اذهب إلى المحتوى

ركائز الإطار الفكري للمحاسبة في صناعة النفط


Recommended Posts

ركائز الإطار الفكري للمحاسبة في صناعة النفط

--------------------------------------------------------

بقلم د/ فياض حمزه رملي

تتمثل ركائز الإطار الفكري للمحاسبة في صناعة النفط في مجموعة الفروض والمبادئ والسياسات والطرق المحاسبية السائدة في مجال هذه الصناعة، بالإضافة إلى مجموعة النشرات والتوصيات والدراسات أو المعايير المحاسبية(القياسيه أو المطوعه) الصادرة من قبل الجهات المهنية المختصة في شأن الصناعة النفطية. وهو ما يهتم الباحث بمناقشته من خلال هذا المبحث.

1 – 3 – 1 الفروض المحاسبية – The Accounting Unit Postulates:

تعتبر الفروض المحاسبية بمثابة مسلمات أو بديهيات عادة ما يتم قبولها على أساس إتفاقها مع أهداف القوائم المالية. وتعبر الفروض عادة عن البيئة الإقتصادية والقانونية والسياسية والإجتماعية التي تزاول المنشأة فيها نشاطها. وتتمثل الفروض المحاسبية السائدة في صناعة النفط فيما يلي:

1. فرض الوحدة المحاسبية -The Accounting Postulate :

وفقاً لهذا الفرض يهتم علم المحاسبة بالمعاملات والأحداث المتعلقة بالمنشأة بإعتبارها تمثل وحدة محاسبية مستقلة ومنفصلة عن شخصية ملاكها وعن المنشآت الأخرى. وعلى هذا الأساس يكون للمنشأة كيانها الذاتي في شأن إمتلاك الأصول والأموال والتصرف بها كما يترتب عليها إلتزامات تجاه الآخرين، بالإضافة إلى أن القوانين التجارية تمنحها الشخصية المستقلة التي تمكنها من التعامل مع الآخرين (مجتمع سوق العمل) بمنئي عن أي جهة أخرى. وعادة ما يتم تطبيق مفهوم هذا الفرض على المنشآت الفردية أو التضامنية أو المساهمة، بالإضافة إلى القسم المعين داخل المنشاة الواحدة أو على مجموعة المنشآت المندمجة. ويتم تطبيق هذا الفرض في شركات إنتاج النفط بشكل أساسي، حيث تتمتع شركات إنتاج النفط بشخصية مستقلة عن مالكيها في القيام بممارسة نشاطها وفقاً لعقد الإمتياز الممنوح لها من قبل الدولة المضيفة، والذي يعبر في مضمونه عن وحدة محاسبية مستقلة.

2. فرض ثبات قيمة العملة – Monetary Quantification Postulate:

يتمثل الغرض الأساسي لعلم المحاسبة في عملية القياس وحتى يكون هذا القياس ذا معنى تستخدم النقود كوحدة معيارية له، كما يفترض ثبات قيمة هذه الوحدة على الرغم من تذبذبها في الواقع المشاهد يومياً. وما زال هذا الفرض يستخدم في مجال المحاسبة في صناعة إنتاج النفط على الرغم من الإعتراضات الكبيرة التي يقابل بها بسبب عدم ملائمته لموجات التضخم الإقتصادية التي يشهدها العالم في الوقت المعاصر، مما دعا البعض إلى إتباع المبادئ التي تتماشي مع التضخم في شأن تقييم المخزونات بآخر الأسعار وإتباع طرق الإهلاك المتسارعة في شأن الأصول الملموسة.

3. فرض الإستمرارية – The Going – Concern Postulate:

يعنى هذا الفرض إستمرارية الوحدة المحاسبية في مزاولة نشاطها إلى أجل غير محدد وعدم تصفيتها في المستقبل القريب، ويترتب على ذلك تجاهل قيمة التصفية لعناصر الموجودات والمطلوبات عند إعداد القوائم المالية الدورية. ومن هنا تأتي أهمية التركيز على قائمة المركز المالي تبعاً لمضمون هذا الفرض، أما في حالة التصفية فتحل قائمة نتيجة الأعمال محل قائمة المركز المالي، كما تأتى أهمية التركيز على القوائم المالية في مجملها أيضاً بإعتبارها تعبر عن حلقات متصلة ومترابطة من عمر المنشأة تبدأ التالية منها من حيث إنتهت السابقة لها. وفي حالة توافر ما يدلل على محدودية (قصر الأجل) عمر المنشأة في مزاولة نشاطها فيجب أن يظهر أثر ذلك جلياً عند إعداد القوائم المالية سواء من حيث الشكل أو محتوى ووصف البيانات التي تظهر فيها، ومن الأمثلة على ذلك: القوائم المالية في حالة التصفية ضمن شركات التضامن، والقوائم المالية في شركات المحاصة. ويتم إتباع هذا الفرض في شركات إنتاج النفط والإلتزام بتطبيقه وإن كانت هنالك قلة من بعض مشغلي الآبار من الأفراد الذين ليس في نيتهم الإحتفاظ بها حتى يتم إنتاج كافة النفط الموجود بها لا يلتزمون كثيراً بهذا الفرض المحاسبي.

4. فرض الفترة المحاسبية – The Accounting Period Postulate:

يقضى هذا الفرض بتقسيم حياة المنشأة إلى فترات زمنية متساوية ومنفصلة، وذلك لأجل قياس نتيجة أعمالها في نهاية كل فترة من هذه الفترات وبصفة دورية. والمقياس العام المستخدم في علم المحاسبة لتقييم أعمال المنشأة في كل فترة زمنية هو قياس صافي الدخل الذي حققته المنشأة (الإيرادات (-) التكاليف)، نظراً لقدرة هذه المقياس على عكس صورة واضحة عن مدى قدرة المنشأة في إٍستثمار مواردها المتوافرة بكفاءة، بالإضافة إلى تحديده لمدى كفاءة الإدارة أيضاً في توجيه وإستغلال هذه الموارد (أي قياس كفاءة الأداء الإداري).

يستند على هذا الفرض في شركات إنتاج النفط بشكل رسمي، حيث يتم تحديد الربح سنوياً لأغراض الضرائب والوفاء بالمكافآت الإدارية وسداد أرباح أسهم المساهمين، وهو الغرض الرئيسي من وراء تطبيق هذا الفرض، أي تمليك المساهمين والأطراف الأخرى حقائق التعرف على نتائج أعمال المنشأة بشكل دوري في نهاية كل فترة زمنية محددة، نظراً لعدم قدرة هؤلاء على الإنتظار لفترات طويلة حتى نهاية عمر المنشأة للتعرف على نتيجة أعمالها.

1 – 3 – 2 المبادئ المحاسبية – The Accounting Principles :

المبادئ المحاسبية هي عبارة عن قواعد عامة تحكم عملية تطوير الأساليب المحاسبية في مجال قيد المعاملات التجارية وإعداد القوائم المالية، ويتم عادة إشتقاقها من أهداف القوائم المالية والمفاهيم النظرية والفروض المحاسبية. وتتمثل المبادئ المحاسبية السائدة في صناعة النفط فيما يلي:

1. مبدأ التكلفة التاريخية – Historical Cost Principle:

يقضي هذا المبدأ بأن يتم تسجيل الأصول المختلفة التي في حوزة المنشأة في السجلات والقوائم المالية وفقاً لتكلفة الحصول عليها عند شرائها إلا إذا كانت قيمة هذه الأصول قد نقصت فعلاً نتيجة للتقادم أو الإستعمال، مما يظهر هذه الأصول بالقوائم المالية مطروحاً منها مجمع إهلاكها نتيجة لذلك النقص.

يرتكز مبدأ التكلفة التاريخية على فرض الإستمرارية بإعتبار أن المنشأة ستستمر في مزاولة نشاطها لفترة غير محدودة، ومن ثم ليس هنالك أي مبرر لإستخدام طريقة قيم الأسعار الجارية أو أي طرق تقويمية أخرى عند تقييم أصول المنشأة.

كما يرتكز مبدأ التكلفة التاريخية أيضاً على مبدأ الموضوعية بإعتبار أن البيانات التاريخية تتميز بطبيعتها بالموضوعية والقابلية للتحقق، بالإضافة إلى ذلك يعتبر فرض ثبات قيمة العملة أحد المحددات الرئيسية لتطبيق مبدأ التكلفة التاريخية على الرغم من أن تطبيق هذا المبدأ قد يؤدى إلى أرقام خاطئة للأصول في حالة تغير قيمتها الجوهرية على مدار الزمن.

الجدير بالذكر هنا تعرض مبدأ التكلفة التاريخية للكثير من الإنتقادات نتيجة لعدم مواكبته في حالات إرتفاع الأسعار. وعلى الرغم من ذلك نجد أن معظم شركات إنتاج النفط تلتزم بتطبيق هذا المبدأ، الأمر الذي أدى إلى عدم تماشي القوائم المالية لتلك الشركات مع التكاليف الإستبدالية، كما أن الإستهلاك أو النفاد المحتسب على أساس التكاليف الفعلية يصبح أقل بكثير لدى شركة ما عن مثيلتها التي تحتسب الإستهلاك أو النفاد بالنسبة لأصول مشابهة.

بالإضافة إلى ذلك فإن الضرائب المحتسبة وفقاً لمبدأ التكلفة التاريخية ما هي في الواقع إلا ضرائب على رأس المال وليس ضرائب على الدخل الحقيقي. ورغم كل ما سبق نجد إستمرارية شركات إنتاج النفط وحتى الشركات العاملة في المجالات التجارية الأخرى في تطبيق مبدأ التكلفة التاريخية، نظراً لسهولة تطبيقه، ولكونه مبنى على فرض ثبات وحدة النقد، بالإضافة إلى إعتباره مكملاً لمبدأ مقابلة الإيرادات بالنفقات، وكذلك تمشية مع سياسة الحيطة والحذر التي تلعب على وجه الخصوص دوراً هاماً في السياسة المحاسبية في مجال صناعة إنتاج النفط، نظراً لطبيعة تميز هذا النشاط الصناعي بظاهرة المخاطرة وعدم التأكد.

2. مبدأ تحقق الإيرادات – Revenue Recognition Principle:

يعرف الإيراد على أنه كافة ما تحصل عليه المنشأة من أموال أو موارد أو أصول من غير صاحب المنشأة أو المساهمين وبدون أن يقابل ذلك زيادة في الإلتزامات أو نقص في الأصول.

أما مصدر حصول المنشأة على هذا الإيراد في صوره المختلفة آنفة الذكر فيكون نتيجة لبيعها لبضائع أو تقديمها لخدمات معينة. ويتحقق الإيراد في شركات إنتاج النفط بمجرد الإنتاج بسبب وجود سعر معلن وتحول الأصل المتناقص (مورد النفط) إلى أصل متداول (نقدية آجلة أو حاضرة) بمجرد إستخراجه من باطن الأرض، أي أن القاعدة التي تحكم تطبيق هذا المبدأ في صناعة إنتاج النفط هي أن يتم إنتاج النفط فعلياً وبيعه أو تخزينه في المستودعات ليصبح أصل قابل للتحويل إلى نقد.

3. مبدأ مقابلة الإيرادات بالنفقات – Matching Costs With Revenues:

يقضى هذا المبدأ بضرورة أخذ كافة النفقات المتكبدة في سبيل تسيير النشاط في الإعتبار خلال نفس الفترة التي تحققت فيها الإيرادات المرتبطة بتلك النفقات. وتتم المحاسبة عن النفقات وفقاً لمرحلتين على النحو التالي:

‌أ- رسملة النفقات في صورة أصول وذلك للتعبير عن مجموعات الخدمات أو المنافع المحتمل الإستفاده منها مستقبلاً.

‌ب- تخفيض قيمة كل أصل بنسبة معينة وذلك مقابل الخدمات التي أستنفدت في سبيل تحقيق الإيرادات. ويلاحظ أن الأساس المطبق في هذه الحالة هو أساس الإستحقاق وليس الأساس النقدي.

تتم عملية المقابلة بين الإيرادات والنفقات وفقاً للآتي:

- إما وفقاً لأساس المقابلة المباشرة بين النفقات المستنفده والإيرادات أو النفقات المستنفده والفترة المحاسبية.

- أو وفقاً لأساس التكاليف الموزعة على الفترات المستفيدة، أو إعتبار جميع عناصر النفقات الأخرى تخص الفترة ما لم تكن مرتبطة بفترات مالية قادمة. وعادة مانجد أن شركات إنتاج النفط تسير وفقاً لأساس الإستحقاق فيما عدا كميات إنتاجها المختزنة بالمستودعات والتي لها سعر معلن، حيث يعتبر هذا الإنتاج في شركات إنتاج النفط وفقاً لمبدأ تحقق الإيراد إنتاج متحقق الإيراد فور إستخراجه.

4. مبدأ الموضوعية – Objectivity Principle:

يعنى هذا المبدأ أن البيانات والمعلومات المحاسبية يجب أن تكون معتمدة على دليل موضوعي وليس على الحكم الشخصي بالإضافة إلى عدم تحيزها وخلوها من الأخطاء، ومثال ذلك: الإثبات الموضوعي للشيكات وكشوفات البنك والفواتير ومستندات الشراء وقوائم الجرد الفعلية للبضائع. ولا شك أن مضامين هذا المبدأ في صورته تلك تعزز الهدف من علم المحاسبة وهو تزويد الجهات المعنية بالمعلومات الملائمة بمجرد الطلب لتكون مفيدة في شأن عملية إتخاذ القرارات المختلفة. ويعتبر هذا المبدأ من المبادئ الأساسية والهامة السائدة في شركات صناعة إنتاج النفط، نظراً لإعتماد هذه الشركات بشكل أساسي في تسجيل المعاملات على المستندات الرسمية التي تتسم مواصفاتها بالموضوعية ثم إنتاج المعلومات ذات الموثوقية تبعاً لذلك، مما يعنى توافر الموضوعية في مرحلة المدخلات والمخرجات للنظام المحاسبي بهذه الشركات.

1 – 3 – 3 السياسات المحاسبية – The Accounting Policies:

هي السياسات العامة والأساسية التي تحكم جوهر علم المحاسبة في مجال صناعة إنتاج النفط، وتتمثل فيما يلي:

1. سياسة الحيطة والحذر – Conservatism Policy:

تنادى هذه السياسة بتجاهل الأرباح التي لم تتحقق بعد، وأخذ كافة الخسائر المتوقعة في الحسبان على صعيد ممارسة أعمال المنشأة لنشاطها. وتتبع هذه السياسة بإستمرار في مجال القياس الدوري لأرباح المنشآت وإعداد حساباتها الختامية. وتعد هذه السياسة ركن هام في مجال إستخدامها بشركات إنتاج النفط نظراً لإتسام مجال الصناعة النفطية بالمخاطرة الشديدة والحاجة في مجاله إلى عدم المغالاة في التفاؤل، وبالتالي فإن تطبيق هذه السياسة يعد قاعدة عامة يسترشد بها عند إعداد القوائم المالية لشركات إنتاج النفط.

2. سياسة الأهمية النسبية – Materiality Policy :

تنادى هذه السياسة بضرورة مراعاة الإفصاح عن المعلومات المحاسبية التي تتمتع بأهمية نسبية لباقي المعلومات. وتعتبر المعلومات هامة نسبياً إذا كان نشرها أو عدم نشرها سوف يؤثر على القرارات التي يتخذها مستخدمي هذه المعلومات، ويعنى ذلك ضمناً أن يتم أخذ قيمة البند أو العنصر بالنسبة لبقية القيم المكونة لنسب المجموعة بعين الإعتبار عند معالجته في الدفاتر والسجلات وبالطرق الفنية الملائمة. وتسود هذه السياسة في التطبيقات المحاسبية لشركات إنتاج النفط ولكنها تجابه بكثير من الإنتقادات ومن الأمثلة على ذلك: إن المخزون النفطي الموجود بالمستودعات آخر العام قد يتم إهماله في قائمة الدخل وقائمة المركز المالي، وذلك نظراً لضآلة كميته أو قيمته بالنسبة لبقية الموجودات على الرغم من أن هذه الكمية أو القيمة قد تمثل كرقم منفصل محور اهتمام للماليين، كما قد يتم دمج بعض المصروفات في حساب واحد نظراً لأن تفصيلها يجعلها غير ذات دلالة أو معنى، وعلى الرغم من ذلك يتم الإستمرار في تطبيق هذه السياسة بشركات إنتاج النفط.

3. سياسة الثبات – Consistency Policy:

تدعو هذه السياسة إلى إتباع نفس المبادئ والطرق المحاسبية المطبقة على مستوى المنشأة من عام إلى آخر في سبيل معالجة العمليات المالية وقياس الأرباح والتبويب لبنود الحسابات الختامية، وذلك حتى يكون من السهل إجراء المقارنات السليمة بين القوائم المالية عبر السنوات ومن منشأة لأخرى.

يتم تطبيق هذه السياسة في مجال شركات إنتاج النفط، وإن كان غياب وجود معايير تعالج بعض الجوانب الخاصة بصناعة إنتاج النفط عموماً يؤدى إلى عدم الثبات في تطبيق الإجراءات المحاسبية من فترة إلى أخرى، غير أن الأمر يتطلب بشكل أساسي الإفصاح عن ذلك في القوائم المالية.

4. سياسة الإفصاح الكامل – Full Disclosure Policy :

تقضى هذه السياسة بإتباع المنشأة ممثلة في إدارتها المالية وبالأخص جمهور المحاسبين لسياسة إفصاح كامل عن كافة الجوانب التي لها تأثير على نتيجة النشاط أو المركز المالي في مرحلة إعدادهم للقوائم المالية، وذلك حتى يحصل المستخدمين لهذه القوائم على معلومات صادقة وغير مضللة. ويرجع السبب في تطبيق هذه السياسة إلى وجود إختلاف في الطرق المحاسبية في معالجة العديد من الجوانب من جهة وإلى تحول منشأة معينة من إتباع طريقة محاسبية معينة إلى أخرى رغبة في إظهار نتيجة النشاط من ربح أو خسارة بالطريقة التي ترغبها من جهة ثانية.

تحتل هذه السياسة حيزاً كبيراً في أدبيات محاسبة النفط عموماً والشركات العاملة في مجال إنتاج النفط بصفة خاصة نظراً لأن طبيعة هذه الصناعة يتولد عنها مشكلات ذات طبيعة متفردة مثل: تقييم الإحتياطيات النفطية والإفصاح عنها في القوائم المالية وغيرها من المشكلات ذات الخصوصية في مجال صناعة النفط التي جعلت هنالك حاجة ملحة لإعتماد هذه السياسة وتطبيقها بشكل دائم.

1 – 3 – 4 طرق القياس المحاسبي في صناعة إنتاج النفط –

The Accounting Measurement Methods in the Petroleum production Industry:

منذ منتصف الأربعينيات من القرن المنصرم وإلى التاريخ المعاصر تلخصت طرق القياس المحاسبي السائدة في صناعة إستكشاف وإنتاج النفط والمتبعة بشكل أساسي من قبل شركات إنتاج النفط في طريقتين أساسيتين: الأولي طريقة المجهودات الناجحة (SE)، والتي ظهرت مفاهيمها النظرية وشاع إستخدامها قبل حوالي 60 عاماً من التاريخ المعاصر (نهايات الأربعينات من القرن الماضي). أما الثانية فهي طريقة التكلفة الكلية (FC)، والتي كان فجر ظهورها في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وتعتبر هذه الطرق بمثابة الإطار العام الذي يحكم علم المحاسبة في مجال صناعة إستكشاف وإنتاج النفط منذ تاريخ بدئها وإلى الوقت المعاصر. وفيما يلي مناقشة هذه الطرق والتعرف على مضامينها الأساسية.

أولاً: طريقة المجهودات الناجحة – Successful Effort Method (SE):

طبقاً لهذه الطريقة يتم رسملة التكاليف الخاصة بمجهودات التنقيب والإستكشاف الناجحة فقط، وبالتالي فإن تكاليف الآبار الجافة والتكاليف الجيولوجية والجيوفيزيقية وغيرها من التكاليف المرتبطة بمجهودات التنقيب والإستكشاف تعتبر مصروفات سنوية يتم تحميلها على الفترة التي لم تسفر الجهود فيها عن إكتشاف النفط أو ما يعرف أيضاً بفترة التخلي عن منطقة البحث والإستكشاف، وبالتالي تخصم تلك المصروفات من إجمالي الدخل الذي يخص الفترة.

تستخدم في هذه الطريقة سياسة وحدة الإنتاج في الإطفاء، ويتم ذلك من خلال المنطقة أو العقد أو بعض تجمعات المناطق بمقدار إتساع الحقل والمكامن، وبالتالي فإن تكاليف الحصول على المناطق يتم إطفاؤها على أساس الإحتياطيات النفطية المبرهنة أو المؤكدة (أي المؤكد وجودها في الوقت الحالي بكميات إقتصادية تسمح بإستخراجها مستقبلاً وإستغلالها) – Proved Reserves، أما تكاليف التطوير للمناطق فيتم إطفاؤها على أساس الإحتياطيات المبرهنة المطورة في الحقل أو عموم المنطقة.

تتمثل الصفات الرئيسية لطريقة محاسبة المجهودات الناجحة فيما يلي:

أ. سياسة الرسملة – Capitalization Policy:

طبقاً لهذه السياسة فإن التكاليف التي يتوجب رسملتها تمثل جميع التكاليف المنفقة في سبيل الحصول على مناطق النفط وإستكشافها وكذلك جميع تكاليف التطوير، ومن أمثلة هذه التكاليف: تكاليف دراسات الآبار الإستكشافية وتكاليف العقود المتنازل عنها، آبار الإختبار الطبقي وما يرتبط بها من تكاليف، بالإضافة إلى تكاليف الحصول على منطقة الإستكشاف (الإمتياز).

ب. سياسة الإطفاء – Amortization Policy:

تقضى هذه السياسة بأن التكاليف المرسملة غير المطفأة الصافية يجب أن يتم إطفاؤها على أساس طريقة وحدة الإنتاج والتي تعنى إحتساب الإطفاء على أساس الكميات المنتجة من النفط الخام بالنسبة للإحتياطيات النفطية.

ج. سياسة إنخفاض القيمة Value Decreases Policy:

تستند هذه السياسة في مضمونها على البيان رقم (121) الصادر عن مجلس معايير المحاسبة المالية والذي ينص مضمونه على أن يتم تقييم دوري للتكاليف المرسملة للمناطق غير المبرهنة (غير المؤكدة) لأغراض إنخفاض القيمة وتحميل الفروقات الخاصة بإنخفاض القيمة على مصاريف الإستكشاف. أما التكاليف المرسملة الصافية الخاصة بالحصول على المناطق المبرهنة وإستكشافها وتطويرها فيتم تقييمها دورياً لإنخفاض القيمة من خلال مركز التكلفة، فإذا كانت تكاليف مجموع الأصول قد إنخفضت قيمتها أي تجاوزت التدفق النقدي المستقبلي المتوقع أن يتولد عنه التكاليف المرسملة، فبالتالي يتم تخفيضها إلى حد القيمة العادلة المقدرة Fair Value Estimated لمجموع الأصول.

وبشكل عام نجد أن طريقة المجهودات الناجحة تستند في فلسفتها على سياسة الحيطة والحذر، نظراً لأن عملية الإستكشاف مصحوبة بالمخاطر مما يعنى ضرورة أخذ تلك المخاطر في الإعتبار.

ثانياً طريقة التكلفة الكلية (FC) – Full Cost Method:

طبقاً لهذه الطريقة يتم إعتبار كافة التكاليف بمثابة نفقات رأسمالية سواء إن أسفرت مجهودات البحث عن وجود النفط أو عدمه. وبالتالي فإن كافة التكاليف التي أنفقت في سبيل الحصول على حق الإمتياز وكذلك تكاليف الإستكشاف والحفر تعد جزء من الأصول الطبيعية للشركة ويتم معالجتها وفقاً لهذه الرؤية.

تتمثل الصفات الرئيسية لطريقة التكلفة الكلية فيما يلي:

أ. سياسة الرسلمة – Capitalization Policy:

طبقاً لهذه السياسة فإن التكاليف التي يتوجب رسملتها تتمثل في جميع التكاليف المنفقة في سبيل الحصول على حق الإمتياز بالإضافة إلى تكاليف التطوير ومن أمثلة ذلك: جميع التكاليف الخاصة بالدراسات الطبوغرافية والجيولوجية والجيوفيزيائية، وتكاليف إستكشاف الآبار وتطويرها سواء إن كانت جافة أو ناجحة كذلك تكاليف العقود المتنازل عنها والمهجورة، وتكاليف آبار الإختبار الطبقي والتكاليف الداخلية المنسوبة بشكل مباشر لأنشطة الإقتناء والإستكشاف والتطوير، بالإضافة إلى التكاليف المرسملة الصافية الخاصة بالمناطق المبرهنة.

ب. سياسة الإطفاء – Amortization Policy:

يتم إطفاء التكاليف المرسملة وفقاً لطريقة التكلفة الكلية بإستخدام طريقة وحدة الإنتاج، ويتم أخذ التكاليف المستقبلية في الحسبان بغرض إعادة الموقع لوضعه السابق وهجر المنطقة كمكون من مكونات الإطفاء فيما عدا تكاليف المناطق غير المبرهنة ومشاريع التطوير الكبيرة قيد التنفيذ. كما يتم إطفاء تكاليف مناطق النفط المرسملة الصافية المتراكمة من الإطفاءات السابقة على مستوى مراكز التكلفة على أساس الإحتياطيات المبرهنة. بالإضافة إلى ذلك يتضمن أساس الإطفاء التكاليف المستقبلية المقدرة لتطوير الإحتياطيات المبرهنة وتكاليف إعادة الموقع لوضعه السابق وتكاليف الإستصلاح المستقبلية الصافية من قيمة النفايات.

ج. سياسة إنخفاض القيمة – Value Decrease Policy:

وفقاً لمدخل التكلفة الكلية فإن التكاليف التي لم يتم إطفاؤها يتم تقسيمها دورياً لأغراض إنخفاض القيمة، كما يضاف ذلك الإنخفاض في القيمة إلى مصروف الإطفاء المتعلق بمركز التكلفة. وعادة ما تستثني شركات إنتاج النفط العاملة وفقاً لطريقة التكلفة الكلية في سياسة إطفائها التكاليف الخاصة بالمناطق غير المبرهنة، وذلك نظراً لأن تكاليف الزيادة يتم تحميلها كمصروف لإنخفاض قيمة المناطق المبرهنة.

إن التفاوت في أهمية تطبيق كل من طريقتي المجهودات الناجحة والتكلفة الكلية بشركات إنتاج النفط كان قد خضع لدراسة في الآونة الأخيرة على صعيد الولايات المتحدة الأمريكية بإعتبارها الدولة الرائدة في مجال الصناعة النفطية والمحتوية على عدد كبير من الشركات العاملة في صناعة إنتاج النفط والمدرجة بسوق الأوراق المالية فكانت النتائج أن عشرين شركة من بين مائتين وعشرين شركة مدرجة بالبورصة تتبع طريقة المجهودات الناجحة، أما الشركات الباقية وعددها مائتين شركة فنصفها يستخدم طريقة المجهودات الناجحة والنصف الآخر يستخدم طريقة التكلفة الكلية، مما يدلل على قبول طريقة المجهودات الناجحة بشكل أكبر نسبياً من قبل الشركات العاملة في مجال صناعة إنتاج النفط بالولايات المتحدة الأمريكية.

1 – 3 – 5 المعايير المحاسبية السائدة في صناعة إنتاج النفط –

The Common able Accounting Standards in the Petroleum Production Industry:

عقب ظهور الطرق الرئيسية المستخدمة في القياس المحاسبي بشركات إنتاج النفط (FC - SE) في منتصف الستينيات بدأت تبرز بوضوح مشكلة صعوبة مقارنة القوائم المالية لشركات إنتاج النفط المستخدمة للطرق المحاسبية المشار إليها آنفاً كلٍ على حسب إحتياجاتها ومصالحها المرتبطة بالسياسة المالية العامة للشركة، الأمر الذي جعل الكثير من جمهور المحاسبين والمحللين الماليين يبدون تحفاظتهم حول تلك الممارسات المحاسبية المتباينة بين شركات إنتاج النفط في تطبيق طرق القياس المحاسبي كل على حده. ونتيجة لما سبق ظهرت مجهودات عديدة من قبل المجالس والهيئات المحاسبية الأمريكية والدولية في وضع أسس وتعليمات ونشرات وتوصيات ومعايير صريحة وذلك في سبيل خلق مواءمة بين النظم المحاسبية المطبقة في شركات إنتاج النفط وطبيعة النشاط في مجال الصناعة النفطية. وفيما يلي نستعرض مجهودات المجالس والهيئات المحاسبية المشار إليها آنفاً في قطاع صناعة إنتاج النفط وذلك وفقاً للترتيب الزمني لصدور تلك الدراسات والنشرات والتوصيات والمعايير، وذلك على سبيل ما توفر عن ذلك من معلومات لا على سبيل الحصر الشامل.

1. الدراسة المحاسبية رقم (11) - عام 1969م:

صدرت هذه الدراسة في عام 1969م عن مجمع المحاسبين القانونيين بالولايات المتحدة الأمريكية (AICPA) تحت مسمى عام (دراسة البحث المحاسبي رقم 11 – Accounting Research Study No: 11)، ومسمى تفصيلي لعنوانها تطبيقات التقارير المالية في الصناعات الإستخراجية Financial Reporting Practices in The Extractive Industries . وتعتبر هذه الدراسة بمثابة أول مجهود محاسبي مكثف في سبيل التوصل إلى مجموعة من المعايير المحاسبية الملائمة للتطبيق على صناعة إنتاج النفط. وتتلخص محاول هذه الدراسة في الآتي:

‌أ- ضرورة التفرقة بين النفقات الإيرادية والرأسمالية.

‌ب- ضرورة إعتبار حقل النفط كمركز للتكلفة.

‌ج- تطوير أساليب القياس المحاسبي الخاصة بتحديد قيمة الإحتياطيات النفطية.

‌د- إستبعاد طريقة التكلفة الكلية وإعتماد طريقة المجهودات الناجحة كأساس في التطبيق المحاسبي.

ولم يحالف هذه الدراسة النجاح في التوصل إلى إجماع بشأن محاورها آنفة الذكر، وبالتالي لم تقبل توصياتها نظراً لأن أهم محاورها نادت بإتباع طريقة المجهودات الناجحة فقط والتنازل الكلي عن إستخدام طريقة التكلفة الكلية والتي كان لها مؤيدون في ذلك الوقت لا يقلون في عددهم عن مؤيدي طريقة المجهودات الناجحة.

2. دراسة كيفية تطبيق سياسة معالجة تكاليف البحث والإستكشاف - عام 1970م:

تمت هذه الدراسة بمجهود مشترك بين مجلس مبادئ المحاسبة المالية (APB) ولجنة الصناعات الإستخراجية (CEI) بغرض تحديد كيفية تطبيق سياسة معالجة تكاليف البحث والإستكشاف. وأهم ما دعت إليه هذه الدراسة هو تحديد مفهوم مركز التكلفة في ظل طريقة التكلفة الكلية وطريقة المجهودات الناجحة وهي مشاركة جانب لجنة الصناعات الإستخراجية في هذه الدراسة ولم يتسنى لها القبول من جانب مجلس مبادئ المحاسبة المالية نظراً لإقتصار مشاركتهم تلك فقط على تحديد مفهوم مركز التكلفة. وفي المقابل كانت مشاركة مجلس مبادئ المحاسبة المالية تتمثل في إنتقاد الرأي السابق مطالبة لجنة الصناعات الإستخراجيه بتقديم توصيات حول المحاسبة عن تكاليف ما قبل الإستكشاف وما بعده، وتوضيح كيفية إستهلاك التكاليف المرسملة والإفصاح عن أي معلومات إضافية في التقارير المالية وتواصلت مجهودات الهيئتين معاً حتى عام 1971م في هذا المجال.

نتيجة للتوصيات المقترحة من قبل مجلس مبادئ المحاسبة المالية قامت لجنة الصناعات الإستخراجية خلال نوفمبر عام 1971م بإعداد دراسة أوصت فيها بإستخدام الحقل كمركز تكلفة ورسملة تكاليف ما قبل الإستكشاف وما بعده، والتي يمكن ربطها مباشرة بإحتياطيات معينة، ولم تسلم هذه الدراسة أيضاً من إنتقادات مؤيدي طريقتي التكلفة الكلية والمجهودات الناجحة.

3. دراسة الممارسات المحاسبية المتبعة في شركات النفط - عام 1970م:

تم إعداد هذه الدراسة من قبل اللجنة الفيدرالية للطاقة Fedral Power Commission (FPC)، وذلك بغرض تحديد الممارسات المحاسبية المتبعة في شركات إنتاج النفط، وأسفرت نتائج هذه الدراسة عن تأييد اللجنة لإستخدام طريقة التكلفة الكلية وإعتبار طريقة المجهودات الناجحة ضارة، وبالتالي أوصت اللجنة بعدم تطبيقها.

4. مجهودات مجلس مبادئ المحاسبة المالية - خلال عامي 1971 – 1972م:

في عام 1971م عقد مجلس مبادئ المحاسبة المالية (APB) مؤتمراً لمناقشة مزايا وعيوب طريقتي التكلفة الكلية والمجهودات الناجحة، وخلص المؤتمر إلى فشل كلٍ من الطريقتين في قياس قيمة الإحتياطيات النفطية، حيث أن قيمة الإحتياطيات ليس لها علاقة بتكاليف البحث والإستكشاف. كما أكد أعضاء المؤتمر على ضرورة إستخدام طريقة تعتمد على تقدير الإكتشافات بإعتبار أن ذلك هو السبيل الوحيد للتعبير عن إضافة موارد جديدة للشركة عند العثور على النفط جراء عمليات البحث والإستكشاف.

في عام 1972م توصل المجلس إلى قناعة تامة بعدم إصدار أي توصيات حول موضوع الطرق المحاسبية المتبعة في مجال صناعة إنتاج النفط، وذلك نظراً للإنتقادات المتعددة التي وجهت إلى توصياته، وأكتفي المجلس بإعداد حصر شامل لمجهوداته المختلفة في مجال المحاسبة في قطاع النفط والغاز وتسليمها إلى مجلس جديد وهو مجلس معايير المحاسبة المالية Financial Accounting standards Board (FASB).

5. دراسة دور قانون سياسة المحافظة على الطاقة - عام 1975م:

صدرت هذه الدراسة من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 1975م وذلك نتيجة لحظر تصدير النفط إلى أمريكا الذي قامت به الدول العربية خلال حرب أكتوبر 1973م.

تتلخص التوصيات الواردة في هذا القانون في ما يلي:

‌أ. الدعوة إلى إنشاء قاعدة بيانات الطاقة القومية التي تتضمن معلومات مالية وذلك بالتعاون مع هيئة البورصة الأمريكية وإدارة الطاقة الأمريكية وديوان المحاسبة الأمريكي.

‌ب. تطوير الممارسات المحاسبية لإستخدامها من قبل المنتجين وإرسال تقارير لحفظها لدى قسم الطاقة.

‌ج. مطالبة لجنة بورصة الأوراق المالية (SEC) بتطوير الممارسات المحاسبية، وسمح لها في ذلك بالإعتماد على المعايير المحاسبة المطورة من قبل مجلس معايير المحاسبة المالية بالقدر الذي تراه مقبولاً من تلك المعايير.

‌د. المطالبة بشكل عام بضرورة العرض الكامل للمعلومات المالية للوحدات العاملة في قطاع النفط والغاز، بما في ذلك الإفصاح عن الإحتياطيات والأنشطة التشغيلية.

6. دراسات وتوصيات مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكي (FASB) وهيئة البورصة الأمريكية (SEC) - خلال الفترة من 1977 – 1995م:

في ديسمبر من عام 1977م أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية المعيار رقم (19) بعنوان المحاسبة والتقارير المالية لشركات إنتاج النفط والغاز – Financial Accounting and Reporting for Oil and Gas Producing Companies ، والذي تضمن الكيفية التي يجب إتباعها في طريقة المجهودات الناجحة وتحديد التكاليف التي يجب رسملتها. كما حدد هذا المعيار الأسس التي يجب إتباعها في كثير من المبادئ التي يتم التحاسب في ضوئها بالنسبة للتنازل عن ملكية الموارد الطبيعية والإفصاح المحاسبي عن الإحتياطيات المؤكدة وضرائب الدخل المؤجلة. وخلال عام 1978م وجه ممثلو شركات إنتاج النفط والغاز لدى لجنة بورصة الأوراق المالية إنتقادات متتالية للمعيار رقم (19).

كما أصدرت لجنة أو هيئة بورصة الأوراق المالية في عام 1978م سلسلة الدراسات المحاسبية رقم (253)، والتي استنتجت بأن كل من طريقتي المجهودات الناجحة والتكلفة الكلية تقدم قوائم مالية لا معنى لها لأن كلاهما لا يعترف بقيمة إحتياطيات النفط والغاز المكتشفة ولا تعكس الدخل الحقيقي لنشاطات الإستكشاف. وعلى ذلك أقترحت اللجنة طريقة جديدة تسمي بمحاسبة الإعتراف بالإحتياطي (RRA)، وتقوم هذه الطريقة على أساس تحديد قيمة الإحتياطيات المبرهنة وعكس التغيرات في قيمة هذه الإحتياطيات المبرهنة على الأرباح. بالإضافة إلى ذلك سمحت هيئة البورصة للشركات النفطية المدرجة لديها بإستخدام طريقة المجهودات الناجحة الموصوفة بالمعيار رقم (19) أو طرقة التكلفة الكلية المحددة من قبل لجنة القوائم المالية لحين إمكانية تطوير طريقة محاسبة الإعتراف بالإحتياطي ومعايير تقييم الإحتياطيات، كما أوصت بضرورة تضمين القوائم المالية المعدة وفقاً لطريقة محاسبة الإعتراف بالإحتياطي كمعلومات إضافية.

في ديسمبر من عام 1978م أصـــدرت هيئة البورصة المالية الدراستين المحاسبتين رقم (257)، و (258) المتعلــقتين بقواعد تطبيق طريقتي المجهودات الناجحة والتكلفة الكلية. وتتشابه قواعد طريقة المجهودات الناجحة وفقاً لهاتين الدراستين مع القواعد الواردة في المعيار رقم (19)، وقد ورد صراحة في الدراسة رقم (258) تبنى القواعد النهائية للشركات المنتجة لإستعمال طريقة التكلفة الكلية، وقد حددت القواعد المبدئية خلال عامي 1983م و 1984م.

في فبرايرمن عام 1981م أصدرت هيئة البورصة الدراسة رقم (279) تحت عنوان: التقارير المالية لشركات إنتاج النفط والغاز، والتي نص مضمونها على أن هيئة البورصة لم تعد تعتمد طريقة الاعتراف بالإحتياطي كطريقة محاسبية يعتمد عليها في إعداد القوائم المالية الأساسية لشركات إنتاج النفط والغاز. كما أوضحت الدراسة (279) إهتمامها ومساندتها لمجهودات مجلس معايير المحاسبة المالية في سبيل تطوير المفهوم الشامل للإفصاح للشركات العاملة في صناعة إنتاج النفط، كما أوصت الهيئة بتطوير القواعد والسياسات المحاسبية لهذه الشركات حتى تكون منسجمة مع معايير الإفصاح التي سيتم تطويرها من قبل مجلس معايير المحاسبة المالية.

تبعاً لقيام هيئة البورصة بالسماح للشركات النفطية المدرجة لديها بإستخدام كل من طريقة المجهودات الناجحة وطريقة التكلفة الكلية، فقد أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية في فبراير من عام 1979م المعيار رقم (25)، والذي تضمن التعليق الزمني غير المحدد لمعظم الأحكام المحاسبية الخاصة بالمعيار رقم (19)، كما أهتم بتفضيل طريقة المجهودات الناجحة الواردة بالمعيار رقم (19) مع الإشارة إلى عدم الإلزام في تطبيقها، هذا بالإضافة إلى إهتمام المعيار رقم (25) بالإبقاء جوهرياً على بعض أحكام المعيار رقم (19) وتفعيلها مثل: الأحكام المتعلقة بضرائب الدخل المؤجلة، والأحكام الخاصة بمتطلبات الإفصاح.

في فبراير من عام 1981م أعلنت هيئة البورصة المالية أن عيوب ونواقص طريقة محاسبة الإعتراف بالإحتياطي (RRA) جعلتها غير مناسبة ليتم تبنيها كأساس محاسبي قطعي في مجال الصناعة النفطية، كما أعلن أيضاً مجلس معايير المحاسبة المالية خلال نفس العام بتكفله بمشروع تطوير متطلبات الإفصاح الإضافية لشركات إنتاج النفط والغاز. وعلى أثر ذلك أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية في نوفمبر من عام 1982م المعيار رقم (69) متضمناً متطلبات الإفصاح المطلوبة في قوائم شركات إنتاج النفط والغاز، وفي ديسمبر من نفس العام 1982م أعلنت هيئة البورصة تبنيها لتلك القواعد الخاصة بمتطلبات الإفصاح الواردة في المعيار رقم (69) مع إجراء تعديلات طفيفة نظراً لعدم توضيح المعيار رقم (69) لما يتعلق بمعالجة المكاسب حسب ما هو مطلوب في طريقة محاسبة الإعتراف بالإحتياطي.

في عام 1986م عاد النقاش والجدل مرة أخرى حول الطريقتين المحاسبتين المقبولتين والمختلفتين، وكانت أهم محاوره تأييد كبار المحاسبين في هيئة البورصة المالية لإستخدام طريقة المجهودات الناجحة وإستبعاد طريقة التكلفة الكلية بالنسبة للشركات المدرجة، إلا أن الهيئة رفضت هذا الطرح في نفس العام.

في مارس من عام 1995م أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية المعيار رقم (121)، الخاص بالمعالجة المحاسبية في مجال إنخفاض قيمة الأصول طويلة الأجل، حيث أخضع هذا المعيار الأصول طويلة الأجل مثل: تكاليف إقتناء وإستكشاف وتطوير مناطق النفط والغاز المرسملة لإختبار إنخفاض القيمة. ويعتبر الأصل منخفض القيمة إذا كانت التدفقات النقدية المستقبلية المتوقعة المتعلقة بالأصل (غير المخصومة وبدون فوائد أو ضرائب دخل) أقل من القيمة الصافية للأصل، وبالتالي يتم الإعتراف بخسارة إنخفاض القيمة من خلال تخفيض القيمة الدفترية الصافية للأصل إلى القيمة السوقية العادلة. ويطبق المعيار رقم (121) على تقارير الشركات النفطية المستخدمة لطريقة المجهودات الناجحة والمفصح عنها في هيئة بورصة الأوراق المالية، ولا يطبق بالضرورة على الشركات المستخدمة لطريقة التكلفة الكلية.

7. المعيار الدولي رقم (6) - عام 2001م:

صدر هذا المعيار في أكتوبر عام 2001م عن مجلس معايير المحاسبة الدولية، ويختص بشكل عام بالصناعات الإستخراجية ومن ضمنها صناعة إستكشاف وإنتاج النفط. يتضمن هذا المعيار مناقشة المعالجات المحاسبية وأسس الإفصاح في هذه الصناعة معتمداً في ذلك على كل المعطيات والجهود السابقة من قبل مجلس معايير المحاسبة الأمريكي (FASB) وهيئة بورصة الأوراق المالية (SEC)، كما يعتمد هذا المعيار المقترح أيضاً بشكل رئيسي على المبادئ المحاسبية المقبولة عموماً السائدة في صناعة إنتاج النفط بالولايات المتحدة الأمريكية.

وقد تم إعتماد هذا المعيار بشكل أساسي من قبل مجلس معايير المحاسبة المالية في عام 2005م تحت مسمى: المعيار السادس – معيار محاسبة وتقييم المصادر الطبيعية، وبدأ إعتماد تطبيق هذا المعيار بشكل رسمي في مطلع يناير 2006م.

يتلخص الهدف الأساسي للمعيار الدولي رقم (6) في المساعدة في التطبيقات المحاسبية للصناعات الإستخراجية مع الأخذ بعين الإعتبار الأهداف والأغراض التي تضمنها المعيار السادس عشر من معايير المحاسبة الدولية الخاص بالمحاسبة عن الأرض والآلات والمعدات، وكذلك محاور المعيار رقم (38) المتعلق بالموجودات غير الملموسة، وذلك في سبيل خلق رؤية تطويرية شاملة عن الإحتياجات النفطية بهدف التقييم الدقيق للسياسات المتعلقة بالإحتياجات ورسم الأطر الشاملة فيما يتعلق بمعالجة النفقات والإيرادات في مجال صناعة إنتاج النفط، كما أهتم المعيار رقم (6) ضمن هدفه العام الأساسي بمساعدة شركات إنتاج النفط في وضع السياسات والإجراءات المحاسبية التي يجب أن تعتمد لفترات طويلة في ظل المتغيرات الحالية للأسعار مع الأخذ في الإعتبار كافة المتغيرات البيئية التي تؤثر في إجراءات التقييم المحاسبي والتكاليفي على المدى الطويل وتغيراتها، وذلك احترازاً للتغيرات الكبيرة التي تحدث في أسعار النفط وأثر ذلك على دقة وسلامة وعدالة التقارير المالية.

بالإضافة إلى ما سبق ركز المعيار الدولي رقم (6) على الصعوبات المحاسبية التطبيقية فيما يتعلق بالتقييم والتنبؤ لتلك المتغيرات التي تطرأ على أسعار النفط في الأجل الطويل في ظل إستخدام طريقة التكلفة الكلية، وأوضح المعيار ضعف هذه الطريقة في بيان الإختبارات الضرورية التي يتم على أساسها بناء مدخل أو إطار يتضمن كافة التدابير الإحترازية في صناعة إنتاج النفط وذلك بإعتبار أن مورد النفط مورد آيل للنضوب، مع الأخذ بعين النظر الآراء التي تصدر عن الجيولوجيين والإقتصاديين في مجال الخصائص الدقيقة لصناعة إنتاج النفط.

تتمثل أهم محاور الإرتباط والعلاقة بين المعيار الدولي رقم (6) ومعايير المحاسبة الدولية الأخرى فيما يلي:

‌أ. الأخذ بمتطلبات المعيار الدولي رقم (8) والمعيار الدولي رقم (16) في سبيل بيان كيفية المحاسبة في صناعة إنتاج النفط، بالإضافة إلى تحقيق الملائمة في مجال هذه الصناعة للمعلومات المحاسبية وفقاً للأخذ بمتطلبات المعيار الدولي رقم (1).

‌ب. تم التركيز في المعيار الدولي رقم (6) على أهم المبادئ الخاصة بإهلاك الأصول الثابتة، وكذلك كيفية تحميل القيمة على وحدة الإنتاج في نهاية العمر الإنتاجي للأصل، وهي المحاور الرئيسية المنادة بها ضمن نصوص المعيار الدولي رقم (16) والمعيار الدولي رقم (38).

‌ج. إرتبط المعيار الدولي رقم (6) مع المعيار الدولي رقم (31) في تحديد كيفية الرقابة على الأصول برؤية موحدة.

‌د. إرتبط المعيار الدولي رقم (6) مع المعيار الدولي رقم (28) فيما يتعلق بحقوق الملكية والمحاسبة عنها، وكذلك إرتبط بالمعيار الدولي رقم (39) فيما يتعلق بتطبيقات المحافظة على الموارد، بالإضافة إلى إرتباط المعيار الدولي رقم (6) بالمعيار الدولي رقم (12) فيما يتعلق ببيان الإجراءات المحاسبية المتعلقة بتحصيل الإيرادات ودفع الضرائب على الدخل، ووضع صياغة بنود العقد المتعلق بالضرائب في إطار المبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عاماً.

بقلم د/ فياض حمزه رملي

  • أعجبتني 1

Dr / fayad hamza ramly

university professor & certified auditor

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
×
×
  • أضف...