اذهب إلى المحتوى

Recommended Posts

بتاريخ:

كيف ترعى طفلك الموهوب

تـمهـيد :

من حكمة الله سبحانه وتعالى في خلق الإنسان ، أنه جعل هذا الإنسان يحمل ألوانا متعددة وأحجاما مختلفة وأطوالا متفاوتة ، كما أن القدرات العقلية تختلف من شخص لآخر ، وهنا نعرف ما يسمى بالفروق الفردية فالناس ليسوا على مستوى واحد من الذكاء والقدرات العقلية ، ونحن المعلمون قد لمسنا هذا منذ أن كنا طلابا وصغارا في السن .

ونجد أن هناك أشخاص أذكياء جدا وهناك أشخاص متوسطي الذكاء وهناك أشخاص أقل من المتوسط كما أن هناك أشخاص عباقرة وموهوبون .

ونجد كذلك أن الاستعداد الواحد ليس بقوة واحدة عند الأفراد الذين لهم هذا الاستعداد ، فإذا بلغ الاستعداد حد القوة الممكنة ووجد الفرص الملائـمة للظهور والنضج عدّ صاحبه من الموهوبين أو عبقريا .

وليس العبقري بطبيعة الحال عبقريا في كل شيء ، بل ومن العباقرة والموهوبين من يصل إلى حد العجز في نواحي القدرات التي لا تـمت إلى قدرته بنسب ، فقد يكون الشخص في الرياضيات جبارا وهو في قدرته على تعلم اللغات دون المتوسط .

فالموهوب خارج قدرته شخص عادي في كثير من الأحيان ، وكأنما نمو القدرة التي تميز بها وفيها على حساب القدرات الأخرى .

ولقد اهتم الناس منذ أقدم الأزمنة بالأذكياء والموهوبين ، باعتبار أنهم سيكونون قادة المستقبل في مختلف ميادين المعارف الإنسانية .

وجرت دراسات علمية وموضوعية للأطفال الموهوبين ، وكانت هذه الدراسات للأطفال الموهوبين في الغالب تدور حول طفولة رجال عباقرة غيروا وجه التاريخ والحضارة الإنسانية ، وكانت تلك الدراسات عبارة عن استعراض مراحل الطفولة الماضية لـهؤلاء العباقرة ، وذلك استنادا إلى روايات المعجبين وما يتذكره الرفقاء ، أو تستند على سِيَر أولئك العباقرة التي كتبوها بأنفسهم أو كتبها أصدقاؤهم ، ولم تكن تلك الدراسات علمية موضوعية .

ولهذا لم نجد فيما كُتب وصُنف في هذا الموضوع قبل القرن العشرين إلا القليل وحتى هذا القليل لا يُعتبر دراسة منهجية وكل ما نشر هنا وهناك لم يكن ليفي بالمراد .

والواقع أن سر العزوف عن الخوض في هذا الموضوع كان يستند إلى نظرة المجتمعات المختلفة إلى الأطفال الموهوبين وإلى الظروف التي تحيط بالكشف عنهم ، ومضى على الناس حين من الدهر ، وهم ينظرون إلى الطفل الموهوب الذي تظهر عليه علامات ومخايل النجابة والنبوغ مبكرا ، نظرة ملؤها الشك والخوف والحذر وكان شعارهم أن الفاكهة الباكورة يسرع إليها الفساد والعطب قبل غيرها ، وانتشرت في الغرب الخرافة القائلة أن إطالة الطفولة خير من الفطنة المبكرة .

وأردف قائلون أن كثيراً من العبقريات الفذة كانت متبلدة في فترة الطفولة وقد أصبحت هذه النظرة الغربية أقل شيوعا فيما بعد . (ويقول الدكتور عبد الله النافع :أنه عندما ذهب للدراسة العليا في أمريكا في منتصف الستينات كانت هناك ثورة تعليمية لأن الروس سبقوا الأمريكان في إطلاق أول قمر صناعي ، وعزا الأمريكان ذلك إلى أنهم لا يهتمون بالمتفوقين والموهوبين منذ الصغر وخصوصا في مجالي العلوم والرياضيات ، ولذلك أُعِدَّت برامج متخصصة للموهوبين والمتفوقين في ثلاثة آلاف مدرسة وعدد من الجامعات ، وخصصت مئات الملايين من الدولارات لهذا الغرض .

وكونت جمعيات للأطفال والتلاميذ الصغار باسم علماء المستقبل وعلماء الرياضيات الصغار واستحدثت جائزة باسم رئيس الولايات المتحدة باسم P residents Youg Scholars لطلاب المرحلة الثانوية وبدىء في إنشاء مراكز ومدارس خاصة بالموهوبين ـ مجلة المعرفة العدد ( 61 ) 1421هـ ) . ولم يكن العرب أقل من غيرهم اهتماما بمن تظهر عليهم علامات النجابة والنبوغ من الأطفال بغض النظر عن أصولهم وبيئاتهم الاجتماعية فأفردت كتب الأدب القديمة فصولا عن النجباء ، وما روي عنهم في صغرهم وطفولتهم من قصص نادرة ، وأعمال باهرة .وقد عرّف أحد قادة العرب الطفل الذكي الذي يؤهل للقيادة والأعمال الجليلة : أنه القوي جسما ، والرضيّ خلقاً ، والمتوقد ذكاء ، والذي يبدي رأيا حصيفا قبل الأوان .

( باسمة كيال 1993م ) .

مـن هو الطفل الموهوب ؟

يعرف بعض المربين بأنه : الطفل الذي يبدي إمكانية إبداع مستمرة في أحد المناشط الإنسانية القيمة . بينما يعرفه البعض من المربين بأنه : من أُتي طاقة عالية للتعلم حتى أنه يستطيع أن يتعلم أكثر من المنهج المقر ، خلال الوقت المقرر ، وتحت الظروف المقررة . كما يعرفه أهل الاختصاص بأنه : من كان يملك محصول ذكاء أقله 140% حسب مقاييس الذكاء المعروفة .

وبناء على نتائج أبحاث جتزلس وجاكسون ( 1962 ) ، وجليفورد ( 1963 ) ، وحلمي المليجي ( 1965 ) ، يمكن التمييز بين نوعين من الموهوبين ، النوع الأول : يتميز بقدرات إبتكارية عالية ويغلب عليه أسلوب التفكير المشعب ( كالأصالة ، والطلاقة ، والمرونة ) ، ونوع آخر يتميز بذكاء مرتفع ويغلب عليه أسلوب التفكير اللاّم ( كالاستدلال القياسي ، والسهولة العددية ، استنباط المتعلقات ، ... الخ ). وقد وجد أن القدرات الإبتكارية التي يمكن قياسها باختبارات مناسبة للتفكير المشعب ، تتميز نسبيا عن الذكاء العام للإنسان ويؤيد هذا أبحاث جليفورد الذي يرى أن هناك عوامل ابتكارية عديدة مستقلة عن العامل العام ( الذكاء العام ) كما تدل أعمال ماكينون وتيلور وغيرهما أن الأشخاص الراشدين الذين يتصفون بغزارة الإنتاج الإبداعي لا تميزهم جيدا اختبارات الذكاء التقليدية ، ويقرر تورانس ( 1962 ) نتيجة لدراساته بجامعة مينسوتا : أننا قد نفقد حوالي 67% من أعلى 20% من الطلبة المتميزين بقدرات التفكير الإبداعي إذا اعتمدنا فقط على المقاييس العقلية التقليدية ( أي الذكاء ) في اختيار الموهوبين 0 ( عبد المنعم المليجي وآخرون 1971) .

الكشف عن الموهوبين

من ناحية الكشف عن الموهوبين أو الاهتداء إليهم فهو أمر ضروري ، ولابد من البحث عنهم والأخذ بأيديهم ولفت الأنظار إليهم حتى يعطوا العناية وتستفيد منهم الأمة ، فالموهبة والعبقرية ليست حكرا على وطن أو لون أو جنس . وعلى الآباء والأمهات تقع المسؤولية أولا ، فعليهم ملاحظة أبنائهم وبناتهم وآرائهم ونموهم العقلي والجسمي واللغوي والاجتماعي وعليهم أن يطلعوا المدرسة على ملاحظاتهم وما يتصف به أطفالهم من خصائص ومميزات من غير تميز أو غلو . ومن طرق الكشف عن الموهوبين تطبيق الاختبارات الخاصة بالذكاء وتقارير الباحثين النفسيين والاجتماعيين وفي المدرسة يقوم بذلك المرشد الطلابي بهذا العمل بالاضافة إلى ملاحظة المعلمين ونتائج الاختبارات المدرسية . وعندئذ نكون فكرة أصوب عن حقيقة الأطفال أو التلاميذ واستعداداتـهم .

مميزات الطفل الذكـي

1ـ الكلام المبكر

2ـ المشي المبكر

3ـ الأسئلة الاستفسارية

4ـ سهولة استعمال الكلمات والأفكار واستعمال أكبر عدد من المفردات على الوجه الصحيح .

5ـ التخيل وسعة الحيلة عند مواجهة المشاكل .

6ـ الرغبة في مزيد من التعلم والأسئلة الهامة ومحبة الكتب والرغبة في القراءة

وفي المدارس يجدر بالمدرسين والمدرسات ملاحظة حديث الطفل واستعماله لأكبر عدد من المفردات خاصة تلاميذ الصفوف الأولية وكذلك التخيل وسعة الحيلة عند مواجهة المشاكل ، والاهتمام بأشياء كثيرة ، والرغبة في مزيد مت التعرف عليها ، والأسئلة الـهامة ، وإظهار الاهتمام بالأجوبة ومحبة الكتب ، والتمييز بين الكلمات على الصفحة المطبوعة وفهمها ، والرغبة في القراءة والتركيز على موضوع ما من غير تشتت مدة أطول من الآخرين

طـرق الكشف عن الموهوبين

الطالب المتفوق دراسيا إذا ظهرت لديه استعدادات للابتكار والإبداع والتوصل إلى حلول وأفكار جديدة للمشكلات التي تعرض عليه لا تتفق مع مستوى عمره سمي ( مبتكرا ) والابتكار يختلف عن الذكاء حيث أنه ليس من الضروري أن يكون الفرد على درجة عالية من الذكاء لكي يكون مبتكرا .

ويمكن أن يكون الابتكار كما يراه ( كاتل ) سمة من سمات الشخصية الدينامية تتصف بالجرأة في مواجهة المواقف الغامضة والمعقدة والاستجابة لها باستجابات جديدة وأصيلة كما أن الابتكار يختلف عن الذكاء لأن دور الوراثة أقل كثيرا من دور البيئة فيه ، حيث تزداد أهمية البيئة في عملية الابتكار ونموه أما القدرات الخاصة فقد ترتبط بالذكاء العام أو لا ترتبط به ، فقد يكون الطالب متفوقا ومتميزا في بعض المهارات العقلية أو الفنية مثل الأدب والفن والرياضيات والمكانيكا ويكون في ذات الوقت متفوقا دراسيا ، كما يمكن أن يكون هناك تداخل بين هذه الجوانب ، فقد يكون الطالب مبتكرا ويمتلك قدرة أو موهبة خاصة وفي الوقت نفسه ذكاؤه على قدر عال من الذكاء عندئذ يطلق عليه عبقريا ويتميز بدرجة عالية من الذكاء ويتسم تفكيره بالابتكار ويتميز أيضا ببعض القدرات والمهارات الخاصة ويكون أداؤه على درجة عالية من الدقة والموهبـة نتاج مشترك بين البيئة والوراثة حيث يرث الفرد استعدادات وإمكانيات وقدرات كامنة قابلة للنمو تلعب الظروف البيئية دورها في تنميتها وصقلها بالتدريب والممارسة ، أو في إخفائها وعدم ظهورها فموهبة التفوق تنمو تدريجيا من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الرابع ، ولذلك يفضل أن يتم الكشف عنها في تلك المرحلة مع ملاحظة أن هناك من الطلاب من يظهر نبوغه وتنكشف مواهبه في سن متأخرة ، وإذا لم يتم رعاية هذا النبوغ عند اكتشافه أو لم يتم اكتشافه أصلا فإنه يتوقف أو يتناقض تدريجيا بسبب عدم ملاءمة المواقف التربوية لتنمية التفكير الابتكاري وعدم إتاحة فرص التعبير عن الأفكار الأصيلة ويتميز الطالب المتفوق الموهوب بتقدم نموه العقلي على عمره الزمني ، بحيث يتفوق على أقرانه ممن هم في عمره ، سواء كان ذلك في مستوى التفكير أو في استخدامه للغة ، أو في قدرته على التذكر أو في إدراكه للعلاقات ، أو في فهمه للمواقف أو في سرعة تعلمه وتقدمه الدراسي مما يجعل البرامج المدرسية العادية غير مناسبة له من الناحيتين الكمية والكيفية وليس صحيحا أن الطالب الموهوب يكشف عن نفسه بما يظهره من استعدادات وقدرات في العمل المدرسي فقد تظل القدرات والمواهب كامنة بسبب الإهمال والحرمان من جانب البيت والمدرسة والمجتمع ، وقد تؤدي الظروف الأسرية السيئة بطالب ما إلى نقصان دافعيته وطموحاته وأهدافه ، وتعرضه للاضطرابات النفسية التي تجعل الظروف غير مواتية لتفوقه الدراسي كما أن نظام الاختبارات التقليدية تقيس القدرة على الحفظ والاستيعاب ، وهو جانب واحد فقط من النشاط العقلي ، لذا تفضل الاستعانة باختبارات الذكاء للكشف عن الموهوبين ، كاختباري ( وكسلر وبينيه ) للذكاء ، مع ملاحظة أن مثل هذه الاختبارات لا تظهر إلا جزءا يسيرا من القدرات والاستعدادات المرتبطة بالموهبة لذا تتم الاستعانة أيضا بمقياس الابتكار ـ على أساس أن هناك من الطلاب من يتفوق بالتفكير الإبداعي ولا يتفوق في التحصيل الدراسي ـ مثل اختبارات ( جليفورد ،وتورانس ) التي تقيس الإحساس بالمشكلات والأصالة والطلاقة والمثابرة والمرونة وفي حالة توافر مثل هذه الاختبارات والمقاييس تتم الاستعانة بتقديرات المعلمين التي تتوافر حول طالب معين حيث تعطي مؤشرا لتفوق ونبوغ هذا الطالب ويمكن اعتبار النقاط التالية كمقياس للتقدير يستخدمه المعلم في الكشف عن موهبة التفوق والنبوغ لدى الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة :ـ

1ـ مدى تفوق الطالب على أقرانه في الفصل الدراسي الواحد .

2ـ مدى السرعة والسهولة التي تبدو عليه في استيعاب المعلومات والحقائق وفهمها .

3ـ مدى قدرته على التفكير والاستنتاج وإدراك العلاقات واستيعاب المفاهيم المرتبطة به .

4ـ مدى قدرته على التعرف وحفظ المعلومات والحقائق دون تكرارها أو ترديدها .

5ـ مدى احتفاظه بمعلومات ومفردات غير متوافرة لدى أقرانه ويقوم باستخدامها في المناسبات المختلفة.

6ـ وهل يفضل قراءة الكتب التي تفوق مستوى عمره الزمني ويتردد باستمرار على المكتبة ؟

7ـ هل يظهر قدرات عقلية متميزة عندما يتعامل مع العمليات التي تستدعي ذلك ؟

8ـ هل يظهر اهتمامات عديدة لكل ما حوله من أمور خاصة منها العلمية والعملية ؟

9ـ هل يكترث من الأسئلة المختارة بعناية فائقة والتي تمثل تحدي عقلي له ؟

10ـ هل يظهر سرعة بديهية في الإجابة على الأسئلة الصعبة ويناقش ويستجيب برد فعل وزمن أقل من غيره

11ـ هل يبدو واثقا بقدراته ومعلوماته ولا يتردد في بول التكليفات والمسؤوليات ؟.

12ـ هل لا يستسلم بسهولة عندما تواجهه مشكلات أو صعوبات ويستخدم المعلومات والمهارات اللازمة لحلها ؟

13ـ هل يميل إلى المثابرة أو المنافسة ويستمر في النشاط حتى يكمله ؟

14ـ هل يميل إلى المواقف الجديدة المستحدثة ويفضل مواقف التنافس ؟

15ـ هل يشعر بالسعادة عندما تعرض عليه مسائل حسابية لفظية أو نشاط عقلي حسابي ؟

16ـ هل يمكنه حل مسائل رياضية أو مشكلات ميكانيكية تكون أصعب بكثير من أن يتخطاها الطالب المتفوق بسهولة ؟ وهذه تكشف عن سمة المثابرة التي تدل على قدرته في الاستمرار في عمل معين رغم صعوبته والتي تفيد في استمرار التفوق

رعـاية الموهوبين والمتفوقين

رعاية الطلاب المتفوقين والموهوبين من أهم الأعمال التي يقوم بها المرشد الطلابي في المدرسة ، كما أنه يقدم خدماته للطلاب أصحاب المستويات المتدنية وبما أن التفوق يتحدد بفعل عوامل كثيرة تمثل التفاعل بين مكونات الشخصية والظروف البيئية والاجتماعية المحيطة بالفرد لذا يجب أن لا يكون التخطيط للعمل الإرشادي بمعزل عن جميع الجوانب المؤثرة والمتفاعلة مع المتفوق وعلى المرشد أن يراعي الجوانب التالية عند وضعه خطة لرعاية الطلاب الموهوبين والمتفوقين :

1ـ الجوانب البيئية الاجتماعية : إن للأسرة دور كبير في دعم التفوق حيث أن المستوى الثقافي والاجتماعي للوالدين يساعد على تحقيق فرص النجاح والتفوق لأبنائهم ، وذلك بالمشاركة الإجابية الفعالة في تحديد مستويات من الطموح تتناسب مع قدرات الأبناء ومنحهم الاستقلال في اتخاذ قراراتهم نحو الدراسة المناسبة لهم ، وتهيئة الجو الملائم للاستذكار وتوفير الإمكانات اللازمة والمشاركة الإجابية في تذليل العقبات والصعوبات التي تعترض سبيل تفوقهم وتقدمهم وتوفير الظروف الملائمة للنمو السوي للعلاقات والتفاعل الأسري ولهذا على المرشد أن يدعم الصلة بين المدرسة وأسر المتفوقين

2ـ الجوانب الذاتية : وهي تتمثل في طاقات الفرد العقلية المتميزة ، وسمات الشخصية كالقوى الدافعة التي تثير السلوك وتوجهه نحو وجهة معينة لتحقيق أهدافه وطموحاته واستغلال طاقاته والسمات الوجدانية التي تهيء المناخ النفسي المناسب لاستغلال الطاقات العقلية والاستفادة منها إلى أقصى طاقة ممكنة وتتمثل في الآتي :ـ

أ ـ مفهوم الذات الإجابـي : ويكون دور المرشد في تدعيم الذات الاجابية لدى الطالب الموهوب عن طريق توثيق العلاقة بين الطالب ومعلميه ، وتوجيه المعلم إلى ضرورة دفع الطالب المتفوق والموهوب باستمرار لتحقيق أكبر قدر من الإنجاز في المجالات الدراسية التي تمثل نواحي القوة كالقدرات المتميزة لديه حتى يحقق الجانب الايجابي للذات باستمرار ، كما يعمل المرشد على اشباع حاجات الموهوب من التقبل والتقدير والاستقلالية وثقته بنفسه والفهم المتبادل بينه وبين أفراد أسرته

ب ـ التوافق الشخصي والاجتماعي : للمرشد الطلابي دور هام في دعم التوافق الشخصي والاجتماعي لدي الطالب المتفوق والموهوب ، حيث يبدو الطالب واثقا من نفسه ومن قدراته وفي مستوى كفايته الذاتية ويتوفر لديه مشاعر الأمن والاستقرار النفسي وقد يكون هناك فروقا بين الموهوبين في توافقهم الشخصي والاجتماعي وهذا يتطلب دراسة للطالب الموهوب لمعرفة مكونات شخصيته في تفاعلها النفسي والاجتماعي ووضع خطة إرشادية للتعامل معه على أساس السلبيات والإيجابيات في مكونات شخصيته وفي تفاعله الاجتماعي والموهوب والمتفوق يمتاز بشخصية ثابتة ومستقرة في توافقها النفسي والاجتماعي ويتمتع بتقدير واحترام المعلمين وزملائه الطلاب ويشعر باستقلاله الذاتي ، ومثل هذا الطالب بحاجة إلى رعاية خاصة تمكنه من تنمية طاقاته إلى أقصى مستوى ممكن ، وهذا يتطلب توفير خدمات متكاملة تتجه إلى تنمية شخصية الموهوب في كافة المجالات وذلك بتذليل الصعاب والمشكلات التي تعترض سبيل نموه السوي وتكفل له سيره المتوازن في دراسته كما يساعده المرشد على تحقيق أهدافه القريبة والبعيدة بالتشجيع والمناقشة فيما تحقق منها وما لم يتحقق ، ويدفعه إلى تحديد استراتيجية للوصول إلى تحقيق أهدافه

ويمكن أن تكون النقاط التالية مناسبة لأسلوب التعامل مع الطالب الموهوب والمتفوق دراسيا في المجال التربوي :ـ

1ـ تزويده بنشاطات وخبرات تعليمية إضافية بهدف توسيع معلوماته ، وتسمح بدرجة من التعمق في موضوعات الدروس العادية وتتيح هذا الفرصة إلى المزيد من القراءة والاطلاع وإجراء التجارب وإعداد البحوث بحبث تكون متفقة مع استعداداته وقدراته وميوله ومستوى طموحه

2ـ منحه واجبات إضافية وذلك عن طريق جمع الطلاب المتفوقين والموهوبين في فصل دراسي واحد في فترة غير أوقات الدراسة العادية لإعطائهم برنامجا إضافيا يوميا أو في أيام العطلات ، مع توفير الأجهزة والأدوات والوسائل التعليمية اللازمة إجراء التجارب والتطبيقات العملية وذلك على أيدي معلمين أكفاء مختارين لهذه المهمة لرعاية التفوق والنبوغ والموهبة والابتكار

3ـ عدم تقييده بالمرحلة الدراسية التي يمر بها على أساس أنه يتعلم أسرع من الطلاب العاديين وينتقل حسب المعدل الذي يحصل عليه إلى مرحلة أو صف أعلى من الصف الذي يمر به الطلاب العاديين

4ـ تنظيم مسابقات في البحث العلمي وكتابة الشعر والقصص وتشجيعهم على الابتكار والاختراع ويتم توفير الخامات والآلات والوسائل المعينة لهم على الانتاج الفني والتقني ونشر إنتاجهم وأعمالهم في معارض خاصة تقام لهذا الغرض

5ـ وضع مناهج خاصة بالطلاب أصحاب القدرات الخاصة والمتفوقين والموهوبين والمبدعين ، والتي تثير فيهم روح البحث العلمي وتنمي قدراتهم على التفكير والابتكار

المشكلات التي تواجه الموهوبين

يواجه الطالب الموهوب مشكلات وهي :

1ـ مشاعر اللامبالاة التي يبديها والده إزاء مخايل نجابته وعبقريته ، وقد يثبط بعض الآباء العبقرية عند ابنه كذلك الانشغال عن الطفل بمشاغل ومشاكل الحياة ، ولا يعطي نفسه فرصة للتعرف على ابنه وحاله وعند بعض الآباء نقيض اللامبالاة فنجد عندهم من يغالي في الاحتفاء بذكاء ابنه ويدفعه دفعا نحو ممارسة بعض المسائل العقلية مما يثقل كاهل الطفل ويفسد عليه نموه الطبيعي لأنهم لا يعرفون أن نـمو الطفل الاجتماعي والعاطفي قد لا يكون على مستوى نـموه العقلي ، وفاتـهم أن النـمو المتكامل في الطفل الموهوب هو سبيله إلى الإبداع المنشود

2ـ ومن المشكلات التي يواجهها الموهوب ، مشكلات تكوين الصداقات مع الزملاء في الفصل ، فالغالب أن زملاء الفصل عندما يعرفون هذا الطالب الذكي الموهوب وقدراته العقلية يعرضون عنه ، فإما أن يفرض نفسه عليهم بشتى الطرق أو أن يعتزلهم إلى عالم الكتب والنشاطات العقلية الخاصة

3ـ ومن أخطر المشكلات التي تواجه الموهوب ، استهانة معلمه به ومعاملته له من غير اكتراث دون أن يحاول تحري ذكاؤه وإطلاق طاقاته العقلية ، وهذا يسبب له خيبة أمل وانطواء

4ـ مشكلات عند بعض الموهوبين نفسية وهو أنه يتصف أحيانا بالسلبية في بعض المواقف الاجتماعية ويفضل الانطواء والعزلة ويبدو عليه الخجل والتردد والارتباك وذلك بسبب سوء التوافق النفسي والاجتماعي .

وعلى ضوء هذه المشكلات المهمة التي يواجهها الموهوبين نود أن نقول إن على الآباء الانتباه والتعرف على قدرات أبنائهم ومستوياتهم العقلية وكذلك معرفة أكبر قدر ممكن من مراحل النمو التي يمر بها الأطفال حتى يكون هناك توازن دون غلو أو عدم اهتمام ، كما ينبغي أن تكون هناك فصول ومدارس خاصة بهؤلاء الأذكياء الموهوبين وهذا لا يتأتى إلا بتطبيق اختبارات الذكاء والقدرات العقلية ومن ثم تصنيف وتوزيع الطلاب في فصولهم كما يمكن أن نقول أن معلم الطلاب الموهوبين يجب أن يكون من المعلمين الموهوبين الأذكياء الذي يستطيع أن يفهم الموهوب ويتعامل معه بالشكل المطلوب فكم من طالب ذكي موهوب راح ضحية جهل معلمه .

كما أن معرفتنا بالصفات المزاجية تساعد على تهيئة الجو المناسب لاستغلال الطاقات العقلية والاستفادة منها وتقسم الأمزجة إلى نوعين متضادين كصاحب العقل المتزن وغير المتزن والمندفع والمتأني والمنبسط والمنطوي ، ويعد هذا التقسيم ضروريا وذو فائدة حيث يمكن أن نحدد مقدار كل شخص تبعا لمركزه الذي يحتله بين كل بعدين منها ، فمثلا قد نجد في كل فصل دراسي بعض الطلاب الذين يتصفون بالانطواء والبعض بالانبساط ، ويتصف الشخص المنبسط بأنه مرح ، ويتحدث كثيرا عن نفسه ويعبر عن انفعالاته بعنف ، ولا يتحمل الإهانة ويتصف بالعناد وكثرة الغضب ، كما يتوقع منه الاستحسان ويرفض الانقياد ، بينما يظل الشخص المنطوي هادئا قابعا على نفسه بعيدا عن العنف ويحاول المحافظة على استقلاليته ويتجنب مواقف الإحباط أو الانقياد ويبدوا أن التطرف في الانبساط والانطواء غير صالحين اجتماعيا

دور الإرشاد الطلابي تجاه الموهوبين

أنواع الإرشاد الذي يمكن استخدامه مع المتفوقين والموهوبين :ـ

إرشاد المتفوقين والموهوبين مثله مثل إرشاد بقية الفئات بحيث يمكن استخدام طرق الإرشاد مجتمعة أو منفردة أو استخدام طرق الإرشاد الخياري ، ويرجع ذلك إلى نوع المشكلة التي يعاني منها الموهوب وأسبابها ، وأنجح الطرق في علاجها ولعل أهم الطرق الإرشادية التي يمكن استخدامها ما يلي :ـ

1ـ الإرشاد الفردي : وهو إرشاد فرد لفرد وجها لوجه وبشكل مباشر ويمكن استخدامه في إرشاد الفئات الخاصة وأصحاب المشكلات ذات الطبيعة الخاصة مثل : المشكلات الجنسية والجنوح .

2ـ الإرشاد الجماعي : وهو إرشاد مجموعة من الأفراد الذين تتشابه مشكلاتهم مع بعضهم في مجموعة واحدة أو أكثر ويمكن استخدامه في الإرشاد التربوي والإرشاد المهني وحالات الانطواء والخجل والشعور بالنقص ، ومن أساليبه السيكودراما ، والسوسيودراما ، والندوات ، والمحاضرات ، والمناقشات الجماعية

3ـ الإرشاد المباشر : ويعتبر أسلوبا لحل المشكلات ، يقوم فيها المرشد بدور المعلم والموجه ، والمسترشد بدور المتلقي

4ـ الإرشاد غير المباشر : وهو لإرشاد يهدف من ورائه المرشد إلى مساعدة المسترشد على النمو السليم ، وإحداث التطابق بين مفهوم الذات الواقعي ، ومفهوم الذات المثالي لديه

5ـ الإرشاد الديني : وهو إرشاد يكون الهدف من ورائه تحقيق التوافق والصحة النفسية للفرد ويمكن استخدامه مع المشكلات النفسية المرتبطة بمفهوم الوجود والموت والحياة ، والاضطرابات الانفعالية ، والخوف ، والمشكلات الجنسية

6ـ الإرشاد السلوكي : وهو إرشاد علاجي يعتمد على أسلوب التعلم وإعادة التعليم ، وتعديل السلوك ويستخدم في ذلك بعض الأساليب ومنها :ـ أـ التحصين التدريجي

ب ـ التعزيز الموجب

جـ ـ التعزيز السالب

د ـ الإطفاء

هـ ـ الممارسة السالبة

والجدير بالذكر أن هذا النوع من الإرشاد يحتاج إلى مزيد من التدريب والممارسة والإتقان

7ـ الإرشاد المختصر : وهو إرشاد يكون الهدف منه حصول الفرد على أكبر فائدة إرشادية في أقل وقت ممكن ، ويستخدم فيه بعض الأساليب التي من شأنها إحداث الإقناع والتغير في شخصية المسترشد ، ومنها :ـ

أ ـ التنفيس الانفعالي

ب ـ الشرح والتفسير

جـ ـ الإقناع المنطقي والجدير ذكره هنا أن الإرشاد المختصر هو من أنجح الطرق والأساليب في وقتنا الحاضر الذي يتميز بالسرعة وكثرة الأعباء والأعمال لدى الأفراد الذين لا يجدون معه الوقت الكافي لقضاء وقت طويل في طلب الإرشاد عن طريق الأساليب الأخرى 0

8 ـ الإرشاد الخياري : وهو أسلوب توفيقي يجمع بين طرق الإرشاد المختلفة بحيث يأخذ منها ما يناسب ظروف المرشد والمسترشد ، والمشكلة والعملية الإرشادية بصفة عامة 0

وينقسم الإرشاد الخياري إلى قسمين وهما :ـ

أ ـ الاختيار بين الطرق ، وهو أسلوب يعتمد على اختيار أسلوب أو أكثر من أساليب الإرشاد الأخرى بناء على نوع المشكلة وظروف وإمكانيات المرشد والمسترشد 0

ب ـ هو الجمع بين الطرق ، وفيه يقوم المرشد بالجمع بين عدد من الطرق ويختار من كل طريقة أفضل ما فيها

مـجالات إرشاد الموهوبين والمتفوقين

1ـ الإرشاد النفسي : ويهدف إلى تبصير المسترشد بأسباب مشكلته ومساعدته على اتخاذ قراراته وتعديل سلوكه ويهتم بمعالجة المشكلات النفسية التي تعوق توافقه وتمنعه من تحقيق الصحة النفسية

2ـ الإرشاد التربوي : ويعني بمساعدة الفرد في رسم الخطط التربوية التي تتناسب مع قدراته وميوله وتحقق توافقه التربوي ، ويساعده على تحقيق الاستمرار في الدراسة وتحقيق النجاح فيها

3ـ الإرشاد الأسري : ويعني مساعدة أفراد الأسرة على تحقيق الاستقرار والتوافق الأسري وحل المشكلات الأسرية ، ويهدف إلى نشر الوعي حول أسباب الحياة الأسرية السليمة وأصول عملية تنشئة الأبناء ووسائل تربيتهم ورعاية نموهم والمساعدة في حل مشكلاتهم

4ـ الإرشاد المهني : ويعني مساعدة الفرد في اختيار مهنته بما يتناسب مع قدراته وميوله وظروفه الاجتماعية ، وحاجة المجتمع ويهدف بصفة عامة إلى وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بما يحقق التوافق المهني ويعود على الفرد والمجتمع بالخير

دور الإرشاد النفسي في تنمية التفوق العقلي والابتكار

الإبداع والتفوق العقلي صفة يمكن رعايتها وتنميتها لتصل إلى الحد الأعلى لها وذلك إذا ما توافرت لها البيئة المناسبة وفرص التنمية والتدريب ومن أجل هذا قدمت البرامج وطورت الأساليب التي تهتم بتنميتها ، ومن بين هذه البرامج ، برنامج الإرشاد النفسي الذي يلعب دورا أساسيا في الكشف عن استعدادات وقدرات الأطفال المتفوقين والعمل على تنميتها ، وفهم مشكلاتهم والعمل على حلها ، وتهيئة الظروف البيئية المناسبة التي تمكنهم من تحقيق التوافق الشخصي والمدرسي والاجتماعي هذا ومع أن الخدمات التي يقدمها الإرشاد النفسي في رعاية المتفوقين والموهوبين والمبدعين كثيرة ومتعددة وتحتاج إلى صفحات كثيرة إلا أن ذلك يمكن إيجازه في النقاط الآتية :ـ

1ـ الكشف عن قدراتهم واهتماماتهم وميولهم ورغباتهم ، حتى يتسنى تقديم الدعم والتوجيه المناسب لقدراتهم وميولهم ، وحتى يقدم لهم القدر الكافي من المعلومات والمهارات سواء في التحصيل الدراسي أو الأنشطة التي تتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم العقلية العالية .

2ـ نشر الوعي بين أفراد المجتمع بأهمية الموهبة والحاجة إلى رعايتها من خلال اكتشاف الأطفال الموهوبين والمتفوقين ورعايتهم ، تعليميا وتربويا ونفسيا .

3ـ توعية الآباء والأمهات والمعلمين بخصائص وسمات المتفوقين والموهوبين ، وكيفية التعامل معهم من خلال العلاقات الطيبة التي يظهر فيها الدفء والحنان والرعاية والاهتمام والتقدير والاحترام .

4ـ المساعدة في وضع وتخطيط البرامج التعليمية والتربوية والإرشادية التي من شأنها إشباع حاجات ورغبات الطالب الموهوب وتحقيق التوافق النفسي والأسري والاجتماعي .

5ـ مساعدة المتفوق والموهوب على تقبل ذاته والتعايش مع مجتمعه بسلام .

6ـ تقدير الطالب الموهوب وتشجيعه وتثمين كل ما يقوم به وتوعية المجتمع التربوي ، والمجتمع بشكل عام بأهمية تعزيز تفوقه ونجاحه وتذليل الصعوبات من أجل مزيد من التفوق والابتكار .

7ـ مساعدة الموهوب في حل مشكلاته المدرسية ومشكلاته الاجتماعية والمشكلات الاقتصادية والمشكلات الأسرية .

8ـ معالجة ما قد ينتج من أثار سلبية ناتجة عن تطبيق بعض استراتيجيات تعليم وتعلم المتفوقين والموهوبين ، مثل استراتيجية الإسراع التي تتضمن نقل الطالب من مرحلة إلى مرحلة أخرى أعلى منها نتيجة لتفوقه وتميزه في القدرات العقلية ، وهذا بطبيعة الحال يكون على حساب النواحي الاجتماعية والنفسية ، ومدى تقبل الآخرين له.

9ـ مساعدة الموهوب في اختيار المهنة المناسبة له بما يحقق له النجاح في جوانب شخصيته العقلية والنفسية والجسمية .

10ـ معالجة الاضطرابات التي يعاني منها الموهوب ووضع الحلول المناسبة والعمل على جعل الوسط الاجتماعي أكثر استقرارا وتفهما ومساعدا وداعما لاستمرار نمو الموهبة والإبداع كما حدد تورانس دور الإرشاد في حماية الموهوب في توفير نوع من الحماية والأمان للموهوب والمبدع.

رأيك يهمنى مع تحيات مطورة الفكر الانسانى ( مها فؤاد)

تعرف أكثر عن الدكتورة .مها أحمد فؤاد

http://dr-mahafouad.blogspot.com

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
×
×
  • أضف...