اذهب إلى المحتوى

علي ابراهيم

الاعضاء
  • إجمالي الأنشطة

    25
  • تاريخ الانضمام

  • آخر نشاط

الإنجازات الخاصة بـعلي ابراهيم

عضو جديد

عضو جديد (1/6)

  • درع المساعدة الممتازة نادرة

أخر الشارات الممنوحة

10

الشعبية

  1. شكرا علي هذا الكتاب ويا حبذا لو تنزل له ترجمة على الموضوع نفسه
  2. المطلب الرابع: 1- حالات تطبيقية على زكاة الرواتب والأجور: حالة (1): موظف يعمل براتب شهري قدره (6500) ريال، وليس له مصدر سوى هذا الراتب، فإذا علم أن نفقاته تقدر بـ (3800)، وأن سعر الجرام من الذهب (30) ريالاً، فما قيمة الزكاة المستحقة عليه؟ الإيراد الكلي خلال العام = 6500 × 12= 78000 ريال. يطرح مبلغ حاجاته الشخصية الأصلية 3800 × 12=45600 ريال صافي الإيراد الفاضل عن حاجاته = 32400 النصاب المقرر = 85 × 30 = 2550 إذن صافي إيراد هذا الموظف الفاضل عن حاجاته يزيد على النِّصاب، ويخضع للزكاة بمعدل 2.5%. قيمة الزكاة المستحقة (32400×2.5%) ÷ 1000 810 ريالات الزكاة الشهرية المستحقة 810 × 12 67.5 ريال حالة (2): موظف أو عامل يعمل براتب شهري قدره (2200) ريال، وليس له مصدر دخل سوى هذا الراتب، فإذا علم أن نفقاته الشهرية تقدر بـ (2000) ريال، وأن سعر الجرام من الذهب (30) ريالاً، فما هي قيمة الزكاة المستحقة عليه؟ الإيراد الكلي خلال العام 2200 × 12 26400ريال يطرح مبلغ حاجاته الشخصية 2000× 12 = 2400 24000ريال النصاب المقرر 85 × 30 2550 إذن من مقارنة الفاضل له عن حاجاته من دخله، نجده دون النِّصاب؛ فلا زكاة عليه. 2 - حالات تطبيقية على زكاة إيرادات المهن الحرة: حالة (1): طبيب له عيادة خاصة، بها ثلاثة ممرضين، وعامل، فإذا كانت إيراداته ومصروفاته بالريال السعودي خلال عام (1418هـ) كالآتي: 35000 إيجار العيادة 25000 بدل سكن 82000 رواتب 60000 آلات طبية ( معدل إهلاك 15% ) = 9000 150000 أثاث ( معدل إهلاك 10% ) = 15000 40000 مكيفات ( معدل إهلاك 10% ) = 4000 25000 أجهزة طبية ( معدل إهلاك 10 % ) = 7500 20000 إيجار جهاز أشعة 10000 أدوات طبية مستهلكة 24000 مصروفات كهرباء 5500 مواد تنظيف 5000 غيارات طبية 4000 كتب طبية 9000 أدوات مشتراة 130000 إيرادات طبية 100000 فحوصات عامة 60000 إيرادات المختبر 70000 إيرادات العمليات 55000 أتعاب حقن 75000 إيرادات الأشعة المطلوب استخراج حساب الزكاة المستحقة على هذا الطبيب لعام (1418هـ)، إذا علم أن نفقات حاجاته الأصلية تقدر بمبلغ (5000) ريال، وأن سعر الجرام للذهب خلال ذلك العام (30) ريالاً تقريباً. الجواب أولاً: إيرادات العام: إيرادات طبية 130000 ريال فحوصات عامة 100000 ريال إيرادات المختبر 60000 ريال إيرادات عمليات 70000 ريال أتعاب حقن 55000 ريال إيرادات الأشعة 85000 ريال المجموع 5000000 ريال ثانياً: مصروفات العام: موارد أدوات طبية مستهلكة 10000 غيارات طبية 50000 كتب طبية 40000 أدوية 9000 مواد تنظيف 5500 المجموع ( لمصروفات الموارد ) 33500 أجور رواتب 820000 بدل سكن 20000 إيجار جهاز أشعة 20000 المجموع ( للرواتب) 122000 إهلاك آلات طبية 15% 9000 أثاث 10% 15000 مكيفات 10% 4000 أجهزة طبية 30% 7500 المجموع (للإهلاكات) 35500 مصروفات أخرى إيجار 35000 مصاريف كهرباء 24000 المجموع (للمصروفات الأخرى) 59000 المجموع الكلي للمصروفات 250000 صافي الإيراد في العام = (500000 - 250000) 25000 ثم يطرح صافي حاجات نفقاته الأصلية في العام 50000 إذن يصبح وعاء الزكاة = 250000 - 50000 200000 نصاب النقود = 85 × 30 = 2550 إذن الفاضل من دخله بعد خصم تكاليف الحصول على الدخل، وما يلزم حاجاته الأصلية على النِّصاب، ويخضع لزكاة النقود بمعدل 2.5 %. فتكون قيمة الزكاة المستحقة عن العام (1418هـ) لهذا الطبيب عن دخله في عيادته الخاصة كالآتي: (200000 × 25) ÷ 1000 = 5000 ريال. أما عن الشهر فتكون كالآتي: (5000 ÷ 12) = 416 ريال. الحالة ( 2 ) محاسب قانوني يعمل في مكتب خاص، وكانت مصروفاته وإيراداته بالريال السعودي خلال عام (1418هـ): إيرادات العام 450000 إيجار 24000 رواتب 120000 مصروفات كهرباء 6000 مكيفات ( معدل إهلاك 10% ) 25000 أجهزة حاسوب (معدل إهلاك 10% 30000 أثاث ( معدل إهلاك 10 % ) 15000 مصروفات: تلفون، تلكس، بريد 5000 المطلوب: استخراج حساب الزكاة عليه خلال عام 1418 هـ، إذا كانت نفقات حاجاته الأصلية تقدر بمبلغ 42000 ريال، وأن سعر جرام الذهب خلال ذلك العام 35 ريالاً تقريباً. الجواب: أولاً: الإيرادات =450000 ثانياً: المصروفات: إيجار 24000 رواتب 120000 مصروفات كهربائية 6000 إهلاك مكيفات 2500 إهلاك أجهزة حاسوب 3000 إهلاك أثاث 1500 مصروفات: تلفون وخلافه 5000 نفقة حاجاته الأصلية 42000 المجموع 204000 إذن صافي الإيراد : 450000 – 204000 = 246000 نصاب النقود = 85 × 35 = 2975 إذن؛ الفاضل من دخله بعد خصم تكاليف الحصول على الدخل، وما يلزم من حاجاته الأصلية يزيد عن النِّصاب، ويخضع لزكاة النقود بمعدل 2.5%، فتكون قيمة الزكاة المستحقة عليه لعام (1418هـ) كالآتي: (246000 × 25) / 1000 = 6.150 ريالا أما عن الشهر فتكون 6.150 / 12 = 512.5 ريال تقريباً. الخاتمة في أهم النتائج 1 - إن الرواتب والأجور والمهن الحرة أصبحت تمثل نسبة كبيرة من مصادر الدخل لدى الكثيرين من أفراد المجتمعات؛ فارتفع بذلك عدد غير قليل إلى درجة الغنى؛ مما يستوجب عليهم الزكاة. 2 - إن هذه الزكاة تختصُّ بالدخل، وليست بالثروة أو رأس المال، فالمقصود هنا الدخل الدوري والمتجدد. 3 - إن هذه الزكاة شخصية، قياساً على سائر الزكوات، الأمر الذي يستوجب مراعاة الأعباء العائلية والشخصية الضرورية للمكلَّف، وتكاليف الحصول على الدخل والديون؛ فإن بلغ الفاضل عن ذلك قيمة نصاب النقود زكَّى، وإلا فلا. 4 - إن تقدير الحوائج الأصلية يختلف من شخص لآخر، وذلك باختلاف ظروف كل فرد، واختلاف أفراد الأسرة، مما يجعل تقدير هذه الحوائج يخضع لتقدير المزكِّي نفسه، طبقاً لظروفه الخاصة، وتقدير القائم على الزكاة. 5 – على الجهات المختصة تحديد تكاليف المعيشة دورياً - خلال كل عام - يراعى فيها الظروف المعيشية التي يعيشها الناس، على أن يقدر ذلك بعناية ومن أهل الاختصاص؛ حتى لا تؤخذ الزكاة من غير أهلها. 6 - يجب على كل موظف، أو عامل، أو صاحب مهنة حرة أن يتقي الله في كسبه، فلا يبخل بحق الله إن كان مستحقاً؛ حتى يطهر نفسه وماله بهذه الشعيرة العظيمة وهي الزكاة، فإن لم تقم الجهات الرسمية بتحصيلها، لزم على كل فرد القيام بذلك؛ لأنها فريضة عينية، أي: متعينة على من وجبت عليه. المراجع 1 - شحاتة، حسين. "محاسبة الزكاة، مفهوماً ونظاماً وتطبيقاً". القاهرة: دار التوزيع والنشر، د. ت. 2 - الشرباصي، أحمد. "المعجم الاقتصادي الإسلامي". بيروت: دار الجيل، 1401 هـ. 3 - "المعجم الوسيط". ط2. القاهرة: مجمع اللغة العربية، د. ت. 4 - مالك، الإمام مالك بن أنس. "الموطأ". صححه، وعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي. بيروت: دار إحياء التراث، د. ت. 5 - الغزالي، محمد. "الإسلام والأوضاع الاقتصادية". القاهرة: دار الصحوة للنشر، 1987م. 6 - "حلقة الدراسات الاجتماعية - محاضرات عن الزكاة". ط 7. دمشق: جامعة الدول العربية، 1372 هـ / 1972 م. 7 - ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي. "المغني". تحقيق عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو. ط3. الرياض: دار عالم الكتب، 1417هـ / 1997 م. 8 - القرضاوي، يوسف، "فقه الزكاة". ط 12. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1406 هـ / 1985 م. 9 - ابن حجر، أحمد بن على العسقلاني. "فتح الباري". د. م. بيروت: المكتبة السلفية، د. ت. 10 – الترمذي، أبو عيسى، محمد بن عيسى بن سَوْرَة. "سنن الترمذي". إسطنبول: المكتبة الإسلامية بإسطنبول، (1981م). 11- الألباني، محمد ناصر الدين. "ضعيف الجامع الصغير وزياداته". ط 3. بيروت: المكتب الإسلامي، (1410هـ/ 1990م). 12- الجزائري، أبو بكر جابر. "الجمل في زكاة العمل". المدينة المنورة: مطابع الرشيد، (1402هـ). 13 – وهبة، محمد سعيد، وعبد العزيز جمجوم. "الزكاة في الميزان". جدة: تهامة للنشر، (1404/ 1405هـ، 1984/ 1988م). 14- عطية، محمد كمال. "حالات تطبيقية في الزكاة". طـ 1. الإسكندرية: منشأة المعارف، (1408هـ/ 1988م). 15 – سلطان، سلطان بن محمد بن على. "الزكاة، تطبيق محاسبي". الرياض: دار المريخ للنشر، د. ت. 16 – أبو السعود، محمود. "فقه الزكاة المعاصر". طـ2. الكويت: دار القلم للنشر والتوزيع، (1421هـ/ 1992م). 17- البنا، محمود عاطف. "نظام الزكاة والضرائب في المملكة العربية السعودية". ط1. الرياض: دار العلوم، (1403هـ/ 1983م). 18 – قحف، محمد منذر. "المواد العلمية لبرنامج التدريب على تطبيق الزكاة في المجتمع الإسلامي المعاصر"، ط1، جدة: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، (1406هـ/ 1985هـ). 19 – قللي، يحيي أحمد مصطفى. "دراسات في الزكاة المحاسبة الضريبية، مع التطبيق على المملكة العربية السعودية". الرياض: دار المريخ، د. ت. 20 - مكي، جمعة محمد. "زكاة الأموال وكيفية أدائها في الفقه الإسلامي". القاهرة: دار الهدى، د. ت. 21- العقلة، محمد. "أحكام الزكاة والصدقة". ط1. عمان: مكتبة الرسالة الحديثة، (1402هـ/ 1982هـ). 22 – "المجموعة السعودية لأنظمة الزكاة والصدقة والضرائب والطوابع والأوامر والقرارات والمنشورات الصادرة بشأنها". جمع وترتيب سعيد محمد على آدم. ط2. جدة: دار الأصفهاني، (1382هـ). 23 – "ندوة فريضة الزكاة وضريبة الدخل". الرياض: الغرفة التجارية الصناعية، المملكة العربية السعودية، المنعقدة في (15/ 6/ 1411هـ، 1/ 1/ 1991م). 24- مجلة البحوث الإسلامية (1403/ 1404هـ). 25 – "أبحاث وأعمال مؤتمر الزكاة الأول". الكويت: بيت الزكاة، (1404هـ/ 1984م). 26 - "لائحة الزكاة لسنة (1413هـ/ 1993)". الخرطوم: ديوان الزكاة، جمهورية السودان. 27 – الأبجي، كوثر. "محاسبة الزكاة والضرائب في دولة الإمارات العربية". ط1. دبي: دار القلم، (1407هـ/ 1987م). 28 – ابن كثير، الحافظ ابن كثير القرشي الدمشقي. "تفسير القرآن العظيم". ط5. بيروت: مؤسسة الكتب (1416هـ/ 1966م). 29 – ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، محمد بن عبد الكريم الشيباني. "أسد الغابة في معرفة الصحابة". بيروت: دار إحياء التراث العربي، د. ت. 31 – ابن سلام، أبو عبيد القاسم بن سلام. "الأموال". تحقيق محمد خليل هراس. بيروت: دار الكتب العلمية، د. ت. 32- "المركز الإسلامي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي". كتاب الاقتصاد الإسلامي. ط1. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، (1970م). 33 – شحاتة، شوقي إسماعيل. "محاسبة زكاة العمل، علماً وعملاً". ط1. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، (1970م). 34 - "الاقتصاد الإسلامي، بحوث مختارة من المؤتمر العالمي للاقتصاد الإسلامي"، جدة: جامعة الملك عبد العزيز، المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي، (1985م). 35 – الكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود. "بدائع الصنائع". القاهرة. مطبعة الإمام، (1972م). 36 – الخطيب، الشربيني. "مغني المحتاج". القاهرة: مطبعة مصطفى البابي الحلبي، (1985م). 37- القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس. "الذخيرة". تحقيق محمد الحجي. ط1. بيروت: دار الغرب الإسلامي، (1994م). 38 – أبو داود سليمان بن الأشعث. "سنن أبي داود". اسطنبول: دار الدعوة، د. ت. 39 – الحاكم، أبو عبد الله محمد بن عبد الله. "المستدرك على الصحيحين". ط1. حيدر آباد: مطبعة مجلس دائرة المعارف الإسلامية، (1314هـ). 40 – الألباني، محمد ناصر الدين. "صحيح سنن الترمذي باختصار السند". ط1. الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج، (1409هـ/ 1989م). 41 - الألباني، محمد ناصر الدين. "صحيح سنن ابن ماجه". ط1. الرياض: مكتبة المعارف، (1417 هـ/ 1997م). ـــــــــــــــــــــ [1] لاحظ الباحث في تطبيق زكاة الرواتب والأجور في السودان بالنسبة للسودانيين العاملين بالخارج أنها تتم على النحو الآتي: في نهاية كل عام يحسب الراتب، ثم يضرب في 12، وذلك باعتبار أن الزكاة تؤخذ من دخل الفرد في العام، ثم يُعفى له عن 60% مقابل حاجاته الأصلية، ثم تؤخذ الزكاة من الباقي - وهو ما يعادل 40% - بنسبة 2.5%، وهذا الإجراء فيه خطأٌ فاحش؛ لأنه اعتبر كل من أعفي له عن 60% من راتبه؛ كان ذلك كافياً له مقابل حاجاته الأصلية، فيؤخذ من الباقي الزكاة إن بلغ النِّصاب. وهذا الإجراء لا يكاد يستثني أحداً له أدنى راتب، اللهم إلا إذا كان راتب الشخص يقل عن 600 ريال سعودي – مثلاً - لأن مبلغ الـ (600) مضروب في 12، يساوي (7200) في العام، فإذا خصمنا منه ما يعادل 60%؛ فيبقى له (2880) ريالاً من دخله في العام، فهذا المبلغ يساوي قدر نصاب النقود، فيؤخذ منه الزكاة، فأين الحدُّ الفاصل بين الفقير والغني في هذا التطبيق، وقد نصَّ الفقهاء على أن شرط المال الذي تجب فيه الزكاة أن يكون نصاباً فاضلاً عن حاجته الأصلية؛ لأنه به يتحقق الغنى [8، جـ2، ص517]. ونرى تصحيحاً لهذا الخطأ في التطبيق: أن يحدَّد وعاء الزكاة بمبلغ محدد، حسب ظروف المعيشة في كل بلد، وليكن مبلغ (2000) ريال سعودي لمن يعمل بالمملكة – مثلاً - فمن يبلغ راتبه هذا الحد؛ يطبق عليه الإجراء السابق، بأن يعفى له عن 60%، وتؤخذ الزكاة عن الباقي بنسبة 2.5 %، مع مراعاة ظروف كل شخص على حدةٍ، بمعنى أن من يثبت للمسؤولين أن له ظروفاً عائلية خاصة، لا يكفيه هذا المبلغ المحدد - (2000) - أو ما زاد عنه؛ فإنه لا يلزم شرعاً بدفع الزكاة إذا أثبت أن راتبه لا يكفيه؛ لأنه بذلك لا يكون غنياً. أما الاستمرار في تحصيل الزكاة على الوجه المذكور أعلاه؛ فإنه أشبه بالضريبة لا الزكاة؛ لأن الزكاة لا تجب إلا على الأغنياء؛ لقوله - صلي الله عليه وسلم -: ((... فأعلِمْهُم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وتردُّ على فقرائهم))؛ رواه البخاري، كما في "فتح الباري" (9، جـ3، ص261). ( المرجع: زيارة ميدانية لموقع تحصيل زكاة العاملين بالخارج بالقنصلية السودانية بالمملكة العربية السعودية).
  3. الشيخ عبدالله بن حمود الفريح تاريخ الإضافة: 05/08/2009 ميلادي - 13/8/1430 هجري ضمن شرح الفقه الواضح في المذهب والقول الراجح على متن زاد المستقنع كتاب الزكاة (2/8) باب زكاة بهيمة الأنعام فيه ست مسائل: بهيمة الأنعام: هي الإبل والبقر والغنم فقط، والإبل سواء كانت عِرابًا - وهي الإبل الملس حسنة الألوان - أو كانت بخاتي - وهي خلاف العراب غليظة ذات سنامين - والبقر يدخل فيها الجواميس؛ لأنَّها من أنواع البقر، بل نقل ابن تيمية عن ابن المنذر أنه حكى الإجماع على دخول الجواميس[1]، والغنم تشمل الضأن والماعز. هذه الأنواع الثلاثة الإبل والبقر والغنم هي التي تجب فيها الزكاة وما سواها، فلا تجب كالظباء وغيرها. وهذه الأنواع الثلاثة تسمَّى بهيمة الأنعام سميت بهيمة؛ لانبهام صوتها وخفائه وعدم إيضاحه، وبدأ صاحب الزاد بزكاة بهيمة الأنعام؛ اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كما في كتاب أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - الذي كتبه لأنس - رضي الله عنه - وفيه فريضة النبي - صلى الله عليه وسلم - للزكاة، والحديث في صحيح البخاري. وبدأ ببيان زكاة الإبل؛ اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في كتاب أبي بكر، فأول ما فيه زكاة الإبل، وأيضًا لأنَّها أشرف المال عند العرب وأكثره وأعظمه قيمة وجسمًا. المسألة الأولى: دل على وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام السنة والإجماع. فمن السنة: حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - في الكتاب الذي كتبه أبو بكر؛ لبيان فريضة النبي - صلى الله عليه وسلم - للزكاة وفيه: "هذه فريضة الصَّدقة التي فرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين..."[2]؛ وفيه ذكر الإبل والغنم، وأمَّا البقر فجاءت في حديث معاذ بن جبل كما سيأتي. وأمَّا الإجماع: فقد قال ابن المنذر في كتاب "الإجماع"، (ص: 46): "وأجمعوا على وجوب الصدقة في الإبل والبقر والغنم". المسألة الثانية: شروط وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام: بهيمة الأنعام تجب فيها الزكاة إذا توفرت فيها ثلاثة شروط، وهي: 1- أن تكون مُعدَّة للدرِّ والنسل: فُتخرج بهيمة الأنعام المعُدَّة للركوب أو العمل أو التأجير، فلا زكاة فيها، فالإبل التي يركبونها ويسافرون عليها، وكذا الإبل والبقر التي يعملون عليها، فيسقون ويجلبون الماء بها، وكذا التي اتَّخذوها للتأجير، كل ذلك لا زكاة فيه، وإن بلغت نصابًا، وكانت سائمة، وإنَّما تخرج الزكاة من أجرتها إذا حال عليها الحول. وكذلك نُخرج بهيمة الأنعام التي اتَّخذت للتجارة، فهذه زكاتها زكاة عروض التجارة كما سيأتي. فائدة: اختلف في العوامل هل تجب فيها الزكاة؟ والعوامل هي الإبل والبقر تكون عند أحدهم، فيؤجرها لنقل البضائع بين البلدان وفيها، أو يؤجرها لجلب الماء من البئر إلى الزرع ونحوها، والصواب أنَّه ليس فيها زكاة، ولو بلغت نصابًا، وكانت سائمة، ولكن أجرتها إذا حال على القيمة حولٌ أخرج زكاته، والقول بأنَّ العوامل ليس فيها زكاة هو قول الجمهور خلافًا لمالك - رحمه الله - "وأما حديث علي - رضي الله عنه - مرفوعًا: ((ليس في البقر العوامل صدقة))؛ رواه أبو داود وابن أبي شيبة وعبدالرزاق والبيهقي، فهو حديث ضعيف ضعَّفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع برقم: 4905، وقد قال في "السلسلة الضعيفة": إنه ضعيف جدًّا. 2- أن تكون سائمة الحول أو أكثره: ومعنى سائمة؛ أي: التي ترعى فيما أنبته الله - عزَّ وجل - ولم يكن للآدمي فيه عمل، فإذا كانت بهيمة الأنعام تأكل مما نزرعه أو نشتريه فنعلفها إياه، فلا تعدُّ به سائمة، فبهيمة الأنعام التي وضعت في مكان وصاحبها هو الذي يأتي لها بالطعام، فهذه لا تسمى سائمة، ولا بد أن تكون سائمة الحول؛ أي: السنة كاملة، أو أكثره، فإذا كانت تأكل مما أنبته الله سنة كاملة أو سبعة أشهر، ففيها زكاة، وأمَّا إذا كانت ترعى فيما أنبته الله ستَّة أشهر فأقل، فلا زكاة فيها؛ لأنَّها لا تعد سائمة لا الحول ولا أكثره، وهذا من رحمة الله؛ حيثُ لم يوجب عليهم الزكاة؛ لأنَّهم تكلفوا بإعلافها. واشتراط كونها سائمة هو قول جمهور العلماء خلافًا لمالك - رحمه الله - وقولنا: "سائمة"، نخرج المعلوفة كما تقدم. ويدل على اشتراط كونها سائمة: 1- حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - الطويل في كتاب أبي بكر وفيه: "وفي الغنم في سائمتها"؛ رواه البخاري. 2- حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعًا: ((في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون))؛ رواه أبو داود (1575)، والنسائي (2444)، وصححه الإمام أحمد وابن عبدالهادي في "التنقيح" (2/1491). تنبيه: وكذا نخرج من هذا الشرط بهيمة الأنعام المُعَدَّة للتجارة، فهذه لا يشترط أن تكون سائمة، فإنَّ فيها زكاةَ عروض التِّجارة كما سيأتي في بابه، فإذا كانت عند رجل إبلٌ أو غنمٌ أو بقرٌ يبيع ويشتري فيها؛ ليتاجر ويربح، فهذه زكاتها زكاة عروض التِّجارة، ولا يشترط فيها نصابًا، ولا أن تكون سائمة، ودائمًا في كل بيان لأحكام الزَّكاة على طالب العلم أن يتصور أن عروض التِّجارة لها باب خاص أيًّا كانت هذه التِّجارة في بهيمة الأنعام أو السيارات أو الأقمشة أو المواد الغذائية أو غيرها مما اتُّخِذَ تجارة ففيه زكاة عروض التجارة كما سيأتي. 3- أن تبلغ النصاب المعتبر شرعًا: فإذا كانت بهيمة الأنعام اتُّخِذَت للدَّرِّ والنَّسْل، وكانت سائمة؛ لكي تجب فيها الزكاة لا بُدَّ من بلوغ النصاب المعتبر، فملك النصاب شرط بالإجماع كما تقدم، وسيأتي بيان النصاب لكل من الإبل والبقر والغنم، ومدار بيان نصاب الماشية على حديثين حديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر له، وحديث ابن عمر كما سيأتي وذكر ذلك النووي في "المجموع"، (5/382). المسألة الثالثة: زكاة الإبل: • من كان عنده (25) من الإبل، ففيها بنت مَخاض. بنت مَخاض: بفتح الميم، وهي ما تمَّ لها سنة من الإبل، وسميت بذلك؛ لأنَّ أمها في الغالب تكون حاملاً، والماخض: هي الحامل وهذه ابنة لها، فسميت بنت مخاض، وليس شرطًا أن تكون أمها ماخضًا، وإنَّما ذكر ذلك تعريفًا لها؛ لكونه غالب أحوالها. فمن كان عنده (25) من الإبل، فيخرج زكاتها بنت مَخاض. ويدل على ذلك: 1- حديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر كما عند البخاري، وفيه: "فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض أنثى"؛ رواه البخاري. 2- الإجماع ونقله ابن هبيرة في "الإفصاح"، (1/196). • في كل (5) من الإبل شاة، فإذا بلغت (25)، ففيها بنت مخاض. الشاة: لفظ يُطلق على الذَّكر والأنثى من الأغنام، سواء كانت من الضأن أم من الماعز، وهي من الضأن ما له ستة أشهر، ومن الماعز ما له سنة، وأوجب الشَّارع الحكيم زكاة الإبل هنا تخرج من الأغنام ولم تخرج من الإبل، مع أن زكاة كل مال تخرج من جنسه؛ نظرًا لقلة الإبل، وكونها مالاً عظيمًا عند صاحبها، فمن كان عنده (5) من الإبل، فإن زكاتها شاة واحدة، فإذا كان عنده (10) من الإبل، ففيها شاتان، فإذا كان عنده (15) من الإبل، ففيها ثلاث شياه، فإذا كان عنده (20) من الإبل، ففيها أربع شياه، فإذا كان عنده (25) من الإبل، ففيها بنت مخاض كما سبق. ويدل على ذلك: 1- حديث أبي بكر - رضي الله عنه - الذي كتبه لأنس وفيه: "وفيما دونها من الغنم في كل خمس شاة"؛ أي: فيما دون خمس وعشرين من الإبل يخرج من الغنم في كل (5) من الإبل شاة. 2- الإجماع على ذلك كما نقله ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص46)، ونقله ابن هبيرة في "الإفصاح" (1/196). فائدة: ما بين الفريضتين ليس فيه شيء، ويُسمَّى عند العلماء: وَقْص، بفتح الواو وإسكان القاف، فمثلاً من كان عنده (8) من الإبل، فهذا يخرج في زكاته شاة، فهو ومَنْ عنده (5) من الإبل سواء في إخراج الزكاة، مع أنَّه زاد عليه بثلاثة من الإبل، ولكن لا شيء فيها وتسمى (وقصًا)، وكذا من عنده (23) من الإبل، فإنَّ زكاته أربع شياه مثل مَنْ عنده (20) من الإبل وهكذا. • ومن كان عنده دون الخمس من الإبل كأن يَملك أربعًا من الإبل، فلا زكاة عليه. ويدل على ذلك: حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعًا: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة"؛ متَّفق عليه. • مسألتان: الأولى: من كان عنده (25) من الإبل، ففيها بنت مخاض كما سبق، فلو أخرج (5) شياه بدلاً عنها، فلا تُجزئ، ولكن من كان عنده عشرون من الإبل، فأخرج عنها بنت مخاض فهل تجزئه؟ والفرق بينهما أنَّ الأول أخرج أقل من الزَّكاة المطلوبة، والثاني صاحب العشرين أخرج أعلى من الزكاة المطلوبة. اختلف فيمن كان عنده (20)، وأراد أن يخرج بنت مخاض، فقيل: لا يُجزئه؛ لأنه خلاف النص الوارد. وقيل: يجزئه؛ لأنَّه إذا كان صاحب (25) من الإبل تجزئه فما دونه من باب أَوْلَى، وكذلك لو أخرج بنت لبون أجزأه، وهذا اختيار شيخنا ابن عثيمين في "الممتع" (6/54)؛ لأن المقصود هو التخفيف على صاحب الماشية، فإذا أخرج أعلى فهو بالخيار. الثانية: من كان عنده (25) من الإبل ولم يجد بنت مخاض، فإنه يجزئه ابن لبون ذكر بالإجماع. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه -: "فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين، ففيها بنت مخاض، فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر". وابن لبون: هو الذي له سنتان، ولا بد أن يكون ذكرًا لدلالة النص عليه، وهذا من المواضع التي يجوز فيها إخراج الذَّكر. • من كان عنده (36 إلى 45) من الإبل، ففيها بنت لبون. ويفهم من هذا أن من عنده (25) إلى (35) من الإبل، ففيها بنت مخاض، وعليه فما بين خمس وعشرين وست وثلاثين يسمى وَقْصًا، فإذا بلغت (36)، ففيها بنت لبون. وبنت لبون: هي ما تمَّ لها سنتان، وسميت بذلك؛ لأن أمها غالبًا قد ولدت، فهي ذات لبن، وليس ذلك شرطًا. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت ستًّا وثلاثين إلى ست وأربعين، ففيها بنت لبون أنثى". وعلى ذلك فما بين الستِّ والثلاثين والست والأربعين يسمى وَقْصًا، وكل وقص ليس فيه شيء، وهو خاص ببهيمة الأنعام، وذلك رفقًا بصاحبها؛ لأنَّها تحتاج إلى مؤونة كثيرة من رَعْي وسَقْي وحَلْب وغير ذلك. • من كان عنده (46 إلى 60) من الإبل، ففيها حِقَّة. والحِقَّة: هي الأنثى من الإبل التي تمَّ لها ثلاث سنوات. وسميت حِقِّة؛ لأنَّها استحقت أن يطرقها الفحل كما في الحديث، أو لأنَّها استحقت أن يُحمل عليها البضائع والمتاع. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت ستًّا وأربعين إلى ستين، ففيها حِقِّةٌ طَرُوقَةُ الجمل". والوَقْصُ ما بين ست وأربعين وإحدى وستين. • من كان عنده (61 إلى 75) من الإبل، ففيها جَذَعة. والجَذَعَة: هي ما تَمَّ لها أربع سنوات، وسميت جذعة؛ لأنَّها تُجْذِع إذا سقط سِنُّها. وهذا السن هو أعلى سن يَجب في الزكاة؛ لأنَّه غاية الكمال والدَّرِّ والنسل والقوة. ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين، ففيها جذعة". والوَقْص ما بين الإحدى وستين والست وسبعين، ولا تجب الجذعة إلاَّ في هذا الموضع، بخلاف بنت اللبون والحِقَّة، فإنَّها تجب فيما سيأتي. • من كان عنده (76 إلى 90) من الإبل، ففيها بنتا لبون. فلا بُدَّ أن يكونا بنتا لبون، فلو أخرج بنت لبون وابن لبون لم يُجزئ، لا بد من الأنثى؛ لأن الأنثى أغلى ثمنًا، وأنفع للناس دَرًّا ونسلاً. ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت ستًّا وسبعين إلى تسعين، ففيها بنتا لبون"، والوقص ما بين الست والسبعين والإحدى والتسعين. • من كان عنده (91 إلى 120) من الإبل، ففيها حقتان. ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة، ففيها حقتان طروقتا الجمل"، والوَقْص ما بين الإحدى وتسعين والمائة وواحد وعشرين. فائدة: كل ما مضى من بيان الأنصبة في الإبل، وبيان القدر الواجب في إخراج الزَّكاة انعقد عليه الإجماع، كما نقله ابن المنذر في كتاب الإجماع (ص 46)، والنَّووي في "المجموع"، (5/400، 418)، ودلَّ عليه حديث أنس - رضي الله عنه - عند البخاري، وملخص ما مضى في بيان الأنصبة والقدر الواجب على وفق ما يلي: النصاب من الإبل القدر الواجب فيه 5 – 9 شاة واحدة 10 – 14 شاتان 15- 19 ثلاث شياه 20- 24 أربع شياه 25- 35 بنت مخاض 36- 45 بنت لبون 46- 60 حقة 61- 75 جذعة 76- 90 بنتا لبون 91- 120 حقتان • من كان عنده (121 فما فوق)، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا زادت على عشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حِقَّة"، والمقصود في حساب ذلك إذا كانت الإبل (121 فما فوق)، نقسمها وننظر كم تَحمل العدد (أربعين)؟ فنجعل فيه بنت لبون، وكم تحمل العدد (خمسين)؟ فنجعل فيه حِقَّة، بشرط ألا يكون المتبقي بعد القسمة عشرة فأكثر. مثال ذلك: رجل عنده (123) من الإبل لو أردنا قسمتها، لوجدنا أنها تحمل (40) ثلاث مرات والباقي ثلاثة، إذًا فيها ثلاث بنات لبون. مثال آخر: رجل عنده (135) من الإبل لو أردنا قسمتها، لوجدنا أنَّها تحمل (40) مرتين، و(50) مرة واحدة، والمتبقي خمسة، إذًا فيها بنتا لبون وحِقَّة واحدة، بينما لو قسمنا هذا العدد على (40) ثلاث مرات، لتبقى خمسة عشر إذًا القسمة خاطئة. ويقول أهل العلم: إذا قسمت فتبقى معك عشرة فأكثر، فاعلم أن القسمة خاطئة. إذا تبقى أقل من عشرة، فهو وقص لا شيء فيه، والقِسْمة صحيحة على أن في كل (40) بنت لبون، وفي كل (50) حقة. وبناء على هذا تكون القسمة وفق ما يلي: النصاب من الإبل القدر الواجب فيه 121- 129 ثلاث بنات لبون 130- 139 حقة وبنتا لبون 140- 149 حقتان وبنت لبون 150 – 159 ثلاث حقَّات 160 – 169 أربع بنات لبون 170- 179 حقة وثلاث بنات لبون 180- 189 حقتان وبنتا لبون 190- 199 ثلاث حقات وبنت لبون 200- 209 خمس بنات لبون أو أربع حقات وكلما زدت عشرًا، تغيَّر الفرض الواجب، وأهم شيء ألا يكون المتبقي بعد القسمة عشرة فما فوق، فإذا تبقى كذلك، فإن القسمة خاطئة. • مَنْ وجبت عليه سن محددة، ولم يجد إلا أعلى أو أنزل منها: مثال ذلك: رجل وجبت عليه بنت لبون وليست عنده، وعنده بنت مخاض أنزل منها، فإنه يدفع بنت المخاض، ويدفع معها جبرانًا، وإذا لم يكن عنده بنت لبون وعنده حقة أعلى منها، فإنَّه يدفع الحقة، ويأخذ من عامل الزكاة الذي يبعثه ولي الأمر، يأخذ منه جبرانًا فهو بالخيار. والجبران: شاتان أو عشرون درهمًا، كل شاة بعشرة دراهم، هذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإمَّا أن يكون فرضه أقل من الواجب عليه، فيدفع لعامل الزكاة جبرانًا شاتين أو عشرين درهمًا، وإما أن يكون الذي عنده أعلى من الواجب عليه، فيدفع له عامل الزكاة جبرانًا شاتين أو عشرين درهمًا، وهذا القول هو القول الراجح، وهو قول المذهب والشافعية. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - في كتاب أبي بكر - رضي الله عنه -: "من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة، وليست عنده جذعة، وعنده حقة، فإنَّها تقبل منه الحقة، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا أو عشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحقة، وعنده الجذعة، فإنَّها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصَّدِّق عشرين درهمًا أو شاتين..."؛ رواه البخاري (1453). وهذا القدر الذي يأخذه المصدق أو يعطيه يسمى جبُرانًا، والجبران لا يدخل إلا في الإبل فقط، فهو خاص بها دون بقية بهيمة الأنعام؛ لأن النص إنَّما ورد في الإبل. مسألة: العشرون درهمًا كانت تساوي على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - شاتين، كل شاة بعشرة دراهم، وأما اليوم فالعشرون درهمًا لا تساوي شيئًا، فهل وضعها النبي - صلى الله عليه وسلم - تعيينًا لا بد منها أو تقويمًا عن الشاتين. الأظهر - والله أعلم - أنَّ العشرين درهمًا تقويمٌ مقابل الشاتين، وليس تعيينًا خلافًا للمذهب، فلو كانت قيمة الشَّاتين اليومَ مائتي درهم مثلاً، لوجب أن يعطيه مائتي درهم، ولا تكفي العشرون؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلها مقابل الشاتين والله أعلم. المسألة الرابعة: زكاة البقر: •البقر: جمع بقرة، والبقرة تقع على الذَّكر والأنثى، وإنَّما دخلته الهاء على أنَّه واحد من الجنس - كما يقول الجوهري - والجمع بقرات، وهي مُشتقة من بقرت الشيء إذا شققته، فسميت البقرة بذلك؛ لأنَّها تبقر الأرض بالحرث، وتقدم أنَّه دل على وجوب الزَّكاة فيها السنة والإجماع إذا توفرت فيها الشروط. • مَنْ كان عنده (30) من البقر، ففيها تبيع أو تبيعة. نصاب البقر ثلاثون، وما دونها فليس فيه شيء، وهذا باتِّفاق الأئمة الأربعة، ودلت عليه السنة كما سيأتي. والتَّبيع: هو الذكر من أولاد البقر تمَّ له سنة والأنثى تبيعة، وسمي بذلك؛ لأنَّه يتبع أمه في ذهابه ومجيئه ورعيه، فمن كان عنده (30) من البقر، فيخرج تبيعًا أو تبيعة، وسيأتي الدليل على ذلك. • وفي إخراج التبيع دليلٌ على أنَّ الذكر يُجزئ في زكاة البقر، وهذا من المواضع التي يجزئ فيها إخراج الذَّكر. • من كان عنده (40) من البقر، ففيها مُسِنَّة. • والمُسِنَّة: هي أنثى البقر التي تمَّ لها سنتان، فمن كان عنده أربعون من البقر، يخرج في زكاته مسنَّة، وعلى هذا ما بين الثلاثين والأربعين من البقر وَقْص لا شيء فيه. ويدل على نصاب زكاة البقر: حديث معاذ - رضي الله عنه - قال: "بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مُسِنَّة"؛ رواه أحمد (5/230)، وأبو داود (1576)، والترمذي (623)، والنسائي (5/25)، وابن ماجه (1803). وقال الترمذي: "حديث حسن"، وقال ابن عبدالبر في "التمهيد" (2/275): "وقد روي هذا عن معاذ بإسناد مُتَّصل صحيح ثابت". • ثم في كل ثلاثين تبيعٌ أو تبيعةٌ وفي كل أربعين مُسِنَّةٌ. ويدل على ذلك: حديث معاذ المتقدم. وعليه فإن من عنده (30) يخرج تبيعًا أو تبيعة، ومَنْ عنده (40) يخرج مُسِنَّة، إلى (59) يخرج مُسنَّة، ومَنْ عنده (60) من البقر يخرج تبيعين أو تبيعتين، وما بعد الستين كلما زاد عشرة، فإنه يتغيَّر الواجب إخراجه، ففي السبعين مثلاً تبيعٌ ومسنة، وهكذا في كل ثلاثين تبيعٌ أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنةٌ، والحساب فيه كالحساب في الإبل في بنت اللبون والحقة، وهنا أيضًا يقال: بشرط ألا يتبقى عشرة فما فوق، فإن تبقَّى بعد القسمة عشرة فما فوق، فالحساب خاطئ، فلا بد أن يكون الوقص أقل من عشرة، وبناء على ذلك تكون القسمة وفق ما يلي: النصاب من البقر القدر الواجب فيه 30 – 39 تبيع 40 – 59 مسنة 60- 69 تبيعان 70 – 79 تبيع ومسنة 80- 89 مسنتان 90 – 99 ثلاث تبيعات 100- 109 تبيعان ومسنة 110 – 119 مسنتان وتبيعة 120- 129 أربع تبيعات أو ثلاث مسنات، يختار معطي الصدقة وعلى هذا فقس، وفي التبيع يجوز إخراجها ذكرًا أو أنثى، ويجوز بعضها ذكرًا، وبعضها أنثى إذا كان عليه أكثر من تبيع، وكما تقدَّم أن هذا من المواضع التي يجوز فيها إخراج الذَّكر. • والمواضع التي يجوز فيها إخراج الذكر هي: 1- التبيع في الثلاثين من البقر، وهذا جاءت به السنة كما تقدم. 2- ابن اللبون مكان بنت المخاض إن لم يكُن عنده بنت مخاض، وهذا جاءت به السنة أيضًا كما تقدم. 3- إن كان النصاب عنده كله ذكورًا، قيل: إنه يخرج ذكرًا ولا يكلف بالأنثى، وقيل: بل يخرج ما جاءت به السنة وما عيَّنة الشارع، وهذا القول أحوط، كمن عنده ستة وثلاثون جملاً، فيجب فيه بنت لبون، فلا يجزئ ابن لبون. 4- إذا رأى الساعي أن أخذ الذكر فيه مصلحة، قيل: يجزئ ذلك. المسألة الخامسة: زكاة الغنم: تقدَّم دلالة السنة والإجماع على وجوب زكاةِ الغنم إذا توفرت فيها الشُّروط. • مَنْ كان عنده (40) شاة، ففيها شاة واحدة. والمقصود أن نصاب الغنم أربعون فما دونها ليس فيه زكاة، حتى تبلغ أربعين، ففيها شاة واحدة. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين، ففيها شاة إلى عشرين ومائة"؛ رواه البخاري (1454). • مَنْ كان عنده (121) شاة، ففيها شاتان. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا زادت عن عشرين ومائة، ففيها شاتان إلى مائتين". إذًا ما بين أربعين وواحد وعشرين ومائة وَقْص ليس فيه شيء، والذي بينهما (80) شاة، فليس فيها شيء، وهذا من تيسير الله، فمن كان عنده (40) شاة، أو (90) شاة، أو (110) من الشياه إلى (120) ليس في زكاتها إلاَّ شاة واحدة، فإذا بلغت (121) شاة، ففيها شاتان. • مَنْ كان عنده (201) من الشياه، ففيها ثلاث شياه. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث....". إذًا ما بين مائة وواحد وعشرين ومائتين وواحد (وقْص) ليس فيه شيء، وهو كالوقص الأول (80) ليس فيه شيء حتَّى تبلغ (201)، ففيها ثلاث شياه، وأيضًا الثلاثمائة فيها ثلاث شياه؛ للحديث السابق، ثم في كل مائة شاة. • مَنْ كان عنده (400) من الشياه، ففيها أربع شياه. ويدل على ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "فإن زادت واحدة، ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإن زادت ففي كل مائة شاة". أي: إنَّها إذا زادت عن مائتين وواحدة إلى ثلاثمائة، ففيها ثلاث شياه، ثم في كل مائة زيادة شاة، فيكون في (400) أربع شياه، فإن زادت مائة، زادت الفريضة واحدة، وهكذا فيكون ما بين (201) إلى (399) وَقْص، وهذا أكثر وقَصْ يوجد في الغنم، وبناءً على ذلك تكون القسمة وفق ما يلي: النصاب من الغنم القدر الواجب فيه 40- 120 شاة 121- 200 شاتان 201- 399 ثلاث شياه 400- 499 أربع شياه 500- 599 خمس شياه 600- 699 ست شياه، وهكذا في كل مائة شاة المسألة السادسة: الخُلْطَة في بهيمة الأنعام تجعل المالين مالاً واحدًا. الخُلطة: بضم الخاء، وهي لغةً: الشَّرِكَة، وفي الاصطلاح: جَعْلُ المالين المختلطين كالمال الواحد في حكم الزَّكاة. مثال ذلك: شخص له عشرون شاة، ولآخر معه عشرون شاة في مكان واحد، فأصبح العدد أربعين شاة، ففيها شاة؛ لأن هذا مال مختلط، فصار كالمال الواحد، ولكن لو كان للأوَّل عشرون وحْدَها، والآخر عشرون وَحْدَها، لم تجب فيها الزكاة؛ لعدم الخُلْطَة؛ لأن العشرين ليس فيها شيء. والدليل على تأثير الخُلطة حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع؛ خشية الصدقة"، وسيأتي بيان ذلك. • والخُلطة نوعان: 1- خُلطة اشتراك، (وتسمى خُلطة أعيان أو خُلطة شيوع). 2- خُلطة أوصاف (وتسمى خُلطة جوار). أولاً: خُلطة الاشتراك: وهي أن يشترك اثنان فأكثر في بهيمة الأنعام دون تميُّز بين ماليهما. مثال ذلك: أن يرث رجلان مائة من الإبل، فهما متشاركان بملكهما لهذا المال، أو كأن يشتريا مائة من الإبل، أو يُوهب لهما مائة من الإبل، فهذه تسمَّى خُلطة اشتراك، ولا خلافَ في وجوب الزكاة في هذا المال، فهذا النوع من الخُلطة لا إشكالَ فيه، وهو موضع اتِّفاق بين العلماء. فلو أن زيدًا وعمرًا اشتريا (80) شاة، ففي زكاتِها شاة واحدة ما دام أن مالهما مختلط، مع أنهما لو تفرقا، وأخذ كل واحد أربعين، لوجب على كل واحد شاة، فعن هذه الثمانين شاتان. فهذا النوع من الخلطة لا خلاف فيه، والخلافُ في النوع الثاني. ثانيًا: خلطة الأوصاف: هي أنْ يشتركَ اثنان فأكثر في أوصاف محددة مع تميُّز مال كل واحد منهما، وسيأتي بيان الأوصاف. مثال ذلك: زيد يملك خمسين من الإبل، وعمرو يملك خمسين وباجتماعها تكون مائة من الإبل، فلو اجتمعت في أوصاف كالمرعى، ومكان المبيت، وموضع الحلب، وغيرها من الأوصاف مما سيأتي، فإن هذه الخلطة تعتبر خلطة أوصاف، وليست خلطة أعيان. وموضع التفريق بين الخلطتين: أنَّه في خُلطة الأعيان لا يُمكن تمييز المالين عن بعضهما، وأما خلطة الأوصاف، فيمكن ذلك. مثال ذلك: لو أن زيدًا وعمرًا اشتركا في مائة بعير خلطة أوصاف، لزيد خمسون يعرفها، ولعمرٍ خمسون يعرفها، فلو ماتت إبل زيدٍ، فلا ضمان على عمرٍو؛ لأن المال يمكن تمييزه تحديدًا. وأمَّا لو كانت خلطة أعيان، ومات خمسون من المائة، فالضمان عليهما جميعًا؛ لأن المال غير متميز، فالخسارة عليهما جميعًا. وتقدم أن خلطة الأعيان مُؤثرة باتِّفاق العلماء، بخلاف خلطة الأوصاف، فجمهور العلماء أنها مؤثرة خلافًا للأحناف، والصواب أنَّها مؤثرة كما هو قول الجمهور بشروط: الشرط الأول: أن يبلغ الخليطان نصابًا. مثال ذلك: لزيد عشرون من الغنم وعمرو له عشرة من الغنم، فالمجموع ثلاثون، وهذا أقل من النصاب، فلا أثر للخلطة، وأمَّا لو كان لزيد عشرون وعمرو له عشرون أيضًا، فالمجموع أربعون، فالخلطة لها أثر؛ لأنَّ الخليطين بلغا النِّصاب. الشرط الثاني: أن يكون الخليطان من أهل الزكاة. مثال ذلك: لزيد عشرون شاة وهو (مسلم)، وعمرو له عشرون شاة وهو (كافر)، فلا تجب على زيد الزكاة؛ لأنَّه خالط من ليس من أهل الزكاة. الشرط الثالث: أن يختلط المال كل الحول، وعليه فلو انفرد أحدهما في بعض الحول، فلا أثر للخلطة. الشرط الرابع: ألا يكون الاختلاط من أجل الفرار من الزَّكاة. مثال ذلك: زيد له (40) شاة، وعمرو له (40) شاة، وخالد له (40) شاة، فلو لم يختلطوا، لوجب على كل واحد منهم شاة؛ لأن في كل (40) شاة، فأرادوا أن يخلطوا المال؛ من أجل أن يفروا من الزَّكاة، ويقل القدر الواجب؛ لأن في (120) شاة واحدة، فلو فعلوا من أجل الفرار من الزَّكاة، فحينئذ لا أثر للخلطة، ويجب أن يخرجوا ثلاث شياه. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - المتقدم وفيه: "ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع؛ خشية الصدقة". وكذلك العكس لا يجوز، فلو فرقوا المال من أجل الفرار من الصدقة، لم يفترق هذا المال في إيجاب الزكاة. مثال ذلك: لزيدٍ (20) شاة، وعمرو له (20) شاة، وتوفرت في مالهما شروط الخلطة، فالأربعون فيها شاة، وقبل مجيء عامل الصدقة فرقا المال؛ فرارًا من الزكاة، فهذا لا يجوز. مثال آخر: شخص عنده (40) شاة، وقبل مجيء عامل الصدقة فرقها؛ فرارًا من الصدقة. فالشرط الرابع دليله حديث أنس - رضي الله عنه - والشرط الأول والثاني تقدم الاستدلال علهيما في أول كتاب الزَّكاة، وهما ملك النصاب والإسلام، والشرط الثالث؛ لأن المال لا يسمى مختلطًا حتى يمضي عليه الحول، فمُضِيُّ الحول شرط مُعْتَدٌّ به. الشرط الخامس: أن تختلطا وتجتمعا في بعض الأوصاف. واختلف الجمهور في تحديد هذه الأوصاف: فالمذهب: لا بُدَّ من الاشتراك في خمسة أمور: 1- في المُراح: بضم الميم وهو مكان المبيت والمأوى، فلا بد أن يكون مكان المبيت واحدًا. 2- في المَحْلب: وهو مكان الحلب لا بد أن يكون واحدًا، فلو حُلبت غنم أحدهما في موضع غير الآخر لا تعدُّ خلطة. 3- في المسرح؛ أي: يسرحن جميعًا، ويرجعن جميعًا. 4- في المرعى؛ أي: يكون المرعى لهن جميعًا، فليس غنم أحدهما في جهة، والآخر في جهة أخرى. 5- في الفحل: بأن يكون لهذه الغنم فحل واحد مشترك، فلا يختص بأحد المالين فحل دون الآخر. فإذا توفرت هذه الأوصاف الخمسة، فالخلطة خلطة أوصاف، وهي حينئذ مؤثرة كأنَّها لرجل واحد. والقول الثاني: أنَّه لا يلزم توفر جميع الأوصاف السابقة، والخلطة يرجع فيها إلى العُرف، فما عدَّه الناس في عُرفهم خلطة عُدَّ، واختاره ابن مفلح من الحنابلة. واستدلوا: بعدم الدليل على الأوصاف السابقة والقاعدة "أن كل ما لم يأتِ في الشرع تحديده، فيرجع فيه إلى العرف"، وهذا القول أقوى والله أعلم. فإذا توفرت الشروط الأربعة الأولى، ودَلَّ العرف على أنَّها خلطة مُعتد بها، كأن يكون الراعي واحد طيلة السنة وغيرها من أمور العُرف، فيحكم على المال أنه مختلط. وما ورد من حديث فيه تحديد بأوصاف معينة، فهو ضعيف، ومن ذلك حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: ((الخليطان ما اجتمعا على الحوض، والفحل، والراعي))؛ رواه الدارقطني (2/104)، وهو حديث ضعيف فيه عبدالله بن لهيعة، وضعفه ابن مفلح في الفروع (2/382)، ونقل عن الإمام أحمد أنَّه ضعفه ولم يره حديثًا، وقال ابن مفلح في الفروع: "وهذا الخبر ضعيف، فلهذا يتوجَّه العمل بالعرف في ذلك". • وتحت هذه المسألة عدة تنبيهات: التنبيه الأول: إذا اختلط اثنان، وتوفرت فيهما شروط الخلطة، وأُخِذَ منهما الزكاة، فالزَّكاة بينهما على حسب ملكهما. مثال ذلك: زيدٌ له (15) شاة، وعمرو له (30) شاة، فالمجموع (45) شاة، فيها شاة واحدة إذا أخذ عامل الزَّكاة، فزيد عليه ثلث وعمرو عليه ثلثان بحسب ملكهما. ويدل على ذلك: حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية". التنبيه الثاني: الخلطة لا تؤثر في غير بهيمة الأنعام خلافًا للشافعيَّة، فلو اشترك مجموعة في مزرعة، وكان نصيب كل واحد من الحبوب أو الثِّمار لو جمع مع الآخر بلغ نصابًا، فلا زكاة فيه؛ لأن الخلطة لا تؤثر إلا في بهيمة الأنعام؛ لورود الدليل بها. التنبيه الثالث: إذا كان المال لشخص واحد، فإنَّ تفرقته لا تؤثر فيه وهو قول جمهور العلماء. مثال ذلك: زيدٌ له (20) شاة في الرِّياض، و(20) شاة في جدة، ولو اجتمعت لصارت (40) شاة، فيها شاة واحدة، ولكن المكان مُختلف، فهل تجب فيه الزكاة؟ فالمذهب: أنه لا زكاةَ عليه، ما دام أنَّه لم يفعل ذلك حيلة وفرارًا من الزَّكاة، وهذا من مفردات الحنابلة وجمهور العلماء: على أن فيه زكاة ما دام أن المال لشخص واحد، وهو الأظهر والله أعلم. التنبيه الرابع: لو اختلط اثنان في ماشية، وأحدهما يريد بنصيبه عُرُوض التِّجارة، فيبيع ويشتري في غنمه، والآخر يريد الدَّرَّ والنَّسلَ، فهذه الخلطة غير مؤثرة؛ لاختلاف الزَّكاة، فعروض التجارة زكاتها بالقيمة، والآخر زكاته في نفس الماشية. التنبيه الأخير: من يأخذ الصدقة من أصحاب الماشية، فإنه لا يأخذ أكرمها؛ أي: أنفسها، حتى لا يُضر بصاحبها، ولا يأخذ الرديء والمَعِيبَة؛ حتى لا يُضر بالفقراء ومستحقي الزكاة، ولكن يأخذ الوسط من ذلك. ويدل على ذلك: 1- حديث معاذ بن جبل المتفق عليه وفيه قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إياك وكرائم أموالهم))؛ أي: أنفس أموالهم. 2- حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه: "ولا يخرج في الصدقة هرمة، ولا ذات عوار، ولا تيس إلا أن يشاء المُصَّدِّق"، وأيضًا قوله - تعالى -: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [البقرة: 267]. ــــــــــــــــــ [1] انظر: "الفتاوى"، 25/37. [2] الحديث رواه البخاري (1454). زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة بلة الحسن عمر مساعد المصدر: مجلة جامعة الملك سعود، المجلد 14، ص675-704 مقالات ذات صلة تاريخ الإضافة: 21/02/2007 ميلادي - 3/2/1428 هجري زيارة: 3941 ملخص البحث: إن للزكاة مكانة عظيمة في الإسلام؛ فهي الركن الثالث بعد الشهادتين والصلاة، وقد عُني بمباحثها العلماء قديماً وحديثاً، ولا يزال البحث يتجدد في هذه الشعيرة؛ لعناية الشارع بها، ولأنها تتعلق بالجانب المالي في حياة الناس. وقد تناول هذا البحث زكاة موارد مالية حديثة، هي الرواتب والأجور، وإيرادات المهن الحرة، التي ظهرت كمصادر كسب لها مكانتها في حياة الناس اليومية؛ فبينت الدراسة الآراء الفقهية الواردة في حكم زكاتها، مع الأدلة، والمناقشة، والترجيح. وخلص البحث إلى ترجيح القول بوجوب زكاتها، مع توضيح كيفية زكاتها، والمقدار الواجب فيها، وذكر نماذج تطبيقية لذلك. مقدمة: فريضة الزكاة ركن من أركان الإسلام، تقوم بتنظيم شؤون حياة العباد اجتماعياً واقتصادياً وروحياً، ولها دور جليل على مستوى الأفراد والجماعات، حيث تنمي روح الإخاء بين الأغنياء والفقراء والمحتاجين، وقبل ذلك كله هي تطهير لنفس الغني من داء الشُّح والبخل والطمع، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة:103]. وفي الزكاة تطهير لنفس الفقير والمحتاج من رذيلة الحقد، وداء الحسد، وآفة البغضاء، فما أن يصل شيء من مال الغني لأخيه الفقير؛ إلا ويشعر الأخير بأن مَنْ حوله من أبناء المجتمع الذين أنعم الله عليهم بالمال يمدون يد العون والمساعدة له؛ فيُدخل ذلك السرور في قلبه نحوهم، وينعدم الحسد والبغضاء، ويتحقَّق ذلك كله طالما أن فريضة الزكاة قائمة بين المسلمين على أكمل وجه، وفي جميع أنواع الأموال الزكويَّة. وعلى الرغم من أن فريضة الزكاة شُرعت بنصٍّ صريح من الآيات القرآنية، وحدَّدت السنة الشريفة مقاديرها وتفاصيلها، غير أن هناك مصادر كسب برزت في حياة الناس، تحتاج إلى مزيد من إلقاء الضوء عليها، حتى يُتوصل إلى التكييف الفقهي الصحيح لها، تلكم المصادر هي: رواتب الموظفين، وأجور العمال، وإيرادات أصحاب المهن الحرة، ونحوها، وقد برزت كمصادر للدخل لدى الأفراد في العصر الحاضر مقابل عملهم، وجزاء جهدهم. وسيعالج هذا البحث هذا الموضوع الهام والمعاصر، وذلك من خلال محاولة الإجابة عن التساؤلات الآتية: هل ورد عن النبي - صلي الله عليه وسلم - أو الخلفاء الراشدين، أو الأئمة الفقهاء أخذهم لزكاة الرواتب؟ هل كانت تُعرف هذه الدخول بأسماء أخرى؟ وإذا لم يتناولها السلف بالبحث والتفصيل؛ فمتى ناقشها الفقهاء المعاصرون؟ وما هي الآراء التي حولها؟ وما مستنَد كل رأي؟ وما الراجح منها؟ وعلى فرض وجوب الزكاة فيها، كيف تزكَّى؟ ومتى تزكَّى، عند الحول أو عند القبض؟ وكيف ينزل التطبيق إلى الواقع؟ تمهيد: أهمية الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة كموارد للكسب [1، ص 256] يطلق لفظ الراتب على ما يأخذه الإنسان بصفة مستمرة مقابل عمل يقوم به [2، ص187]، جاء في "المعجم الوسيط": "الراتب: يقال رزق راتب: ثابت ودائم، ومنه الراتب الذي يأخذه المستخدم أجراً على عمله". [3، جـ1، ص326] مُحْدَثَةٌ. أما إيرادات المهن الحرة، فيراد بها: ما يحصل عليه أصحاب المهن الحرة في مقابل العمل الذي يقومون به، كدخل الطبيب من عيادته الخاصة، ودخل المحامي، ومَنْ في حكمهما. وقديماً كان يسمَّى أجور العمال (أُعِطيَّات)، قال مالك في "الموطأ": "قال القاسم بن محمد: وكان أبو بكر إذا أعطى الناس أُعطِيَّاتهم يسأل الرجل: هل عندك من مال وجبت فيه الزكاة..." [4، جـ1، ص245]. ولما كانت فئات الموظفين والعمال والمهنيين في مجملها تمثل ثقلاً مقدَّراً في أي مجتمع، وأن رواتب بعضهم تفوق في أحيان كثيرة دخول كثير ممن يعملون في التجارة الزراعة؛ لذا كان لابد من الاهتمام بالنظر في إيجاب الزكاة في أموالهم؛ فان ثبت شرعاً أخذ الزكاة منهم كان ذلك طُهْراً لأموالهم، واستكمالاً منهم لأركان دينهم، وعوناً منهم لإخوانهم المحتاجين، لاسيما وقد أصبح للموظفين دخول عالية؛ لأن فيهم الوزير، والمدير، والأستاذ الجامعي، والاستشاري الطبيب، والمحامي، وأمثالهم. كما أصبح الصناع والمهنيون يحصلون على نسب كبيرة من الدخول لقاء أتعابهم. المبحث الأول: آراء الفقهاء وأدلتهم في حكم زكاة الرواتب وأجور العمال وإيرادات أصحاب المهن الحرة: لاشك أن رواتب الموظفين وأجور العمال وموارد المهنيين أصبحت في عصرنا الحاضر تمثل موارد ضخمة ومتجددة لدى عدد ليس بالقليل من أصحاب هذه الفئات، وقد تباينت وجهات النظر، لا في حكم الزكاة فيها فحسب؛ بل في متى تزكَّى، وفي مقدار الزكاة فيها، ولعل مردَّ ذلك الخلاف كالآتي: 1- لم يرد فيها نصٌّ صريحٌ من كتاب أو سُنَّة. 2- لم تكن هذه الدخول معروفة في عهد النبوَّة، وإن عُرفت رواتب الجند والمرابطين في عهد أبي بكر والخلفاء من بعده، وكانت تسمَّى الأُعْطِيَّات، ولكن دخول الوظائف وأجور العمال ونحوهما على الوجه المعروف في عصرنا الحاضر لم تكن معهودة للفقهاء في عصور الإسلام الأولى. 3- الاختلاف في قياسها على المال المستفاد. 4- الاختلاف بين الفقهاء في زكاة المال المستفاد، هل تكون عند استفادته أو بعد الحول. هذا وسنبدأ بقول الموجبين ومستنَدهم في ذلك، ثم نعرض لقول المانعين ومستنَدهم كذلك. المطلب الأول: قول الموجبين وأدلتهم: 1- يقول الشيخ محمد الغزالي: "إن مَنْ دخله لا يقل عن دخل الفلاح الذي تجب عليه الزكاة يجب أن يخرج زكاة؛ فالطبيب، والمحامي، والمهندس، والصانع، وطوائف المحترفين والموظفين وأشباههم تجب عليهم الزكاة، ولابد أن تُخرج من دخلهم الكبير، ولنا على ذلك دليلان: الأول: عموم النص في قول القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة:267]. ولاشك أن كسب الطبقات الآنفة الذكر كسب طيب يجب الإنفاق منه. والدليل الثاني: أن الإسلام لا يُتصور في حقِّه أن يفرض الزكاة على فلاح يملك خمسة أفدنة، ويترك صاحب عمارة تدرُّ عليه مقدار محصول خمسين فداناً، أو يترك طبيباً يكسب من عيادته في اليوم الواحد ما يكسبه الفلاح في عام طويل من أرضه، إذا أغلَّت بضعة أرادب من القمح، ضُربت عليه الزكاة يوم حصاده!!. لابد إذن من تقدير زكاة أولئك جميعاً، وما دامت العلة المشتركة التي يُناط بها الحكم موجودة في الطرفيْن؛ فلا ينبغي المراء في إمضاء القياس وقبول نتائجه [5، ص166 وما بعدها]. 2- وعرض الأساتذة: عبد الرحمن حسن، ومحمد أبو زهرة، وعبد الوهاب خلاف لهذا الموضوع في محاضرتهم عن الزكاة، في حلقة الدراسات الاجتماعية، عام (1372هـ/ 1952م) بدمشق، فأوجبوا فيه زكاة كسب العمل؛ حيث قالوا: "أما كسب العمل والمهن؛ فإنه يؤخذ منه زكاة إن مضى عليه حَوْلٌ، وبلغ نِصَاباً. واستدلُّوا على ذلك بقولهم: "أما كسب العمل والمهن الحرة؛ فإنَّا لا نعرف له نظيراً، إلا في مسألة خاصة بالإجارة على مذهب أحمد - رضي الله عنه - فقد روي عنه أنه قال فيمن أجَّر داره، فقبض كِرَاها، وبلغ نِصَاباً: إنه يجب عليه الزكاة إذا استفاده من غير اشتراط؛ وإن هذه في الحقيقة تشبه كسب العمل، أو هو يشبهها، فتجب الزكاة فيه إذا بلغ نصاباً [6، ص248]. ونصُّ المسألة كما قال ابن قدامة: "روي عن أحمد فيمن باع داره - يعني: أجَّر داره - بعشرة آلاف إلى سنة، إذا قبض المال يزكٍّيه. إنما نرى أن أحمد قال ذلك لأنه مَلَكَ الدراهمَ في أول الحَوْل، وصارت دَيْنًا له على المشتري - أي: المستأجر - فإذا قبضه زكَّاه للحَوْل الذي مرَّ عليه في مِلْكه، كسائر الديون، وقد صرَّح بهذا المعنى في رواية بكر بن محمد عن أبيه، فقال: "إذا أكرى داراً أو عبداً في سنة بألف، فحصلت له الدراهم وقبضها، زكَّاها إذا حال عليها الحَوْل من حين قبضها، وإن كانت على المكتري؛ فمن يوم وجب [ 7، جـ1، ص490]. 3- وأوجب يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الزكاة" زكاةَ الرواتب والأجور، وإيرادات المهن الحرة، واستدلَّ على ذلك بأنه مال مُستفاد، فقال: "تؤخذ الزكاة من الرواتب ونحوها، والتكييف الفقهي الصحيح لهذا الكسب أنه مال مُستفاد" [8، جـ1، ص490]. 4- ويقول حسين شحاته: "ويخضع إيراد كسب العمال بنوعَيْه للزكاة، واستدلَّ على ذلك بقوله: ودليل خضوع إيراد كسب العمل بنوعَيْه للزكاة ثابت ومؤكد بما ورد في القران الكريم من آيات، وبما بيَّنه الرسول العظيم من أحاديث، وما روي عن السلف الصالح من اجتهادات". أ - فقد ورد في القرآن الكريم قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} [البقرة:267]. ويعدُّ إيراد العمل هو ما كسبه الإنسان من بذل الجهود العضلية والذهنية، وهو كسب طيب، يجب أن تؤدَّى زكاته، مثله مثل الفلاح الذي يعمل ويكسب من الأرض، والتاجر الذي يعمل ويكسب من التجارة، والصانع الذي يعمل ويكدح من الصناعة. ب - أما الأحاديث التي تؤكِّد وجوب الزكاة في إيراد كسب العمل بنوعَيْه - باعتباره مالاً مستفاداً - كثيرة، منها قوله - صلي الله عليه وسلم -: ((على كل مسلم صدقة)). الحديث. أخرجه البخاري كما في "فتح الباري"، كتاب الزكاة، باب: على كل مسلم صدقة، حديث رقم (1445) [9، جـ3، ص307] . كما قال الرسول -صلي الله عليه وسلم -: ((من استفاد مالاً؛ فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحَوْل)) [10، جـ3، ص26]. رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعاً وموقوفاً، وقال: "الموقوف أصح؛ لأن فيه من طريق المرفوع عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ضعيف في الحديث، ضعَّفه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وغيرهما من أهل الحديث، وهو كثير الغلط". وحكم الألباني على المرفوع بالضعف، كما في كتابه "ضعيف الجامع الصغير وزياداته"، [11، ص780]. جـ - كما ورد عن الخلفاء الراشدين أخذهم زكاة المال من الأُعْطِيَّات ومن المال المستفاد، فيقول أبو عبيد: "روي عن عائشة ابنة قدامة بن مظعون، قالت: كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إذا خرج للعطاء أرسل إلى أبي، فقال: إن كان عندك مال قد وجبت فيه الزكاة، حاسبناك فيه من عطائك" [1، ص ص254 - 225]. 5- وممن قال بإخضاع الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة ونحوها للزكاة، قياساً على زكاة المال المُستفاد، كلٌّ من: أبو بكر الجزائري [12، ص33]، ومحمد سعيد وهبه [13، ص233]، وعبد العزيز جمجوم [13، ص33]، ومحمد كمال عطية [14، ص ص 71 - 75، 123 – 126]، وسلطان بن محمد بن علي سلطان [15، ص119]، ومحمود أبو السعود [ 16، ص146 وما بعدها]، ومحمود عاطف البنا [17، ص176 وما بعدها]، ومنذر قحف [18، ص73)، ويحيى أحمد مصطفى قللي [19، ص73]، وجمعة محمد مكي [20، ص ص 199 - 204]، ومحمد العقلة [21، ص164]. 6- ونصَّ مرسوم فريضة الزكاة بالمملكة العربية السعودية رقم (8634) لعام (1370هـ)، ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم (93)، وتاريخ (6/ 8/ 1370هـ، 13/ 5/ 1951م)، وما لحق ذلك من مراسيم وتعديلات، بإخضاع رؤوس الأموال وغلاَّتها، وكلِّ الواردات والأرباح والمكاسب التي تدخل على الأفراد والشركات من مزاولة تجارة، أو صناعة، أو أعمال شخصية، أو ممتلكات ومقتنيات نقديَّة [22، ص135]. 7 – وقد جاء في ندوة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، المنعقدة في (15/6/1411هـ، 1/1/1991م) ما نصُّه: والمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها تقوم بجباية الزكاة الظاهرة كالزروع والثمار والمواشي، أما الزكاة الباطنة -كالنقود وعروض التجارة - فكانت تُترك للرعايا السعوديين ليدفعوها بمعرفتهم، إلى أن صدر نظام جباية فريضة الزكاة بالمرسوم الملكي رقم [17/ 2/ 28/ 8634]، لعام (1370هـ/ 1951م)، باستيفاء الزكاة الشرعية كاملةً من جميع الأفراد والشركات الذين يحملون الرعويَّة السعودية، ويستند نظام فريضة الزكاة على مجموعة من الخصائص، أهمها: نظام جباية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فالنظام لم يقصر في جباية الزكاة على عروض التجارة فقط، بل شمل جميع الأموال، سواء كانت ثروة عقارية كالعمارات، أو صناعية كالمصانع، أو مالية كالأوراق المالية. وهذه الأموال يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات متميزة؛ بحيث تتضمن كل مجموعة منها الأموال ذات الخصائص المشتركة: فالأولى: رؤوس الأموال المنقولة؛ كالأنعام، والنقود، وعروض التجارة، والأوراق المالية. أما الثانية: فتشمل الأموال الثابتة؛ كالزروع والثمار، والمستغلاَّت كالعقار والمصانع. أما الثالثة: فتشمل المال المستفاد؛ ككسب العمل، والرواتب والأجور والمكافآت، وما في حكمها، ودَخْل المهن الحرة؛ مثل الإيرادات التي يحصل عليها الأطباء، والمحامون، والمحاسبون، والمهندسون، وغيرهم من أصحاب المهن الحرة والحِرَف [23، ص ص 16 - 17]. 8- أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، فتوى رقم (282)، وتاريخ (11/ 11/ 1392هـ) بوجوب الزكاة على مَنْ ملك نصاباً من النقود، كالذي يوفِّره الموظف شهرياً من مرتبه. فتوى رقم (282)، وتاريخ (11/ 11/ 1392هـ). [24، ص ص 158 - 159]. 9- ونصَّت وقائع وتوصيات مؤتمر الزكاة الأول بالكويت، المنعقد في (29 رجب 1404هـ، الموافق 30/ 4/ 1984م) على وجوب زكاة الأجور والرواتب، وأرباح المهن الحرة وسائر المكاسب" [25، ص ص 442 - 443]. 10- ونصَّت المادة (22) من قانون الزكاة بجمهورية السودان، والبند (11) و (12) لائحة الزكاة، لسنة 1413هـ/ 1993م على وجوب زكاة المرتبات والأجور، والمكافآت، والمعاشات، ودخول أصحاب المهن الحرة والحرف [26، ص ص 7 – 8]. المطلب الثاني: قول المانعين وأدلتهم: لم أطَّلع على قول يخالف في إخضاع الرواتب والأجور ودخول المهن الحرة للزكاة، سوى ما أورده كوثر الأبجي [ 27، ص 356]، ولم يسمِّ قائله، لكنه ذكر مستنَده بقوله: "ولكن يقابل هذا الرأي - أي: رأي من أخضعها للزكاة - الرأي الثاني، ويستند إلى ما يلي: 1- أن الثروات والدخول المستحدَثة التي لم توجد في عهد النبي - صلي الله عليه وسلم - ولا في عصر الخلفاء الراشدين، ووجدت فقط في عصرنا هذا هي فقط التي يمكن الاجتهاد فيها بالقياس على سائر أنواع الزكاة، بغرض إخضاعها للفريضة؛ حيث إن كافة أنواع الثروات التي كانت موجودة في زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - قد أُخضعت للزكاة، وعلى ذلك تشمل الزكاة كافة ثروات العصر، أما الدخل الناتج عن كسب العمل فقد كان موجوداً زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء الراشدين من بعده، ومع ذلك فلم يخضعها أحد للفريضة، ولو كان يمكن إخضاعها، لما أغفلتها الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. 2- إن وجوب تزكية إيراد كسب العمل تخريجاً على أنه مال مُستفاد تخريجٌ حديثٌ؛ رغبةً في إخضاع هذا الإيراد، ولو كان هو المال المُستفاد المقصود به في مراجع الفقه الإسلامي؛ لما استعصى تخريجه على علماء العصور السالفة. 3- إن هذا المال سيخضع حتماً للزكاة بعد استقطاع الأعباء العائلية، متمثلاً في زكاة النقدَيْن، فإذا كنَّا سنخضعه لزكاة كسب العمل، فهل سنعفيه حينئذٍ من زكاة النقدَيْن منعاً للثني؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يجوز أن نُخضع المال لزكاة ثم تشريعها بالقياس، ونعفي المال من زكاة أصلية؟. 4- إن زكاة كسب العمل - تشبيهاً بضريبة كسب العمل - التي تُخضع المرتبات والأجور وإيراد المهن الحرة للضريبة، ولا يصح أن نضيف للزكاة من المفاهيم والمبادئ الوضعية، إلى جانب أن كسب العمل يخضع فعلاً في معظم المجتمعات الإسلامية لضرائب وضعية، والمطلوب هو تخفيف الأعباء المالية على كسب العمل بصفة خاصة؛ نظراً لأنه يعتمد على المقدرة الذهنية والعضلية للإنسان، وهو مَعِينٌ سريع النضوب، ويجب المحافظة عليه، فإذا كانت الضرائب واقعاً مفروضاً في المجتمعات الإسلامية؛ فالأحرى بنا أن نخفِّف الأعباء المالية، لا أن نضيف عبئاً جديداً. 5- إن الدولة المعاصرة تحتاج لإنفاق نفقات عامة كثيرة، في نواحٍ متعددة بخلاف مصارف الزكاة، وعلى ذلك إذا كانت هناك إيرادات لم تفرض عليها الشريعة أصلاً زكاةً، مثل كسب العمل - أي: الرواتب، والأجور، ودخل المهن الحرة - فالأوجب أن تُفرض عليها ضريبة تخصص حصيلتها للإنفاق في أوجه المصارف الأخرى التي تحتاجها الدولة، بدلاً من الاجتهاد الذي قد يصيب أو يخطئ في تشريع زكاة جديدة. المطلب الثالث: مناقشة الأدلة والترجيح: 1- الناظر في أدلة الموجبين يجدها تنحصر في الآتي: أ - عموم النصوص من الكتاب والسنة [20 ، ص199]، كاستدلالهم بعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} [البقرة:267]، واستدلالهم بحديث: ((على كل مسلم صدقة)). قالوا: يا نبي الله، فمَنْ لم يجد؟ قال: ((يعمل بيده؛ فينفع نفسه ويتصدَّق ...))، الحديث. أخرجه البخاري كما في "الفتح"، في كتاب الزكاة، باب: على كل مسلم صدقة، حديث رقم (1495)، [9، جـ3، ص307]. ب - القياس على المال المُستفاد [8، جـ1، ص490]، والمال المُستفاد: هو الكسب الذي يحصل عليه، ليس من مالٍ عنده، ولا بديلاً عنه؛ بل استفاده بسبب مستقل؛ كأجرٍ عن عمل، أو مكافأة، أو هبة، أو نحو ذلك، سواء كان من جنس مالٍ عنده، أم من جنس غيره [8، جـ1، ص491؛ 1، ص257]. جـ - القياس على زكاة كسب الفلاح والتاجر والصانع [1، ص254]: فكما يجب على الفلاح الذي يعمل ويكسب من تجارته، والصانع الذي يعمل ويكدح من الصناعة، فكذا يجب على الموظف والعامل ونحوهما زكاة كسبهما؛ فالجميع كسب مقابل جهد عضلي أو ذهني. قلت: أما استدلال الموجبين بعموم الآية ففي محله، ويشهد له قول الإمام البخاري في "صحيحه"، في كتاب الزكاة، باب صدقة الكسب والتجارة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة:267]، إلى قوله تعالى {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة:267]، ونقل الحافظ ابن حجر عند شرحه هذا الباب أحاديث: منها ما أخرجه الطبري من طريق هيثم، عن شعبة، ولفظه: {مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}، قال: ((من التجارة))، وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ. قال: ((من الثمار)). وعن علي: قال في قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} قال: "يعني الحبّ والثمر، كل شيء عليه زكاة". وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "يأمر الله عباده المؤمنين بالإنفاق والمراد به الصدقة ها هنا". قال ابن عباس: "من طيبات ما رزقهم الله، من الأموال التي اكتسبوها" [28، جـ1، ص303]. أما استدلالهم لإيجاب الزكاة في الرواتب ونحوها بعموم حديث: ((على كل مسلم صدقة))؛ رواه البخاري كما في "الفتح"، كتاب الزكاة [9، جـ 3، ص 307]. فلا وجه له فيما أرى؛ لأن المراد بالصدقة هنا: المعروف بعامة، ويدل على ذلك بعض ألفاظ الحديث، وما قاله شرَّاح الحديث، قد قال ابن حجر: "وهل تلتحق هذه الصدقة بصدقة التطوع التي تحسب يوم القيامة من الفرض الذي أخلَّ به؟ فيه نظر، والذي يظهر لي أنها غيرها، لما تبين من حديث عائشة المذكور: أنها شُرعت بسبب عتق المفاصل، حيث قال في آخر هذا الحديث: ((فانه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار)) [9، جـ3، ص307]. وورد الحديث في صحيح مسلم بلفظ: ((على كل سُلامَى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) [29، جـ1، ص499]. وقد أشار ابن حجر إلى ما ورد في لفظ مسلم: ((ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) بقوله: "وهذا يؤيد ما قدمناه: أن هذه الصدقة لا يكمل منها ما يختل من الفرض؛ لأن الزكاة لا تكمل الصلاة، ولا العكس، فدلَّ على افتراق الصدقتيْن. وإذا كانت الصدقة الواردة في هذا الحديث: ((على كل مسلم صدقة)) تفارق الصدقة التي تشمل الزكاة؛ فلا وجه إذن - ولو من جهة العموم - للاستدلال بهذا الحديث على إيجاب زكاة الرواتب والأجور ونحوها. أما إيجاب زكاة الرواتب والأجور ونحوها بالقياس على زكاة كسب الفلاح والتاجر والصانع فواضح؛ لأن الجميع كسب مقابل جهد، أما وقد أوجب الشارع الزكاة في كسب الفلاح إذا بلغ مقداراً معيناً، وكذا التاجر؛ فيمكن أن يقاس على ذلك إيجاب الزكاة في الرواتب والأجور، وإيرادات المهن الحرة. 2- أما ما استدل به المانعون فنجمله في الآتي: أ - أن الدخل الناتج عن كسب العمل – رواتب، وأجور، وإيرادات مهن - كان موجوداً زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء من بعده؛ فلم يخضعها أحد للفريضة، ولو كان يمكن إخضاعها؛ لما أغفلتها الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. ب - أن إيجاب الزكاة في إيرادات كسب العمل تخريجاً على المال المُستفاد تخريجٌ حديثٌ؛ رغبة في إخضاع هذا الإيراد، ولو كان هو المال المستفاد المقصود به في مراجع الفقه الإسلامي؛ لما استعصى تخريجه على علماء العصور السالفة. جـ - أن هذا المال سيخضع لزكاة النقدَيْن بعد استقطاع الأعباء العائلية، فإذا أُخضع لزكاة كسب العمل، فترتب على ذلك إعفاءه من زكاة النقدَيْن، منعاً للثني، فهل يجوز إخضاع مال لزكاةٍ تم تشريعها بالقياس، ويعفى من زكاةٍ أصلية؟. د - إن زكاة كسب العمل – رواتب، أو أجور، أو إيراد مهن حرة - تشبه ضريبة كسب العمل التي تخضع المرتبات والأجور وإيرادات المهن الحرة للضريبة، ولا يصحُّ أن نضيف للزكاة من المفاهيم والمبادئ الوضعية. الرد على ما استدلَّ به المانعون: 1- قولهم: "إن كسب العمل كان موجوداً زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء من بعده، ولم يخضعه أحدٌ للزكاة"! يُردُّ عليه بأن الدخول المكتسبة من عملٍ ومهنٍ لم تكن ذات شأن في عهد الرسول - صلي الله عليه وسلم - مقارنةً بما هو عليه حال كثير من الرواتب والدخول الآن، فقد رتَّب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لعتَّاب بن أسيد لما ولاَّه مكة بعد الفتح درهمين كل يوم [30، جـ3، ص359]، وإذا كان الولاة من خيرة الناس لم تتجاوز رواتبهم هذا الحد، فما بالك برواتب من هم دونهم إن رُتِّبتْ لهم رواتب؟!. أما بعد عهد النبوة؛ فقد ثبت أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يزكِّي الأُعْطِيَّات، فيأخذ من كل ألفٍ خمسة وعشرين. وروى مالك في "الموطأ"، عن ابن شهاب قال: "أول من أخذ من الأُعْطِيَّة الزكاة معاوية بن أبي سفيان" [4، جـ1، ص246]. قال القرضاوي: "لعله يريد أول من أخذها من الخلفاء، فقد أخذها قبله ابن مسعود كما ذكرنا، أو لعله لم يبلغه فعل ابن مسعود؛ فقد كان بالكوفة - يعني ابن مسعود - وابن شهاب بالمدينة [8، جـ1، ص501]. ونقل أبو عبيد: أن عمر بن عبد العزيز كان إذا أعطى الرجل عمالته أخذ منها الزكاة، وإذا ردَّ المظالم أخذ منها الزكاة، وكان يأخذ الزكاة من الأُعْطِيَّة إذا خرجت لأصحابها [31، ص437]. 2- أما قولهم: "إن إيجاب الزكاة فيها تخريج على المال المُستفاد تخريجٌ حديثٌ"، فيجاب عليه بأنه لمَّا كان تعريف المال المستفاد يشمل هذه الدخول؛ فلا وجه للتعليل بأن علماء العصور السالفة لم يخرِّجوه، فعدم تخريجهم له مردُّه إلى أن الدخول في تلك العصور لم تبلغ بأصحابها الغنى المشاهَد اليوم، فمظاهر الغنى تبدو واضحة في عصرنا الحاضر على أصحاب الدخول العالية - من رواتب، وأجور، وإيرادات المهن الحرة - سواء في مأكلهم، أو ملبسهم، أو مسكنهم، أو مركبهم. 3 – قولهم: "إن هذا المال يخضع لزكاة النقدَيْن؛ فلا وجه لإخضاعه لزكاةٍ تمَّ تشريعها بالقياس، ويعفى من زكاة أصلية". الردُّ: إن الرواتب، وأجور العمل، وإيرادات المهن، كلها أموال تدفع لمستحقيها نقداً - غالباً - فإما أن تزكَّى - إن استُحقَّت فيها الزكاة - عند القبض، أو بعد الحَوْل، على خلافٍ سيأتي بيانه في المبحث القادم، فما وجه القول بأن زكاة النقدَيْن أصلية، وزكاة كسب العمل شُرعت بالقياس؛ فهي ليست أصلية، مع أننا نقرأ في القرآن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} [البقرة:267]. ونجد في السُّنَّة قوله - صلي الله عليه وسلم -: ((... فأعلِمْهُم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وتُردُّ على فقرائهم))؛ رواه البخاري كما في "الفتح" [9، جـ3، ص261]. 4 - أما القول بأن: "زكاة كسب العمل – رواتب، وأجور، وإيرادات مهن حرة - تشبه ضريبة كسب العمل التي تُخضع المرتبات للضريبة، ولا يصح أن نضيف للزكاة من المفاهيم والمبادئ الوضعية". الرد: إذا كانت الضريبة هي أقرب إلى الزكاة من حيث الوصف المالي المحاسبي في شكل كل منهما، فإن الزكاة ليست في حقيقتها ضريبة على الإطلاق، وذلك بالمعنى المتعارف عليه للضريبة، فالزكاة ركن عبادةٍ خاصةٍ بالمسلمين، تتمثل في صورة تصرف مالي، تتَّسم بالدوام، ولا تتبدل أحكام الله فيها بتبدل الظروف الزمانية والمكانية، وبالتالي لا تُستخدم لأهداف توجيهية موقوتة، وإنما تتحقق بها أهداف ثابتة مخصصة، روحية ومادية، في حين أن الضريبة نظام مالي تصيب فيه الدولة وتخطئ، فهو من فكر البشر، تتبدل أحكامه بتبدل الظروف الزمانية والمكانية، وتتحقق به في الأساس أهداف مادية بحتة ومختلفة [32، ص330]؛ فلا وجه إذن للقول بأن زكاة كسب العمل أُضيفت من مفهوم الضريبة؛ بل هذا كسبٌ توجَّب على صاحبه أداء فريضة الزكاة فيه - إن توافرت فيه شروطها - بأدلة شرعية. الترجيح: مما سبق من عرض وتعليق على آراء وأدلة الفريقين - الموجبين والمانعين - يتضح لنا ترجيح القول بوجوب زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة، فمن كان له كسب عمل - موظفاً، أو عاملاً، أو صاحب مهنة حرة - يفضل عن حاجته بقدر النِّصاب، وجبت عليه الزكاة؛ لأنه يُعدُّ بذلك غنياً، قال - صلي الله عليه وسلم -: ((تؤخذ من أغنيائهم، وتُردُ على فقرائهم))؛ أخرجه البخاري كما في "الفتح" [9، جـ3، ص261]. فالأغنياء كلهم فُرضت عليهم الزكاة، سواء كان هذا الغنى معبَّراً عنه بثروة تملك من ذهب، أو فضة، أو إبل، أو غنم، أو عروض تجارة، أو زراعة، فلا وجه لاستثناء أغنياء كسب العمل. المبحث الثاني: كيفية زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: نصاب الزكاة: اختلف الفقهاء الموجبون في تحديد قيمة النِّصاب فيها إلى ثلاثة أقوال: الأول: اعتبار نصابها بنصاب الزروع والثمار؛ فمن بلغ دخله ما قيمته خسمة أوسق، أو خمسين كيلة مصرية أو (653 كيلو جرام وزناً من أدنى ما تخرجه الأرض كالشعير)؛ وجبت عليه الزكاة. وعلَّة ذلك: أن كسب العمل إيراد وثمرة مباشرة للعمل، فيقاس على زكاة الزروع والثمار [5، ص ص 166- 168؛ 23، ص155]. الثاني: اعتبار نصابها نصاب النقود: وحدُّوه بما قيمته 85 جراماً من الذهب، أي: ما يساوي عشرين مثقالاً، أو (200) درهم من الفضة؛ وذلك لأن الناس يقبضون رواتبهم وأجورهم وإيراداتهم بالنقود؛ فالأولى أن يكون المعتبر هو نصاب النقود [8، جـ1، ص ص 513 - 514]. الثالث: اعتبار نصاب الرواتب والأجور على نصاب النقود: أي ما يعادل 85 جراماً من ذهب، أو 200 درهم من الفضة، واعتبار نصاب إيرادات المهن الحرة على الزروع والثمار؛ فيكون نصابها ما يعادل قيمته خمس أوسق، أو (50 كيلة مصرية)، أو (653 كيلو جرام وزناً من أدنى ما تخرجه الأرض كالشعير ) [1، ص258]. وعلِّة التفرقة في هذا - عندهم - أن كسب أصحاب الرواتب والأجور مصدره العمل فقط؛ أما كسب أصحاب المهن الحرة فمصدره رأس المال والعمل. قلت: ولعل هذا التميُّز في معدلات الزكاة حسب مصادر الأموال ملحوظٌ في الأفكار الضريبية المنادية بالتفرقة - في الضريبة - بين مال مصدره رأس المال، وآخر مصدره العمل، وثالث مصدره خليط الاثنين [34، ص249]. ونرجِّح القول الثاني: لما ورد فيه من أن الجميع يتقاضون أجورهم بالنقود، إضافةً إلى أن ما يتبقى لدى الواحد منهم بعد قضاء حاجاته وديونه - إن وجدت - يكون عادة في صورة مدخرات نقديَّة، والمال المدَّخر قد فُرضت عليه الزكاة بمقدار ربع العشر. كما يمكننا القول بأن قيمة معدني الذهب والفضة تتَّصف بالثبات النسبي في مقابل قيمة الزروع والثمار؛ فإنها تتأثر بعوامل بيئية أو محلية، مما يجعلها لا تناسب أن يُقاس على قيمتها نصاب زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة. هذا ولابد أن يكون مقدار النصاب المعتبر لوجوب الزكاة فيه من صافي الدخل، يعني: بعد خصم الديون الحالَّة - إن وجدت - والحد الأدنى للمعيشة من الرواتب، كما تطرح النفقات والتكاليف من إيرادات أصحاب المهن الحرة، فما بقي بعد هذا كله تؤخذ منه الزكاة إذا بلغ نصاب النقود. وقد نص الحنفية على أنه يشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة - بالإضافة إلى شرط النماء - شرط أن يكون نصاباً فاضلاً عن حاجته الأصلية؛ لأنه به يتحقق الغنى، فالمال المُحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون صاحبه غنيّاً عنه [35، جـ2، ص828]. واعتبر جمهور الفقهاء – المالكية، والشافعية، والحنابلة - شرط الفضل عن الحاجات الأصلية داخلاً في شرط النماء، ولا حاجة للنص على اشتراطه، قال ابن قدامة: الزكاة إنما تسقط عما أُعدَّ للاستعمال؛ لصرفه عن جهة النماء [7، جـ4، ص222]. وعلل الشربيني الخطيب عدم وجوب الزكاة في البقر العوامل، التي يستخدمها صاحبها في حراثة الأرض؛ بأنها لا تقتنى للنماء؛ بل للاستعمال، كثياب البدن ومتاع الدار [36، جـ1، ص380]. وعدَّ القرافي من شروط وجوب زكاة النقدَيْن التمكين من التنمية، قال: "يدل على اعتباره إسقاط الزكاة عن العقار والمقتناة"، ومراده بالمقتناة؛ أي: ما يقتنيه المرء للاستعمال، لا للنماء [37، جـ3، ص40]. وجاء في "فقه الزكاة" للقرضاوي: فالذي نرجحه ألا تؤخذ زكاة الرواتب والأجور إلا من " الصافي " وإنما قلنا تؤخذ من صافي الإيراد أو الرواتب ليطرح منه الدين الحال إن ثبت عليه ويعفى الحد الأدنى لمعيشته ومعيشة من يعوله، لأن الحد الأدنى لمعيشة الإنسان أمر لا غنى له عنه، فهو من حاجته الأصلية والزكاة إنما تجب في نصاب فاضل عن الحاجة الأصلية، كما تطرح النفقات والتكاليف لذوي المهن، فما بقي بعد هذا كله من راتب السنة وإيرادها تؤخذ منه الزكاة إذا بلغ نصاب النقود فما كان من الرواتب والأجور لا يبلغ في السنة نصاباً نقدياً - بعد طرح ما ذكرناه كرواتب بعض العمال وصغار الموظفين فلا تؤخذ منه الزكاة [8، جـ2، ص517). كيفية تقدير الحاجات الأساسية المعفاة من الزكاة: ينبغي أن يراعى في إعفاء الحاجات الأصلية من الزكاة من دخل الشخص ما يلي: 1- ما يكفيه هو ومَنْ يعول من زوجة، وأولاد، ووالدَيْن، وسائر من تلزمه نفقته من الأقارب، على أن يكون ذلك في حدود القصد والاعتدال، بلا إسراف ولا تبذير. قال - صلي الله عليه وسلم -: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع من يَقُوت))؛ أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، بابٌ في صلة الرحم [38، جـ2، ص132]، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرِّجاه، ووافقه الذهبي [39، جـ1، ص415]، وحكم عليه الألباني بأنه حسن [40، جـ1، ص317). 2- حالة الشخص، ووضعه الاجتماعي، وعلاقته بجيرانه وأقاربه وأصدقائه، فينبغي أن تكون حاجته الأصلية لائقة به. 3- ما على صاحب الدخل من ديون حالَّة؛ لأن قضاء الديون الحالَّة من الحاجات الأساسية، وكذلك يلحق بالدَيْن الالتزامات المالية المستوجَبة عليه من قِبَل الجهات الرسمية؛ كالضرائب، والمساهمات الإلزامية، فكلها تُنقص الدخول حتماً. 4- أن تكون الجهة القائمة على جمع الزكاة منوطاً بها تقدير الحدِّ الأدنى للمعيشة دورياً، ويعلن ذلك، حتى يفرَّق بين أصحاب الدخول القليلة؛ فلا يدخلون[1]، وأصحاب الدخول البالغة النِّصاب؛ فيدخلون. المطلب الثاني: مقدار الزكاة الواجب ذهب معظم الفقهاء المعاصرين إلى أن القدر الواجب في زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة، هو ربع العُشر فقط؛ عملاً بالنصوص التي أوجبت في النقود ربع العُشر؛ ولأن دخل الفرد يعتمد على العمل وحده، ومن ثَمَّ وجب تخفيف الزكاة عليه؛ رعاية للطبقات العاملة، واستئناساً بما عمل به ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهما - من اقتطاع الزكاة من العطاء إذا أعطوه، من كل ألف خمسة وعشرين [25، ص ص 442 - 443؛ 8، جـ1، ص ص 519 - 520؛ 21، ص166). وذهب البعض إلى التفرقة بين زكاة الرواتب والأجور من جهة وزكاة إيرادات المهن الحرة من جهة أخرى، فجعلوا مقدار الزكاة في الرواتب والأجور 2.5% وفي إيرادات المهن الحرة: إما 5% إذا حسب على الإيراد الإجمالي، أو 10% إذا حسب على الإيراد الصافي وذلك بعد استبعاد كافة التكاليف والمصاريف التي تكبدها المزكي في سبيل الحصول على الإيراد [1، ص ص 258، 259]. وقد سبق لأصحاب هذا القول أن فرقوا - كما في المطلب السابق - بين نصاب الزكاة في الرواتب والأجور فقاسوه على نصاب النقود، بينما قاسوا نصاب إيرادات المهن الحرة على نصاب الزروع الثمار. وكما سبق أن رجحنا - في المطلب الأول - القول بقياس نصاب الزكاة في الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة على نصاب النقود، باعتبار أن الجميع يتقاضون - أو يقبضون - أجورهم بالنقود، فكذا هنا؛ لا نرى وجهاً للتفرقة بين الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة في المقدار الواجب؛ بل يلزم الجميع نسبة 2.5%، باعتبار أن المصدر في الجميع العمل. المطلب الثالث: اشتراط الحول وعدمه في زكاتها سبق أن ذكرنا أن من الموجبين من اعتبر وجوب الزكاة في الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة أنها مال مُستفاد - مُستفاد بسببٍ مستقل - وقد تعددت آراء الفقهاء حول زكاة المال المُستفاد بسبب مستقل. الرأي الأول: المال المُستفاد من غير جنس ما عنده، إن كان نصاباً؛ استقبل به حَوْلاً وزكًّاه، ولا يُضمُّ إلى ما عنده؛ بل له حكم نفسه، وهذا قول الجمهور [7، جـ4، ص ص75]. الرأي الثاني: أن الزكاة تجب فيه حين استفاده، روي ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، ومعاوية من الصحابة، والأوزاعي من التابعين [7، جـ4، ص75]. ورجَّح ابن قدامة الرأي الأول - رأي الجمهور - حيث يُشترط للمال المُستفاد حَوَلاَن الحَوْل، وذلك بقوله: "ولنا حديث عائشة، عن النبي - صلي الله عليه وسلم -: ((لا زكاة في مال حتى يحُول عليه الحَوْل)) [7، جـ4، ص77]؛ والحديث أخرجه ابن ماجه، باب من استفاد مالاً، من كتاب الزكاة، وصححه الألباني: في كتابه "صحيح سنن ابن ماجه" [41، جـ2، ص98]. ورجَّح بعض الفقهاء المعاصرين الرأي الثاني، القاضي بوجوب إخراج زكاة المال المستفاد في الحال، وذلك استناداً إلى حكمة تشريع الزكاة، ومصلحة الإسلام والمسلمين في عصرنا هذا، وإلى أن اشتراط الحَوْل في كل مال - حتى المُستفاد منه - ليس فيه نصٌّ في مرتبة الصحيح أو الحسن يقيد النصوص المطلقة، ولذا اختلف الصحابة والتابعون فيه، باعتباره من الأمور الاجتهادية [8، جـ1، ص ص 505 – 510]. والواقع؛ أن القول باستحقاق الزكاة في المال المُستفاد حين استفادته لا يمنع من اعتبار الحَوْل في إخراج زكاته، وذلك بأن تحدَّد الفترة التي تتخذ أساساً لتحديد النِّصاب ومقدار الواجب؛ فيُضمُّ ما يحصل عليه الموظف، أو العامل، أو صاحب المهنة الحرة، من إيرادات صافية خلال السنة؛ فتؤخذ منها الزكاة متى بلغت نصاب النقود، بعد خصم الديون الحالَّة، وتكاليف الحصول على الدخل، وما يلزم من حاجته الأصلية. فلو قدَّرنا أن دخل موظف، أو عامل، أو صاحب مهنة حرة يبلغ في الشهر أربعة آلاف ريال؛ فإن حاصل إيراده السنوي يكون (48000) ريال، فيُقتطع من هذا المجموع ما عليه من ديون حالَّة أثناء السنة، وما عليه من نفقات لنفسه ولمن يعول شرعاً أثناء السنة، فإذا كان المتبقي بعد هذا الاقتطاع يبلغ نصاب النقود؛ زكَّي المقدار الباقي في نهاية الحَوْل، الذي يحدِّد بدايته صاحب الدخل؛ بأن يجعل له شهراً يستقبل به العام، فإذا جاء ذلك الشهر الذي أكمل به الحَوْل، يحسب ما بقي لديه من مال، فيُخرج زكاته إن بلغ نصاباً، ولو لم يكن قد مر على آخر دفعة حصل عليها سوى بضعة أيام. ووفقاً لاحتمال إنفاق المرء لهذا المال الفاضل في حاجته في أغراض أخرى، بأن يشتري به أصولاً ثابتة أو عقاراً قبل نهاية الحَوْل؛ فإننا نرى أن يحدِّد الفرد من خلال شهر واحد متوسط نفقاته، ثم ما فضل له من دخله يصبح هو وعاء الزكاة خلال الشهر، ثم يضرب في اثني عشر، ويخرج الزكاة بنسبة 2.5% من المجموع؛ فكأنه قد وزع قدر الزكاة على شهور السنة تقديراً؛ فيصبح هذا المقدَّر هو الواجب عليه كزكاةٍ في ذمته، في حال إنفاقه للفاضل عن حاجته الأصلية في أغراض أخرى خلال العام.
  4. وكذلك أعتمدته حقيبة تدريب محاسبة الزكاة الخاصة باختبارات الزمالة السعودية مادة محاسبة الزكاة والضريبة.
  5. كتاب الزكاة (1/8) الشيخ عبدالله بن حمود الفريح التاريخ : 29/07/2009 ميلادي - 6/8/1430 هجري ضمن شرح الفقه الواضح في المذهب والقول الراجح على متن زاد المستقنع كتاب الزكاة (1/8) باب في بيان شروط وجوب الزكاة وما يتعلق بها [1] فيه سبعُ مسائل: المسألة الأولى: شروط وجوب الزكاة خمسة: وهذه الشروط هي أيضًا عند المذهب، وهي كما يلي: "الشرط الأول: الحرية": ونُخرِج بهذا الشرطِ العبدَ، فلا تجب الزكاةُ على العبد؛ لأنه لا مال له، فمالُه لسيِّده. ويدل على ذلك: 1- حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من ابتاع عبدًا وله مال، فمالُه للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع))[2]. 2- إجماع العلماء على أنْ ليس على العبد زكاةٌ، ونقل الإجماعَ ابنُ هبيرة [3]. الشرط الثاني: الإسلام: ونُخرِج بهذا الشرط الكافرَ، فلا تجب عليه، ولا تُقبل منه لو فعَلَها، وسواء كان هذا الكافر كافرًا أصليًّا أو مرتدًّا، دلَّ على ذلك الكتابُ والسنة والإجماع والنظر، وهي كما يلي: 1- قوله - تعالى -: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} [التوبة: 54]. 2- حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في بعث معاذ إلى اليمن، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((فليكن أولَ ما تَدْعوهم إليه شهادةُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله... فإن هم أجابوك لذلك، فأخبِرْهم أن الله افترض عليهم صدقةً تُؤخَذ من أغنيائهم، فتردُّ على فقرائهم))[4]. ووجه الدلالة: أنه أمرهم بالتوحيد قبل الزكاة، فجعل الإسلامَ شرطًا لوجوب الزكاة. 3- إجماع العلماء على أن الإسلام شرطٌ لوجوب الزكاة، ونقل الإجماعَ ابنُ هبيرة[5]. 4- ومن حيثُ النظرُ، فإن الزكاة عبادةٌ، والكافرُ ليس من أهل العبادات. وهذا باعتبار الأداء؛ أي: إن الكافر من حيث وجوبُ أداء الزكاة، لا تجب عليه، ولا تُقبَل منه لو أدَّاها، وأما باعتبار العقوبة، فإنه سيُعاقَب على ترْكها، وتقدَّم في أول كتاب الصلاة أن الكافر يُعاقَب في الآخرة على ترْكه لفروع الشريعة؛ لأنه مخاطب بها، ويدل على ذلك: قوله - تعالى -: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر: 42 - 45]. ووجه الدلالة: أنهم ذَكَروا سببًا لعقوبتهم، وهو تركُهم لفروعٍ من الشريعة، كالصلاة، وإطعام المسكين. الشرط الثالث: مِلْك النصاب: ونُخرج بهذا الشرط مَن كان عنده مالٌ يَبْلُغ النِّصابَ ولكنه لا يملِكه، وكذلك نخرج من كان عنده مال يملكه ولكنه لم يبلغ النصاب. والنصاب: هو القَدْر الذي إذا بلغه المالُ، وجبتْ فيه الزكاةُ، وسيأتي بيان الأنصبة، وهي تختلف باختلاف المال. مثال ذلك: سيأتينا أن نصاب الذهب عشرون دينارًا، فمَن مَلَكَ هذا النصابَ، وجبتْ عليه الزكاةُ فيه، ولكن لو ملك تسعةَ عشرَ دينارًا، فلا زكاة عليه؛ لأنه لم يبلغ النصاب. مثال آخر: سيأتينا أن نصاب الغنم السائمة أربعون شاة، فمن ملك أربعين شاة، وجبتْ عليه الزكاة فيه، ولكن لو ملك تسعًا وثلاثين شاة، فلا زكاة عليه؛ لأنه لم يبلغ النصاب، فمِلكُ النصاب شرطٌ لوجوب الزكاة. ويدل على ذلك: 1- حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس فيما دون خمسة أَوْسُقٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمس أَوَاقٍ صدقة، ولا فيما دون خمس ذَوْدٍ صدقة))[6]. ووجه الدلالة: أن ما دون خمسة أوسق، أو خمس أواقٍ، أو خمس ذود، ليس فيه زكاة؛ لأنه دون النصاب، والمقصود بالصدقة الزكاة. 2- إجماع العلماء على أن ملك النصاب شرطٌ لوجوب الزكاة، ونقل الإجماع ابن هبيرة[7]. إذًا هذا الشرط مكوَّن من أمرين: أن يكون مالكًا لهذا المال؛ أي: مستقرًّا في ملكه، وسيأتي بيانه، وأن يكون هذا المال بلغ النصاب، فإذا لم يبلغ النصاب، فلا زكاة فيه كما تقدم في المثالين، وكذلك إذا لم يكن مالكًا لهذا المال، فلا زكاة فيه؛ ولذا فإن هناك أموالاً لا مالك لها، فلا زكاة فيها، ومثال ذلك: أ- أموال الدولة التي تجمع من الزكوات أو الضرائب، وكذا الأموال التي في بيت مال المسلمين، لا زكاة فيها؛ لعدم المالك المعيَّن لها؛ لأنها ملك لجميع الأمة، ومنهم المستحقون كالفقراء وغيرهم. ب- أموال المؤسسات الخيرية التي تكون للمشاريع الدعوية، وكذلك الأموال الموقوفة على جهة عامة، كالفقراء، والمساجد، والمدارس، وسائر الجهات الخيرية، فالصحيح أنه لا زكاة فيها؛ لعدم المالك المعيَّن لها[8]. ج- المال الحرام لا زكاة فيه، كالمال الذي يحصل عليه الإنسان من سرقةٍ، أو غصبٍ، أو رشوةٍ، أو ربًا، أو غشٍّ، وكذا مَن أخَذَ أموالَ الناس بالباطل، أو نحو ذلك؛ لأنها ليست في ملكه في الأصل، وهي محرَّمة عليه، ويجب عليه أن يُعيدَها لأصحابها؛ لأنها أموال لا يملكها، فلما كانت غير مملوكة له، لم يَصحَّ أن يزكيَها، وكذا حُلي المرأة المحرم، فإنه لا زكاة فيه بإجماع العلماء، وسيأتي بيانه عند الحديث عن مسألة زكاة الحلي. فالمال المحرَّم لا زكاة فيه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُقبل صلاةٌ بغير طُهُور، ولا صدقةٌ من غُلُول))[9]، والغلول الأخْذ من مال الغنيمة قبل القسمة وهذا محرَّم، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله طيِّبٌ لا يقبل إلا طيبًا))[10]. الشرط الرابع: استقرار الملك: ونُخرِج بهذا الشرط من كان عنده مالٌ لكنه ليس في ملكه كما تقدم بيانه، مثل أموال الزكوات والضرائب التي تجمعها الدولة، وكذا أموال المؤسسات الخيرية؛ لأن هذه الأموال لا مالك لها معيَّن، فهنا الملك لم يستقرَّ، ومعنى استقرار الملك: أي أن ملكه لهذا المال تامٌّ، ويتصرف فيه حسب اختياره، فلا يتعلَّق بهذا المالِ حقٌّ لغيره. ويدل على اشتراط استقرار الملك: 1- قوله - تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103]. ووجه الدلالة: أن الله - تعالى - أضاف الأموالَ إلى أصحابها، ولا تكون لهم إلا إذا ملكوها ملكًا تامًّا مستقرًّا. 2- إجماع العلماء على أن استقرار الملك شرط لوجوب الزكاة، ونقل الإجماعَ ابنُ هبيرة[11]. 3- من حيث النظر، فإن بذْل الزكاة فيه تمليكُ المال لمستحقِّه من الفقراء وغيرهم، فإذا لم يكن صاحب الزكاة مالكًا لهذا المال ملْكًا تامًّا، فإنه لن يستطيع تمليكَ غيره من مستحقي الزكاة عند بذْلها، إذًا تمامُ الملك واستقراره من شروط وجوب الزكاة، ولا يكون المال مستقرًّا، وفي تمام ملكه، إلا إذا ملك صاحبُه تمامَ التصرف في الحال وفي المستقبل، أما إذا كان المال ليس في ملكه حالاً، أو أنه عرضة للسقوط في المستقبل، فإنه لا تجب فيه الزكاة، كـ مال المُكَاتَب. والمكاتب: هو العبد الذي يتَّفق مع سيده بأن يدفع لسيده مالاً، على أن يكون العبد بعدها حرًّا، فلو اتَّفقا على مبلغٍ، فإن هذا المبلغ الذي عند العبد ليس فيه زكاة، ولو مضتْ عليه سنة؛ لأن العبد يملك تعجيز نفسه، فيقول لسيده: لا أستطيع أن أوفي، وإذا لم يستطع الوفاء، سقط عنه المال، فهذا المال لا زكاة فيه؛ لأنه عرضه للسقوط. وكذا الحبوب والثمار، لا تجب فيها الزكاةُ حتى يبدو صلاحُها، فلا يكفي أن تكون على رؤوس الشجر، وإنما لا بد من صلاحها، وحينئذٍ تستقر في ملكه، وأما قبل ذلك فلا، كأن تكون على رؤوس الشجر أو الزرع، فتأتيها آفةٌ تتلفها قبل صلاحِها من غير تفريط من صاحبها، فلا زكاة فيها؛ لأن ملكه لم يستقرَّ على هذا الشيء. الشرط الخامس: مضي الحول: أي: إنه لا تجب الزكاة في المال إلا إذا مضتْ عليه سنة كاملة، وهناك أشياء تستثنى من هذا الشرط ستأتي. إذًا لا بد في المال - حتى تجب فيه الزكاة - أن يمضي عليه حولٌ. ويدل على ذلك: 1- حديث عائشةَ - رضي الله عنها - مرفوعًا: ((لا زكاة في مال، حتى يحول عليه الحول))[12]. 2- حُكي الإجماع على اشتراط مضي الحول لوجوب الزكاة، نقل هذا الإجماعَ ابن هبيرة[13]، وخالف هذا الإجماعَ داودُ الظاهري، والصواب اشتراط ذلك. 3- يؤيد اشتراطَ مضي الحول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يبعث السُّعاة لجمع الزكاة إلا كل عام، وهذا يدل على اشتراط الحول. وهناك أشياء لا يشترط لها مضي الحول، فتستثنى مما سبق، وهي: 1- المعُشَّر: وهي الأموال التي يجب فيها العُشْر أو نصف العشر، وهي الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، فإنها لا يشترط لإخراج زكاتها مضيُّ الحول؛ بل متى ما بدا صلاحها وحُصِدت، وجبت فيها الزكاة، ولو كان ذلك في أربعة أشهر أو ستة، ويدل على ذلك: قوله - تعالى -: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141]. 2- نتاج السائمة: السائمة: هي بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) التي تَرْعَى الحول أو أكثره فيما أنبتَه الله - عز وجل - أما ما نزرعه نحن ونُعلفه إياها، فلا تُعَدُّ به سائمة، فإذا كانت ترعى فيما أنبته الله سنةً كاملة، أو ثمانية أشهر أو سبعة، ففيها الزكاة، أما إذا كانت ترعى ستة أشهر، ونعلفها ستة أشهر فأكثر، فلا زكاة فيها؛ لأنها ليست سائمة، وهذا إذا كانت مُتخذة للدَّر والنسل لا للتجارة، وسيأتي بيان ذلك في بابه - بإذن الله. ونتاج السائمة: أولادها، فلا يشترط في هذه الأولاد أن يمضي عليها حولٌ كامل، ما دام أن أصلها (وهي أمهاتها) مضى عليها حول؛ لأن حولها حولُ أصلها. فمثلاً: لو أن رجلاً عنده تسعون شاة، وقبل أن يتم الحول بشهرين نتجتْ (أي: ولدت) ثلاثون منها ثلاثين شاة، هذه الثلاثون تسمى نتاجًا لتلك السائمة، فإذا ضممناها مع التسعين، صار عندنا مائة وعشرون شاة، فإذا جاء عامل الصدقة، فإنه يأخذ من صاحب هذه الماشية زكاةَ مائة وعشرين شاة، مع أنه لم يمرَّ على الثلاثين إلا شهران؛ لأنه لا يشترط فيها مضي الحول، فحولُها حولُ أصلها. ويدل على ذلك: 1- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث السُّعاة لجباية الزكاة، فيأخذون الزكاة مما يجدونه عند صاحبها، ولا يسألون عما وُلد أثناء الحول، مع أن في المواشي صغارًا وكبارًا. 2- أنه صحَّ عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - إتباع المولود بأصله في الحول، فصح ذلك عن عمر[14]. تنبيه: لو أن رجلاً عنده ثلاثون شاة، وقبل حَوَلانِ الحول بشهرين ولدتْ عشرٌ منهن عشرَ شياهٍ، فصارت أربعين شاة، فهنا يبدأ الحول من ولادة العشر شياه؛ لأن الثلاثين شاة ليس فيها زكاة في الأصل، حيث إن نصاب الغنم يبدأ من أربعين، وهي من قبلُ لم تبلغ النصاب، وحينما ولدت عشر شياه صارت أربعين شاة، فهنا كمل النصاب، فيبدأ من كماله حتى يمضي عليه حولٌ كاملٌ، وهذا معنى قول صاحب "الزاد": "وإلا فمن كماله"، وكذا يقال في ربح التجارة فيمن كان رأسُ ماله دون النصاب. 3- ربح التجارة: وربح التجارة لا يشترط له مضي الحول؛ فالتاجر إذا حال على ماله الأصليِّ حولٌ كاملٌ، فإنه يخرج زكاته وزكاة ما معه من أرباح، ولو لم يمض على هذه الأرباح حولٌ كاملٌ؛ لأنها تتبع أصلها. فمثلاً: لو أن رجلاً له أرض اشتراها بخمسين ألفًا، وقبل تمام السنة بشهر ارتفع سعرُها فصارت تساوي مائة ألف، فهو في هذه الصورة ربح خمسين ألفًا، هذا الربح لا يحتاج أن يحول عليه الحول؛ لأنه فرع عن الأصل، فيزكي عن مائة ألف. ويدل على ذلك: 1 - أن المسلمين منذ القدم حين يخرجون زكاة أموالهم لا يحذفون ربح التِّجارة، وإنَّما يخرجون زكاة رأس المال، وما معه من الأرباح، ولو لم يَمض على الأرباح حولٌ كامل. 2 - لأنَّ ربح التجارة فرع، والفَرْع يتبع أصله، ولا يفرد بحكم وحْدَه. فائدة: لو أن رجلاً جاءه مالٌ ولكنَّه ليس ربحًا للتجارة التي عنده، وإنَّما جاءه من إرث أو هبة أو راتب ونحوه، فإنَّه لا يضمه إلى رأس مال تِجارته التي عنده، وإنَّما لهذا المال حولٌ مستقلٌّ - على القول الراجح والله أعلم - وهو قول المذهب فإذا مضى عليه الحولُ زكَّّّّّاه، وكذلك لو جاءته غنم، ولكنها ليست نتاجًا للسائمة التي عنده، وإنَّما جاءته عن طريق شراء أو إرث أو هبة، فإن لها حولاً مستقلاًّ على الصحيح، وهو قول المذهب، فلا تضم إلى ما عنده من النِّتاج، فإذا مضى عليها الحول زكَّاها، فلو أنَّ عنده أربعين شاة، وقبل حَوَلاَنِ الحولِ بشهرين اشترى مائة وعشرين شاة، فإن هذه المائة والعشرين حولها مستقلٌّ عن الأربعين، وعلى هذا يكون المال المستفاد على قسمين: 1 - أن يكون فرعًا عن أصل كأن يكون نتاجًا لسائمة أو ربحًا لتجارة، فهذا حوله حول أصله. 2 - ألاَّ يكون كذلك، فليس نتاجًا لسائمة، ولا ربحًا لتجارة، ولكنه من نفس جنس المال الذي عنده، فهذا له حول مُستقل عن الذي عنده. - إذًا يستفاد مما تقدَّم أنَّ الأصل في زكاة كلِّ شيء أن يَمضي عليه حولٌ كاملٌ إلا في ثلاثة أشياء: 1 - المعشَّرات: وهي الخارج من الأرض من الحبوب والثِّمار. 2 - نتاج السائمة. 3 - ربح التجارة. فهذه لا يشترط أن يحول عليها حولٌ كاملٌ، وأضاف أهلُ العلم إلى هذه الثلاثة: 1- الرِّكاز: وهو ما وُجد من دفن الجاهليَّة - وسيأتي الحديث عنه - فهذا لا يشترط له حولٌ، وليس له نصاب معيَّن، بل يزكيه بمجرد وجوده، فيخرج الخُمُس - أي: ما يعادل 20% - لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتَّفق عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وفي الرِّكاز الخُمُس)). 2 - العسل: قالوا لا يشترط له مُضِي الحول، وإنَّما يُزَكَّى مباشرة كالحبوب والثمار إذا حُصِدت، والصواب أنَّه لا زكاةَ في العسل إلا أن تكون مُتَّخذة للتِّجارة؛ لأنَّه لا يصح في زكاة العسل حديث، وسيأتي الكلام عليها بإذن الله. 1 - الأشياء المعدَّة للأجرة: قالوا لا يشترط مضي الحول عليها، وإنَّما تجب بقبض المال، فإذا قَبَضَ قيمة تأجير البيت مثلاً، أخرج زكاتها أوَّل ما يقبض، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، والصَّواب أنه ليس في هذا المال زكاة إلاَّ إذا حال عليه الحول[15]. 2 - المعادن: وهو ما يستخرج من الأرض من المعادن، وسيأتي بيانه في آخر باب زكاة الحبوب والثِّمار. إذًا تبيَّن من المسألة الأولى أنَّ شروط وجوب الزَّكاة خمسة: - اثنان يتعلقان بالمُزكِّي، وهما: الحرية، والإسلام. - وثلاثة تتعلق بالمال المُزكَّى، وهي: ملك النِّصاب، واستقراره، ومضي الحول. وكل هذه الشُّروط الخمسة نقل الإجماع عليها ابنُ هبيرة في "الإفصاح" كما تقدم. فإن قيل: أليس العقل والبلوغ من شُرُوط الزَّكاة أيضًا، فنخرج المجنون والصَّغير فيما لو ورثا مالاً كثيرًا على سبيل المثال، أم أنه يجب في مالهما الزكاة؟ المذهب وهو القول الراجح والله أعلم: أنَّه يَجب في مالهما الزَّكاة، وهو قول جمهور العلماء. ويدل على ذلك: 1- عموم الأدلة كقوله - تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم} [التوبة: 103]، وحديث ابن عباس - رضي الله عنه - في بعث معاذ إلى اليمن، فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فأخبرهم أنَّ الله افترض عليهم صَدَقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم))؛ متفق عليه. وهذا يشمل الصَّغير والكبير والمجنون والعاقل؛ لعموم الخطاب. 2 - أنَّ هذا هو حكم جمع من الصَّحابة، ولا يُعلم لهم مُخالف فمن ذلك: ما ثَبَتَ عن عمر - رضي الله عنه - أنَّه قال: "ابتغوا في أموال اليتامى؛ لا تأكلها الصدقة"[16]. وأيضًا ورد ذلك عن علي وعائشة وابن عمر وجابر بن عبدالله - رضي الله عنهم أجمعين - كما في مصنف ابن أبي شيبة (4/24)، وسنن البيهقي (4/107)، والمحلى لابن حزم (5/208). ووجه الدلالة: أنَّ البالغ لا يسمى يتيمًا، وإنَّما اليتيم هو الصَّبِي. والقول الثاني: أنَّه لا يجب في مالهما الزَّكاة وهو قول الأحناف. واستدلوا بحديث عائشة مرفوعًا: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق))[17]. ونوقش هذا الاستدلال بأنَّ هذا الاستدلال يكون في العبادات التي لا تعلُّقَ لها بحق الغير، كالصلاة مثلاً، أمَّا العبادات التي لها تعلق بحق الغير كالزَّكاة، فإنَّها حق يُبذل لأهل الزكاة من الفقراء وغيرهم، فلا ينظر فيها إلى المكلَّف، وإنَّما إلى المال نفسه، وأيضًا لأنَّ وجوب الزَّكاة عليهما هي فتوى الصَّحابة ولا مُخالف، لهم فلا بُدَّ من القول بذلك والله أعلم. المسألة الثانية: زكاة من له أو عليه دَيْن. هذه المسألة لها قسمان: الأول زكاة من له دين عند أحد، والثاني: زكاة من عليه دَيْن لأحد، وقد عبَّر صاحبُ الزاد عن هاتين المسألتين بقوله: "ومن كان له دين أو حق من صداق وغيره على مَلِيءٍ أو غيره، أدَّى زكاته إذا قبضه لما مضى، ولا زكاةَ في مال مَنْ عليه دَيْن ينقص النِّصاب، ولو كان المال ظاهرًا". ومسألةُ زكاةِ الدين، سواء له أم عليه - من المسائل المهمة جدًّا، لا سيما في وقتنا الحاضر؛ حيثُ كَثُرَت الحاجة للديون فمن دائن - وهو المعطي للمال - ومن مَدِين - وهو الآخذ له - وهي مسألة اختلف فيها أهل العلم اختلافًا كثيرًا، فتعدَّدت الأقوال فيها، وذلك لأنه لم يرد نص من الكتاب أو السنة يفصل زكاة الديون. - والدَّيْن لغة: اسم لكل شيء غائب، فكل ما لم يحضر يُسمى دَيْنًا[18]. وفي الاصطلاح: اسمٌ لمال واجب في الذِّمَّة من قرض، أو ثمن مبيع، أو منفعة عقد، كالمهر أو لشيء أتلفه، أو استأجره وغير ذلك. ومما تقدَّم من تعريف الدَّين تبيَّن أنَّ القرض هو أحد أسبابِ الدَّين، وليس كل دين لا بد أن يكون قرضًا، فالدَّين أعم من القرض. أولاً: زكاة الدائن؛ أي: زكاة من له دَيْن عند أحد. فالمذهب: أنَّه يَجب أداء زكاة كل مال قبضه لما مضى عليه من السنين. فعَلَى قول المذهب يَجب أداء زكاة ما مضى إذا قبضه، سواء كان الذي عليه الدين ملتزمًا في دَيْنه كأن يسدِّد ما عليه بعد سنة واحدة، أم كان مماطلاً ولم يسدِّد إلا بعد عشر سنين، فالمذهب يقول على الدَّائن أن يخرج زكاة كل مال يقبضه لما مضى عليه من السنوات. مثال ذلك: رجل أجَّر بيتًا لمدة سنة أو باعه على آخر بـ (200.000) ريال، فإذا التزم المشتري وسدَّد ما عليه بعد سنة، فعلى البائع أن يخرج زكاتها، فيخرج ربع العشر وهي (5000) ريال، ولو قُدِّر أن هذا المشتري مماطل، فلم يسدِّد قيمة البيع إلا بعد خمس سنوات، فإن البائع سيخرج زكاة كل سنة مَضَت فسيخرج زكاة خمس سنوات، وهي (25.000) ريال؛ لأنَّ كل سنة زكاتها (5000) ريال. مثال آخر: رجل تزوَّج امرأة على صداق (مهر)، قدره (20.000) ريال، ولم يعطها المهر إلاَّ بعد عشر سنين من زواجها، فعلى الزوجة أن تخرج زكاة هذا المهر لعشر سنين مضت فتخرج (5000) ريال؛ لأنَّ كل سنة زكاتها (500) ريال، هذا هو قول المذهب. إذًا؛ خلاصة قول المذهب: أنَّ الدَّائن يدفع زكاة كل سنة مضت إذا قبض المال، سواء كان هذا الدَّين مرجوًّا؛ أي: على غني باذل، أو كان هذا الدين غير مرجو؛ أي: على غني مماطل، أو جاحد، أو على فقير مُعسر. وقالوا: إنَّ للدائن أن يُخرج زكاة كل سنة في عامها مع ماله الذي عنده، وهذا أفضل؛ لتبرأ الذِّمَّة، وله أن يؤخرها حتَّى يقبض المال، فيزكي عن جميع السنوات، وهذه رخصة، فالأولى فضيلة، والثانية رخصة. واستدلوا: 1 - بعموم الأدلة في وجوب الزَّكاة كل سنة، كقوله - تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103]، وحديث ابن عباس في بعث معاذ إلى اليمن، فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فأخبرهم أنَّ الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم))؛ متفق عليه. 2 - بما ورد عن بعض الصَّحابة من آثار كما سيأتي. والأظهر - والله أعلم - أنَّه يفرق بين الدَّين المرجو؛ أي: يرجو وجوده كأن يكون على غني باذل كما تقدم - وبين الدين غير المرجو؛ أي: لا يرجو وجوده كأنْ يكون على غني مماطل أو جاحد، أو على فقير معسر كما تقدم. - فأمَّا الدين المرجو: فتجب الزَّكاة فيه عن كل سنة، وتقدَّم أن هذا قول المذهب، وبه قال جمهور العلماء. ويدل على ذلك ما استدل به المذهب: 1 - عموم الأدلة التي فيها الأمر بأداء الزكاة. 2 - وبما ورد من آثار الصَّحابة في إيجاب الزَّكاة، فقد ورد عن عمر وعثمان وجابر وابن عمر، كما في الأموال لأبي عبيدة (ص434)، وأيضًا روي عن علي كما في الأموال لأبي عبيدة (ص436)، وسنن البيهقي (4/150)، ومصنف عبدالرزاق (4/100). 3 - أنَّ الدين المرجو كالمال الذي في اليد؛ لأنَّه سيتمكن منه، فالصحيح فيه ما قاله المذهب وهو أنَّه يؤدي زكاة كل سنة، وله أن يخرج زكاة كل سنة في عامها، وهذا أبرأ للذمة، وله أن يزكي إذا قبض لما مضى من السنين. - وأمَّا الدين غير المرجو، كأن يكون المَدِين مماطلاً أو جاحدَ مالِ الدائن أو يكون فقيرًا معسرًا. فقيل: إنَّه يزكي لكل سنة مضت إذا قبض ماله، وهذا قول المذهب كما تقدم بأدلته. وقيل: يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة فقط، وبه قال الإمام مالك وهو رواية في مذهب أحمد، وهو اختيار الإمام محمد بن عبدالوهاب، كما في "حاشية العنقري على الروض" (1/361)، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه (4/20)، واختاره ابن باز في فتاويه (14/189)، وابن عثيمين في فتاويه (18/24)، ودليلهم: القياس على الثِّمار التي يجب إخراج زكاتها عند حصدها، فقالوا: إنَّ هذا الدين يشبه الثمرة التي لا تزكَّى إلا إذا حُصدت، فكذلك هذا الدين غير المرجو إذا جاء، فإنَّه يزكيه لسنة واحدة فقط. ونوقش هذا التعليل بأنَّه ليس في زكاة الأموال إلا أن تجب فيه الزَّكاة لكل سنة، أو أنه ليس فيه زكاة أبدًا، والقول بأنَّ عليه أنْ يُزكي لسنة واحدة ليس عليه دليل؛ لأنَّ المال له حكم واحد في الشرع، إمَّا أن يزكى لكل سنة وإمَّا ليس فيه زكاة، وأمَّا التفريق بين السنة الأخيرة، فيخرج عليها الزكاة، وما قبلها من السنوات لا يخرج عليها، فليس عليه دليل. - قال أبو عبيد في كتاب الأموال (ص440): "فأمَّا زكاة عام واحد، فلا نعرف لها وجهًا". وقال عنه ابن عبدالبر في الاستذكار (3/163): "وليس لهذا المذهب في النَّظر كبير حظ". والقول الثالث: إنَّه لا تجب فيه زكاة، وهو قول الأحناف، ورواية في مذهب أحمد، واختاره شيخُ الإسلام ابن تيميَّة. وعلَّلوا ذلك بأنَّ هذا المال لا يُمكن أن ينتفعَ به، ولا يتصرف فيه، فهو كالمعدوم وهذا القول له وجاهة وقوة، وأمَّا من استدل لوجوب الزَّكاة بما ورد من آثار الصَّحابة، فقد جاءت آثار أخرى للصَّحابة أن ليس في الدين زكاة، فقد ورد عن عائشة وابن عمر وغيرهما ومن التابعين عكرمة وعطاء[19]، فتعارضت أقوال السلف، فلا يكون فيها حجة. فعلى هذا القول إذا قبض الدَّائن من مَدِينه ماله، فإنَّه لا زكاة فيه إلاَّ أنْ يَحولَ على هذا المال حولٌ كامل بعد القبض، ففيه زكاة السنة التي حال فيها، وأمَّا حين يقبض المال فلا، وهذا القول هو الذي صدر عن قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن زكاة الديون[20]، وذكر في القرار أنَّه لا يوجد نص في الكتاب ولا السنة يفصل زكاة الديون، وما ورد من آثار الصحابة والتابعين تعددت فيه وجهات النظر، ثم قرر المجمع ما يلي: أولاً: تجب زكاة الدَّين على الدَّين عن كل سنة إذا كان المدين مليئًا باذلاً. ثانيًا: تجب الزكاة على رب الدَّين بعد دوران الحول من يوم القبض إذا كان المدين معسرًا أو مماطلاً. وما ذكره أصحاب المجمع الفقهي هو ملخص المسألة، ولو زكَّى صاحب الدَّين المال لسنة واحدة فقط بعد ما يقبضه من المدين المعسر أو المماطل، كان ذلك أحوط وأبرأ لذمته والله أعلم، وأمَّا من حيث الترجيح، فالأظهر والله أعلم القول الثالث، وأنَّه ليس عليه زكاة حتَّى يحولَ على المال الذي قبضه حولٌ كاملٌ. فائدة: ومثل الدين الذي على معسر أو مماطل: المال المغصوب أو المسروق أو المال الموروث والمجهول ونحوها في الحكم. ثانيًا: زكاة المَدِين؛ أي: زكاة من عليه دين لأحد. وقبل ذكر هذه المسألة لا بد من التفريق بين الأموال الظاهرة والأموال الباطنة عند الفقهاء. فالظاهرة: ما لا يُمكن إخفاؤه، وهي الزُّروع والثمار والمواشي. والأموال الباطنة: ما يُمكن إخفاؤه، كالذَّهب والفِضَّة، ويلحق بهما الأوراق النقدية؛ لأنَّها كلها أثمان. فمن كانت عند مزرعة وثمار أو مواشٍ، فهذا ماله ظاهر لا يُمكنه إخفاؤه، يشاهده الناس ووالي الصدقات، بخلاف من عنده ذهب أو فضة، فهو مال باطن. واختلفوا في عروض التِّجارة، فمن نظر إلى قيمتها، جعلها أموالاً باطنة؛ لأنَّها أثمان، وهذا قول جمهور العلماء، ومن نظر إلى كونها لا تخفى على النَّاس كما هو واقع اليوم: محلات تجارية مرخصة، جعلها أموالاً باطنة، والفرق بين الباطنة والظاهرة أنَّ الظاهرة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبعث لها السُّعاة؛ ليأخذوا الزكاة من أصحاب الأموال الظاهرة والمواشي والزُّروع؛ لأنَّها لا تخفى على السَّاعي وعلى الناس، وتتعلق بها قلوب الفقراء بخلاف الأموال الباطنة، فلم يكُن النبي - صلى الله عليه وسلم - يرسل من يأخذ زكاتها؛ لأنَّه لا يعرف مَنْ عنده مال ممن ليس عنده، فيخرجها صاحبُ المال من دون أن يأتيه أحد، وعروض التِّجارة الأظهر - والله أعلم - أنَّها من الأموال الباطنة؛ لأن المراد منها القيمة لا الأعيان - أو البضاعة - الظاهرة للناس، فالقيمة هي المرادة، وهي التي يخرج منها الزَّكاة والقيمة باطنة، فربَّما وجدت مَنْ ظَاهِرُ بضاعته الغِنَى، وحقيقة أمره من الرِّبْح الإفلاس، وأيضًا فتجارة الصحابة والسَّلف سابقًا ظاهرة للناس، ولم يرد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل إليهم السُّعاة لأخذ زكاتهم. يتلخص مما مضى أن الأموال قسمان: 1 - أموال ظاهرة: وهي الزروع والثمار والمواشي. 2 - أموال باطنة: وهي الذهب والفضة وعروض التِّجارة، وهذا التقسيم هو قول جمهور العلماء. واختاره من المحققين شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيم[21]. - فائدة هذا التقسيم في مسألتنا: أنَّ مَن يرى وجوبَ الزَّكاة على من عليه دين، استدل بأخذ السُّعاة الذين بَعَثَهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصحاب الأموال الظَّاهرة، ولم يكونوا يسألونهم هل عليهم دين أو لا؟ فقالوا لا تأثير للدين في الزكاة، ومنهم من فرق بين مَنْ عنده أموال ظاهرة، فلا يَمنع دينه الزَّكاة، ومن عنده أموال باطنة، فيمنع دينه الزكاة، ومنهم من جعل الدَّيْن يمنع الزكاة، سواء في الأموال الباطنة والظاهرة، فهذه ثلاثة أقوال ستأتي. - ما معنى قول الفقهاء أنَّ الدين يمنع الزكاة؟ المعنى: أنَّ المسلم إذا أراد أن يخرج الزَّكاة وعليه دَيْن، فإنه يَخصم مقدار هذا الدين من المال الذي في يده الذي سيخرج زكاته، ثم ينظر في الباقي إنْ كان دون النِّصاب، فلا زكاة عليه، وإن كان لا يبقى في يده شيء بعد خَصْم الدَّين، فلا زكاة عليه أيضًا، وإن كان الباقي يبلغ نصابًا، فإنَّه يخرج زكاة الباقي فقط، إذًا المقصود هل الدين يؤثر في الزكاة أو لا؟ هذا هو موطن الخلاف. - الخلاف في المسألة: القول الأول: إنَّ الدَّين يؤثر في الزَّكاة مطلقًا، سواء كانت أمواله ظاهرة أم باطنة، وهذا قول المذهب[22]. مثال ذلك: رجل عنده (10.000) ريال، وعليه دَيْن (5.000) ريال، فإنه يخصم قيمة هذا الدين من رأس ماله، وهو(10.000) ريال، فيتبقى عنده (5.000) ريال، فيخرج زكاتها، ولكن لو كان عليه دين (9900) تسعة آلاف وتسعمائة ريال، فإنه بعد خصم الدين يتبقى عنده مائة ريال، فلا زكاةَ عليه؛ لأنَّ المائة لا تبلغ نصاب الزَّكاة كما سيأتي، وهذا المثال في الأموال الباطنة. مثال آخر: رجل عنده (42) شاة، وعليه دَيْن (2000) ريال، ومثلاً قيمة الشاة الواحدة (500) ريال ، فلو خصم الدَّين الذي عليه، لتبقى عنده (40) شاة، فيخرج زكاتها، ولكن لو كان عليه دين (4000) ريال، فإنه بعد خصم الدين سيكون عنده (38) شاة، وهذه ليس فيها زكاة؛ لأنَّ نصاب الغنم كما سيأتي أربعون شاة وما دون ذلك فلا زكاة فيه، وبناءً على هذا المثال فلا زكاة على صاحب الدَّين هنا، وهذا المثال على الأموال الظاهرة، هذا هو قول المذهب: إنَّ الدين يؤثر في الزكاة مطلقًا. واستدلوا: 1 - بما ورد عن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - أنَّ عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال وهو يخطب: "هذا شهر زكاتكم، فمن عليه دَيْن فليؤدِّه، ثم ليُزكِّ بقية ماله"؛ رواه مالك في موطئه (1/253)، وابن أبي شيبة في مصنفه (3/194)، والبيهقي في سننه (4/148). قال ابن حجر: "إسناده صحيح، وهو موقوف"[23]، وصححه الألباني في الإرواء (3/260)، ووجه الدلالة: "أنَّ عثمان - رضي الله عنه - لم يأمر بإخراج الزَّكاة عن المؤدَّى في الدين، بل أمر بإخراج ما تبقى من المال بعد خَصْم الدين منه، وعثمان بن عفان من الخلفاء الرَّاشدين الذين أمرنا باتِّباع أمرهم. ومن أهل العلم من ناقش هذا الاستدلال بأنَّ عثمان - رضي الله عنه - أمرهم بأداء الديون قبل مَجيء وقت الزَّكاة، فلا يصلح أن يستدلَّ لمن جاء وقت زكاته وعليه دَيْن، ولكن هذا القول بعيد؛ لأن ألفاظ الحديث تدل على أنه أمَرَ مَنْ عنده دين وحلَّت زكاته أن يَخصم الدين من ماله ثم يزكي. 2 - قالوا: من حيث التعليل والنظر، فإن الزكاة إنَّما وجبت لمواساة المحتاجين، والذي عليه الدَّيْن محتاج لقضاء دَينه، كحاجة من يحتاج لمواساة أو أشد، وليس من الحكمة أنْ يسد حاجة غيره ويُعطِّل حاجته. ونوقش: بأنَّ العلَّة من الزَّكاة ليس المواساة فقط، وإنَّما هذه عِلَّة وجيهة استنبطها العلماء، وللزَّكاة علل أخرى أهمها ما ذكره الله - عزَّ وجلَّ - في كتابه، وهي تطهير للمال وصاحب المال، فقال - تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة: 103]. هذان الدليلان أبرز استدلالات أصحاب هذا القَول، وأقواها الدليل الأول، ولهم أدلة أخرى وما تقدَّم أشهرها وأقواها. القول الثاني: إنَّ الدَّين لا يؤثر في الزكاة مطلقًا، وهو رواية في المذهب، واختار هذا القول الشيخ ابن باز في فتاواه (14/178)، وشيخنا ابن عثيمين في فتاواه (18/36). واستدلوا: 1 - بعمومات الأدلة الدالة على وجوب الزَّكاة؛ حيث إنَّها لم تفرق بين مَنْ عليه دَين ومَنْ ليس عليه دين، كقوله - تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة: 103]، وحديث ابن عباس - رضي الله عنه - في بعث معاذ إلى اليمن وفيه: ((فأخبرهم أنَّ الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم))؛ متفق عليه. وحديث أنس - رضي الله عنه - مرفوعًا وفيه: ((وفي الرِّقَّة في كل مائتي درهم ربع العشر))؛ رواه البخاري، والرقة هي الفضة، وهي من الأموال الباطنة، وعموم الحديث يدخل فيه المدين وغيره، وهو كل مَن ملك نصابًا تجب فيه الزكاة. ونوقش هذا الاستدلال بأنَّ المدين ملكه للمال ملك ناقص، فما معه من قدر الدين حقٌّ للدائن، وأيضًا هذه الأدلة العامَّة التي استدلوا بها هي فيمن توفرت فيه الشُّروط، ومنها تمام الملك واستقراره، وأيضًا هذه العمومات مَخصوصة بما جاء في أدلة أصحاب القول الأوَّل، ومنها أثر عثمان؛ حيث أمر مَنْ عليه دَيْن أنْ يقضي دينه، ويخرج زكاة ما بقي، وهذا دليل أخص من هذه العمومات، والخاص مقدَّم على العام. 2 - استدلوا بأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُرسل العُمَّال الذين يقبضون الزَّكاة من أصحاب الأموال الظاهرة كالمواشي والثِّمار، ولا يأمرهم أن يستفسروا من أصحابها أعليهم ديون أم لا؟ مع أنَّ أهلَ الثمار عليهم ديون؛ لأنَّ من عادتهم أنَّهم كانوا يسلفون في الثِّمار السنة والسنتين. ونُوقش هذا الاستدلال بأنَّ عدم استفصال العمال ممن عليه الزكاة ليس دليلاً؛ لأنَّ الأصل هو براءة الذِّمة من الديون، ومَنْ عليه دين فيستخبر عن نفسه. ولأصحاب هذا القول أدلة أخرى، وهذان الدليلان أشهرها وأقواها. والقول الثالث: فرَّقوا بين الأموال الظاهرة، فلا يؤثر فيها الدين، وبين الأموال الباطنة، فيؤثر فيها الدين، وهذا القول رواية في المذْهَب وهو اختيار الشيخ عبدالرحمن السعدي. واستدلوا: 1 - بما تقدم من إرسال النَّبي - صلى الله عليه وسلم - للعمال؛ ليأخذوا من أصحاب الأموال الظاهرة أهل المواشي والثِّمار، ولم يكونوا يستفصلون أعليهم ديون أم لا؟ 2 - قالوا: لأنَّ تعلُّق الزَّكاة بالأموال الظاهرة آكد من الباطنة، وذلك لظهورها وتعلُّق الفقراء بها. وهذان الدليلان أقوى أدلتهم وأشهرها. ونوقش هذان الدليلان بأنَّ عدم استفصال السُّعاة من أهل الأموال الظَّاهرة، وأخذهم للمال مُباشرة يدُلُّ على أنَّ الزكاة تتعلق بالمال، ولا فرق في هذا بين الأموال الظاهرة والباطنة، ولأنَّ الدَّين أمر مخفي يستوي فيه المال الظاهر والباطن، وأمَّا قولهم: لأن قلوب الفقراء تتعلق بالأموال الظاهرة؛ لظهورها بخلاف الأموال الباطنة؛ لخفائها، فالجواب أنَّ الخفاء والظهور لا ينضبط، فصاحب عروض التِّجارة الذي له محلات تجارية أشد ظهورًا للفقراء من صاحب الغنم الذي تنحَّى بها خارج البلدة، وسكن عندها من البدو وغيرهم. وبعد استعراض الأقوال، فإنَّ القول الأول وهو أنَّ للدين تأثيرًا في الزكاة قول وجيه وقوي؛ وذلك لأن أثر عثمان في الأمر بقضاء الدين ثم أداء الزكاة - مما بَقِيَ قويًّا في الدلالة؛ قال ابن قدامة في "المغني" (4/164) عن قول عثمان: "وقد قال ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكروه عليه، فدل على اتفاقهم عليه". - قال ابن رشد: "والأشبه بغرض الشارع إسقاط الزَّكاة عن المدين"[24]. إلا أن هناك أمورًا وشروطًا لا بد من مراعاتها وهي ما يلي: 1 - أن يكون الدَّيْنُ حالاًّ لا مؤجلاً: مثال ذلك: رجل عليه مائة ألف ريال بأقساط سنويَّة كل سنة عشرة آلاف، فإن الدين المعتبر الذي يؤثر في الزَّكاة هو ما حلَّ سداده، وهو عشرة آلاف، فيخصمها مما عنده من المال، وأمَّا ما تبقى من أقساطه، وهي تسعون ألفًا، فهذه مُؤجَّلة لا تأثير لها في الزكاة، فإذا كان عنده من المال خمسون ألفًا، فإنَّه يخصم منها عشرة آلاف قدر الدين، ويخرج زكاة أربعين ألفًا. 2 - ألاَّ يكون عنده شيء زائد يسدد به دينه، فليس عنده إلاَّ ماله الذي سيزكيه وحاجاته الأصلية. مثال ذلك: رجل عنده سيارة زائدة غير سيارته الأصلية، وعنده مال وقدره أربعون ألفًا، وعليه دين وقدره عشرة آلاف فإنه يزكي الأربعين ألفًا، ولا يخصم منها قدر الدين؛ لأن هذا الرجل عنده شيء غير ماله يسدد به دينه، وهو سيارته الزائدة، فيبيعها ويسدد دينه. وذلك لأنَّ عدم اعتبار الأشياء الزَّائدة يُؤدي إلى الاستغراق في الدَّين في أمور كمالية ليست من حاجة الإنسان الأصليَّة، وتكون مقدَّمة على حقِّ الله، وهو فرض الزكاة؟! فربَّما تجد مَنْ عنده سيارات زائدة وعقارات زائدة واستراحات، وعليه أقساط منها، ثم يقول: إنَّ ديني يؤثر في زكاتي. ولأن قيمة الأشياء الزائدة أولى بسداد الدَّين من المال الذي فيه حق الزَّكاة، فيأخذ من أمواله الزائدة ما يسد دينه، وهذا الشرط الثاني نص عليه المرداوي من الحنابلة[25]. هذا هو الخلاف في المسألة، ولا شكَّ أن الأحوط للمسلم والأبرأ لذمته أن يبادر في قضاء دينه الذي حلَّ، ثم يزكي ما بقي، فهذا فيه براءة لذمَّته من الدَّين، واحتياطٌ في باب الزكاة، وتطبيق لما أمر به عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أصحابه. - قال شيخنا ابن عثيمين في "الممتع" (6/32): "وأما أثر عثمان - رضي الله عنه - فإننا نُسَلِّم أنَّه إذا كان على الإنسان دين حال، وقام بالواجب وهو أداؤه، فليس عليه زكاة؛ لأنَّه سيؤدي من ماله، وسَبْقُ الدين يقتضي أن يُقدَّم في الوفاء على الزَّكاة؛ لأن الزكاة لا تجب إلا إذا تم الحول، والدين سابق، فكان لسبقه أحق بالتقديم من الزكاة، ونحن نقول لمن اتَّقى الله، وأوفى ما عليه: لا زكاة عليك إلاَّ فيما بقي، أمَّا إذا لم يوف ما عليه، وماطل لينتفع بالمال، فإنَّه لا يدخل فيما جاء عن عثمان - رضي الله عنه - فعليه زكاته". فائدة: قد يكون الدَّيْن ليس لآدمي، وإنَّما في حقٍّ وجب عليه لله كالكفَّارة، فإنَّها تدخل ضمن الدين، وهو قول المذهب أيضًا؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنه - مرفوعًا، وفيه: ((دين الله أحق بالوفاء))؛ متفق عليه. مثال ذلك: رجل عنده مال يريد أنْ يزكيه وعليه كفَّارة ظهار أو قتل، أو كفارة يمين، فإن هذه الكفارة حكمها حكم الدين في التأثير في الزَّكاة بما تقدم من خلاف، فلو كان عنده ثلاثة آلاف ريال، وعليه كفارة يمين والإطعام في كفارة اليمين يكلف مثلاً مائة ريال، فإنه يخصم قيمة الكفارة من ماله، فيخرج زكاة ألفين وتسعمائة ريالِِِِِِِِ. المسألة الثالثة: ينعقد الحول بصغير الماشية حين ملكها إذا كملت نصابًا. مثال ذلك: رجل عنده ثلاثون رأسًا من الأغنام، وفي شهر محرم ولدت عشر منهن عشر شياه، فصارت أربعين رأسًا - ومعلوم أن نصاب الغنم يبدأ من أربعين ومن كان عنده دون ذلك فلا زكاة عليه - ونقول لصاحب هذه الشياه أنَّه بدأ الحول من حين ملكه لأربعين شاة، ولو كان بعضها صغارًا، فإن الحول ينعقد بها على القول الصَّحيح وهو قول المذهب خلافًا لمن قال: إنَّ هذه الشياه لا ينعقد بها الحول حتى تبلغ سنًّا معينة. ويدل على ذلك: عموم حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - الطويل، وفيه: إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((في أربعين شاة شاة))؛ رواه البخاري، ولم يحدد النبي - صلى الله عليه وسلم - سنًّا معينة، بل في كل أربعين شاة نخرج للزكاة شاة واحدة، وسواء كانت هذه الأربعين صغيرة أو كبيرة. تنبيه: سيأتينا - بإذن الله - في الباب القادم زكاة بهيمة الأنعام، وأنَّ من شرطها أنْ تكون سائمة؛ أي: ترعى الحول أو أكثره، فإذا كانت هذه الصِّغار ليست سائمة كأن تتغذى باللبن فقط، فلا ينعقد بها الحول، وهو قول المذهب أيضًا، ليس لأنَّها صغيرة، وإنَّما لأنَّها غير سائمة. المسألة الرابعة: ينقطع الحول في أمور منها: وهذه الأشياء التي تقطع الحول هي اختيار المذهب أيضًا. أولاً: لو نقص النِّصاب في أثناء الحول: مثال ذلك: رجل يملك خمسًا من الإبل - ومعلوم أن نصاب الإبل خمس - كما سيأتي - وفي أثناء الحول بعد سبعة أشهر مثلاً ماتت واحدةٌ من الإبل، فهنا نقص النِّصاب وصار عنده أربع من الإبل، فلا زكاة فيها، فإذا اكتمل النِّصاب بأنِ اشترى واحدة فيما بعد، فإنَّه يستأنف فيبدأ الحول من جديد. مثال آخر: لو فرضنا أنَّ نصابَ النُّقود ألف ريال، وبعد ثلاثة أشهر اشترى بمائة ريال، فإنَّ الحول انقطع حينئذ، فإذا ملك ما يكمل به النِّصاب فيما بعد، فإنه يستأنف حولاً جديدًا. ثانيًا: لو باع النصاب أثناء الحول: مثال ذلك: رجل عنده (40) شاة سائمة، وبعد تسعة أشهر من الحول باع شاة واحدة، فإنَّ الحول انقطع حينئذ، فإذا ملك ما يكمل به النِّصاب بأن اشترى شاة فيما بعد، فإنَّه يستأنف حولاً جديدًا. ثالثًا: لو أبدل النِّصاب بغير جنسه أثناء الحول: والإبدال بيع في حقيقته، فلو أبدل أربعين شاةً بخمس من الإبل، فهذا بيعٌ فهو اشترى الإبل بالشياه، وسيأتينا في تعريف البيع: "أنَّه مبادلة مال..."، وصاحب "الزاد" ذكر البيع والإبدال، ولا شك أنه يريد المغايرة والتفريق، فيعمل البيع على النُّقود، والإبدال بغير النقود؛ ولذا قال رحمه الله: "بغير جنسه". مثال الإبدال: رجل عنده (40) شاة، وبعد خمسة أشهر أبدلها بخمسة من الإبل، فإن الحول انقطع حينئذ، فيستأنف حولاً جديدًا. مثال آخر: رجل عنده (20) دينارًا من ذهب، وبعد عشرة أشهر أبدلها بـ (200) درهم من الفضة، فهل ينقطع فيستأنف، أو أنَّه يبني على حوله؟ المذهب: أنَّه يبني على الحول فلا ينقطع؛ لأنَّهم يرون أنَّ الذهب والفضة من جنس واحد، فالجنس عندهم لم يختلف. والقول الراجح - والله أعلم -: أن الحول ينقطع؛ لاختلاف الجنس، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين في "الممتع"، (6/40)، وسيأتي في باب زكاة النقدين أن الذهب والفضة لا يكمِّل أحدهما الآخر في النِّصاب؛ لاختلاف الجنس بخلاف أصحاب المذهب الذين قالوا: إذا كان الذهب دون النصاب وعنده من الفضة ما يكمل به نصاب الذهب، ففيه الزكاة، والعكس كذلك، والصواب غير ذلك كما سيأتي. ويدل على ذلك: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلهما جنسين مُختلفين كما في حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا: ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة... فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كَيف شئتم إذا كان يدًا بيد))؛ رواه مسلم (1587). - إذًا من خلال ما تقدَّم عرفنا أنَّه إذا أُبدل بغير جنسه، فإنَّه يستأنف حولاً جديدًا، ولا يبني على الحول السَّابق، فالغنم والبقر هذان جنسان مُختلفان، وكذا الذَّهب والفضة على الصَّحيح جنسان مُختلفان، والاختلاف في الجنس هنا حقيقة، فالغنم حقيقته تختلف عن البقر، وقد يكون الاختلاف في الجنس ليس حقيقة، وإنَّما حكمًا؛ أي: في حكم المختلف. مثال ذلك: رجل عنده (40) رأسًا من الأغنام السَّائمة، فأبدلها بعد خمسة أشهر بنصاب عروض التِّجارة - وسيأتي أنَّ لبهيمة الأنعام المتَّخذة للدَّر والنَّسل نصابًا، وهو: أربعون من الأغنام وما دونها، فليس فيه زكاة، وأنَّ لعروض التِّجارة نصابًا آخر وبابًا يختلف عن باب زكاة بهيمة الأنعام، وعُرُوض التجارة؛ أي: يتاجر بالأغنام، فيبيع ويشتري، فقد يكون عنده دون الأربعين من الأغنام، ومع ذلك فيها زكاة؛ وذلك إذا كانت عروض تجارة - كما سيأتي بيانه في بابه - وهذا الرجل أَبدل، فانتقل من نصاب إلى نصاب، فيستأنف حولاً جديدًا مع أنَّ الانتقال من أغنام لأغنام، ولكن الاختلاف في النِّصاب من بهيمة الأنعام السَّائمة إلى عُرُوض التِّجارة، فصار في حكم المختلف. ولذا فإنَّ عروض التِّجارة بابها واحد وجنسها واحد؛ لأنَّ زكاتَها تخرج قيمة، وليس من جنس عروض التِّجارة، فصاحب الأغنام الذي يبيع ويشتري لا يَخرج في الزكاة شاة، وإنَّما نقودًا كما سيأتي، وعليه فإذا أبدل ذهبًا بفِضَّة أثناء الحول، فلا يستأنف حولاً جديدًا إذا كانت عروض تجارة، بل يبني على حوله السابق؛ لأنَّ هذه المبادلة على سبيل التجارة كالذين يتعاملون بالعملات، فيشترون مثلاً بالريال السعودي جنيهًا مصريًّا أو درهمًا إماراتيًّا، فإن هذه المبادلة لا تقطع الحول. والخلاصة: أنَّه إذا أبدل جنسًا بغيره، فإنه يستأنف حولاً جديدًا إلا في عروض التجارة كما سبق. مسألة: ما الحكم لو فعل واحدًا من الأسباب الثلاثة السابقة التي ينقطع بها الحول ليفر من الزكاة؟ مثال ذلك: شخص عنده (40) شاة سائمة، وقبل تمام الحول بشهر، ذَبَح واحدة؛ لتكون ناقصة عن النِّصاب فلا يزكي، أو باع واحدة، أو أبدلها بخمس من الإبل، وفعل ذلك كله؛ ليفر من الزكاة، فما حكمه؟ الجواب: أنه تجب في حقِّه الزكاة بعد تمام الحول، فلا ينقطع وهو قول المذهب أيضًا. والتعليل: لأنه فعل ذلك؛ ليتحايل على الشَّرع، فيعاقب بضد قصده؛ لأنَّ التحايل على إسقاط الواجب لا يسقطه، كما أن التحايُل على الحرام لا يبيحه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا مَحارمَ الله بأدنى الحيل))؛ أخرجه ابن بطة في "إبطال الحيل" (24). وجوَّد إسناده شيخُ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (3/123). ولأنَّ العبرة في الأفعال بالمقاصد؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكل امرئ ما نوى))؛ متفق عليه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه. فالتحايل على إسقاط الواجب لا يسقطه كما في هذا المثال، وكمن يُطَلِّق امرأته وهو في مرض الموت؛ حتَّى لا ترث، فهنا لا يسقط الواجب فترث، وكذلك التحايل على فعل المحرم لا يُبيحه، وهذه قاعدة الحيل. مسألة أخرى: لو أبدل النصاب بجنسه، فإن الحول لا ينقطع، وبه قال المذهب أيضًا. مثال ذلك: رجل عنده ذهب يبلغ النِّصاب وقبل تَمام الحول بشهرين أبدله بذهب آخر، فإن الحول لا ينقطع؛ لأنَّه أبدله بجنسه، فيبني على حوله السابق. مثال آخر: رجل عنده ثلاثون من البقر، وقبل تَمام الحول باعها بثلاثين من البقر أخرى، فإن الحول لا ينقطع، فيبني على حوله؛ لاتِّفاق الجنس. إذًا ملخص المسألة أن يقال: أولاً: أنَّ من نقص نصابه أو باع منه أو أبدله بغير جنسه أثناء الحول، فإنه يستأنف حولاً جديدًا، وإن فعل ذلك فرارًا من الزكاة، فإنه لا يستأنف، بل يبني على حوله. ثانيًا: أن إبدال النصاب بغيره ينقسم أقسامًا: 1 - أنْ يبدل نصابًا بغير جنسه، فإنَّه يستأنف حولاً جديدًا إلاَّ في عروض التجارة كما سيأتي، مثاله: خمسًا من الإبل بثلاثين بقرة، أو ذهبًا بفضة على القول الصحيح. 2 - أن يبدل نصابًا بغير جنسه، وكلاهما عروض تجارة، فإنه يبني على حوله الأول، مثاله: كأن يتاجر بثلاثين رأسًا من الأغنام، فأبدلها بخمس من الإبل؛ ليتاجر بها أيضًا، فيبيع ويشتري. 3 - أن يبدل نصابًا ليس عروضَ تجارة بنصاب آخر عروض تجارة، سواء من جنسه أم من غير جنسه، فإنه يستأنف حولاً جديدًا، مثاله: كأن يكون عنده ثلاثون بقرة سائمة، أو أربعون شاة سائمة مُتَّخذة للدَّرِّ والنسل، فأبدلها بثلاثين شاة عروض تجارة. 4 - أن يبدل نصابًا بآخر من جنسه، فإنه يبني على حوله الأول، مثاله: كأن يبدل ذهبًا بذهب أو إبلاً سائمة بإبل سائمة. 5 - أن يبدل نصابًا بغير جنسه؛ ليفر من الزَّكاة، فإنَّه يبني على حوله الأوَّل، مثاله: كأن يبدل ثلاثين من البقر بأربعين شاة؛ ليفر من الزكاة. المسألة الخامسة: هل تتعلق الزكاة بالذمة أو بعين المال؟ فائدة الخلاف: لو أن رجلاً عنده (40) شاة، فحال عليها حولان، ولم يخرج الزكاة، فمن علَّق الزَّكاة بالذمة، أوجب عليه شاتين لكل حول شاة، ومن علَّقها بعين المال، أوجب عليه شاة واحدة؛ لأنَّه لو أخرج عن الحول الأول شاة من أربعين، لصار عنده (39) شاة، وهذه دون النصاب، فلا تجب عليه الزكاة للحول الثاني، وفي هذا إشكال. وإشكال آخر: لو قلنا: إنَّها تتعلق بعين المال يترتب عليه أنَّ صاحب المال لا يجوز له أنْ يبيع من هذه الشياه أو يهبها؛ لأن عين هذا المال فيه الزكاة؛ وكذا لو أراد أن يخرج زكاتها، فلا يجوز أن يشتري من السوق شاة؛ ليخرجها زكاة عن الأربعين التي عنده؛ لأنه لا بد أن يخرجها من عين المال، فيخرجها من التي عنده، والواقع اليوم أنَّ صاحب المال يتصرف في ماله بيعًا وشراءً وهبة، ويجوز له أنْ يشتري غير ما عنده؛ لتكون هي الزكاة. إشكال آخر: لو قلنا: إنَّها متعلقة بعين المال، لو تلف هذا المال بعد مضي الحول، فلا شيء عليه؛ لأنَّ عين المال تلف إن كان من غير تفريط، ولو قلنا: إنَّها متعلقة بالذمة، لوجبت عليه الزَّكاة مع أنَّ الأظهر أنه ليس عليه زكاة؛ لأنَّه غير متعدٍّ ولا مفرط، وهناك إشكالات ومسائل أخرى تنبني على هذا الخلاف ذكرها ابن رجب في "القواعد" بتفريعات فريدة يحسن الرُّجوع إليها والاستفاد منها[26]، والآن نذكر الخلاف بعد معرفة فائدته. للمذهب روايتان قيل: إنَّها تتعلق بالذِّمة. وعلَّلوا ذلك: بأنه لو تلف المال بعد وجوب الزَّكاة، لوجبت على صاحب المال الزكاة؛ لأنَّها في ذمته. وقيل: إنَّها تتعلق بالمال. واستدلوا: بقوله - تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بها} [التوبة: 103]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فأعلمهم أنَّ الله افترض عليهم صدقة في أموالهم))؛ متفق عليه من حديث ابن عباس - رضي الله عنه. وهاتان الروايتان في مذهب الإمام أحمد[27]. والقول الثالث: إنَّ الزكاة محلها عين المال ولها تعلق بالذِّمة، وهذا القول هو الذي ذكره صاحب الزاد، وهو قول يجمع بين الأمرين، وهو الأظهر - والله أعلم - فيصح أن يبيع المال أو يهبه ويتصرف فيه؛ لأن هذا التعلُّق بالمال ليس تعلقًا كاملاً، ويضمن الزكاة؛ لانشغال ذمته بها. تنبيه: يستثنى من هذه المسألة عروض التجارة، فإن الزكاة لا تجب في عينها، بل في قيمتها، فمن يتاجر بمحلات مواد غذائيَّة لن يخرج الزكاة مما فيها كالسكر والشاي والأرز ونحوها، بل يُخرجها قيمة، وكذا من يُتاجر بالأغنام أو الأراضي، فما دام أنَّها عروض تجارة، فإن زكاتها في قيمتها. المسألة السادسة: لا يشترط في وجوب الزَّكاة التمكن من أدائها، ولا بقاء المال، والمقصود أنَّ التمكن من أداء الزكاة وبقاء المال ليسا من شروط وجوب الزكاة. أولاً: التمكن من أداء الزكاة: المذهب وهو القول الرَّاجح والله أعلم: أنه لا يشترط لإيجاب الزَّكاة على المسلم أن يتمكن من أدائها، فمثلاً: تقدم أنَّ الزكاة تجب في الدَّيْن مع أنَّ الدائن لا يتمكن من أداء الزَّكاة، ولكن الزَّكاة واجبة في حقه، لكن إخراج الزَّكاة لا يجب إلا بعد التمكن من الأداء، وبهذا نعرف أن هناك فرقًا بين وجوب الزَّكاة وبين وجوب إخراج الزَّكاة، فالأول يجب وإن لم يتمكَّن، والثاني لا يجب إلا بعد التمكن. والتعليل: أنَّ هذا كسائر العبادات، فالصَّوم واجب على الحائض؛ أي: في ذمتها، ولكن لا يَجب فعله إلا إذا تمكنت بعد الطهر وكذلك المريض، وكذلك النائم في وجوب الصلاة. ثانيًا: بقاء المال: المذهب: أنه لا يشترط في وجوب الزَّكاة بقاء المال، بمعنى أنه لو تلف المال بعد مضي الحول ووجوب الزكاة فيه، يجب عليه أنْ يخرج زكاة هذا المال؛ لأنه لا يشترط أن يكون باقيًا عنده، سواء تلف هذا المال بتفريط منه أم لم يفرط؛ لأنَّه صار المال بعد مضي الحول كالدَّيْن عليه، وهذا يجعله متعلقًا بالذمة. والقول الراجح - والله أعلم -: التفريق بين المفرِّط في إتلافه، فيجب عليه أداء الزكاة ولا يشترط بقاء المال، وبين الغير مفرِّط فلا تجب عليه الزَّكاة، وهذا القول رواية في المذهب. والتعليل: لأنَّ المال بعد مضي الحَوْل ووجوب الزكاة كالأمانة عنده، والأمانة إذا تلفت من غير تفريطٍ ولا تعدٍّ لا يضمنها باتِّفاق العلماء، وإذا فرَّط فإنه يضمن، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميَّة واختيار شيخنا ابن عثيمين. المسألة السابعة: الزكاة تخرج من تركة الميت كالدَّين: مثاله: شخص مات وترك مالاً مضى عليه الحول ولم يُزَكِّ، فإن الزَّكاة تخرج من ماله قبل إنفاذ الوصية وتقسيم الإرث، ومعلومٌ أنَّ الديون تدفع لأصحابها قبل الوصية والإرث والزكاة دين، وهذا قول المذهب وهو القول الراجح والله أعلم. ويدل على ذلك: حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أنَّ امرأةً سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أمَّها نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أرأيت لو كان على أمِّك دين أكنت قاضيته؟))، قالت: نعم، قال: ((اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء))[28]؛ فدل هذا على أن دين الله كدين الآدمي في القضاء. وظاهر كلام صاحب الزَّاد أنَّه لا فرق بين كون الميت أخَّر زكاته متعمدًا، فمنعها بخلاً أو لا، فإنَّها تبرأ ذمته إذا أخرجها الورثة، وهذا قول المذهب[29]. والقول الثاني: أنه يُفَرَّق بين من أَخَّر زكاته عمدًا ومات على ذلك، فإنها لا تبرأ ذمته، فلا ينفعه إخراج الورثة لزكاته، وهو اختيار الإمام ابن القيم في "بدائع الفوائد"، (3/104). وعلَّل ذلك: بأن هذا الميت أصرَّ على عدم الإخراج، فكيف ينفعه إخراج غيره لزكاته، وقال: إنَّ نصوصَ الكتاب والسنة وقواعد الشرع تدل على هذا. ورجح شيخنا ابن عثيمين قول ابن القيم وأنَّها لا تبرأ ذمته، ولا تنفعه عند الله، وأنَّها تخرج من تركته؛ لتعلق حق أهل الزكاة بها[30]. فائدة: لو مات شخص وعليه دين لآدمي وزكاة، فأيهما يقدَّم؟ مثاله: مات شخص عنده (1000) ريال، وعليه دين قدره (1000) ريال، وزكاة قدرها (1000) فأيهما يقدم؟ قيل: يقدم دين الآدمي؛ لأنه مبنيٌّ على المشاحة، وقيل: يقدم حق الله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فالله أحق بالوفاء)). والصواب: أنَّهما يتحاصَّان؛ أي: لكل حق حصته؛ أي: نصيبه، فيعطى صاحب الدين (500)، وتدفع (500) للزكاة، وهذا قول المذهب وهو الأظهر - والله أعلم - وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين[31]، وأمَّا حديث ابن عباس، فالمراد فيه بيان أنه كما أن دين الآدمي يجب أن يُقضى، فكذلك دين الله من باب أولى. ملاحظة... سيتم نشر جميع حلقات هذه السّلسلة بإذن الله تعالى في ملف واحد بقسم المكتبة بعد الانتهاء من نشر جميع حلقاته بقسم الدراسات.. ــــــــــــــــــــ [1] هذا الباب من وضع الشارح، وليس من وضع الماتن. [2] رواه البخاري (2203)، ومسلم (1543). [3] في "الإفصاح" 1/195. [4] رواه البخاري (1395)، ومسلم (19). [5] في "الإفصاح" 1/195. [6] رواه البخاري (1405)، ومسلم (979). [7] في "الإفصاح" 1/196. [8] انظر: "فتاوى اللجنة الدائمة"، فتوى برقم (4460). [9] رواه مسلم من حديث ابن عمر. [10] رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه. [11] في "الإفصاح" 1/196. [12] والحديث رواه ابن ماجه (1792)، وهو حديث ضعيف؛ لأن في سنده حارثةَ بنَ أبي الرجال، وحارثةُ ضعيف، إلا أن لهذا الحديث ما يعضده من آثار الصحابة، لا سيما الخلفاء الراشدين منهم، كأبي بكر كما في "موطأ الإمام مالك" و"سنن البيهقي" (4/95) وصححه، وورد عن عثمان كما في "موطأ مالك" والبيهقي أيضًا (4/95) وصححه، وورد عن علي، كما في "مصنف ابن أبي شيبة"، وغيرهم من الصحابة. ولحديث عائشة شاهدٌ من حديث علي عند أبي دواد (1573)، قال عنه ابن حجر (في "التلخيص" 2/156): "حديث علي لا بأس بإسناده، والآثار تعضده؛ فيصلح للحجة". [13] في "الإفصاح" (1/196). [14] كما في "موطأ مالك" (1/265)، ورواه الشافعي في "الأم" (2/10)، وعبدالرزاق في "مصنفه" (6806)، قال النووي في "المجموع" (5/317): "رواه مالك في "الموطأ" والشافعي بإسنادهما الصحيح". [15] انظر: فتاوى شيخنا ابن عثيمين، (18/208). [16] رواه البيهقي (4/107)، وصححه. [17] رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنه. [18] انظر: "العين"، للخليل، 8/72. [19] انظر: "مصنف عبدالرزاق"، 4/103، وانظر: "سنن البيهقي"، 4/150. [20] في تاريخ 10 - 16 ربيع الآخر 1406هـ، انظر: مجلة المجمع العدد (2)، ج1/61. [21] انظر: "مجموع الفتاوى"، 25/25، وانظر: "زاد المعاد"، 2/10. [22] انظر: "الإنصاف"، 3/24. [23] انظر: "المطالب العالية"، 5/ 504. [24] انظر: "بداية المجتهد"، 1/246. [25] انظر: "الإنصاف مع الشرح الكبير"، 6/344. [26] انظر: "القاعدة"، ص85، 138. [27] انظر: "الإنصاف"، للمرداوي، 3/35. [28] رواه البخاري، (1852). [29] انظر: "الإنصاف"، 3/41. [30] انظر: "الممتع"، 6/47. [31] انظر: "الممتع"، 6/48.
  6. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لعل من أهم الشروط مايلي : شروط القيد في السجل المادة الثانية : يشترط في من يقيد في سجل المحاسبين القانونيين أن يكون : 1- سعودي الجنسية . 2- كامل الأهلية . 3- حسن السيرة والسلوك ، وغير محكوم عليه بحد شرعي، أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، وألا يكون قد صدر ضده قرار تأديبي بالفصل من الخدمة الحكومية ما لم يكن قد مضى على صدور القرار التأديبي ثلاث سنوات. 4- حاصلاً على درجة البكالوريوس ( تخصص محاسبة ) أو أي شهادة أخرى تعتبرها الجهة المختصة بمعادلة الشهادات معادلة لها. 5- لديه خبرة عملية في أعمال محاسبية بعد الحصول على المؤهل المشار إليه في الفقرة " 4 " السابقة لدى إحدى الجهات التالية : *أ- مكاتب المحاسبين القانونيين التي تعتمدها الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين المنصوص عليها في هذا النظام طبقاً للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية وذلك لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات تخفض إلى سنتين إذا كان طالب القيد حاصلاً على درجة الماجستير في المحاسبة أو ما يعادلها وإلى سنة واحدة إذا كان حاصلاً على درجة الدكتوراه في المحاسبة أو ما يعادلها. *ب- الجهات الحكومية أو الشركات أو المؤسسات الفردية طبقاً للشروط والمدد التي تحددها اللائحة التنفيذية على ألا تقل عن المدد المشار إليها في الفقرة (أ) السابقة. 6- عضواً أساسياً بالهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين . وهذا توضيح مني (يعني لازم تحصل على شهادة الزمالة من هيئة المحاسبين السعوديين). 7- متفرغاً لمزاولة المهنة ، ومع ذلك يجوز للمحاسب القانوني الجمع بين المهنة ومزاولة الأعمال التي لا تتعارض مع سلوك وآداب المهنة طبقاً للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية . <B> وهذا مزيد من التوضيح من اللائحة التنفيذية. المادة الثانية : على كل من يرغب في قيد اسمه في سجل المحاسبين القانونيين أن يرفق بطلبه المستندات التاليـة : 1- صورة من حفيظة النفوس أو بطاقة العائلة أو بطاقة الأحوال المدنية. 2- تعهدا موقعا من طالب القيد بأنه لم يسبق أن أقيم عليه حد شرعي ولم يصدر عليه حكم في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة. 3- صورة من قرار قبول استقالته من جهة حكومية أو غير حكومية إلا إذا كان متفرغا لدى أحد مكاتب المراجعة فيكتفى بإحضار شهادة تفيد استمراره بالعمل لدى هذا المكتب. 4- صورة معتمدة من وثيقة الحصول على شهادة البكالوريوس تخصص محاسبة أو ما يعادلها مع إرفاق صورة معتمدة من قرار معادلتها. 5- صورة من شهادة العضوية في الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين سارية المفعول. 6- صورة معتمدة لشهادة الزمالة الصادرة من الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين. 7- صورة معتمدة من شهادة الخبرة. 8- بيانا موقعا من طالب القيد يوضح الأعمال التجارية وغيرها التي يزاولها أو التي يشترك فيها. 9- الإيصال المثبت لسداد رسم القيد المقرر وفقا للمادة الرابعة من نظام المحاسبين القانونيين. </B> ويمكنك العودة لهذه الروابط لمعرفة المزيد : http://www.commerce.gov.sa/circular/14-1.asp#2 http://www.socpa.org.sa/autohtml.php?op=modload&name=syst1.htm&file=index http://www.almirkaz.com/index.php?option=com_ltree&task=listcats&cat_id=72&Itemid=134
  7. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يحتاج لك الذهاب إلى هيئة المحاسبين ودفع 200 ريال سعودي اشتراك فيها ومن ثم يقوموا بمنحك أربع مجلدات كبيرة فيها كل المعايير الخاصة بالمحاسبة والمراجعة السعودية المبينة على المعايير الدولية مؤائمة مع الأنظمة واللوائح المعمول بها في السعودية. ويمكنك طرح المزيد من الاستفسارات على الزملاء هناك وسيفيدونك وسيعطونك بالمجان العديد من المطبوعات والإصدارات الهيئة ومنها مجلة الهيئة. كما أن هناك في موقع مؤتمر المحاسبة العديد من المواضيع التى يمكن أن تفيدك. وأفيدك أن الاختبار يعقد مرتين في العام وليس مرة واحدة في شهر يونيو وشهر ديسمبر من كل عام إلا إذا لم يتوفر عدد كافي فيما أظن. وإن شاء الله تفيدنا بما عندك في شهادتك المميزة cpa. تمنياتي لك بالنجاح.
  8. زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة المصدر: مجلة جامعة الملك سعود، المجلد 14، ص675-704 ملخص البحث: إن للزكاة مكانة عظيمة في الإسلام؛ فهي الركن الثالث بعد الشهادتين والصلاة، وقد عُني بمباحثها العلماء قديماً وحديثاً، ولا يزال البحث يتجدد في هذه الشعيرة؛ لعناية الشارع بها، ولأنها تتعلق بالجانب المالي في حياة الناس. وقد تناول هذا البحث زكاة موارد مالية حديثة، هي الرواتب والأجور، وإيرادات المهن الحرة، التي ظهرت كمصادر كسب لها مكانتها في حياة الناس اليومية؛ فبينت الدراسة الآراء الفقهية الواردة في حكم زكاتها، مع الأدلة، والمناقشة، والترجيح. وخلص البحث إلى ترجيح القول بوجوب زكاتها، مع توضيح كيفية زكاتها، والمقدار الواجب فيها، وذكر نماذج تطبيقية لذلك. مقدمة: فريضة الزكاة ركن من أركان الإسلام، تقوم بتنظيم شؤون حياة العباد اجتماعياً واقتصادياً وروحياً، ولها دور جليل على مستوى الأفراد والجماعات، حيث تنمي روح الإخاء بين الأغنياء والفقراء والمحتاجين، وقبل ذلك كله هي تطهير لنفس الغني من داء الشُّح والبخل والطمع، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة:103]. وفي الزكاة تطهير لنفس الفقير والمحتاج من رذيلة الحقد، وداء الحسد، وآفة البغضاء، فما أن يصل شيء من مال الغني لأخيه الفقير؛ إلا ويشعر الأخير بأن مَنْ حوله من أبناء المجتمع الذين أنعم الله عليهم بالمال يمدون يد العون والمساعدة له؛ فيُدخل ذلك السرور في قلبه نحوهم، وينعدم الحسد والبغضاء، ويتحقَّق ذلك كله طالما أن فريضة الزكاة قائمة بين المسلمين على أكمل وجه، وفي جميع أنواع الأموال الزكويَّة. وعلى الرغم من أن فريضة الزكاة شُرعت بنصٍّ صريح من الآيات القرآنية، وحدَّدت السنة الشريفة مقاديرها وتفاصيلها، غير أن هناك مصادر كسب برزت في حياة الناس، تحتاج إلى مزيد من إلقاء الضوء عليها، حتى يُتوصل إلى التكييف الفقهي الصحيح لها، تلكم المصادر هي: رواتب الموظفين، وأجور العمال، وإيرادات أصحاب المهن الحرة، ونحوها، وقد برزت كمصادر للدخل لدى الأفراد في العصر الحاضر مقابل عملهم، وجزاء جهدهم. وسيعالج هذا البحث هذا الموضوع الهام والمعاصر، وذلك من خلال محاولة الإجابة عن التساؤلات الآتية: هل ورد عن النبي - صلي الله عليه وسلم - أو الخلفاء الراشدين، أو الأئمة الفقهاء أخذهم لزكاة الرواتب؟ هل كانت تُعرف هذه الدخول بأسماء أخرى؟ وإذا لم يتناولها السلف بالبحث والتفصيل؛ فمتى ناقشها الفقهاء المعاصرون؟ وما هي الآراء التي حولها؟ وما مستنَد كل رأي؟ وما الراجح منها؟ وعلى فرض وجوب الزكاة فيها، كيف تزكَّى؟ ومتى تزكَّى، عند الحول أو عند القبض؟ وكيف ينزل التطبيق إلى الواقع؟ تمهيد: أهمية الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة كموارد للكسب [1، ص 256] يطلق لفظ الراتب على ما يأخذه الإنسان بصفة مستمرة مقابل عمل يقوم به [2، ص187]، جاء في "المعجم الوسيط": "الراتب: يقال رزق راتب: ثابت ودائم، ومنه الراتب الذي يأخذه المستخدم أجراً على عمله". [3، جـ1، ص326] مُحْدَثَةٌ. أما إيرادات المهن الحرة، فيراد بها: ما يحصل عليه أصحاب المهن الحرة في مقابل العمل الذي يقومون به، كدخل الطبيب من عيادته الخاصة، ودخل المحامي، ومَنْ في حكمهما. وقديماً كان يسمَّى أجور العمال (أُعِطيَّات)، قال مالك في "الموطأ": "قال القاسم بن محمد: وكان أبو بكر إذا أعطى الناس أُعطِيَّاتهم يسأل الرجل: هل عندك من مال وجبت فيه الزكاة..." [4، جـ1، ص245]. ولما كانت فئات الموظفين والعمال والمهنيين في مجملها تمثل ثقلاً مقدَّراً في أي مجتمع، وأن رواتب بعضهم تفوق في أحيان كثيرة دخول كثير ممن يعملون في التجارة الزراعة؛ لذا كان لابد من الاهتمام بالنظر في إيجاب الزكاة في أموالهم؛ فان ثبت شرعاً أخذ الزكاة منهم كان ذلك طُهْراً لأموالهم، واستكمالاً منهم لأركان دينهم، وعوناً منهم لإخوانهم المحتاجين، لاسيما وقد أصبح للموظفين دخول عالية؛ لأن فيهم الوزير، والمدير، والأستاذ الجامعي، والاستشاري الطبيب، والمحامي، وأمثالهم. كما أصبح الصناع والمهنيون يحصلون على نسب كبيرة من الدخول لقاء أتعابهم. المبحث الأول: آراء الفقهاء وأدلتهم في حكم زكاة الرواتب وأجور العمال وإيرادات أصحاب المهن الحرة: لاشك أن رواتب الموظفين وأجور العمال وموارد المهنيين أصبحت في عصرنا الحاضر تمثل موارد ضخمة ومتجددة لدى عدد ليس بالقليل من أصحاب هذه الفئات، وقد تباينت وجهات النظر، لا في حكم الزكاة فيها فحسب؛ بل في متى تزكَّى، وفي مقدار الزكاة فيها، ولعل مردَّ ذلك الخلاف كالآتي: 1- لم يرد فيها نصٌّ صريحٌ من كتاب أو سُنَّة. 2- لم تكن هذه الدخول معروفة في عهد النبوَّة، وإن عُرفت رواتب الجند والمرابطين في عهد أبي بكر والخلفاء من بعده، وكانت تسمَّى الأُعْطِيَّات، ولكن دخول الوظائف وأجور العمال ونحوهما على الوجه المعروف في عصرنا الحاضر لم تكن معهودة للفقهاء في عصور الإسلام الأولى. 3- الاختلاف في قياسها على المال المستفاد. 4- الاختلاف بين الفقهاء في زكاة المال المستفاد، هل تكون عند استفادته أو بعد الحول. هذا وسنبدأ بقول الموجبين ومستنَدهم في ذلك، ثم نعرض لقول المانعين ومستنَدهم كذلك. المطلب الأول: قول الموجبين وأدلتهم: 1- يقول الشيخ محمد الغزالي: "إن مَنْ دخله لا يقل عن دخل الفلاح الذي تجب عليه الزكاة يجب أن يخرج زكاة؛ فالطبيب، والمحامي، والمهندس، والصانع، وطوائف المحترفين والموظفين وأشباههم تجب عليهم الزكاة، ولابد أن تُخرج من دخلهم الكبير، ولنا على ذلك دليلان: الأول: عموم النص في قول القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة:267]. ولاشك أن كسب الطبقات الآنفة الذكر كسب طيب يجب الإنفاق منه. والدليل الثاني: أن الإسلام لا يُتصور في حقِّه أن يفرض الزكاة على فلاح يملك خمسة أفدنة، ويترك صاحب عمارة تدرُّ عليه مقدار محصول خمسين فداناً، أو يترك طبيباً يكسب من عيادته في اليوم الواحد ما يكسبه الفلاح في عام طويل من أرضه، إذا أغلَّت بضعة أرادب من القمح، ضُربت عليه الزكاة يوم حصاده!!. لابد إذن من تقدير زكاة أولئك جميعاً، وما دامت العلة المشتركة التي يُناط بها الحكم موجودة في الطرفيْن؛ فلا ينبغي المراء في إمضاء القياس وقبول نتائجه [5، ص166 وما بعدها]. 2- وعرض الأساتذة: عبد الرحمن حسن، ومحمد أبو زهرة، وعبد الوهاب خلاف لهذا الموضوع في محاضرتهم عن الزكاة، في حلقة الدراسات الاجتماعية، عام (1372هـ/ 1952م) بدمشق، فأوجبوا فيه زكاة كسب العمل؛ حيث قالوا: "أما كسب العمل والمهن؛ فإنه يؤخذ منه زكاة إن مضى عليه حَوْلٌ، وبلغ نِصَاباً. واستدلُّوا على ذلك بقولهم: "أما كسب العمل والمهن الحرة؛ فإنَّا لا نعرف له نظيراً، إلا في مسألة خاصة بالإجارة على مذهب أحمد - رضي الله عنه - فقد روي عنه أنه قال فيمن أجَّر داره، فقبض كِرَاها، وبلغ نِصَاباً: إنه يجب عليه الزكاة إذا استفاده من غير اشتراط؛ وإن هذه في الحقيقة تشبه كسب العمل، أو هو يشبهها، فتجب الزكاة فيه إذا بلغ نصاباً [6، ص248]. ونصُّ المسألة كما قال ابن قدامة: "روي عن أحمد فيمن باع داره - يعني: أجَّر داره - بعشرة آلاف إلى سنة، إذا قبض المال يزكٍّيه. إنما نرى أن أحمد قال ذلك لأنه مَلَكَ الدراهمَ في أول الحَوْل، وصارت دَيْنًا له على المشتري - أي: المستأجر - فإذا قبضه زكَّاه للحَوْل الذي مرَّ عليه في مِلْكه، كسائر الديون، وقد صرَّح بهذا المعنى في رواية بكر بن محمد عن أبيه، فقال: "إذا أكرى داراً أو عبداً في سنة بألف، فحصلت له الدراهم وقبضها، زكَّاها إذا حال عليها الحَوْل من حين قبضها، وإن كانت على المكتري؛ فمن يوم وجب [ 7، جـ1، ص490]. 3- وأوجب يوسف القرضاوي في كتابه "فقه الزكاة" زكاةَ الرواتب والأجور، وإيرادات المهن الحرة، واستدلَّ على ذلك بأنه مال مُستفاد، فقال: "تؤخذ الزكاة من الرواتب ونحوها، والتكييف الفقهي الصحيح لهذا الكسب أنه مال مُستفاد" [8، جـ1، ص490]. 4- ويقول حسين شحاته: "ويخضع إيراد كسب العمال بنوعَيْه للزكاة، واستدلَّ على ذلك بقوله: ودليل خضوع إيراد كسب العمل بنوعَيْه للزكاة ثابت ومؤكد بما ورد في القران الكريم من آيات، وبما بيَّنه الرسول العظيم من أحاديث، وما روي عن السلف الصالح من اجتهادات". أ - فقد ورد في القرآن الكريم قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} [البقرة:267]. ويعدُّ إيراد العمل هو ما كسبه الإنسان من بذل الجهود العضلية والذهنية، وهو كسب طيب، يجب أن تؤدَّى زكاته، مثله مثل الفلاح الذي يعمل ويكسب من الأرض، والتاجر الذي يعمل ويكسب من التجارة، والصانع الذي يعمل ويكدح من الصناعة. ب - أما الأحاديث التي تؤكِّد وجوب الزكاة في إيراد كسب العمل بنوعَيْه - باعتباره مالاً مستفاداً - كثيرة، منها قوله - صلي الله عليه وسلم -: ((على كل مسلم صدقة)). الحديث. أخرجه البخاري كما في "فتح الباري"، كتاب الزكاة، باب: على كل مسلم صدقة، حديث رقم (1445) [9، جـ3، ص307] . كما قال الرسول -صلي الله عليه وسلم -: ((من استفاد مالاً؛ فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحَوْل)) [10، جـ3، ص26]. رواه الترمذي عن ابن عمر مرفوعاً وموقوفاً، وقال: "الموقوف أصح؛ لأن فيه من طريق المرفوع عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، ضعيف في الحديث، ضعَّفه أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وغيرهما من أهل الحديث، وهو كثير الغلط". وحكم الألباني على المرفوع بالضعف، كما في كتابه "ضعيف الجامع الصغير وزياداته"، [11، ص780]. جـ - كما ورد عن الخلفاء الراشدين أخذهم زكاة المال من الأُعْطِيَّات ومن المال المستفاد، فيقول أبو عبيد: "روي عن عائشة ابنة قدامة بن مظعون، قالت: كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إذا خرج للعطاء أرسل إلى أبي، فقال: إن كان عندك مال قد وجبت فيه الزكاة، حاسبناك فيه من عطائك" [1، ص ص254 - 225]. 5- وممن قال بإخضاع الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة ونحوها للزكاة، قياساً على زكاة المال المُستفاد، كلٌّ من: أبو بكر الجزائري [12، ص33]، ومحمد سعيد وهبه [13، ص233]، وعبد العزيز جمجوم [13، ص33]، ومحمد كمال عطية [14، ص ص 71 - 75، 123 – 126]، وسلطان بن محمد بن علي سلطان [15، ص119]، ومحمود أبو السعود [ 16، ص146 وما بعدها]، ومحمود عاطف البنا [17، ص176 وما بعدها]، ومنذر قحف [18، ص73)، ويحيى أحمد مصطفى قللي [19، ص73]، وجمعة محمد مكي [20، ص ص 199 - 204]، ومحمد العقلة [21، ص164]. 6- ونصَّ مرسوم فريضة الزكاة بالمملكة العربية السعودية رقم (8634) لعام (1370هـ)، ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم (93)، وتاريخ (6/ 8/ 1370هـ، 13/ 5/ 1951م)، وما لحق ذلك من مراسيم وتعديلات، بإخضاع رؤوس الأموال وغلاَّتها، وكلِّ الواردات والأرباح والمكاسب التي تدخل على الأفراد والشركات من مزاولة تجارة، أو صناعة، أو أعمال شخصية، أو ممتلكات ومقتنيات نقديَّة [22، ص135]. 7 – وقد جاء في ندوة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، المنعقدة في (15/6/1411هـ، 1/1/1991م) ما نصُّه: والمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها تقوم بجباية الزكاة الظاهرة كالزروع والثمار والمواشي، أما الزكاة الباطنة -كالنقود وعروض التجارة - فكانت تُترك للرعايا السعوديين ليدفعوها بمعرفتهم، إلى أن صدر نظام جباية فريضة الزكاة بالمرسوم الملكي رقم [17/ 2/ 28/ 8634]، لعام (1370هـ/ 1951م)، باستيفاء الزكاة الشرعية كاملةً من جميع الأفراد والشركات الذين يحملون الرعويَّة السعودية، ويستند نظام فريضة الزكاة على مجموعة من الخصائص، أهمها: نظام جباية وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، فالنظام لم يقصر في جباية الزكاة على عروض التجارة فقط، بل شمل جميع الأموال، سواء كانت ثروة عقارية كالعمارات، أو صناعية كالمصانع، أو مالية كالأوراق المالية. وهذه الأموال يمكن تقسيمها إلى ثلاث مجموعات متميزة؛ بحيث تتضمن كل مجموعة منها الأموال ذات الخصائص المشتركة: فالأولى: رؤوس الأموال المنقولة؛ كالأنعام، والنقود، وعروض التجارة، والأوراق المالية. أما الثانية: فتشمل الأموال الثابتة؛ كالزروع والثمار، والمستغلاَّت كالعقار والمصانع. أما الثالثة: فتشمل المال المستفاد؛ ككسب العمل، والرواتب والأجور والمكافآت، وما في حكمها، ودَخْل المهن الحرة؛ مثل الإيرادات التي يحصل عليها الأطباء، والمحامون، والمحاسبون، والمهندسون، وغيرهم من أصحاب المهن الحرة والحِرَف [23، ص ص 16 - 17]. 8- أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، فتوى رقم (282)، وتاريخ (11/ 11/ 1392هـ) بوجوب الزكاة على مَنْ ملك نصاباً من النقود، كالذي يوفِّره الموظف شهرياً من مرتبه. فتوى رقم (282)، وتاريخ (11/ 11/ 1392هـ). [24، ص ص 158 - 159]. 9- ونصَّت وقائع وتوصيات مؤتمر الزكاة الأول بالكويت، المنعقد في (29 رجب 1404هـ، الموافق 30/ 4/ 1984م) على وجوب زكاة الأجور والرواتب، وأرباح المهن الحرة وسائر المكاسب" [25، ص ص 442 - 443]. 10- ونصَّت المادة (22) من قانون الزكاة بجمهورية السودان، والبند (11) و (12) لائحة الزكاة، لسنة 1413هـ/ 1993م على وجوب زكاة المرتبات والأجور، والمكافآت، والمعاشات، ودخول أصحاب المهن الحرة والحرف [26، ص ص 7 – 8]. المطلب الثاني: قول المانعين وأدلتهم: لم أطَّلع على قول يخالف في إخضاع الرواتب والأجور ودخول المهن الحرة للزكاة، سوى ما أورده كوثر الأبجي [ 27، ص 356]، ولم يسمِّ قائله، لكنه ذكر مستنَده بقوله: "ولكن يقابل هذا الرأي - أي: رأي من أخضعها للزكاة - الرأي الثاني، ويستند إلى ما يلي: 1- أن الثروات والدخول المستحدَثة التي لم توجد في عهد النبي - صلي الله عليه وسلم - ولا في عصر الخلفاء الراشدين، ووجدت فقط في عصرنا هذا هي فقط التي يمكن الاجتهاد فيها بالقياس على سائر أنواع الزكاة، بغرض إخضاعها للفريضة؛ حيث إن كافة أنواع الثروات التي كانت موجودة في زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - قد أُخضعت للزكاة، وعلى ذلك تشمل الزكاة كافة ثروات العصر، أما الدخل الناتج عن كسب العمل فقد كان موجوداً زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء الراشدين من بعده، ومع ذلك فلم يخضعها أحد للفريضة، ولو كان يمكن إخضاعها، لما أغفلتها الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. 2- إن وجوب تزكية إيراد كسب العمل تخريجاً على أنه مال مُستفاد تخريجٌ حديثٌ؛ رغبةً في إخضاع هذا الإيراد، ولو كان هو المال المُستفاد المقصود به في مراجع الفقه الإسلامي؛ لما استعصى تخريجه على علماء العصور السالفة. 3- إن هذا المال سيخضع حتماً للزكاة بعد استقطاع الأعباء العائلية، متمثلاً في زكاة النقدَيْن، فإذا كنَّا سنخضعه لزكاة كسب العمل، فهل سنعفيه حينئذٍ من زكاة النقدَيْن منعاً للثني؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يجوز أن نُخضع المال لزكاة ثم تشريعها بالقياس، ونعفي المال من زكاة أصلية؟. 4- إن زكاة كسب العمل - تشبيهاً بضريبة كسب العمل - التي تُخضع المرتبات والأجور وإيراد المهن الحرة للضريبة، ولا يصح أن نضيف للزكاة من المفاهيم والمبادئ الوضعية، إلى جانب أن كسب العمل يخضع فعلاً في معظم المجتمعات الإسلامية لضرائب وضعية، والمطلوب هو تخفيف الأعباء المالية على كسب العمل بصفة خاصة؛ نظراً لأنه يعتمد على المقدرة الذهنية والعضلية للإنسان، وهو مَعِينٌ سريع النضوب، ويجب المحافظة عليه، فإذا كانت الضرائب واقعاً مفروضاً في المجتمعات الإسلامية؛ فالأحرى بنا أن نخفِّف الأعباء المالية، لا أن نضيف عبئاً جديداً. 5- إن الدولة المعاصرة تحتاج لإنفاق نفقات عامة كثيرة، في نواحٍ متعددة بخلاف مصارف الزكاة، وعلى ذلك إذا كانت هناك إيرادات لم تفرض عليها الشريعة أصلاً زكاةً، مثل كسب العمل - أي: الرواتب، والأجور، ودخل المهن الحرة - فالأوجب أن تُفرض عليها ضريبة تخصص حصيلتها للإنفاق في أوجه المصارف الأخرى التي تحتاجها الدولة، بدلاً من الاجتهاد الذي قد يصيب أو يخطئ في تشريع زكاة جديدة. المطلب الثالث: مناقشة الأدلة والترجيح: 1- الناظر في أدلة الموجبين يجدها تنحصر في الآتي: أ - عموم النصوص من الكتاب والسنة [20 ، ص199]، كاستدلالهم بعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} [البقرة:267]، واستدلالهم بحديث: ((على كل مسلم صدقة)). قالوا: يا نبي الله، فمَنْ لم يجد؟ قال: ((يعمل بيده؛ فينفع نفسه ويتصدَّق ...))، الحديث. أخرجه البخاري كما في "الفتح"، في كتاب الزكاة، باب: على كل مسلم صدقة، حديث رقم (1495)، [9، جـ3، ص307]. ب - القياس على المال المُستفاد [8، جـ1، ص490]، والمال المُستفاد: هو الكسب الذي يحصل عليه، ليس من مالٍ عنده، ولا بديلاً عنه؛ بل استفاده بسبب مستقل؛ كأجرٍ عن عمل، أو مكافأة، أو هبة، أو نحو ذلك، سواء كان من جنس مالٍ عنده، أم من جنس غيره [8، جـ1، ص491؛ 1، ص257]. جـ - القياس على زكاة كسب الفلاح والتاجر والصانع [1، ص254]: فكما يجب على الفلاح الذي يعمل ويكسب من تجارته، والصانع الذي يعمل ويكدح من الصناعة، فكذا يجب على الموظف والعامل ونحوهما زكاة كسبهما؛ فالجميع كسب مقابل جهد عضلي أو ذهني. قلت: أما استدلال الموجبين بعموم الآية ففي محله، ويشهد له قول الإمام البخاري في "صحيحه"، في كتاب الزكاة، باب صدقة الكسب والتجارة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة:267]، إلى قوله تعالى {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة:267]، ونقل الحافظ ابن حجر عند شرحه هذا الباب أحاديث: منها ما أخرجه الطبري من طريق هيثم، عن شعبة، ولفظه: {مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}، قال: ((من التجارة))، وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ. قال: ((من الثمار)). وعن علي: قال في قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} قال: "يعني الحبّ والثمر، كل شيء عليه زكاة". وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "يأمر الله عباده المؤمنين بالإنفاق والمراد به الصدقة ها هنا". قال ابن عباس: "من طيبات ما رزقهم الله، من الأموال التي اكتسبوها" [28، جـ1، ص303]. أما استدلالهم لإيجاب الزكاة في الرواتب ونحوها بعموم حديث: ((على كل مسلم صدقة))؛ رواه البخاري كما في "الفتح"، كتاب الزكاة [9، جـ 3، ص 307]. فلا وجه له فيما أرى؛ لأن المراد بالصدقة هنا: المعروف بعامة، ويدل على ذلك بعض ألفاظ الحديث، وما قاله شرَّاح الحديث، قد قال ابن حجر: "وهل تلتحق هذه الصدقة بصدقة التطوع التي تحسب يوم القيامة من الفرض الذي أخلَّ به؟ فيه نظر، والذي يظهر لي أنها غيرها، لما تبين من حديث عائشة المذكور: أنها شُرعت بسبب عتق المفاصل، حيث قال في آخر هذا الحديث: ((فانه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار)) [9، جـ3، ص307]. وورد الحديث في صحيح مسلم بلفظ: ((على كل سُلامَى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) [29، جـ1، ص499]. وقد أشار ابن حجر إلى ما ورد في لفظ مسلم: ((ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) بقوله: "وهذا يؤيد ما قدمناه: أن هذه الصدقة لا يكمل منها ما يختل من الفرض؛ لأن الزكاة لا تكمل الصلاة، ولا العكس، فدلَّ على افتراق الصدقتيْن. وإذا كانت الصدقة الواردة في هذا الحديث: ((على كل مسلم صدقة)) تفارق الصدقة التي تشمل الزكاة؛ فلا وجه إذن - ولو من جهة العموم - للاستدلال بهذا الحديث على إيجاب زكاة الرواتب والأجور ونحوها. أما إيجاب زكاة الرواتب والأجور ونحوها بالقياس على زكاة كسب الفلاح والتاجر والصانع فواضح؛ لأن الجميع كسب مقابل جهد، أما وقد أوجب الشارع الزكاة في كسب الفلاح إذا بلغ مقداراً معيناً، وكذا التاجر؛ فيمكن أن يقاس على ذلك إيجاب الزكاة في الرواتب والأجور، وإيرادات المهن الحرة. 2- أما ما استدل به المانعون فنجمله في الآتي: أ - أن الدخل الناتج عن كسب العمل – رواتب، وأجور، وإيرادات مهن - كان موجوداً زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء من بعده؛ فلم يخضعها أحد للفريضة، ولو كان يمكن إخضاعها؛ لما أغفلتها الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. ب - أن إيجاب الزكاة في إيرادات كسب العمل تخريجاً على المال المُستفاد تخريجٌ حديثٌ؛ رغبة في إخضاع هذا الإيراد، ولو كان هو المال المستفاد المقصود به في مراجع الفقه الإسلامي؛ لما استعصى تخريجه على علماء العصور السالفة. جـ - أن هذا المال سيخضع لزكاة النقدَيْن بعد استقطاع الأعباء العائلية، فإذا أُخضع لزكاة كسب العمل، فترتب على ذلك إعفاءه من زكاة النقدَيْن، منعاً للثني، فهل يجوز إخضاع مال لزكاةٍ تم تشريعها بالقياس، ويعفى من زكاةٍ أصلية؟. د - إن زكاة كسب العمل – رواتب، أو أجور، أو إيراد مهن حرة - تشبه ضريبة كسب العمل التي تخضع المرتبات والأجور وإيرادات المهن الحرة للضريبة، ولا يصحُّ أن نضيف للزكاة من المفاهيم والمبادئ الوضعية. الرد على ما استدلَّ به المانعون: 1- قولهم: "إن كسب العمل كان موجوداً زمن النبي - صلي الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء من بعده، ولم يخضعه أحدٌ للزكاة"! يُردُّ عليه بأن الدخول المكتسبة من عملٍ ومهنٍ لم تكن ذات شأن في عهد الرسول - صلي الله عليه وسلم - مقارنةً بما هو عليه حال كثير من الرواتب والدخول الآن، فقد رتَّب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لعتَّاب بن أسيد لما ولاَّه مكة بعد الفتح درهمين كل يوم [30، جـ3، ص359]، وإذا كان الولاة من خيرة الناس لم تتجاوز رواتبهم هذا الحد، فما بالك برواتب من هم دونهم إن رُتِّبتْ لهم رواتب؟!. أما بعد عهد النبوة؛ فقد ثبت أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يزكِّي الأُعْطِيَّات، فيأخذ من كل ألفٍ خمسة وعشرين. وروى مالك في "الموطأ"، عن ابن شهاب قال: "أول من أخذ من الأُعْطِيَّة الزكاة معاوية بن أبي سفيان" [4، جـ1، ص246]. قال القرضاوي: "لعله يريد أول من أخذها من الخلفاء، فقد أخذها قبله ابن مسعود كما ذكرنا، أو لعله لم يبلغه فعل ابن مسعود؛ فقد كان بالكوفة - يعني ابن مسعود - وابن شهاب بالمدينة [8، جـ1، ص501]. ونقل أبو عبيد: أن عمر بن عبد العزيز كان إذا أعطى الرجل عمالته أخذ منها الزكاة، وإذا ردَّ المظالم أخذ منها الزكاة، وكان يأخذ الزكاة من الأُعْطِيَّة إذا خرجت لأصحابها [31، ص437]. 2- أما قولهم: "إن إيجاب الزكاة فيها تخريج على المال المُستفاد تخريجٌ حديثٌ"، فيجاب عليه بأنه لمَّا كان تعريف المال المستفاد يشمل هذه الدخول؛ فلا وجه للتعليل بأن علماء العصور السالفة لم يخرِّجوه، فعدم تخريجهم له مردُّه إلى أن الدخول في تلك العصور لم تبلغ بأصحابها الغنى المشاهَد اليوم، فمظاهر الغنى تبدو واضحة في عصرنا الحاضر على أصحاب الدخول العالية - من رواتب، وأجور، وإيرادات المهن الحرة - سواء في مأكلهم، أو ملبسهم، أو مسكنهم، أو مركبهم. 3 – قولهم: "إن هذا المال يخضع لزكاة النقدَيْن؛ فلا وجه لإخضاعه لزكاةٍ تمَّ تشريعها بالقياس، ويعفى من زكاة أصلية". الردُّ: إن الرواتب، وأجور العمل، وإيرادات المهن، كلها أموال تدفع لمستحقيها نقداً - غالباً - فإما أن تزكَّى - إن استُحقَّت فيها الزكاة - عند القبض، أو بعد الحَوْل، على خلافٍ سيأتي بيانه في المبحث القادم، فما وجه القول بأن زكاة النقدَيْن أصلية، وزكاة كسب العمل شُرعت بالقياس؛ فهي ليست أصلية، مع أننا نقرأ في القرآن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} [البقرة:267]. ونجد في السُّنَّة قوله - صلي الله عليه وسلم -: ((... فأعلِمْهُم أن الله افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وتُردُّ على فقرائهم))؛ رواه البخاري كما في "الفتح" [9، جـ3، ص261]. 4 - أما القول بأن: "زكاة كسب العمل – رواتب، وأجور، وإيرادات مهن حرة - تشبه ضريبة كسب العمل التي تُخضع المرتبات للضريبة، ولا يصح أن نضيف للزكاة من المفاهيم والمبادئ الوضعية". الرد: إذا كانت الضريبة هي أقرب إلى الزكاة من حيث الوصف المالي المحاسبي في شكل كل منهما، فإن الزكاة ليست في حقيقتها ضريبة على الإطلاق، وذلك بالمعنى المتعارف عليه للضريبة، فالزكاة ركن عبادةٍ خاصةٍ بالمسلمين، تتمثل في صورة تصرف مالي، تتَّسم بالدوام، ولا تتبدل أحكام الله فيها بتبدل الظروف الزمانية والمكانية، وبالتالي لا تُستخدم لأهداف توجيهية موقوتة، وإنما تتحقق بها أهداف ثابتة مخصصة، روحية ومادية، في حين أن الضريبة نظام مالي تصيب فيه الدولة وتخطئ، فهو من فكر البشر، تتبدل أحكامه بتبدل الظروف الزمانية والمكانية، وتتحقق به في الأساس أهداف مادية بحتة ومختلفة [32، ص330]؛ فلا وجه إذن للقول بأن زكاة كسب العمل أُضيفت من مفهوم الضريبة؛ بل هذا كسبٌ توجَّب على صاحبه أداء فريضة الزكاة فيه - إن توافرت فيه شروطها - بأدلة شرعية. الترجيح: مما سبق من عرض وتعليق على آراء وأدلة الفريقين - الموجبين والمانعين - يتضح لنا ترجيح القول بوجوب زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة، فمن كان له كسب عمل - موظفاً، أو عاملاً، أو صاحب مهنة حرة - يفضل عن حاجته بقدر النِّصاب، وجبت عليه الزكاة؛ لأنه يُعدُّ بذلك غنياً، قال - صلي الله عليه وسلم -: ((تؤخذ من أغنيائهم، وتُردُ على فقرائهم))؛ أخرجه البخاري كما في "الفتح" [9، جـ3، ص261]. فالأغنياء كلهم فُرضت عليهم الزكاة، سواء كان هذا الغنى معبَّراً عنه بثروة تملك من ذهب، أو فضة، أو إبل، أو غنم، أو عروض تجارة، أو زراعة، فلا وجه لاستثناء أغنياء كسب العمل. المبحث الثاني: كيفية زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: نصاب الزكاة: اختلف الفقهاء الموجبون في تحديد قيمة النِّصاب فيها إلى ثلاثة أقوال: الأول: اعتبار نصابها بنصاب الزروع والثمار؛ فمن بلغ دخله ما قيمته خسمة أوسق، أو خمسين كيلة مصرية أو (653 كيلو جرام وزناً من أدنى ما تخرجه الأرض كالشعير)؛ وجبت عليه الزكاة. وعلَّة ذلك: أن كسب العمل إيراد وثمرة مباشرة للعمل، فيقاس على زكاة الزروع والثمار [5، ص ص 166- 168؛ 23، ص155]. الثاني: اعتبار نصابها نصاب النقود: وحدُّوه بما قيمته 85 جراماً من الذهب، أي: ما يساوي عشرين مثقالاً، أو (200) درهم من الفضة؛ وذلك لأن الناس يقبضون رواتبهم وأجورهم وإيراداتهم بالنقود؛ فالأولى أن يكون المعتبر هو نصاب النقود [8، جـ1، ص ص 513 - 514]. الثالث: اعتبار نصاب الرواتب والأجور على نصاب النقود: أي ما يعادل 85 جراماً من ذهب، أو 200 درهم من الفضة، واعتبار نصاب إيرادات المهن الحرة على الزروع والثمار؛ فيكون نصابها ما يعادل قيمته خمس أوسق، أو (50 كيلة مصرية)، أو (653 كيلو جرام وزناً من أدنى ما تخرجه الأرض كالشعير ) [1، ص258]. وعلِّة التفرقة في هذا - عندهم - أن كسب أصحاب الرواتب والأجور مصدره العمل فقط؛ أما كسب أصحاب المهن الحرة فمصدره رأس المال والعمل. قلت: ولعل هذا التميُّز في معدلات الزكاة حسب مصادر الأموال ملحوظٌ في الأفكار الضريبية المنادية بالتفرقة - في الضريبة - بين مال مصدره رأس المال، وآخر مصدره العمل، وثالث مصدره خليط الاثنين [34، ص249]. ونرجِّح القول الثاني: لما ورد فيه من أن الجميع يتقاضون أجورهم بالنقود، إضافةً إلى أن ما يتبقى لدى الواحد منهم بعد قضاء حاجاته وديونه - إن وجدت - يكون عادة في صورة مدخرات نقديَّة، والمال المدَّخر قد فُرضت عليه الزكاة بمقدار ربع العشر. كما يمكننا القول بأن قيمة معدني الذهب والفضة تتَّصف بالثبات النسبي في مقابل قيمة الزروع والثمار؛ فإنها تتأثر بعوامل بيئية أو محلية، مما يجعلها لا تناسب أن يُقاس على قيمتها نصاب زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة. هذا ولابد أن يكون مقدار النصاب المعتبر لوجوب الزكاة فيه من صافي الدخل، يعني: بعد خصم الديون الحالَّة - إن وجدت - والحد الأدنى للمعيشة من الرواتب، كما تطرح النفقات والتكاليف من إيرادات أصحاب المهن الحرة، فما بقي بعد هذا كله تؤخذ منه الزكاة إذا بلغ نصاب النقود. وقد نص الحنفية على أنه يشترط في المال الذي تجب فيه الزكاة - بالإضافة إلى شرط النماء - شرط أن يكون نصاباً فاضلاً عن حاجته الأصلية؛ لأنه به يتحقق الغنى، فالمال المُحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون صاحبه غنيّاً عنه [35، جـ2، ص828]. واعتبر جمهور الفقهاء – المالكية، والشافعية، والحنابلة - شرط الفضل عن الحاجات الأصلية داخلاً في شرط النماء، ولا حاجة للنص على اشتراطه، قال ابن قدامة: الزكاة إنما تسقط عما أُعدَّ للاستعمال؛ لصرفه عن جهة النماء [7، جـ4، ص222]. وعلل الشربيني الخطيب عدم وجوب الزكاة في البقر العوامل، التي يستخدمها صاحبها في حراثة الأرض؛ بأنها لا تقتنى للنماء؛ بل للاستعمال، كثياب البدن ومتاع الدار [36، جـ1، ص380]. وعدَّ القرافي من شروط وجوب زكاة النقدَيْن التمكين من التنمية، قال: "يدل على اعتباره إسقاط الزكاة عن العقار والمقتناة"، ومراده بالمقتناة؛ أي: ما يقتنيه المرء للاستعمال، لا للنماء [37، جـ3، ص40]. وجاء في "فقه الزكاة" للقرضاوي: فالذي نرجحه ألا تؤخذ زكاة الرواتب والأجور إلا من " الصافي " وإنما قلنا تؤخذ من صافي الإيراد أو الرواتب ليطرح منه الدين الحال إن ثبت عليه ويعفى الحد الأدنى لمعيشته ومعيشة من يعوله، لأن الحد الأدنى لمعيشة الإنسان أمر لا غنى له عنه، فهو من حاجته الأصلية والزكاة إنما تجب في نصاب فاضل عن الحاجة الأصلية، كما تطرح النفقات والتكاليف لذوي المهن، فما بقي بعد هذا كله من راتب السنة وإيرادها تؤخذ منه الزكاة إذا بلغ نصاب النقود فما كان من الرواتب والأجور لا يبلغ في السنة نصاباً نقدياً - بعد طرح ما ذكرناه كرواتب بعض العمال وصغار الموظفين فلا تؤخذ منه الزكاة [8، جـ2، ص517). كيفية تقدير الحاجات الأساسية المعفاة من الزكاة: ينبغي أن يراعى في إعفاء الحاجات الأصلية من الزكاة من دخل الشخص ما يلي: 1- ما يكفيه هو ومَنْ يعول من زوجة، وأولاد، ووالدَيْن، وسائر من تلزمه نفقته من الأقارب، على أن يكون ذلك في حدود القصد والاعتدال، بلا إسراف ولا تبذير. قال - صلي الله عليه وسلم -: ((كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع من يَقُوت))؛ أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، بابٌ في صلة الرحم [38، جـ2، ص132]، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرِّجاه، ووافقه الذهبي [39، جـ1، ص415]، وحكم عليه الألباني بأنه حسن [40، جـ1، ص317). 2- حالة الشخص، ووضعه الاجتماعي، وعلاقته بجيرانه وأقاربه وأصدقائه، فينبغي أن تكون حاجته الأصلية لائقة به. 3- ما على صاحب الدخل من ديون حالَّة؛ لأن قضاء الديون الحالَّة من الحاجات الأساسية، وكذلك يلحق بالدَيْن الالتزامات المالية المستوجَبة عليه من قِبَل الجهات الرسمية؛ كالضرائب، والمساهمات الإلزامية، فكلها تُنقص الدخول حتماً. 4- أن تكون الجهة القائمة على جمع الزكاة منوطاً بها تقدير الحدِّ الأدنى للمعيشة دورياً، ويعلن ذلك، حتى يفرَّق بين أصحاب الدخول القليلة؛ فلا يدخلون[1]، وأصحاب الدخول البالغة النِّصاب؛ فيدخلون. المطلب الثاني: مقدار الزكاة الواجب ذهب معظم الفقهاء المعاصرين إلى أن القدر الواجب في زكاة الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة، هو ربع العُشر فقط؛ عملاً بالنصوص التي أوجبت في النقود ربع العُشر؛ ولأن دخل الفرد يعتمد على العمل وحده، ومن ثَمَّ وجب تخفيف الزكاة عليه؛ رعاية للطبقات العاملة، واستئناساً بما عمل به ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهما - من اقتطاع الزكاة من العطاء إذا أعطوه، من كل ألف خمسة وعشرين [25، ص ص 442 - 443؛ 8، جـ1، ص ص 519 - 520؛ 21، ص166). وذهب البعض إلى التفرقة بين زكاة الرواتب والأجور من جهة وزكاة إيرادات المهن الحرة من جهة أخرى، فجعلوا مقدار الزكاة في الرواتب والأجور 2.5% وفي إيرادات المهن الحرة: إما 5% إذا حسب على الإيراد الإجمالي، أو 10% إذا حسب على الإيراد الصافي وذلك بعد استبعاد كافة التكاليف والمصاريف التي تكبدها المزكي في سبيل الحصول على الإيراد [1، ص ص 258، 259]. وقد سبق لأصحاب هذا القول أن فرقوا - كما في المطلب السابق - بين نصاب الزكاة في الرواتب والأجور فقاسوه على نصاب النقود، بينما قاسوا نصاب إيرادات المهن الحرة على نصاب الزروع الثمار. وكما سبق أن رجحنا - في المطلب الأول - القول بقياس نصاب الزكاة في الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة على نصاب النقود، باعتبار أن الجميع يتقاضون - أو يقبضون - أجورهم بالنقود، فكذا هنا؛ لا نرى وجهاً للتفرقة بين الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة في المقدار الواجب؛ بل يلزم الجميع نسبة 2.5%، باعتبار أن المصدر في الجميع العمل. المطلب الثالث: اشتراط الحول وعدمه في زكاتها سبق أن ذكرنا أن من الموجبين من اعتبر وجوب الزكاة في الرواتب والأجور وإيرادات المهن الحرة أنها مال مُستفاد - مُستفاد بسببٍ مستقل - وقد تعددت آراء الفقهاء حول زكاة المال المُستفاد بسبب مستقل. الرأي الأول: المال المُستفاد من غير جنس ما عنده، إن كان نصاباً؛ استقبل به حَوْلاً وزكًّاه، ولا يُضمُّ إلى ما عنده؛ بل له حكم نفسه، وهذا قول الجمهور [7، جـ4، ص ص75]. الرأي الثاني: أن الزكاة تجب فيه حين استفاده، روي ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، ومعاوية من الصحابة، والأوزاعي من التابعين [7، جـ4، ص75]. ورجَّح ابن قدامة الرأي الأول - رأي الجمهور - حيث يُشترط للمال المُستفاد حَوَلاَن الحَوْل، وذلك بقوله: "ولنا حديث عائشة، عن النبي - صلي الله عليه وسلم -: ((لا زكاة في مال حتى يحُول عليه الحَوْل)) [7، جـ4، ص77]؛ والحديث أخرجه ابن ماجه، باب من استفاد مالاً، من كتاب الزكاة، وصححه الألباني: في كتابه "صحيح سنن ابن ماجه" [41، جـ2، ص98]. ورجَّح بعض الفقهاء المعاصرين الرأي الثاني، القاضي بوجوب إخراج زكاة المال المستفاد في الحال، وذلك استناداً إلى حكمة تشريع الزكاة، ومصلحة الإسلام والمسلمين في عصرنا هذا، وإلى أن اشتراط الحَوْل في كل مال - حتى المُستفاد منه - ليس فيه نصٌّ في مرتبة الصحيح أو الحسن يقيد النصوص المطلقة، ولذا اختلف الصحابة والتابعون فيه، باعتباره من الأمور الاجتهادية [8، جـ1، ص ص 505 – 510]. والواقع؛ أن القول باستحقاق الزكاة في المال المُستفاد حين استفادته لا يمنع من اعتبار الحَوْل في إخراج زكاته، وذلك بأن تحدَّد الفترة التي تتخذ أساساً لتحديد النِّصاب ومقدار الواجب؛ فيُضمُّ ما يحصل عليه الموظف، أو العامل، أو صاحب المهنة الحرة، من إيرادات صافية خلال السنة؛ فتؤخذ منها الزكاة متى بلغت نصاب النقود، بعد خصم الديون الحالَّة، وتكاليف الحصول على الدخل، وما يلزم من حاجته الأصلية. فلو قدَّرنا أن دخل موظف، أو عامل، أو صاحب مهنة حرة يبلغ في الشهر أربعة آلاف ريال؛ فإن حاصل إيراده السنوي يكون (48000) ريال، فيُقتطع من هذا المجموع ما عليه من ديون حالَّة أثناء السنة، وما عليه من نفقات لنفسه ولمن يعول شرعاً أثناء السنة، فإذا كان المتبقي بعد هذا الاقتطاع يبلغ نصاب النقود؛ زكَّي المقدار الباقي في نهاية الحَوْل، الذي يحدِّد بدايته صاحب الدخل؛ بأن يجعل له شهراً يستقبل به العام، فإذا جاء ذلك الشهر الذي أكمل به الحَوْل، يحسب ما بقي لديه من مال، فيُخرج زكاته إن بلغ نصاباً، ولو لم يكن قد مر على آخر دفعة حصل عليها سوى بضعة أيام. ووفقاً لاحتمال إنفاق المرء لهذا المال الفاضل في حاجته في أغراض أخرى، بأن يشتري به أصولاً ثابتة أو عقاراً قبل نهاية الحَوْل؛ فإننا نرى أن يحدِّد الفرد من خلال شهر واحد متوسط نفقاته، ثم ما فضل له من دخله يصبح هو وعاء الزكاة خلال الشهر، ثم يضرب في اثني عشر، ويخرج الزكاة بنسبة 2.5% من المجموع؛ فكأنه قد وزع قدر الزكاة على شهور السنة تقديراً؛ فيصبح هذا المقدَّر هو الواجب عليه كزكاةٍ في ذمته، في حال إنفاقه للفاضل عن حاجته الأصلية في أغراض أخرى خلال العام. المطلب الرابع: 1- حالات تطبيقية على زكاة الرواتب والأجور: حالة (1): موظف يعمل براتب شهري قدره (6500) ريال، وليس له مصدر سوى هذا الراتب، فإذا علم أن نفقاته تقدر بـ (3800)، وأن سعر الجرام من الذهب (30) ريالاً، فما قيمة الزكاة المستحقة عليه؟ الإيراد الكلي خلال العام = 6500 × 12= 78000 ريال. يطرح مبلغ حاجاته الشخصية الأصلية 3800 × 12=45600 ريال صافي الإيراد الفاضل عن حاجاته = 32400 النصاب المقرر = 85 × 30 = 2550 إذن صافي إيراد هذا الموظف الفاضل عن حاجاته يزيد على النِّصاب، ويخضع للزكاة بمعدل 2.5%. قيمة الزكاة المستحقة (32400×2.5%) ÷ 1000 810 ريالات الزكاة الشهرية المستحقة 810 × 12 67.5 ريال حالة (2): موظف أو عامل يعمل براتب شهري قدره (2200) ريال، وليس له مصدر دخل سوى هذا الراتب، فإذا علم أن نفقاته الشهرية تقدر بـ (2000) ريال، وأن سعر الجرام من الذهب (30) ريالاً، فما هي قيمة الزكاة المستحقة عليه؟ الإيراد الكلي خلال العام 2200 × 12 26400ريال يطرح مبلغ حاجاته الشخصية 2000× 12 = 2400 24000ريال النصاب المقرر 85 × 30 2550 إذن من مقارنة الفاضل له عن حاجاته من دخله، نجده دون النِّصاب؛ فلا زكاة عليه. 2 - حالات تطبيقية على زكاة إيرادات المهن الحرة: حالة (1): طبيب له عيادة خاصة، بها ثلاثة ممرضين، وعامل، فإذا كانت إيراداته ومصروفاته بالريال السعودي خلال عام (1418هـ) كالآتي: 35000 إيجار العيادة 25000 بدل سكن 82000 رواتب 60000 آلات طبية ( معدل إهلاك 15% ) = 9000 150000 أثاث ( معدل إهلاك 10% ) = 15000 40000 مكيفات ( معدل إهلاك 10% ) = 4000 25000 أجهزة طبية ( معدل إهلاك 10 % ) = 7500 20000 إيجار جهاز أشعة 10000 أدوات طبية مستهلكة 24000 مصروفات كهرباء 5500 مواد تنظيف 5000 غيارات طبية 4000 كتب طبية 9000 أدوات مشتراة 130000 إيرادات طبية 100000 فحوصات عامة 60000 إيرادات المختبر 70000 إيرادات العمليات 55000 أتعاب حقن 75000 إيرادات الأشعة المطلوب استخراج حساب الزكاة المستحقة على هذا الطبيب لعام (1418هـ)، إذا علم أن نفقات حاجاته الأصلية تقدر بمبلغ (5000) ريال، وأن سعر الجرام للذهب خلال ذلك العام (30) ريالاً تقريباً. الجواب أولاً: إيرادات العام: إيرادات طبية 130000 ريال فحوصات عامة 100000 ريال إيرادات المختبر 60000 ريال إيرادات عمليات 70000 ريال أتعاب حقن 55000 ريال إيرادات الأشعة 85000 ريال المجموع 5000000 ريال ثانياً: مصروفات العام: موارد أدوات طبية مستهلكة 10000 غيارات طبية 50000 كتب طبية 40000 أدوية 9000 مواد تنظيف 5500 المجموع ( لمصروفات الموارد ) 33500 أجور رواتب 820000 بدل سكن 20000 إيجار جهاز أشعة 20000 المجموع ( للرواتب) 122000 إهلاك آلات طبية 15% 9000 أثاث 10% 15000 مكيفات 10% 4000 أجهزة طبية 30% 7500 المجموع (للإهلاكات) 35500 مصروفات أخرى إيجار 35000 مصاريف كهرباء 24000 المجموع (للمصروفات الأخرى) 59000 المجموع الكلي للمصروفات 250000 صافي الإيراد في العام = (500000 - 250000) 25000 ثم يطرح صافي حاجات نفقاته الأصلية في العام 50000 إذن يصبح وعاء الزكاة = 250000 - 50000 200000 نصاب النقود = 85 × 30 = 2550 إذن الفاضل من دخله بعد خصم تكاليف الحصول على الدخل، وما يلزم حاجاته الأصلية على النِّصاب، ويخضع لزكاة النقود بمعدل 2.5 %. فتكون قيمة الزكاة المستحقة عن العام (1418هـ) لهذا الطبيب عن دخله في عيادته الخاصة كالآتي: (200000 × 25) ÷ 1000 = 5000 ريال. أما عن الشهر فتكون كالآتي: (5000 ÷ 12) = 416 ريال. الحالة ( 2 ) محاسب قانوني يعمل في مكتب خاص، وكانت مصروفاته وإيراداته بالريال السعودي خلال عام (1418هـ): إيرادات العام 450000 إيجار 24000 رواتب 120000 مصروفات كهرباء 6000 مكيفات ( معدل إهلاك 10% ) 25000 أجهزة حاسوب (معدل إهلاك 10% 30000 أثاث ( معدل إهلاك 10 % ) 15000 مصروفات: تلفون، تلكس، بريد 5000 المطلوب: استخراج حساب الزكاة عليه خلال عام 1418 هـ، إذا كانت نفقات حاجاته الأصلية تقدر بمبلغ 42000 ريال، وأن سعر جرام الذهب خلال ذلك العام 35 ريالاً تقريباً. الجواب: أولاً: الإيرادات =450000 ثانياً: المصروفات: إيجار 24000 رواتب 120000 مصروفات كهربائية 6000 إهلاك مكيفات 2500 إهلاك أجهزة حاسوب 3000 إهلاك أثاث 1500 مصروفات: تلفون وخلافه 5000 نفقة حاجاته الأصلية 42000 المجموع 204000 إذن صافي الإيراد : 450000 – 204000 = 246000 نصاب النقود = 85 × 35 = 2975 إذن؛ الفاضل من دخله بعد خصم تكاليف الحصول على الدخل، وما يلزم من حاجاته الأصلية يزيد عن النِّصاب، ويخضع لزكاة النقود بمعدل 2.5%، فتكون قيمة الزكاة المستحقة عليه لعام (1418هـ) كالآتي: (246000 × 25) / 1000 = 6.150 ريالا أما عن الشهر فتكون 6.150 / 12 = 512.5 ريال تقريباً. الخاتمة في أهم النتائج 1 - إن الرواتب والأجور والمهن الحرة أصبحت تمثل نسبة كبيرة من مصادر الدخل لدى الكثيرين من أفراد المجتمعات؛ فارتفع بذلك عدد غير قليل إلى درجة الغنى؛ مما يستوجب عليهم الزكاة. 2 - إن هذه الزكاة تختصُّ بالدخل، وليست بالثروة أو رأس المال، فالمقصود هنا الدخل الدوري والمتجدد. 3 - إن هذه الزكاة شخصية، قياساً على سائر الزكوات، الأمر الذي يستوجب مراعاة الأعباء العائلية والشخصية الضرورية للمكلَّف، وتكاليف الحصول على الدخل والديون؛ فإن بلغ الفاضل عن ذلك قيمة نصاب النقود زكَّى، وإلا فلا. 4 - إن تقدير الحوائج الأصلية يختلف من شخص لآخر، وذلك باختلاف ظروف كل فرد، واختلاف أفراد الأسرة، مما يجعل تقدير هذه الحوائج يخضع لتقدير المزكِّي نفسه، طبقاً لظروفه الخاصة، وتقدير القائم على الزكاة. 5 – على الجهات المختصة تحديد تكاليف المعيشة دورياً - خلال كل عام - يراعى فيها الظروف المعيشية التي يعيشها الناس، على أن يقدر ذلك بعناية ومن أهل الاختصاص؛ حتى لا تؤخذ الزكاة من غير أهلها. 6 - يجب على كل موظف، أو عامل، أو صاحب مهنة حرة أن يتقي الله في كسبه، فلا يبخل بحق الله إن كان مستحقاً؛ حتى يطهر نفسه وماله بهذه الشعيرة العظيمة وهي الزكاة، فإن لم تقم الجهات الرسمية بتحصيلها، لزم على كل فرد القيام بذلك؛ لأنها فريضة عينية، أي: متعينة على من وجبت عليه. المراجع 1 - شحاتة، حسين. "محاسبة الزكاة، مفهوماً ونظاماً وتطبيقاً". القاهرة: دار التوزيع والنشر، د. ت. 2 - الشرباصي، أحمد. "المعجم الاقتصادي الإسلامي". بيروت: دار الجيل، 1401 هـ. 3 - "المعجم الوسيط". ط2. القاهرة: مجمع اللغة العربية، د. ت. 4 - مالك، الإمام مالك بن أنس. "الموطأ". صححه، وعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي. بيروت: دار إحياء التراث، د. ت. 5 - الغزالي، محمد. "الإسلام والأوضاع الاقتصادية". القاهرة: دار الصحوة للنشر، 1987م. 6 - "حلقة الدراسات الاجتماعية - محاضرات عن الزكاة". ط 7. دمشق: جامعة الدول العربية، 1372 هـ / 1972 م. 7 - ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي. "المغني". تحقيق عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو. ط3. الرياض: دار عالم الكتب، 1417هـ / 1997 م. 8 - القرضاوي، يوسف، "فقه الزكاة". ط 12. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1406 هـ / 1985 م. 9 - ابن حجر، أحمد بن على العسقلاني. "فتح الباري". د. م. بيروت: المكتبة السلفية، د. ت. 10 – الترمذي، أبو عيسى، محمد بن عيسى بن سَوْرَة. "سنن الترمذي". إسطنبول: المكتبة الإسلامية بإسطنبول، (1981م). 11- الألباني، محمد ناصر الدين. "ضعيف الجامع الصغير وزياداته". ط 3. بيروت: المكتب الإسلامي، (1410هـ/ 1990م). 12- الجزائري، أبو بكر جابر. "الجمل في زكاة العمل". المدينة المنورة: مطابع الرشيد، (1402هـ). 13 – وهبة، محمد سعيد، وعبد العزيز جمجوم. "الزكاة في الميزان". جدة: تهامة للنشر، (1404/ 1405هـ، 1984/ 1988م). 14- عطية، محمد كمال. "حالات تطبيقية في الزكاة". طـ 1. الإسكندرية: منشأة المعارف، (1408هـ/ 1988م). 15 – سلطان، سلطان بن محمد بن على. "الزكاة، تطبيق محاسبي". الرياض: دار المريخ للنشر، د. ت. 16 – أبو السعود، محمود. "فقه الزكاة المعاصر". طـ2. الكويت: دار القلم للنشر والتوزيع، (1421هـ/ 1992م). 17- البنا، محمود عاطف. "نظام الزكاة والضرائب في المملكة العربية السعودية". ط1. الرياض: دار العلوم، (1403هـ/ 1983م). 18 – قحف، محمد منذر. "المواد العلمية لبرنامج التدريب على تطبيق الزكاة في المجتمع الإسلامي المعاصر"، ط1، جدة: المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، (1406هـ/ 1985هـ). 19 – قللي، يحيي أحمد مصطفى. "دراسات في الزكاة المحاسبة الضريبية، مع التطبيق على المملكة العربية السعودية". الرياض: دار المريخ، د. ت. 20 - مكي، جمعة محمد. "زكاة الأموال وكيفية أدائها في الفقه الإسلامي". القاهرة: دار الهدى، د. ت. 21- العقلة، محمد. "أحكام الزكاة والصدقة". ط1. عمان: مكتبة الرسالة الحديثة، (1402هـ/ 1982هـ). 22 – "المجموعة السعودية لأنظمة الزكاة والصدقة والضرائب والطوابع والأوامر والقرارات والمنشورات الصادرة بشأنها". جمع وترتيب سعيد محمد على آدم. ط2. جدة: دار الأصفهاني، (1382هـ). 23 – "ندوة فريضة الزكاة وضريبة الدخل". الرياض: الغرفة التجارية الصناعية، المملكة العربية السعودية، المنعقدة في (15/ 6/ 1411هـ، 1/ 1/ 1991م). 24- مجلة البحوث الإسلامية (1403/ 1404هـ). 25 – "أبحاث وأعمال مؤتمر الزكاة الأول". الكويت: بيت الزكاة، (1404هـ/ 1984م). 26 - "لائحة الزكاة لسنة (1413هـ/ 1993)". الخرطوم: ديوان الزكاة، جمهورية السودان. 27 – الأبجي، كوثر. "محاسبة الزكاة والضرائب في دولة الإمارات العربية". ط1. دبي: دار القلم، (1407هـ/ 1987م). 28 – ابن كثير، الحافظ ابن كثير القرشي الدمشقي. "تفسير القرآن العظيم". ط5. بيروت: مؤسسة الكتب (1416هـ/ 1966م). 29 – ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، محمد بن عبد الكريم الشيباني. "أسد الغابة في معرفة الصحابة". بيروت: دار إحياء التراث العربي، د. ت. 31 – ابن سلام، أبو عبيد القاسم بن سلام. "الأموال". تحقيق محمد خليل هراس. بيروت: دار الكتب العلمية، د. ت. 32- "المركز الإسلامي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي". كتاب الاقتصاد الإسلامي. ط1. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، (1970م). 33 – شحاتة، شوقي إسماعيل. "محاسبة زكاة العمل، علماً وعملاً". ط1. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، (1970م). 34 - "الاقتصاد الإسلامي، بحوث مختارة من المؤتمر العالمي للاقتصاد الإسلامي"، جدة: جامعة الملك عبد العزيز، المركز العالمي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي، (1985م). 35 – الكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود. "بدائع الصنائع". القاهرة. مطبعة الإمام، (1972م). 36 – الخطيب، الشربيني. "مغني المحتاج". القاهرة: مطبعة مصطفى البابي الحلبي، (1985م). 37- القرافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس. "الذخيرة". تحقيق محمد الحجي. ط1. بيروت: دار الغرب الإسلامي، (1994م). 38 – أبو داود سليمان بن الأشعث. "سنن أبي داود". اسطنبول: دار الدعوة، د. ت. 39 – الحاكم، أبو عبد الله محمد بن عبد الله. "المستدرك على الصحيحين". ط1. حيدر آباد: مطبعة مجلس دائرة المعارف الإسلامية، (1314هـ). 40 – الألباني، محمد ناصر الدين. "صحيح سنن الترمذي باختصار السند". ط1. الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج، (1409هـ/ 1989م). 41 - الألباني، محمد ناصر الدين. "صحيح سنن ابن ماجه". ط1. الرياض: مكتبة المعارف، (1417 هـ/ 1997م). ـــــــــــــــــــــ [1] لاحظ الباحث في تطبيق زكاة الرواتب والأجور في السودان بالنسبة للسودانيين العاملين بالخارج أنها تتم على النحو الآتي: في نهاية كل عام يحسب الراتب، ثم يضرب في 12، وذلك باعتبار أن الزكاة تؤخذ من دخل الفرد في العام، ثم يُعفى له عن 60% مقابل حاجاته الأصلية، ثم تؤخذ الزكاة من الباقي - وهو ما يعادل 40% - بنسبة 2.5%، وهذا الإجراء فيه خطأٌ فاحش؛ لأنه اعتبر كل من أعفي له عن 60% من راتبه؛ كان ذلك كافياً له مقابل حاجاته الأصلية، فيؤخذ من الباقي الزكاة إن بلغ النِّصاب. وهذا الإجراء لا يكاد يستثني أحداً له أدنى راتب، اللهم إلا إذا كان راتب الشخص يقل عن 600 ريال سعودي – مثلاً - لأن مبلغ الـ (600) مضروب في 12، يساوي (7200) في العام، فإذا خصمنا منه ما يعادل 60%؛ فيبقى له (2880) ريالاً من دخله في العام، فهذا المبلغ يساوي قدر نصاب النقود، فيؤخذ منه الزكاة، فأين الحدُّ الفاصل بين الفقير والغني في هذا التطبيق، وقد نصَّ الفقهاء على أن شرط المال الذي تجب فيه الزكاة أن يكون نصاباً فاضلاً عن حاجته الأصلية؛ لأنه به يتحقق الغنى [8، جـ2، ص517]. ونرى تصحيحاً لهذا الخطأ في التطبيق: أن يحدَّد وعاء الزكاة بمبلغ محدد، حسب ظروف المعيشة في كل بلد، وليكن مبلغ (2000) ريال سعودي لمن يعمل بالمملكة – مثلاً - فمن يبلغ راتبه هذا الحد؛ يطبق عليه الإجراء السابق، بأن يعفى له عن 60%، وتؤخذ الزكاة عن الباقي بنسبة 2.5 %، مع مراعاة ظروف كل شخص على حدةٍ، بمعنى أن من يثبت للمسؤولين أن له ظروفاً عائلية خاصة، لا يكفيه هذا المبلغ المحدد - (2000) - أو ما زاد عنه؛ فإنه لا يلزم شرعاً بدفع الزكاة إذا أثبت أن راتبه لا يكفيه؛ لأنه بذلك لا يكون غنياً. أما الاستمرار في تحصيل الزكاة على الوجه المذكور أعلاه؛ فإنه أشبه بالضريبة لا الزكاة؛ لأن الزكاة لا تجب إلا على الأغنياء؛ لقوله - صلي الله عليه وسلم -: ((... فأعلِمْهُم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وتردُّ على فقرائهم))؛ رواه البخاري، كما في "فتح الباري" (9، جـ3، ص261). ( المرجع: زيارة ميدانية لموقع تحصيل زكاة العاملين بالخارج بالقنصلية السودانية بالمملكة العربية السعودية).
  9. بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نرجوا تكرم إدارة المنتدى وفقها الله التكرم بفتح قسم ضمن منتديات الشهادات خاص بزمالة المحاسبين السعوديين نظرا لكثرة جمهورها ولكثرة المواضيع المهتمة بها. وكذلك تجميع جميع المواضيع التى تتكلم وتسأل عن الزمالة في هذا القسم. شاكرا لكم قبول مقترحي مسبقا. وأرجو من جميع المهتمين إثراء هذا القسم بالمواضيع النافعة للجميع . خصوصا من سبق لهم دخول اختبارات هذه الشهادة المهنية الهامة في السعودية ودول الخليج. والله الموفق.
  10. جزاك الله خيرا. ولكن سؤالي عن برنامج أوراكل erp والمطبق له شركة بن لادن. تكرم بإفادتنا عنه. فأنا محتاج لمعلومات كثيرة وياريت تكون بلغة عربية. وأن تدلنا على مواقع تفيدنا في ذلك فجزاك الله خيرا.
  11. جميع مذكرات حقائب الزمالة السعودية للمحاسبين تحتوي علي نفس الأسئلة ولعلها منذ أول ما طبعت فيتم تكرار النماذج مع بعض التعديلات. ولا توجد أسئلة فعلية إلا في ذاكرة من سبق له دخول الاختبارات السابقة فهم فقط من ممكن أن يذكروا لنا نماذج من ذلك. وهذا الموضوع فيه نماذج يعرضها أحد الأخوة جزاه الله خيرا. تفضل من هنا: http://infotechaccountants.com/forums/showthread.php?t=19115&page=2 وهنا في المنتدى أخوة كثير سبق لهم الدخول للاختبارات ونتمنى منهم سرعة الإفادة. وجزآهم الله خيرا.
  12. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ممكن عمل القيد بعدة طرق حسب تصنيف الايرادات لديك في حساباتك. ولابد من معرفة الحسابات الموجودة لديك وماهي طرق تعاملك مع هذه الايرادت او المصروفات اوغيراها. وفقك الله
  13. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وفقكم الله . إذا انت من سكان مدينة الرياض فتواصل معي وسوف أفيدك أن شاء الله. وهذا بريدي: jahaf2020@yahoo.com المملكة العربية السعودية الرياض
×
×
  • أضف...