اذهب إلى المحتوى

Recommended Posts

بتاريخ:

مع عجز خطط الإنقاذ عن مواجهة الانهيار العالمي

الأسوأ لم يأت بعد‏..‏ كيف ولماذا ؟‏!‏

بقــــــلم‏:‏ أســـامــــة غــــيــث

Posted Image

تقلبات البورصات العالمية ارتفاعا وانخفاضا بعد قمة دول منطقة اليورو يواجه بالكثير من الحذر والترقب خاصة بعد الخبرات المريرة لتوالي انهيار البورصات العالمية‏,‏ وتوالي الإعلان عن تعثر المؤسسات المالية والبنوك الكبري دوليا في أمريكا وأوروبا علي الرغم من اعتماد خطط للإنقاذ المالي‏,‏ ورصد مئات المليارات من الدولارات لمساندة المتعثرين والمفلسين‏,‏ وما يحدث من تذبذبات حادة للبورصات ارتفاعا وانخفاضا لا يعكس فقط فداحة زلزال الانهيارات المالية‏.‏

تقلبات البورصات العالمية ارتفاعا وانخفاضا بعد قمة دول منطقة اليورو يواجه بالكثير من الحذر والترقب خاصة بعد الخبرات المريرة لتوالي انهيار البورصات العالمية‏,‏ وتوالي الإعلان عن تعثر المؤسسات المالية والبنوك الكبري دوليا في أمريكا وأوروبا علي الرغم من اعتماد خطط للإنقاذ المالي‏,‏ ورصد مئات المليارات من الدولارات لمساندة المتعثرين والمفلسين‏,‏ وما يحدث من تذبذبات حادة للبورصات ارتفاعا وانخفاضا لا يعكس فقط فداحة زلزال الانهيارات المالية‏,‏

بل يؤكد علي الخوف الأخطر والأفدح الذي يفسره خبراء العالم بأن الأسوأ لم يأت بعد‏,‏ وترجع هذه النظرة التشاؤمية الواقعية التي تترقب لحظة الكساد العظيم ـ كنتيجة طبيعية لتسونامي المال العالمي الكارثي ـ إلي تضاعف نزيف الخسائر المالية العالمية المتواصل الذي يفوق أسوأ التوقعات والتقديرات‏,‏ حيث ارتفعت خسائر الأسهم عالميا إلي‏25‏ تريليون دولار‏,‏ وهو ما يزيد علي نصف الناتج المحلي لكل دول العالم المتقدم والنامي سنويا‏,‏ بخلاف الخسائر المهولة والمروعة لباقي مفردات أسواق المال العالمية‏.‏

ولا يستهدف حديث المسئولين والخبراء والمختصين في العالم‏,‏ وتأكيدهم أن الأسوأ لم يأت بعد بأي حال من الأحوال إثارة الذعر في الأسواق والمعاملات بين جمهور المتعاملين‏,‏ ولكنه يستهدف بالدرجة الأولي التنبيه الشديد علي أن الأزمة مازالت خارج دائرة الحل والعلاج الشامل‏,‏ كما يستهدف التيقظ إلي ضرورة الاتفاق علي خطط مكملة للإنقاذ والإصلاح بشكل سريع وعاجل‏,‏ لا تقتصر علي دولة أو مجموعة من الدول الصناعية‏,‏ بل تمتد إلي كل العالم بحكم عالمية الأزمة‏,‏ وعالمية الخسائر‏,‏ وعالمية التأثيرات السلبية الفادحة علي مجمل الأوضاع الاقتصادية الدولية إلي فترة مقبلة متمثلة في التباطؤ الاقتصادي العالمي والركود والمزيد من الإفلاس والتعثر للمؤسسات المالية والبنوك

ويكشف الإعلان الأخير للرئيس الأمريكي باعتماد‏250‏ مليون مليار دولار للمساهمة في رأسمال‏9‏ بنوك أمريكية كبري عن مزيد من الجوانب الخفية للأزمة ويؤكد علي هذه التخوفات أن التصريحات الأخيرة لدومينيك ستراوس مدير صندوق النقد الدولي حذرت بشكل واضح من أن المخاوف المتصاعدة بشأن قدرة البنوك العالمية علي الوفاء بالتزاماتها دفعت النظام المالي العالمي إلي حافة انهيار شامل‏.‏ وأضاف أنه بالنظر للمستقبل‏,‏ فإنه من المتوقع أن تظل الأوضاع المالية صعبة جدا مما يكبح فرص النمو العالمي‏.‏

وقد تعززت توقعات بأن الأسوأ لم يأت بعد في ظل انتقال الأزمة العنيف عبر المحيط الأطلنطي من الأسواق الأمريكية إلي الأسواق الأوروبية‏,‏ وبروز ظاهرة تعثر البنوك والمؤسسات المالية الكبري في بريطانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا‏,‏ مما دفع حكومات الدول الأوروبية وبنوكها المركزية إلي حسم أمرها وتجاوز مرحلة القلق الأيديولوجي لليمين الرأسمالي المتطرف المانعة لتدخل الحكومات في حركة الأسواق والأندفاع لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة تضمنت التأميم الكلي والتأميم الجزئي للعديد من المؤسسات المالية والبنوك إنقاذا لها من الإفلاس بكل ما يعنيه من انهيارات مالية واقتصادية لا يمكن أن تتحمل عواقبها الوخيمة اقتصادات هذه الدول التي هي بالفعل مثقلة بالهموم والمشكلات المتصاعدة‏,‏ خاصة أن خسائر نظامها المالي وأسواقها المالية تجاوزت التريليونات من الدولارات‏,‏ وهو ما يفوق قدرات وإمكانات الأسواق علي التصحيح والتصويب الذاتي‏,‏ ويجعل من حديث القوة الخفية للسوق القادرة علي تجاوز الأزمات مجرد حديث أجوف لا معني له علي أرض الواقع‏.‏

وتفهم هول الأزمة العالمية وهول نتائجها ومداها الطويل يفسره الدور الفاعل للبورصات الدولية ليس فقط علي مستوي أسواق المال‏,‏ ولكن علي المستوي الاقتصادي العام لدول العالم‏,‏ خاصة الدول المتقدمة وبورصاتها الضخمة والعملاقة برأسمالها السوقي‏,‏ وحجم عملياتها اليومية للتداول بيعا وشراء‏,‏ حيث بلغت القيمة السوقية للأسهم الدولية بالبورصات نحو‏61‏ تريليون دولار في نهاية العام الماضي‏,‏ في حين أن مجمل الناتج المحلي الإجمالي العالمي لايتجاوز‏48‏ تريليون دولار‏.‏

المشتقات المالية‏..‏ وفوضي المعاملات

ولا يقتصر الأمر علي الأسهم وقيمتها ومعاملاتها‏,‏والتي ما زال بعضها يندفع لهاوية الخطر في إيسلندا التي فقدت بورصتها‏76%‏ من قيمة أسهمها منذ ثلاثة أيام نتيجة لإفلاس البنوك الأربعة الرئيسية بل إن مكمن الخطر الحقيقي الذي تكشف علي نطاق واسع وتسبب في الجزء الأكبر من المشكلات المالية والاستثمارية والاقتصادية يرتبط بسوق ما يسمي المشتقات المالية‏,‏ وهي سوق قائمة علي المعاملات الافتراضية بالأساس‏,‏ وترتبط بمضاربات مستقبلية آجلة لتعاملات شبه وهمية علي النفط والمعادن النفيسة وغير النفيسة والسلع‏,‏ بالإضافة إلي نوعيات مستحدثة من المعاملات المالية وتديرها أساسا المؤسسات المالية والبنوك الكبري والعملاقة وشركات التأمين الديناصورية الأمريكية والتي تكاد تنحصر في شركة واحدة هي شركة إيه‏.‏آي‏.‏جي‏,‏ التي كادت تفلس لولا وضعها تحت الوصاية الحكومية‏,‏ وصولا إلي مرحلة التأميم شبه الكامل بعد ضخ‏85‏ مليار دولار لمساندتها ارتفعت أخيرا إلي نحو‏130‏ مليار دولار في ظل الضغوط الواقعية‏.‏

وتدقيق عمق الأزمة العالمية يكشف عنه ضخامة سوق المشتقات المالية‏,‏ وارتفاع قيمتها إلي‏480‏ تريليون دولار‏,‏ بما يعني أن قيمتها تبلغ‏10‏ أضعاف الناتج المحلي الإجمالي العالمي الراهن‏,‏ وتصل إلي‏35‏ ضعف الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي البالغ‏14‏ تريليون دولار‏,‏ وهي بذلك تساوي ثمانية أضعاف قيمة الأسهم المتداولة بكافة البورصات الدولية‏,‏ وتكاد السوق المالية الأمريكية والبريطانية أن تحتكرا معاملات سوق المشتقات المالية‏,‏ وتدار من خلال المؤسسات المالية والبنوك العملاقة والكبري في البلدين وغيرهما من البلدان عميقة الاندماج في النظام المالي العالمي‏,‏ ولا تعبر هذه السوق عن أموال حقيقية‏,‏ بل تعكس معاملاتها أموال افتراضية بحكم أن عمليات الشراء للمشتقات المالية يتم سداد جزء زهيد من قيمتها‏,‏ مما أسهم في تضخم قيمتها كمشتقات دون علاقة مع الأموال المدفوعة فعليا‏,‏

وتتجاوز قيمة سوق المشتقات المالية قيمة الفوائض المالية العالمية وتراكماتها عبر السنوات الطويلة الماضية بمراحل علي امتداد العالم للدول‏,‏ وبنوكها المركزية للشركات والمؤسسات والأفراد‏,‏ وكذلك للفوائض البترولية والصناديق الاستثمارية السيادية‏,‏ وغيرها من الجهات الحائزة للمال‏,‏ بما فيها أموال الجريمة المنظمة‏,‏ سواء كانت أموالا للمافيا‏,‏ أو أموالا لكبار المسئولين الفاسدين‏,‏ أو أموالا لكبار وصغار الفاسدين من رجال الأعمال‏.‏

وتتبدي جوانب أخري من صورة الاختلالات الكبيرة لأسواق المال العالمية ومعاملاتها وعملياتها من ضخامة قيمة السندات السيادية‏,‏ وهي تلك السندات التي تصدرها حكومات الدول وبنوكها المركزية للاقتراض من السوق المالية العالمية‏,‏ حيث ارتفعت قيمتها بصورة مبالغ فيها بدرجة كبيرة‏,‏ مما يعيد إلي الأذهان المأساة المريرة لعجز حكومات العديد من دول أمريكا اللاتينية في الثمانينيات‏,‏ وفي مقدمتها حكومتا البرازيل والأرجنتين عن سداد المديونية العامة بكل صورها وأشكالها‏,‏ بما فيها من تسهيلات تجارية وقروض بنوك تجارية‏,‏ وغيرها‏,‏ وتبلغ حاليا قيمة السندات السيادية في العالم‏45‏ تريليون دولار‏,‏ منها‏25‏ تريليون دولار فقط قيمة السندات الأمريكية والشهيرة باسم سندات الخزانة الأمريكية‏,‏

ويعني ذلك أن السندات الأمريكية‏,‏ وهي مديونية مستحقة علي الحكومة الفيدرالية‏,‏ تبلغ نحو ضعف الناتج المحلي الأمريكي‏,‏ ومع شيوع عدم الثقة في أسواق المال العالمية‏,‏ فإن ضخامة هذه السندات السيادية يمكن أن يؤدي إلي تقلبات غير إيجابية‏,‏ خاصة أن هناك ندرة مؤكدة في السيولة المالية تضغط علي كل الأسواق المالية العالمية‏,‏ كما أن تسييل الأصول المالية لمواجهة الخسائر المحققة يمكن أن يضاعف من حدة المشكلة‏.‏

المشتقات الائتمانية‏..‏ والفساد العظيم

وتجتهد مجلة نيوزويك الأمريكية في طبعتها العربية لعدد‏14‏ أكتوبر الحالي في تفسير أسباب الأزمة المالية العالمية‏,‏ وتحت عنوان الوحش الذي التهم وول ستريت تتحدث عن تحول عمليات مقايضة الديون التي عجز أصحابها عن السداد تحت مظلة ما يسمي التأمين علي الديون المتعثرة والرديئة‏,‏ من مراهنة ذكية إلي مغامرة قاتلة تسببت في هلاك وإفلاس المؤسسات المالية والبنوك ومؤسسات الإقراض العقاري الأمريكية‏,‏ ويشرح صلب الموضوع المنشور حقيقة الأمر باعتباره شكلا من أشكال التلاعب والتحايل المصرفي لتنقية دفاتر الحسابات والميزانيات من الديون المتعثرة والرديئة‏,‏ حتي يمكن تجنب احتجاز المخصصات والاحتياطيات اللازمة لمواجهتها وفقا للقوانين من خلال ما يسمي مقايضة الديون عن طريق التأمين عليها‏,‏ وتحويل المسئولية عنها إلي طرف ثالث يتحمل المسئولية عند العجز الكامل للمقترض عن السداد‏,‏

وكان بنك جيه‏.‏إيه‏.‏ مورجان الأمريكي العملاق‏,‏ الذي تعرض للتعثر الشديد وتم بيعه لبنك أوف أمريكا من أوائل البنوك التي راهنت بمبالغ ضخمة في عمليات مقايضة الديون‏,‏ وقد يفسر جبل الجليد المختفي تحت السطح تأكيدات هنري بولسون وزير الخزانة الأمريكية‏,‏ وبعد إقرار خطة الإنقاذ في الكونجرس أن المزيد من المؤسسات المالية والبنوك ستعلن إفلاسها في أمريكا‏.‏

وتعبيرا عن الأرقام الفلكية الافتراضية لأسواق المال الأمريكية‏,‏ التي تعكس فقط لاغير معاملات داخلية فيما بين المؤسسات المالية والبنوك وشركات التأمين والرهن العقاري‏,‏ فإن النيوزويك تقدر قيمة معاملات مقايضة الديون بأكثر من‏100‏ مليار دولار في عام‏2004,‏ وصلت إلي‏6,4‏ تريليون دولار بحلول عام‏2004,‏ مع إنشاء أول مؤشر للمشتقات الائتمانية‏,‏ الأمر الذي أدي إلي صياغة معايير قياسية لجزء رئيسي من معاملات هذه السوق‏,‏ ثم حدثت تطورات مذهلة خلال الفترة بين عامي‏2004‏ و‏2008,‏ حيث استخدمت صفقات مقايضة القروض لوقاية الأوراق المالية المدعومة بالرهونات العقارية‏,‏ ومعها قفز حجم السوق إلي نحو عشرة أضعافه لتصل قيمتها إلي‏62‏ تريليون دولار‏,‏

ويكشف ذلك عن حقيقة ضخامة الخسائر في أسواق المال الأمريكية‏,‏ وتجاوزها بكثير قيمة الخسائر الضخمة في البورصات التقليدية‏,‏ وحقائق تحولها إلي أزمة سيولة ضخمة لا يفيد في حلها وعلاجها تخفيض أسعار الفائدة‏,‏ ولا يصحح منها ولا يشفيها ما تقوم به البنوك المركزية من ضخ سيولة جديدة وصلت قيمتها إلي تريليونات الدولارات في أمريكا والدول الأوروبية واليابان‏,‏ لأن السيولة الجديدة تعني في الأساس زيادة الكتلة النقدية وهي في حكم الإصدار النقدي الجديد المزيد من طبع أوراق البنكنوت‏,‏ ومهما تكن التيسيرات المعلنة من البنوك المركزية لتشجيع البنوك والمؤسسات المالية علي الاقتراض‏,‏ فإنها لا تكفي لمواجهة الخسائر الضخمة المتشعبة والفادحة التي انتشرت كالسرطان في أسواق المال‏,‏ وبني الكثير منها خارج الرقابة الرسمية‏,‏ وبعيدا عن الأعراف المصرفية والمالية الدقيقة والسليمة لحساب المخاطر‏,‏ مما يعني اعتمادها علي قواعد فاسدة تؤدي فقط لاغير إلي فساد الأعمال والمعاملات وعدم سلامتها‏,‏ وبالتالي خطرها الشديد‏.‏

وما يثار في أمريكا من حوار حول رأسمالية كازينوهات القمار في تطبيق رديء وسييء للغاية بحكم أن المقامر العادي يقامر بأمواله‏,‏ في حين قامرت المؤسسات المالية والبنوك وشركات الرهن العقاري بأموال الآخرين من المودعين في غياب رقابة البنك المركزي‏,‏ وغياب رقابة الخزانة الأمريكية‏,‏ وكأنه اتفاق بين كل الأطراف علي التغاضي عن فساد الأعمال‏,‏ وفساد القواعد‏,‏ وفساد الإدارة‏,‏ ونتج عن ذلك أن معظم هذه المؤسسات والمنشآت كانت مرتبطة ببعضها بعضا من خلال صفقات مقايضة الديون‏,‏ وتقدم النيوزويك مثالا يمكن أن يسمي الفساد العظيم والفساد الكبير‏,‏ ويرتبط ببنك ليمان براذرز رابع أكبر البنوك الاستثمارية الأمريكية‏,‏ العملاقة‏,‏ الذي تم إعلان إفلاسه بالفعل‏,‏ حيث تقدر أن البنك قد دخل في صفقات مشبوهة لمقايضة الديون قيمتها‏700‏ مليار دولار‏,‏

وكانت شركة إيه‏.‏آي‏.‏جي هي الضامنة لمعظم هذه الصفقات‏,‏ ويوضح ذلك الحديث عن ضآلة الاعتمادات المالية لخطة الإنقاذ الأمريكية لأنها تساوي فقط لا غير قيمة الديون الرديئة المستحقة علي أحد البنوك المفلسة‏,‏ كما تفسر سبب إحجام البنك المركزي الأمريكي والخزانة الأمريكية عن إنقاذ البنك بوضعه تحت الوصاية‏,‏ أو تأميمه‏,‏ كما تم في حالات أخري سابقة وتالية‏,‏ كما تلقي هذه الحالة بالذات الضوء علي تصدير الإدارة الأمريكية جانبا رئيسيا ومهما من خسائر الانهيار المالي إلي الخارج‏,‏ وعن تحمل أطراف خارجية علي امتداد خريطة العالم لجانب حيوي من خسائر الأزمة المالية الأمريكية العالمية‏,‏ حيث اتضح أن البنوك الأوروبية التي توشك علي الإفلاس‏,‏ ومنها هيبو ريل استيت الذي اضطر البنك المركزي لضخ أموال لدعمه تقدر بمبلغ‏50‏ مليار دولار وغيره تتركز مشكلته في خسائره الفادحة من عمليات محفظة مقايضة الديون مع أطراف مالية أمريكية لديون رديئة ومتعثرة ومؤثرات ضخامة هذه المحفظة سيئة السمعة لابد وأن تكون له تفاعلاته المتوالية علي امتداد خريطة العالم‏.‏

صناديق التقاعد‏..‏ وفداحة الخسائر

وتبرز جوانب مهمة من الانفلات والانهيار المالي الأمريكي والعالمي من خلال رصد خسائر طرف واحد من أطراف الأزمة في السوق الأمريكية‏,‏ وهي صناديق التقاعد التي تتولي توفير معاشات التقاعد لقاعدة عريضة من الأمريكيين‏,‏ حيث أكدت المؤشرات أن خسائرها بلغت تريليوني دولار‏,‏ وهو مؤشر يكشف عن مدي ضخامة نزيف الخسائر‏,‏ وخروجه عن حدود السيطرة والضبط في الأجل القصير والمتوسط‏,‏ واحتياجه الشديد إلي ترتيبات وخطط إنقاذ ومساندة ودعم تمتد إلي الأجل الطويل‏,‏ وهو ما يعني أن تفاعلات الأزمة ونتائجها السلبية وأعراضها تستمر من ثلاث إلي خمس سنوات مقبلة علي الأقل‏,‏ ويعزز هذه التقديرات شديدة السلبية خطة الإنقاذ التي أعلنتها بريطانيا خلال الأيام الماضية بحجم إجمالي‏300‏ مليار جنيه أسترليني أكثر من‏500‏ مليار دولار‏,‏ وتوزيعات خطة الإنقاذ تكشف عن طبيعة الأزمة‏,‏

حيث يخصص منها‏50‏ مليار جنيه استرليني لدعم المصارف المتعثرة بالإسهام في رأسمالها‏,‏ في حين يخصص خمسة أضعاف هذا المبلغ‏250‏ مليون جنيه استرليني لضمان المعاملات المالية فيما بين المصارف بعضها بعضا‏,‏ التي تكاد تكون قد وصلت إلي طريق مسدود خلال الفترة الأخيرة‏,‏ بسبب فقدان الثقة شبه الكامل في المعاملات المصرفية البينية مع شيوع الشك في إمكان إفلاس وانهيار المزيد من المصارف والمؤسسات المالية في أي لحظة‏.‏

وتقدم قرارات قمة اليورو ـ التي عقدت في العاصمة الفرنسية يوم الأحد الماضي‏,‏ وضمت قادة الدول الأوروبية الخمس عشرة المنضمة لمنطقة اليورو ومعهم بريطانيا غير المنتظمة ـ المزيد من التفسيرات والإيضاحات عن الطبيعة الحادة والقاسية لتسونامي المال العالمي‏,‏ وتداعياته الاقتصادية المريرة‏,‏ حيث ركزت الخطة علي تطبيق نظم شاملة لضمان القروض بين المصارف لفتح الشرايين المالية‏,‏ التي انسدت وتعطلت وتسببت في شبه توقف لحركة ونشاط الائتمان الأوروبي‏,‏ وبالتالي الائتمان الدولي‏,‏ كما سارعت الدول الأوروبية عموما‏,‏ والعديد من دول العالم لإعلان ضمان الودائع لدي البنوك لفترة زمنية تصل إلي ثلاث سنوات‏,‏

كما أن خطة الإنقاذ الأوروبية تمتد إلي‏14‏ شهرا وحتي نهاية العام المقبل‏2009,‏ مع الالتزام بعدم إفلاس البنوك لطمأنة المتعاملين‏,‏ وهي متغيرات جذرية في الفكر الرأسمالي وتطبيقاته تشهد تحول الدول والحكومات إلي ما يشبه الملاذ الأخير لضمان حماية الأسواق والمتعاملين من الإفلاس الكامل مع والإعلان الكاشف للحقيقة عن عدم قدرة الأسواق والمتعاملين علي إعادة الثقة المفقودة في المعاملات‏,‏ وهو ما يعني الكثير والكثير لمفهوم السوق الرأسمالية وآلياتها التقليدية المتعارف عليها‏,‏ ويلقي بمسئوليات حتمية علي الدول والحكومات لايمكن التهرب منها‏,‏ أو الادعاء بعدم خضوعها لاختصاصها ومسئولياتها‏,‏ ويعني ذلك في أحد جوانبه المهمة أن الرأسمالية اليمينية والمتطرفة قد أثبتت فشلها‏,‏ كما أعلن رئيس وزراء استراليا خلال الفترة الماضية‏.‏

***‏

لقد اصطدم تسونامي المال العالمي بكل الشدة والعنف بأصنام الرأسمالية المقدسة‏,‏ وأثبت أنها لا تغني ولا تسمن من جوع وقت الشدة والاحتياج‏,‏ لقد سقطت الأسواق وذابت وتلاشت‏,‏ وأفلست المؤسسات والمنشآت والشركات‏,‏ وضاعت الأموال والحقوق‏,‏ وفشلت القوة الخفية للأسواق في مواجهة الانهيار المدمر والعواصف العاتية والأعاصير الكاسحة‏,‏ وبحثت طواعية واختيارا عن تدخل الحكومات ودعم الدول‏,‏ حتي يتحمل دافع الضرائب الغلبان الفاتورة الباهظة التكاليف للإصلاح من دخله ومستوي معيشته‏,‏ كما تحملها أيضا في ضوء المؤشرات التي تتوالي كبار المستثمرين وصغار المدخرين علي امتداد خريطة العالم‏,‏ خاصة في تلك الدول التي عمقت اندماجها بالنظام المالي العالمي‏,‏ وامتدت الخسائر إلي الكثير من فوائض الدول واحتياطياتها النقدية واستثماراتها للأجيال المقبلة‏,‏ وتلاشي الكثير منها وضاع‏.‏

وفي قمة دول اليورو الأخيرة بباريس‏,‏ خرج الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي كاشفا عن الغضب الأوروبي المحموم والمكتوم من فداحة الخسائر والانهيارات‏,‏ ليؤكد ضرورة محاسبة وعقاب المسئولين عن الأزمة المالية في أمريكا‏,‏ وكذلك فعلت قبله بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي المنتمية للحزب الديمقراطي‏,‏ وعلي الرغم من كل الأحاديث عن التحقيقات الموسعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي لكشف الفساد والمفسدين‏,‏ فإن الغموض مازال سيد الموقف‏,‏ بحكم أنه يطال رؤوسا كبيرة ونافذة في النظام الأمريكي الذي أصاب العالم بالصداع من حديثه الأجوف عن تصدير الديمقراطية والحرية وسيادة القانون‏,‏ في الوقت الذي يؤكد فيه معتقل جوانتانامو والسجون السرية في أوروبا وغيرها‏,‏ ومعتقل أبوغريب ببغداد‏,‏ عن حقيقة الفهم الأمريكي الناقص للحرية بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والإنسانية السليمة والدقيقة‏,‏

وكل ذلك يقول بكل الوضوح إنه لا تعزية لأصحاب الأموال والثروات والمدخرات‏,‏ وأن التعزية مؤجلة لحين الثأر الذي هو غير ممكن ومن رابع المستحيلات في مواجهة كهنة المعبد العالمي وآلهته من الشياطين ؟‏!‏

منقول من

http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=econ3.htm&DID=9739

(( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ))

Hazim Hassan

MD Finance & Admin Assistant

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
×
×
  • أضف...