اذهب إلى المحتوى

Recommended Posts

بتاريخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

التأمين صور مشرقة من التاريخ الإسلامي

إعداد: المحاسب القانوني طارق موسى محمد نصر/ جمعية المحاسبين القانونيين الأردنيين

هل كان التأمين في عهد الإسلام تعاونا أم  استغلالا واحتكار؟ وهل ما تقوم به شركات التأمين من رفع رسوم التأمين, كلما تجدد خطر الحرب أو إعلان عدم مسئوليتها, يبقى للتأمين الحالي صورته الزاهية؟

          في هذا البحث أقدم لكم التأمين في عهد الخلافة الإسلامية داعيا الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى. لذلك قمت بإستعراض كتاب ( نظام التأمين وموقف الشريعة منه ) الشيخ فيصل مولوي الطبعة الأولى 1408 هـــ 1988 دار الرشاد الإسلامية بيروت لبنان.

التأمين لغة: من الأمن, وهو طمأنينة النفس, وزوال الخوف قال تعالى (( لإيلاف قريش, إيلافهم رحلة الشتاء والصيف, فليعبدوا رب هذا البيت, الذي أاطعمهم من جوع وآمنهم من خوف )) سورة قريش. وقال تعالى  ((وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله, فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون )) 112 سورة النمل, من هذه الآيات يتبين لنا أن واهب الأمن هو الله.

          روى البخاري ومسلم عن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله علية وسلم قال "إن الأشعريين إذا أرملوا – أي نفد زادهم – في الغزو, أو قل طعام عيالهم بالمدينة, جعلوا ما كان عندهم في ثوب واحد, ثم اقتسموه بينهم في اناء واحد بالسوية, فهم مني وأنا منهم " وروى البخاري ايضا عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: "بعث رسول الله صلى الله علية وسلم بعثا قبل الساحل, فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاثمائة وأنا فيهم, فخرجنا حتى اذا كنا ببعض الطريق فني الزاد, فأمر ابو عبيده بأزواد ذلك الجيش, فجمع ذلك كله, فكان مزودي تمر, فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا حتى فني, فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة " يستدل من الحديثين على مشروعية التعاون التكافلي بين المسلمين وعلى تنظيم هذا التعاون انه لا يخضع لشروط المعاوضات, فالمسلم يقدم ما عنده, ولا يدري فيما اذا كان سيأخذ مثله أو أقل أو أكثر, ولو كان هذا في عقد معاوضة تجاري, لما خلا من شبهة القمار أو المراباة أو الجهالة, ولكنه لما كان في مجال تعاوني تكافلي فقد أباحه رسول الله صلى الله علية وسلم عندما مدح به الأشعريين بقوله:" فهم مني وانا منهم ".

          ومن الواضح أن ما فعله ابو عبيدة وما اعتاد على فعلة الأشعريون, هو نوع من التعاون, فيه معنى التبرع وفيه معنى المعاوضة ايضا, وهو بهذا يشبه تماما التامين التعاوني, ولم تخضعه الشريعه لشروط المعاوضات, فدل ذلك على مشروعية العقود التي تنظم التعاون بين المسلمين, إذا غلب فيها معنى التبرع والتكافل, ولو وجد فيها نوع من المعاوضه طالما انها لاتهدف الى تحقيق الربح.

          قال رسول الله صلى الله علية وسلم :" انا أولى بكل مسلم من نفسه. فمن ترك مالا فلورثته, ومن ترك دينا أو ضياعا – وهم الأولاد الضائعون الذين لا مال لهم – فإلي وعلي " رواه الشيخان. فهل التأمين على الحياة لمصلحة الأولاد لدى الشركات التجارية المستحدثة, يعالج مشكلة هؤلاء الأولاد كما عالجها الاسلام؟ وعندما دخل خالد بن الوليد الحيرة بالعراق, صالحه أهلها, وهم من النصارى وظلوا على دينهم, فكتب لهم وثيقة سياسية ضمنها نوعا من التأمين, يعتبر أول ضمان اجتماعي في التاريخ, ولا يزال يعتبر أشمل أنواع الضمان والتأمين. يقول خالد :" وجعلت لهم: أيما شيخ ضعف عن العمل, أو أصابه آفة من الآفات أو كان غنيا فإفتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه, طرحت الجزية, وأعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الأسلام, فان خرجوا الى غير دار الهجرة ودار الإسلام, فليس على المسلمين النفقة على عيالهم" كتاب الخراج لأبي يوسف,

فأي تأمين تجاري يقف أمام هذا التأمين الإسلامي؟ أنه يضمن شيخوخة الناس عندما يعجزون عن العمل والأنتاج يضمن الحوادث الطارئة التي تصيبهم بآفة تقعدهم عن العمل, ويضمن الإفتقار مهما كان سببه, ويجعل على بيت مال المسلمين واجب إعالة هذا الإنسن مع عياله, وهو لايزال على دينه.

        روى المؤرخون عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن زوجتة فاطمة دخلت علية يوما وهو جالس في مصلاه, واضعا خده على يده ودموعه تسيل على خديه, فقالت له: مالك؟ قال: " ويحك يا فاطمة " قد وليت أمر هذه الأمة ما وليت، ففكرت في الفقير الجائع والمريض الضائع, والعاري المجهود واليتيم المكسور, والأرملة الوحيدة, والمظلوم المقهور, والغريب الأسير والشيخ الكبير, وذي العيال الكثير والمال القليل وأشباههم في اقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله علية وسلم, فخشيت أن لا يثبت لي حجة عند خصومته، فرحمت نفسي وبكيت " البداية والنهاية لأبن كثير.

          إنها إذا مسؤولية ولي الأمر المسلم ومسؤولية بيت مال المسلمين, في جعل التأمين شاملا كل محتاج من ابناء الأمه جميعا. هكذا شرعها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهكذا طبقها من بعده أصحابه رضوان الله عليهم.

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
×
×
  • أضف...