه السيارة مثلاً - أني بعتها بخمسين ألفًا مقسطة إلى سنة أو سنتين أو أكثر، وهي رهن على المشتري بجميع بثمنها، وأشهد على هذا شاهدين.

فإذا عجز المشتري عن السداد تباع هذه السيارة، ويستوفي البائع حقه. فعندنا في شريعة الإسلام ما يحقق هذا الغرض، ولكن بعض الناس لا يعجبهم الشيء إلا إذا أتى مستوردًا من الغرب، أما إذا كان يعني غير مستورد من الغرب، فإنه لا يعجبهم هذا الشيء، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم: Posted Imageلتتبعن سنن من كان قبلكم Posted Image وعلى الفقهاء أيضًا وطلاب العلم عليهم مسئولية في تنبيه التجار.

يعني على الفقهاء أيضا وطلاب العلم عليهم مسئولية في تنبيه التجار وأصحاب المؤسسات والشركات على مثل هذه الضمانات التي أتت بها شريعة الإسلام، قبل أن يأتي بها الغرب، فما الداعي للتأجير المنتهي بالتمليك مع وجود ما يحقق هذا الغرض في شريعتنا وهو الرهن، فبالرهن -الحقيقة- يكون ضمان للحقوق مع عدم الوقوع في المحظور، ولكن لو أرادت شركة أو مؤسسة أو حتى فرد اللجوء إلى التأجير المنتهي بالتمليك، فينبغي أن يصاغ هذا العقد صياغة شرعية صحيحة خالية من المحاذير الشرعية، فإذا صيغ بهذه الطريقة فإنه يكون عقدًا صحيحًا لا إشكال فيه.

أما أنه يتلقف بجميع ما فيه من إشكالات فإنه يوقع في المحظور، ونكتفي بهذا القدر، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد

منقول للفائده

حسن محمود العتمني

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
×
×
  • أضف...