اذهب إلى المحتوى

Recommended Posts

بتاريخ:

الاوراق التجاريه

الأوراق التجارية: تعريفها ومعناها:

عرفت بعدة تعريفات، من أحسنها أنها صكوك قابلة للتداول، تمثل حقًا نقديًا، وتستحق الدفع لدى الاطلاع، أو بعد أجل قصير. ويجري العُرف على قبولها كأداة للوفاء، وتقوم مقام النقود في المعاملات. هذا هو تعريفها الإجمالي.

وهي تنقسم أو تتنوع إلى ثلاثة أنواع: الكمبيالة والشيك والسند بأمر، وتختلف الأنظمة في أنواع الأوراق التجارية. فبعضها لا يجعلها على سبيل الحصر، وإنما يجعلها على سبيل التمثيل، وبعضها يجعلها على سبيل الحصر.

ونظام الأوراق التجارية الموجود عندنا في الملكة جعلها على سبيل الحصر، وتبع في ذلك النظام العالمي أن الأوراق التجارية موحد، أنه قد صدر فيه نظام موحد يسمى قانون جنيف الموحد للأوراق التجارية صدر عام 1930 أو 1931، وإنما أشرت لهذا القانون لأنه يعتمد عليه نظام الأوراق التجارية الموجود عندنا في المملكة اعتمادًا كبيرًا يكاد يكون كليًا، إلا في مسألة أو مسألتين.

وقد درست هذا النظام مادة مادة، ولم أر فيه أي مخالفة للشريعة الإسلامية، بل نصت إحدى المواد على أن أي شيء يخالف الشريعة الإسلامية فهو ملغي، واعتباره كأن لم يكن. وهنا فائدة نسوقها وهي أن الأنظمة عندنا هنا في المملكة مصاغة صياغة جيدة. فلو نظرت إلى السياسة الإعلامية، أنظمة الأوراق التجارية، جميع الأنظمة في الجملة لا تجد فيها مخالفة شرعية، إنما تأتي المخالفات من جهة التطبيق، وإلا الأنظمة من حيث هي أنظمة تجد أنها تصاغ بطريقة جيدة، وليس فيها مخالفات شرعية.

فهذا إذًا نظام الأوراق التجارية يعتمد اعتمادًا كبيرًا على القانون الموحد للأوراق التجارية ولكنه استبعد مكانًا مخالفًا للشريعة الإسلامية، فكان هذا النظام الموحد والذي يتبعه نظام الأوراق التجارية في المملكة، ذكر أن الأوراق التجارية منحصرة، يعني على سبيل الحصر، ليست على سبيل المثال، تتنوع إلى ثلاثة أنواع فقط، الكمبيالة والسند لأمر والشيك فقط، هذه هي الأوراق التجارية. إذا قيل أوراق تجارية فتعني هذه الأمور الثلاثة فقط: الكمبيالة والسند لأمر والشيك.

أما الكمبيالة: فهي كلمة إيطالية، وليست كلمة عربية، ولا تعرف في لغة العرب ولا عند فقهاء المسلمين، بل هي كلمة إيطالية، ولكنها اشتهرت بهذا المصطلح، وتسمى في بعض الأنظمة بسفتجة، وسند سحب، وسند حوالة، وبوليصة. ومعناها معنى الكمبيالة أو تعريفها: أنها صك يحرر وفقًا لشكل قانوني معين، يتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب، موجها إلى آخر يسمى المسحوب عليه، بأن يدفع مبلغا معينا لدى الاطلاع، أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين إلى شخص ثالث يسمى مستفيد.

إذا تعريفها مرة أخرى: صك يحرر وفقًا لشكل قانوني معين، يتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب إلى آخر يسمى المسحوب عليه، بأن يدفع مبلغا معينا لدى الاطلاع، أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين إلى شخص ثالث يسمى مستفيد.

يعني هي شبيهة بالشيك إلا أنها تختلف عن الشيك في أمور: الأمر الأول: أنها تصلح أن تكون مؤجلة، أما الشيك فواجب الدفع لدى الاطلاع لذلك يعتبر أن كتابة الشيك بتاريخ مؤجل يعتبرونه مخالفة، لكن الكمبيالة طبيعتها أنها تقبل التأجيل. ثم أيضًا لا يشترط أن تكون مسحوبة على بنك، بينما الشيك يشترط أن يكون مسحوبًا على بنك أو مؤسسة مصرفية.

هذه الكمبيالة ليست شائعة عند الأفراد هي شائعة في التعامل بين الشركات والمؤسسات، وربما بعض التجار. وأما عامة الناس فهم الشائع عندهم الشيكات. وهذه الكمبيالة في الحقيقة فيها فائدة كبيرة، لو أنها فهمت فهمًا جيدًا، يمكن من خلالها سداد عدة ديون. فمثلًا: تكتب أنت يأتيك شخص، ويطلبك دينًا، وأنت تعرف أنك تطلب شخصا آخر دينًا، وهذا الدين لا يحل إلا بعد مدة معينة مثلًا، فتحول هذا الشخص، يأتيك هذا الشخص تقول: ادفع لأمر فلان بن فلان مبلغا قدره كذا، في تاريخ مثلًا 1 رمضان 1426 للهجرة، وتكتب التاريخ، ويعني تذكر ما هو مطلوب في الكمبيالة، كتابة التاريخ، والاسم، والمبلغ، والإمضاء، وحينئذٍ تسلم هذا الدائن تسلمه هذه الكمبيالة، هذا الدائن ممكن أن يستفيد من هذه الكمبيالة ويظهرها، يعني يجيرها لدائن له آخر، وهذا الدائن الآخر ممكن أن يظهرها لدائن آخر يعني يجيرها لدائن آخر، ربما يجتمع عليها عشرة، حتى إذا أتى الموعد المحدد مثلا وهو واحد رمضان دفعت للأخير. بهذا استطاع مجموعة من الناس أن يقضوا ديونهم ويسددوا ديونهم بموجب هذه الكمبيالة.

فإن قلت: كيف يُعتمد عليها، وهي قد لا يحصل الوفاء من المسحوب عليه؟ الجواب: أنها توفر لها حماية كبيرة من قانون الصرف، ومن الجهة التي تتبعها، وهي مثلًا عندنا في المملكة وزارة التجارة، يفترض أنها توفر لها حماية كبيرة بحيث من يُخل بها يتعرض لعقوبات صارمة. هذه إذًا هي الكمبيالة، كما تلاحظون هي شبيهة بالشيك إلا أنها تختلف عنه في عدة أمور، أنها تقبل التأجيل، أنها لا يشترط أن تكون على بنك.

أما السند لأمر، ويسمى السند الإذني، فهو صك يتعهد بموجبه محرره بأن يدفع مبلغا معينا في تاريخ معين، أو قابل للتعين، أو بمجرد الاطلاع إلى شخص آخر يسمى المستفيد.

هذا أيضًا السند الإذني، غير شائع عند الأفراد، لكنه الشائع عند المؤسسات وعند التجار. وهو يختلف عن السندات قسيم الأسهم، السندات قسيمة الأسهم يختلف عنها، وتلك سبق أن قلنا: إن تلك السندات تشتمل على فوائد ربوية، لكن هذا السند الإذني هو في الحقيقة مجرد وثيقة بدين، كأنه يعني تعهد، تكتب أتعهد بأن أدفع لأمر فلان بن فلان مبلغا قدره كذا في تاريخ كذا، وتكتب المكان والزمان والتوقيع.

ويُفترض أيضًا أن توفر له حماية قانونية كبيرة، بحيث إذا لم يف هذا الشخص الذي هو المسحوب عليه، أو محرره في الحقيقة، محرره، إذا لم يسدد قيمة هذا السند فإنه يتعرض لعقوبات صارمة. فهذا هو السند الإذني، ويسمى السند لأمر، وهو كما ذكرت موجود لدى المؤسسات والشركات.

لكن لاحظ هنا أنه بين طرفين فقط محرر ومستفيد، ولكن لا يقال ساحب ومسحوب عليه، ومستفيد، كما قلنا في الكمبيالة، لكنه فقط بين طرفين محرر ومستفيد.

أما الشيكات فهي معروفة، والنوع الثالث: الشيك، ويقال إن مصطلح شيك منقول من صك، فيكون أصل هذه الكلمة عربيا، وصك أيضًا هي كلمة عربية، لكنها معربة، ولّا أصلها فارسي أيضًا، أصلها فارسي، وجمعها أصك، وصكاك، وصكوك، فنقلت إذا بدل صك جعلت شك ثم جعلت شيك.

وتعريف الشيك: يعرف بأنه صك يحرر وفقا لشكل قانوني معين يتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين من النقود لشخص ثالث يسمى المستفيد بمجرد الاطلاع. إذا: صك يحرر وفقا لشكل قانوني معين، يتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب، إلى شخص آخر يسمى المسحوب عليه، بدفع مبلغ معين من النقود إلى شخص ثالث يسمى المستفيد بمجرد الاطلاع.

لاحظ هنا أن الشيك لا بد أن يدفع بمجرد الاطلاع، ولا يصلح أن يكون قابلا للتأجيل، بخلاف الكمبيالة والسند لأمر.

قبل أن نتعرض للتخريج الفقهي لهذه الأنواع للأوراق التجارية، أشير هنا إشارة إلى أن أصول هذه الأوراق التجارية، قد كانت معروفة لدى المسلمين؛ يعني أنها لم تقتبس بكاملها من الغرب، وإن كانت بتنظيمها الموجود الآن أخذت من الغرب، لكن أصول هذه الأوراق كانت معروفة لدى المسلمين. فإن المسلمين قد عرفوا التعامل بما يشبه السفاتج ... الصحابة رضي الله عنهم، قد روي عن ابن عباس أنه كان يأخذ الورق من التُجار بمكة، على أن يكتب لهم بها إلى الكوفة، وكان ابن الزبير يأخذ من قوم بمكة دراهم، ويكتب لهم بها إلى مصعب. فمثل هذه الرقاع التي يكتبون فيها تشبه في أصولها هذه الأوراق التجارية.

وأيضًا جاء في صحيح مسلم أن صكوكا خرجت للناس في زمن مروان بن الحكم، يكتب فيها مقدار الطعام، يعني يكتب بأن فلان وفلان يستحق كذا من الطعام، فتبايعها الناس قبل أن يستوفوها، يعني قبل أن يستوفوا ما تمثله من طعام، فدخل زيد بن ثابت ورجل - جاء في رواية أنه أبو هريرة -، دخل زيد بن ثابت وأبو هريرة على مروان بن الحكم فقالا: تحل الربا يا مروان! قال: وما ذاك؟ قالا: هذه الصكوك تبايعها الناس، ثم باعوها قبل أن يستوفوها. فبعث مروان بن الحكم الحرس يتبعونها ينزعونها من أيدي الناس ،ويردونها إلى أهلها.

هذه الصكوك، في الحقيقة، كما ذكرنا، أوراق تصدر من ولي الأمر بالرزق لمستحقه، يكتب لفلان كذا ولفلان كذا من الطعام. وقد كانت الدولة في ذلك الوقت تدفع هذه الصكوك لجنودها وعمالها في مقابل رواتبهم المستحقة لهم، وكان بعض الناس يتبايع تلك الصكوك قبل قبض الطعام، فكان إنكار زيد بن ثابت وأبي هريرة لأجل هذا، لا لأجل كتابة تلك الصكوك، وإنما لأجل تبايعها قبل استيفاء وقبل قبض الطعام.

هذا يدل على أن أصول هذه الأوراق التجارية كانت معروفة لدى المسلمين، وإن كانت بهذا التنظيم قد أخذها المسلمون من غيرهم، لكن أصولها، كانت معروفة لدى المسلمين منذ زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

وأما تخريجها الفقهي: أما الكمبيالة، فاختلف فيها، فقيل: إنها سفتجة، وقيل إنها قرض، وقيل حوالة. وإذا قلنا سفتجة، احتجنا أن نذكر تعريفا للسفتجة. السفتجة معناها معاملة مالية، يقرض فيها إنسان آخر قرضا ليوفيه المقترض أو نائبه أو مَدينهُ في بلد آخر. معاملة مالية يقرض فيها إنسان قرضا لآخر في بلد ليوفيه المقترض أو نائبه أو مَدينهُ في بلد آخر.

يعني مثلًا: تقول لفلان: أقرضني عشرة آلاف ريال، وسوف أسددها لك في مكة، أعطيك إياها، أو يُعطيك إياها وكيلي في مكة. وفائدتها: أمن خطر الطريق، وهي الآن موجودة الآن في التحويلات المصرفية، تعتبر سفتجة. أنت عندما مثلًا تحول حوالة على شخص مقيم في مكة، أو مثلا في المدينة، تحوله حوالة بمبلغ معين، يعتبر حوالة، لكنه في الحقيقة سفتجة، تسمى حوالة أقصد أنها تسمى حوالة، لكنها في الحقيقة سفتجة، لأنك تقرض البنك مثلًا عشرة آلاف ريال، وتقول: سلم هذا المبلغ المقترض إلى فلان من الناس في مكة في المدينة في أي بلد آخر، فمادام أن العملة واحدة فهذا يسمى سفتجة، وإذا اختلفت العملة فسنتكلم عنها إن شاء الله بعد قليل.

لكن إذا كانت العملة واحدة ذي الريالات تحول عشرة آلاف ريال تضع عند البنك عشرة آلاف ريال وتقول حولها له، فتسميه حوالة لكنها في الحقيقة في التكييف الفقهي أنها سفتجة.

اختلف العلماء في حكم السفتجة، فالمذاهب الأربعة على تحريمها، المذاهب الأربعة على تحريمها، هو المشهور من مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، والصحيح مذهب الحنابلة لأنهم اعتبروا أنها من قبيل القرض الذي جر نفعًا. والقول الثاني أنها جائزة، وقد روي هذا عن عدد من الصحابة، عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن الزبير، رضي الله عنهم. وهو رواية عند المالكية والحنابلة، وهي التي عليها المحققون من أهل العلم، اختارها الموفق ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، رحم الله الجميع، وهي التي يفتي بها مشايخنا في الوقت الحاضر، عامة مشايخنا على هذا القول، القول بجواز السفتجة، سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله على الجميع.

أما الجمهور الذين قالوا بتحريم السفتجة، ليس لهم أدلة صحيحة صريحة في التحريم، وإنما غاية ما استدلوا به إما أدلة صريحة، لكنها ضعيفة، كحديث "السوفتجات حرام" ولكن هذا الحديث حديث ضعيف، بل قيل إنه موضوع، حكم عليه بعض العلماء بأنه موضوع.

وأيضًا مما علل به الجمهور قالوا: إن السفتجة قرض استفاد بها المقرض سقوط خطر الطريق، وهذا نوع نفع، وقالوا: إن المقرض استفاد بهذا القرض أمن خطر الطريق، وكل قرض جر نفعا هو ربا.

وأما أصحاب القول الثاني، الذين قالوا بجواز السفتجة، فاستدلوا أولاً قالوا: إن هذا القول مأثور عن عدد من الصحابة كما ذكرنا ابن عباس، وابن الزبير، وعلي بن أبي طالب، وقالوا أيضًا: إن السفتجة فيها مصلحة لكل من المقرض والمقترض من غير ضرر بواحد منهما، فالمقرض ينتفع بأمن خطر الطريق في نقل دراهمه إلى ذلك البلد، والمقترض ينتفع بالقرض، وما كان فيه مصلحة للجميع، وليس فيه ضرر، فإن الشرع لا يحرمه، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: الصحيح الجواز، يعني الصحيح في حكم السفتجة الجواز؛ لأن كل من المقرض والمقترض منتفعٌ بهذا الاقتراض. والشارع لا ينهى عما ينفعهم ويصلحهم، وإنما ينهى عما يضرهم.

ثم إن السفتجة لم ينص على تحريمها وليست هي في معنى منصوص فوجب إبقاؤها على الإباحة، لا سيما أن الحاجة داعية لها خاصة مثلا في وقتنا الحاضر الآن، عليها عمل الناس، الناس الآن على هذه التحويلات التي هي في الحقيقة سفتجة، خاصة عندما يكون التحويل مثلًا خارج المملكة ربما يصعب نقل الدراهم، يصعب نقلها فيحتاج إلى تحويلها، فإذا كان تحويلها بنفس العملة فهي في الحقيقة سفتجة.

والقول بمنعها فيه حرج كبير على الناس وليس هناك دليل ظاهر على التحريم، صحيح أنه هو قول الجمهور، القول بالتحريم قول الجمهور وهو رأي المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة لكن ليست المسألة محل إجماع، ولا يلزم أن يكون رأي المذاهب الأربعة أن يكون هو الصواب. رأيت مثلًا طلاق، طلاق الثلاث بكلمة واحدة المذاهب الأربعة على أنه يقع ثلاثًا، أما القول الصحيح أنه يقع واحدة. فليست كل مسألة تتفق فيها المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة تكون هي الصواب.

وقد يكون الحق مع الأقل، ولهذا فالمذاهب الأربعة على تحريم السفتجة ولكن القول الصحيح هو أنها جائزة، وهو الذي عليه المحققون من أهل العلم وهو الذي عليه العمل، إذا يكون هذا هو القول الراجح وهو جواز السفتجة.

يبقى أن نجيب عمَّا استدل به الجمهور. نحن ذكرنا أن الأحاديث التي استدلوا بها ضعيفة بل بعضها ربما حكم عليه بالوضع، كما يروى حديث "أن السفتجات حرام" قلنا أنه عند بعض أهل العلم موضوع. وأما قولهم أن السفتجة قرض استفاد بها المقرض سقوط خطر الطريق، وكل قرض جر نفعا فهو ربا:

أولًا: هذه المقولة: ( كل قرض جر نفعا فهو ربا ) لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، تجدهم في بعض كتب الفقه ربما ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم، والحقيقة لا يصح نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من كلام بعض الفقهاء، وليس حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أيضًا لو سلمنا بهذه واعتبرناها قاعدة فليست على إطلاقها، إذ ما من قرض إلا ويتضمن نفعًا، ولهذا قال ابن حزم يقول: ليس في العالم سلف يعني قرضا إلا وهو يجر منفعة، وذلك انتفاع المسلف بتضمين ماله فيكون مضمونًا تلف أو لم يتلف، مع شكر المستقرض إياه، وانتفاع المستقرض بمال غيره مدة. قال: فعلى قولهم ( إن كل سلف جر منفعة هو ربا ) يكون كل سلف حراما وهذا فيه ما فيه.

إذًا ليست كل منفعة في القرض تكون حرامًا. إذًا ما الضابط في المنفعة المحرمة في القرض؟ الضابط في ذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم: الضابط في ذلك المنفعة التي يختص بها المقرض دون المقترض، أما المنفعة التي يشتركان فيها فإنها لا تكون محرمة، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: الصحيح هو الجواز لأن كل من المقرض والمقترض منتفع بهذا الاقتراض، والشارع لا ينهى عمَّا ينفعهم ويصلحهم، إنما ينهى عما يضرهم.

فإذًا المنفعة المحرمة في القرض هي التي يختص بها المقرض دون المقترض. فسكنى دار المقترض وركوب دوابه وقبول هديته ونحو ذلك من المنافع التي يختص بها المقرض، أمَّا ما كان فيه منفعة للمقرض والمقترض جميعًا، فإن هذا ليس بمحرم.

وإذا نظرنا إلى السفتجة ففيها مصلحة للطرفين، فيها مصلحة للمقرض، ومصلحة للمقترض. أما المقترض فالمصلحة ظاهرة، أما المقرض فالمصلحة هي أمن خطر الطريق، ولهذا فالصحيح في السفتجة أنها جائزة، وعلى هذا خرجت الكمبيالة فقيل إنها سفتجة، وقد كانت في النظام القديم للأوراق التجارية، أنه كانت تسمى سفتجة، ولكن قد تكون بعض صور الكمبيالة لا تنطبق على السفتجة، ولهذا فالتخريج الفقهي للكمبيالة أنها قد تكون سفتجة وقد تكون قرضًا وقد تكون حوالة بحسب طبيعة العلاقة.

وأما حكم التعامل بالكمبيالة في الشريعة الإسلامية، فإنه لا بأس به؛ لأن كما ما ذكرنا على القول الراجح وهو أن السفتجة جائزة تكون الكمبيالة جائزة ولا بأس بها. وهكذا لو قلنا إنها قرض أو حوالة فهذه عقود مجمع على جوازها، ولكن إذا كانت الكمبيالة فيما يشترط فيه التقابض من الطرفين كالصرف أو من طرف واحد كالسلم هنا لا بد من أن تحرر كمبيالة، يعني لا يجوز أن تكون الكمبيالة بعد أجل. وأما السند لأمر: الذي ذكرنا صورته قبل قليل فالتخريج الفقهي له أنه وثيقة بدين. فأنت تقول أتعهد بأن أدفع لأمر فلان بن فلان مبلغا قدره كذا في تاريخ كذا.

هذا، في الحقيقة، يُعتبر وثيقة بدين وهو جائز ولا بأس به. ولكن أيضًا يلاحظ ما قلناه في الكمبيالة لأنه إذا كان السند لأمر فيما يشترط فيه التقابض، فإنه لا يصح أن يكون مؤجلًا. وأما الشيك التخريج الفقهي له أنه حوالة، التخريج الفقهي للشيك أنه حوالة، يكون المحيل هو الساحب، يعني محرر الشيك هو المحيل، المحال عليه هو المسحوب عليه الذي هو المصرف أو البنك، والمحال هو المستفيد. فإذا التخريج الفقهي للشيك أنه حوالة، المحيل هو الساحب، المحال عليه هو المصرف أو البنك، المحال هو المستفيد. يترتب على القول بأن الشيك حوالة، أن المستفيد الذي تكتب له أنت شيكا يلزمه قبول الشيك إذا كان المحال عليه مليئا وهو في الحقيقة هنا مليء.

لكن لك أن تشترط تقول: لا أقبل إلا إذا كان الشيك يعني مصدقا مثلا، أو إذا كان فيه رصيد، لكن يلزمك قبول هذا الشيك، لأننا حقيقة قلنا: إن التخريج الفقهي لهذا الشيك أنه حوالة، فيلزمك في الحقيقة قبوله، يلزمك قبوله؛ لأن إذا أحال إنسان آخر، وكان المحال عليه مليئا، فإنه يجب قبول الحوالة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: Posted Imageإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع Posted Image هذه من ثمرات قولنا في التخريج الفقهي للشيك: إنه حوالة.

وهناك نوع من الشيكات يسمى الشيكات السياحية، وسبق أنه ورد فيه سؤال من الأسئلة فيما سبق. الشيكات السياحية هي شيكات تصدرها بعض المصارف أو المؤسسات بقيم متفاوتة على فروعها، أو على مراسليها في الخارج لمصلحة المسافر الذي يستطيع الحصول على قيمتها بمجرد عرضها لدى أي فرع من فروع المصرف، أو لدى مراسليها.

إذن مرة أخرى: الشيكات السياحية هي شيكات تصدرها المصارف بقيم متفاوتة على فروعها، أو على مراسليها في الخارج لمصلحة المسافر الذي يستطيع الحصول على قيمتها بمجرد عرضها للوفاء في أي فرع، أو لدى أي مراسل لهذا المصرف، أو لهذه المؤسسة.

وهذه الشيكات السياحية لا بأس بها، لكن ترد عليها إشكالية، وهي أن المُصدِر لهذه الشيكات .. الجهة المصدرة لهذه الشيكات تأخذ عمولة.

والذي يظهر والله أعلم أن هذه العمولة لا بأس بأخذها؛ لأنها مقابل خدمات، ولأن أيضا المنفعة لا تختص بالمقرض هنا، وإنما تشمل المقرض والمقترض، فهي شبيهة بالسفتجة، ونحن قلنا في ضابط النفع المحرم في القرض: هو النفع الذي يختص بالمقرِض، وأما ما يشمل المقرِض والمقترض فإنه لا يكون نفعا محرما، وبناء على ذلك تكون الشيكات السياحية جائزة ولا بأس بها.

حسن محمود العتمني

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
×
×
  • أضف...