اذهب إلى المحتوى

فقه المعاملات المالية المعاصرة 6


Recommended Posts

خصم الأوراق التجارية

من أهم مسائل الأوراق التجارية مسألة خصم الأوراق التجارية، أذكر التعريف وأوضحه بمثال، تعريف خصم الأوراق التجارية: الخصم معناه القطع، تعريف الخصم هو اتفاق يعجل به البنك الخاصم لطالب الخصم قيمة ورقة تجارية مخصوما منه مبلغ يتناسب مع المدة الباقية، وذلك في مقابل أن ينقل طالب الخصم إلى البنك هذا الحق على سبيل التملك، وأن يضمن له الوفاء عند حلول أجله، فهذه العملية مصرفية يقوم بموجبها حامل الورقة بنقل ملكيتها إلى المصرف عن طريق التظهير قبل موعد الاستحقاق مقابل تعجيل المصرف قيمتها مخصوما منه مبلغ معين، نوضح بمثال، قد يكون هذا الكلام غير واضح لكن نوضحه بمثال، إحنا قلنا في الأوراق التجارية: هي الكمبيالة والسند لأمر والشيك.

الشيك واجب الدفع لدى الاطلاع، لا يرد عليه الخصم، الخصم إنما يرد إما على الكمبيالة أو السند لأمر إذا كان مؤجلا، يعني مثلا صوامع الغلال تعطي بعض المزارعين كمبيالات، عندما يضعون القمح فيها ما يعطونهم نقدا ولا يعطونهم شيكات، يعطونهم كمبيالات، ادفعوا لأمر المزارع فلان بن فلان مبلغا قدره مثلا مائة ألف ريال في 1 محرم 1427 هجريا، هذه كمبيالة وتمنح للمزارعين.

بعض المزارعين يقول: أنا لن أنتظر إلى هذا الموعد، يذهب إلى البنك ويقول: هذه الكمبيالة صرفت لي، اصرف لي هذه الكمبيالة الآن بمائة ألف، أعطني الآن خمسة وتسعين ألفا، وخمسة آلاف ريال تكون عمولة لك أنت أيها البنك، تكون خمسة آلاف ريال عمولة للبنك مقابل تعجيل قيمة هذه الكمبيالة، يقول لنا: انتظر إلى هذا الموعد، أنا هذه الكمبيالة أعطيها للبنك والبنك يعطيني قيمتها معجلة مخصوما منها عمولة يتفقان عليها. في مثالنا هذا خمسة آلاف ريال عمولة يأخذها البنك لقاء تعجيله لقيمة هذه الكمبيالة.

وهذا التعامل يا إخوان شائع ومنتشر، خاصة كما ذكرت لدى المزارعين وغيرهم ممن يصرف لهم كمبيالات، فما حكم هذا الخصم؟

اختلف فيه اختلافا كثيرا، وذكرته في الكتاب الذي أشرت إليه، أكثر من سبعة تخريجات، ويلاحظ على بعضها شيء من التكلف أو محاولة لي أعناق النصوص أو القواعد الفقهية للقول بالجواز؛ لأن بعض الناس عندما يريد تخريج مسألة معاصرة يتأثر بضغط الواقع ويبرر بحاجة الناس ويبرر.. والذي ينبغي هو التجرد عند البحث عن مسألة وعدم التأثر بالواقع، وإنما ينظر لها على أنها مسألة.. ينظر لها على حسب ما تقتضيه الأدلة والقواعد الشرعية.

هذه المسألة اختلف فيها اختلافا كثيرا، وقد درستها في الكتاب الذي أشرت إليه في أكثر من خمسين صفحة، وخرجت بالقول بأن هذا الخصم هو في الحقيقة قرض بفائدة، هذا الخصم يعتبر قرضا بفائدة. هذا هو القول الصحيح الذي ندين الله به أن خصم الورقة التجارية هو في حقيقة الأمر قرض بفائدة، كأنك تقول للبنك أو لهذا المصرف: أقرضني قيمة هذه الكمبيالة بهذه الفائدة، أقرضني خمسة وتسعين ألفا بمائة ألف مثلا.

فهو في الحقيقة قرض بفائدة، كيف تقول أنها .. أعطني الآن خمسة وتسعين وأعطيك مائة ألف مؤجلة، أعطني الآن خمسة وتسعين ألفا حاضرة بمائة ألف مؤجلة، فخصم الأوراق التجارية التخريج الفقهي له أن قرض بفائدة، والقرض بفائدة محرم. وبناء على ذلك يكون خصم الأوراق التجارية محرما.

وبعضهم فصّل قال: إذا كان الخصم على مصرف المدين أو على غير مصرف المدين، والصحيح أنه لا تفريق بين مصرف المدين ومصرف غير المدين، كله يعتبر قرضا بفائدة.

ولذلك ينبغي التنبه والتنبيه لهذه المسألة؛ لأنها كما ذكرت شائعة خاصة بين المزارعين، يذهبون للبنوك ويخصمون الكمبيالات، وربما بعضهم يجهل الحكم الشرعي فيها.

وهناك بديل ومخرج شرعي يحصل به حامل هذه الكمبيالة على حقه من غير وقوع في المحظور، وهذا المخرج هو بيع الورقة التجارية على المصرف بعوض غير نقدي، أو بعرض من العروض، فيقول: هذه الورقة كمبيالة فيها مائة ألف ريال، أنا أبيعكم هذه الكمبيالة بسيارة، وهنا لا مانع، أبيعكم هذه الكمبيالة بسيارة، فهاهنا تكون المسألة من قبيل بيع الدين لغير من هو عليه بالعين، فهذه الكمبيالة تمثل دينا، وبيع هذا الدين لغير من هو عليه - يعني لهذا المصرف - بعين وهو سيارة، وبيع الدين لغير من هو عليه جائز على الصحيح من قولي العلماء.

فإذن يعتبر هذا مخرجا يستطيع به حامل هذه الكمبيالة أن يحصل على غرضه من غير وقوع في الربا، من غير وقوع في المحظور الشرعي.

إذن الخلاصة أن خصم الأوراق التجارية أنه قرض بفائدة، وأنه محرم، وأن المخرج هو أن تباع بغير نقد، تباع بعرض من العروض.

لعلنا نختم بهذه المسألة في الأوراق التجارية، وهي قبض الأوراق التجارية، القبض عند الفقهاء يعني حيازة الشيء والتمكن منه، سواء كان التمكن باليد أو بعدم الممانع، أو بعدم المانع، وهو ما يسمى بالتخلية، أو القبض الحكمي.

حسن محمود العتمني

رابط هذا التعليق
شارك

قبض الأوراق التجارية

والقبض مطلق في الشرع فيرجع فيه إلى العرف، فمثلا قبض الذهب غير قبض العقار، غير قبض الأغنام، يعني كل شيء بحسبه، ويرجع في ذلك إلى العرف، ما عده الناس قبضا فهو قبض، ولهذا قال الموفق ابن قدامة: القبض مطلق في الشرع، فيجب الرجوع فيه إلى العرف كالإحراز ...والتفرق.

وإذا أردنا أن نبحث مسألة قبض الأوراق التجارية، أما ما كان مستحق الوفاء بعد مدة، يعني إذا كانت الأوراق التجارية مؤجلة كما في الكمبيالة والسند لأمر، إذا كانا مؤجلين هنا ظاهر أنه لا قبض، وبناء على ذلك لا يجوز مثلا بيع الذهب بكمبيالة مؤجلة، أو بسند لأمر مؤجل، لكن إذا كانت الورقة التجارية واجبة الدفع لدى الاطلاع، كالشيك مثلا، هل يعتبر تسلم الشيك في حكم القبض لمحتواه، وبناء على ذلك يجوز مثلا شراء الذهب بالشيك، لو ذهبت لمحل تجاري واشتريت كمية كبيرة من الذهب وكتبت لصاحب محل الذهب شيكا، هل هذا يجوز؟ هذا يرجع لهذه المسألة، وهي هل يعتبر تسلم الشيك قبض لمحتواه، أو أنه لا يعتبر؟ اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن تسلم الشيك يعتبر قبضا لمحتواه، وبناء على ذلك يجوز أن تشتري بهذا الشيك ذهبا أو فضة مثلا، فيعتبر قبضا لمحتواه، وعللوا ذلك بأن الشيك يحاط بضمانات كبيرة، تجعل القابض له مالكا لمحتواه، ويستطيع أن يتصرف فيه فيبيع ويهب ويشتري إلى آخره.

القول الثاني: أن تسلم الشيك ليس في معنى القبض لمحتواه، أن تسلم الشيك ليس في قوة القبض لمحتواه، وبناء على ذلك لا يجوز أن يحرر به ما يشترط فيه التقابض كالذهب.

ومن أبرز من قال بهذا القول الشيخ محمد العثيمين رحمه الله، حتى ولو كان الشيك مصدقا فيقول: تسلم الشيك ليس في قوة القبض لمحتواه، سواء كان الشيك مصدقا أو غير مصدق، وأذكر أنني ذهبت للشيخ محمد بن العثيمين رحمه الله وسألته عن هذه المسألة فذكر لي رأيه هذا، قال: إن تسلم الشيك ليس بقوة القبض لمحتواه، فقلت: حتى ولو كان مصدقا؟ قال: حتى ولو كان مصدقا. وقال: أرأيت لو أن هذا الشيك ضاع، أليس يرجع صاحبه على البنك فيسلم له بدله، فإذن هو لا يقوم مقام النقد، بينما النقود لو ضاعت لما أمكن الرجوع على أحد، تضيع على صاحبها، وهذه هي وجهة أصحاب هذا القول، فيقولون: إن تسلم الشيك ليس في قوة القبض لمحتواه، سواء كان مصدقا أو غير مصدق؛ لأنه لو ضاع لأمكن الرجوع إلى مُصدِره، وهو المسحوب عليه الذي هو البنك، وبينما الأوراق النقدية لو ضاعت فإنها تضيع على صاحبها، ولا يمكن الرجوع على أحد، ولأن الشيك يتعرض لعدة احتمالات من جهة كونه ليس فيه رصيد، أو لا يقبله البنك أو نحو ذلك، فالقابض لمحتوى الشيك ليس له التصرف، يعني متسلم الشيك توقف بعض تصرفاته على الوفاء الفعلي، قد لا يكون للشيك رصيد ونحو ذلك من الاحتمالات.

الرأي الثالث، القول الثالث في المسألة هو التفصيل، وذلك للتفريق بين الشيك المصدق والشيك غير المصدق، فتسلم الشيك المصدق في معنى القبض لمحتواه، بينما تسلم الشيك غير المصدق ليس في معنى القبض لمحتواه، وإلى هذا الرأي ذهبت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

إذن القول الثالث أن تسلم الشيك المصدق في معنى القبض لمحتواه، وتسلم الشيك غير المصدق ليس في معنى القبض لمحتواه.

ومعنى التصديق في الشيك أنه يحرز المبلغ، يذهب مثلا صاحب الشيك ويطلب حجز هذا المبلغ للمستفيد، وبالتالي لا يستطيع أن يتصرف فيه، يُحجز للمستفيد، لمن حُرِّرَ له هذا الشيك، وجمع أصحاب هذا الرأي بين وجهة القول الأول ووجهة القول الثاني، فقالوا: إن الشيك إذا كان غير مصدق فهو يرد عليه عدة احتمالات، يرد عليه ما ذكره أصحاب الرأي الثاني، وأما إذا كان مصدقا فإنه لا يرد عليه أي احتمال، ويكون في قوة القبض لمحتواه.

قالوا: ولهذا نجد أن الناس في الصفقات الكبيرة إنما يتعاملون بالشيكات، فلو اشتريت بيتا بمليون ريال وأردت أن تدفع نقدا فإن البائع لا يقبل، يقول: أعطني شيكا، ما أريد أن تعطيني نقدا، فإذا كان الناس يفضلون الشيك على النقد في الصفقات الكبيرة معناه أنه يريد يقول: أعطني شيكا مصدقا وليس نقدا، إذا كان الناس يفضلون الشيك على النقد في الصفقات الكبيرة بالملايين فلا شك أنه في قوة القبض لمحتواه.

ولذلك هذا هو القول الصحيح في المسألة، القول الصحيح أن الشيك إذا كان مصدقا فهو في قوة القبض لمحتواه، وإلا فلا، وإذا كان الشيك مصدقا فهو قد أحيط بضمانات كبيرة، ولا نعرف أن أحدا من الناس سحب له شيك مصدق ولم يستطع الحصول على حقه، اللهم إلا إذا كان لها إشكالات خارجة عن الطبيعة القانونية للشيك، منها مثلا التزوير أو السرقة أو نحو ذلك، أما أنه يحرر له شيك مصدق ثم لا يحصل على قيمة هذا الشيك، فهذا بعيد جدا.

ولهذا فإن الشيك المصدق في قوة القبض لمحتواه، بل إن الناس يفضلونه على النقد في الصفقات الكبيرة، وهذا دليل كامل على أن الشيك المصدق في قوة القبض لمحتواه.

وأما قولهم - قول أصحاب القول الثاني - أنه لو ضاع لأمكن لصاحبه أن يرجع على البنك، فنقول: إن طبيعة الشيك هكذا؛ لأن طبيعة الشيك هي أن اسم المستفيد يحرر فيه، وبالتالي لا يستطيع أن يصرفه إلا صاحبه، وإذا ضاع فيمكن الرجوع إلى البنك أولا لإيقافه وصرف بدله، يعني فيمكن للمستفيد من هذا الشيك أن يذهب للبنك ولا يضيع حقه بهذا، لا يضيع حقه، فنقول: طبيعة الشيك تقتضي هذا، بينما الأوراق النقدية هي لحاملها.

ولهذا لو أن الشيك كتب لحامله، فإذا ضاع فيضيع على صاحبه، يضيع على المستفيد، على حامله، وهذا يعني لا مانع منه نظاما، لكن الناس لا يستعملونه، لو كتب: ادفعوا لأمر حامل هذا الشيك، هذا نظام لا مانع منه، وإن كان غير شائع، فهو في الحقيقة يضيع على حامله، فنقول: طبيعة الأوراق النقدية أنها لحاملها، وطبيعة الشيك أنه يكتب فيه اسم المستفيد، وهذا غير مؤثر في الحكم.

ولهذا نقول - بناء على هذا: أنه يجوز أن يشترى الذهب والفضة بالشيك إذا كان مصدقا، ولا يجوز إذا كان الشيك غير مصدق.

ولكن هنا أنبه إلى مسألة، وهي أنه في بعض الدول تحاط الشيكات غير المصدقة بحماية كبيرة جدا، بحيث تكون في قوة الشيكات المصدقة، وهنا ربما يقال: إنه في تلك الدول تكون الشيكات كلها سواء كانت مصدقة أو غير مصدقة في قوة القبض لمحتواها، وأما عندنا هنا في المملكة فلا زال الشيك غير مصدق وإن كان قد أحيط بحماية صارمة من الناحية النظرية، ولكن الإشكالية في الناحية التطبيقية والتنفيذية.

ولهذا مثلا في سنة من السنوات بلغت قيمة الشكاوى المقدمة للغرفة التجارية بالرياض للشيكات بدون رصيد أكثر من مليار ومائتي مليون، فكيف نقول: إن الشيك غير المصدق في قوة القبض لمحتواه؟ إذا كانت الشيكات غير المصدقة بدون رصيد في سنة واحدة فقط بلغت أكثر من مليار ومائتي مليون، هذا في الحقيقة يزعزع الثقة في الشيك غير المصدق.

والإشكال عندنا هنا كما ذكرت في الناحية التنفيذية، فمع كثرة الشيكات غير المصدقة لا نسمع بأن أحدا قد طبقت عليه العقوبة، لكن في بعض الدول هناك حماية صارمة للشيكات، فربما في تلك الدول يقال بأن الشيك سواء كان مصدقا أو غير مصدق في قوة القبض لمحتواه، بل ربما عندنا هنا في المملكة ربما يتحسن الوضع وتوفر حماية كبيرة للشيكات، وتصبح الشيكات المصدقة والغير مصدقة في قوة القبض لمحتواها، لكن أتكلم عن وضع الشيكات الآن هنا في الوقت الحاضر.

حسن محمود العتمني

رابط هذا التعليق
شارك

شيكات التحويلات المصرفية

بقي أن نشير إلى مسألة شيكات التحويلات المصرفية، وهي حقيقة مهمة، ولعلي أيضا أختم بها هذا البحث، شيكات التحويلات المصرفية إذا كانت من جنس النقد المدفوع فهي في الحقيقة سفتجة، يعني عندما تحول عشرة آلاف ريال إلى بلد آخر ليتسلمها مثلا وكيلك في بلد آخر من فرع هذا البنك أو من بنك آخر، فهذا في الحقيقة سفتجة، وسبق أن قلنا: إن القول الصحيح في السفتجة أنها جائزة.

الإشكال إذا كان التحويل بعملة أخرى، إذا كان التحويل بعملة أخرى، يعني تريد .. ذهبت للمصرف أو للبنك وقلت له: هذه عشرة آلاف ريال أريد أن تحولوها على فلان من الناس، على وكيلي فلان من الناس، أو قريبي في بلد آخر، مثلا في مصر مثلا بالجنيه، فهنا اجتمع عندنا صرف وحوالة. الحوالة طبعا قلنا: إنها سفتجة وإنها جائزة، لا إشكال فيها، لكن الإشكال هنا في الصرف.

وهذه المسألة بحثها المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي وأصدر فيها قرارا بأن استلام الشيك يقوم مقام القبض عند توفر شروطه، وأن القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض، القيد في دفاتر المصرف يعتبر حكم القبض، سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه، فيقولون: إننا نقيد في دفاتر الصرف في حكم القبض.

فالذي يظهر والله أعلم أن هذه المسألة يعني فيها تفصيل، فنقول: إن القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لكن بشرط أن يكون المصرف يملك العملة المحول لها، لاحظ هنا: أن يملك العملة المراد التحويل إليها، لا بد أن يكون المصرف يملك المبلغ المراد تحويله، سواء كان في صندوقه المحلي أو في صندوقه المركزي، أما إذا كان المصرف لا يملك المبلغ المراد تحويله بالعملة المراد التحويل إليها فإنه حينئذ لا يجوز مثل هذا، لا يجوز؛ وذلك لأنه يكون قد صارف بما لا يملكه، إذا كان المبلغ المراد تحويله ليس موجودا في صندوق المصرف المحلي ولا في ...قيوده أيضا عند المصارف الأخرى، وإنما سيقوم المصرف على تأمين النقد المحول له مستقبلا، الذي يظهر والله أعلم أن تسلم الشيك أو السند ليس في معنى القبض لمحتواه، وحينئذ يكون المصرف قد صارف بما لا يملكه وقت المصارفة.

أرأيت لو صارفت صاحب محل ذهب ذهبا قال: بذهب سوف أوفره فيما بعد ولو بعد ساعة، فإن هذا لا يجوز، هكذا أيضا هنا، ولذلك نحن ننصح من أراد التحويل بعملة أخرى، أن يحول بعملة شائعة موجودة لدى البنك، أن تكون من العملات الشائعة، مثل مثلا اليورو، الدولار، يعني هذه تكون موجودة عند جميع البنوك، لكن ربما يأتي بعملة نادرة قد لا تكون موجودة عند البنك، لا في الصندوق المحلي ولا حتى في المركزي، عُمَل بعض الدول قد لا تكون موجودة عند البنك كله، فإذا صارف البنك بهذه العملة يكون قد صارف بما لا يملك، وهنا يقع في الإشكال.

فمجمع الفقه في الحقيقة أطلق العبارة، ولكن لا بد من هذا التقييد، وهو أن تكون المصارفة بما يملكه البنك، حتى لو كان في الصندوق المركزي، يعني لا يلزم أن يكون في الصندوق المحلي، ولذلك ينبغي لمن أراد أن يصارف مع اختلاف العملة .. من أراد أن يحول مبلغا مع اختلاف العملة أن يختار عملة شائعة، بحيث يغلب على الظن وجودها في صندوق البنك، فانتبهوا لهذه القضية يا إخوان، وإذا صارف بهذه العملة فإنه يتسلم إما شيكا أو مثلا سندا رسميا من البنك ويقيد فيه سعر العملة المحولة له أيضا، وحينئذ لا بأس بهذا، هذا هو الذي يظهر والله أعلم.

وأنا أذكر أني سألت الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن هذه المسألة فقال: إن فيها إشكالا، اجتمع صرف وحوالة، وهي لا تجوز، لكن يقول: أجيزها للضرورة، يقول: إنني أجيزها للضرورة.

والواقع الحقيقي يعني أنها تعتبر في معنى القبض، ولا نقول: نجيزها للضرورة، هي في معنى القبض لمحتواه، ولكن بشرط أن يكون المصرف يملك المبلغ المحول له.

حسن محمود العتمني

رابط هذا التعليق
شارك

انشئ حساب جديد أو قم بتسجيل دخولك لتتمكن من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

انشئ حساب جديد

سجل حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجل حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلك حساب بالفعل؟ سجل دخولك من هنا.

سجل دخولك الان
×
×
  • أضف...